إنَّ مجرد الحصول على شهادة جامعية بمعدل جيد لم يعد أمراً كافياً لتأمين فرص عمل هامة اليوم، ولقد أصبحت خبرة العمل المناسبة الآن بنفس قيمة شهادتك والنتائج التي تحصل عليها في الاختبارات عندما يتعلق الأمر ببناء مستقبل مهني ناجح؛ ونتيجةً لذلك، أصبح التدريب الداخلي طريقةً أساسيةً لمساعدة المرشحين على التميز، وقد ظهرت أهمية التدريب الداخلي في العديد من الاستطلاعات الحديثة.

فوفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة الرابطة الوطنية للكليات وأرباب العمل (NACE) على الطلاب "حصل أكثر من نصف الطلاب المتخرجين الذين تقدموا لوظيفة بدوام كامل (53.2%) على عرض عمل واحد على الأقل، وضمن هذه المجموعة، حصل (57.5%) من الطلاب الذين حصلوا على تدريب داخلي و(43.7%) من الطلاب المتخرجين الذين لم يحصلوا على تدريب داخلي على عرض عمل".

سنناقش في هذا المقال كل ما تحتاج إلى معرفته عن التدريب الداخلي، ونذكر 5 أسباب لأهمية التدريب الداخلي في الشركة للنمو الوظيفي.

مفهوم التدريب الداخلي:

أنت تحتاج إلى الخبرة للحصول على المعرفة العملية في مجال حياتك المهنية، ففي سوق العمل اليوم، يعتمد أرباب العمل كثيراً على السير الذاتية التي توضح تاريخ العمل ذي الصلة، سواء كان ذلك من خبرة وظيفية فعلية أم من عمل تطوعي أم من تدريب داخلي في شركة.

التدريب الداخلي هو برنامج رسمي تقدمه المنظمات للمساعدة على التدريب وتوفير الخبرة العملية للطلاب والخريجين الجدد، وقد بدأ مفهوم العمل بصفتك متدرباً داخلياً منذ وقت طويل، ولكنَّه تطور جداً على مر السنين؛ إذ بدأ التدريب الداخلي من خلال تدريب أحد العمال للشباب وتعليمهم طرائق العمل، ومقابل تعلُّم مهارة ما، يوافق المتدرب على العمل لدى العامل لفترة محددة، وحتى في ذلك الوقت، كان الهدف من التدريب الداخلي أو بالأحرى التدريب المهني هو اكتساب مهارات جديدة لتكون قادراً على الحصول على عمل في المستقبل.

أما في التدريب الداخلي العصري، يتدرب المتدرب في المنظمة لفترة محددة تصل إلى (1-12) شهراً أو أكثر، اعتماداً على الشركة ومجال العمل، وقد يحظى التدريب الداخلي بشعبية كبيرة بين الخريجين وطلاب المرحلة الجامعية الذين يحتاجون إلى اكتساب خبرة في مجال الأبحاث أو الخبرة العملية، ويقدم كل قطاع ونوع من الشركات تقريباً من الشركات الدولية الكبرى والشركات الصغيرة الناشئة دورات تدريب داخلي.

بالإضافة إلى ذلك، يوجد ارتفاع في التدريب الداخلي عن بُعد أو التدريب الداخلي الافتراضي، والذي يدل على قدرة الشركات العالمية على تقديم التدريب الداخلي الافتراضي، كما يشير العدد الهائل من فرص التدريب الداخلي المتاحة إلى أهميته في عالم اليوم.

ما هي قيمة الخبرة الوظيفية؟

يُعَدُّ اكتساب الخبرة في العمل جانباً أساسياً لبدء حياتك المهنية بصفتك طالباً متخرجاً، فكلما عجَّلت في إضافة خبرتك العملية إلى سيرتك الذاتية، كان ذلك أفضل، ولا تقتصر الخبرة الوظيفية على العمل المكتبي في مؤسسة كبيرة فحسب؛ وإنَّما يمكنك الحصول على تدريب داخلي في شركة صغيرة أو الحصول على خبرة من خلال العمل الحر.

تُعَدُّ أيَّة تجربة تستخدم فيها مهارات يمكنك تطبيقها في حياتك المهنية المستقبلية إضافةً جيدةً إلى سيرتك الذاتية، ويمكن أن يساعدك ذلك على إظهار التزامك وقدراتك لرب العمل مع إظهار المهارات المناسبة وتطبيقها في العمل الذي تتقدم إليه، كما يُعَدُّ التدريب الداخلي من أفضل الطرائق لاكتساب خبرة هامة في العمل.

5 أسباب تُظهِر أهمية التدريب الداخلي:

1. يوفر التدريب الداخلي تجربة عملية:

لسوء الحظ، في سوق العمل اليوم لا يقدم اجتياز الاختبارات بدرجات عالية والحصول على درجة علمية خبرةً في العمل؛ وإنَّما ستحتاج إلى النجاح في مكان العمل، ومن خلال المشاركة في التدريب الداخلي، ستكون قادراً على اكتساب خبرة عملية، وتطوير معرفتك وتحديد ما إذا كنت تعمل في المجال الوظيفي المناسب.

فلا يوفر لك التدريب الداخلي خبرةً مباشرةً في عالم العمل الحقيقي فحسب؛ وإنَّما يمكِّنك أيضاً من فهم المسار الوظيفي للمنصب الذي تريده، كما يمكنك تعلُّم طريقة تطبيق المعرفة التي اكتسبتها خلال فترة التدريب الداخلي في أماكن عملك في المستقبل، وبالإضافة إلى ذلك، فهو منحنى تعليمي ممتاز للخريجين الشباب والطلاب في أثناء مقابلة أشخاص جدد وإقامة علاقات في العالم المهني.

2. يساعد التدريب الداخلي على بناء علاقات هامة عبر التواصل:

يساعد التواصل على تبادل المعلومات بين الأفراد لتكوين معارف وعلاقات لتعزيز حياتهم المهنية، والتدريب الداخلي هو فرصة تعليمية تجريبية توفر فرصةً لا تُقدَّر بثمن للطلاب للتواصل وبناء علاقات مهنية هامة قبل التخرج حتى.

بالنسبة إلى بعض الطلاب، يُعَدُّ ذلك بمنزلة نقطة انطلاق للحصول على فرص إضافية داخل نفس المنظمة، ومن ذلك الحصول على عمل بدوام كامل، وكلما زاد عدد الأشخاص الذين تقابلهم في العالم المهني ولديهم نفس اهتماماتك، زادت فرصك في النمو بصفتك شخصاً محترفاً؛ إذ ستتعرف إلى طريقة عمل هؤلاء الأشخاص، ومعرفة الاستراتيجيات التي يستخدمونها للتعامل مع المواقف الصعبة، وطرائق إنجاز المهام.

كما أنَّ الأشخاص المختلفين عنك لديهم مهارات مختلفة، وستساعدك مقابلتهم ومراقبتهم في أثناء العمل على فهم طريقة العمل مع أشخاص مختلفين وفي بيئات عمل مختلفة؛ إذ يمكنك استخدام استراتيجياتهم وتعديلها بما يتناسب مع ظروفك.

3. يسمح لك التدريب الداخلي بمعرفة المزيد عن نفسك:

يمكنك أن تبدأ بصفتك متدرباً داخلياً في مجال معين، لكن كلما اكتشفت هذا المجال، زادت معرفتك به، فكل مجال له مزاياه وعيوبه، وسيساعدك العمل في بيئة حقيقية على فهم أدق التفاصيل في مجال عملك وتحديد ما إذا كان هذا العمل هو الذي ترغب في متابعته مستقبلاً.

يساعدك التدريب الداخلي على التعرف إلى قدراتك ويشجعك في النهاية على الحصول على فهم أكبر لنقاط القوة والضعف لديك، ويمكن أن تكون تجربةً صعبةً في بعض الأحيان، ومع ذلك، فإنَّ الفوائد التي تحصل عليها بسبب خروجك من منطقة الراحة الخاصة بك ستساعدك بصورة كبيرة في المستقبل عندما تعمل على مهمة ما أو تواجه موقفاً صعباً.

4. يزودك التدريب الداخلي بأكثر من مجرد مهارات تقنية:

عندما تعمل بصفتك مهنياً في مؤسسة، فإنَّ المعرفة العملية والتقنية ليست هي الوحيدة التي يتطلبها أيَّ مجال عمل، فأنت بحاجة إلى مهارات اجتماعية أيضاً؛ لأنَّك بصرف النظر عن مدى مهارتك، فلن تكون لديك فرصة للنجاح في أيَّة مهنة ما لم تطوِّر أخلاقيات العمل التعاوني.

بالإضافة إلى ذلك، أنت تحتاج إلى معرفة طريقة العمل تحت الضغط، ومعرفة سبب أهمية المواعيد النهائية؛ إذ يتيح لك التدريب الداخلي التعرف إلى تحديات بيئة العمل، وستكون الخبرة في هذه المواقف مفيدةً للتحدث عنها في مقابلات التوظيف المستقبلية وإظهار أنَّك الشخص المناسب لأرباب العمل.

5. يسمح لك التدريب الداخلي باكتساب ميزة تنافسية:

يعلم الجميع أنَّ سوق العمل تنافسي، تحديداً في ظل الوضع الراهن، فقد يوجد الكثير من المرشحين الآخرين الذين يتقدمون لنفس الدور الذي ترغب في العمل فيه؛ ونتيجةً لذلك، أنت بحاجة إلى طريقة تساعدك على الحصول على ميزة تنافسية، فيمكن أن يوفر لك التدريب الداخلي الخبرة والمهارات اللازمة التي تلفت انتباه أرباب العمل، وتُظهر أنَّك ستكون الشخص المناسب للعمل في شركتهم، كما يُظهر أيضاً أنَّك شخص لديه الحافز والشغف والدافع لاكتساب الخبرة بعيداً عن الشهادات الجامعية.

ماذا تخبرنا الإحصاءات؟

يوجد الكثير من الأبحاث التي تدعم الدور الحاسم الذي يؤديه التدريب الداخلي في مؤسسة ما في حياة الطالب، فوفقاً لتقرير التوظيف الذي أُجري عن جيل الألفية، فإنَّ الخريجين الأمريكيين الذين أكملوا أكثر من ثلاث دورات تدريب داخلي من المحتمل أن يحصلوا على وظيفة بدوام كامل.

تؤكد معظم المؤسسات أنَّ الطلاب الذين يتخرجون هم من ذوي الخبرة ويفهمون أيضاً أهمية التدريب الداخلي، ووفقاً للتقرير نفسه، ذكر (81.1%) من الخريجين أنَّ العمل بصفتهم متدربين داخليين ساعدهم بصورة كبيرة على تحسين فرص نجاحهم المهني.

في المملكة المتحدة (UK)، أظهر تقرير منظمة "ساتون ترست" (Sutton Trust) أنَّ "إكمال التدريب الداخلي يرتبط بزيادة الرواتب لكل من طلاب الطبقة المتوسطة والعاملة"، وتُظهِر جميع هذه الدراسات أهمية التدريب الداخلي في بيئة العمل اليوم، وفي المستقبل، ستُتاح الكثير من فرص العمل عن بُعد، وقد يكون خياراً بديلاً قابلاً للتطبيق للعمل من المكتب.

إذا لم يكن التدريب الداخلي عن بعد مناسباً لك، فلا داعي للشعور بالقلق، فما تزال توجد طرائق أخرى يمكنك من خلالها تحقيق أقصى استفادة من هذا الوقت، وربما يمكنك تعلُّم مهارات جديدة مثل البرمجة أو التطوع مع مؤسسة خيرية محلية، وأسوأ شيء يمكنك فعله هو ألا تفعل شيئاً وتتوقع حدوث شيء ما.

في الختام:

يؤدي التدريب الداخلي دوراً هاماً في تشكيل حياة المرء المهنية؛ فهو يساعد الطلاب الجامعيين والخريجين على العمل في بيئة عمل حقيقية، ويساعدهم أيضاً على تطوير المهارات المطلوبة للتميز في سوق العمل المتخم بالموظفين.