يشعر الموظف أنَّ التدريب واجب مزعج مفروض عليه رغماً عنه عند تطبيق الطرائق والتقنيات التقليدية في التدريب؛ إذ تحتاج الشركات إلى استخدام وسائل مبتكَرة، وعصرية، وإبداعية، ومسلية لاستقطاب اهتمام الموظفين وزيادة اندماجهم مع مواد التدريب.

لم تعد أساليب التدريب القديمة فعالة في الحفاظ على انتباه المتدربين خلال الجلسات ومساعدتهم على حفظ المعلومات وتذكُّرها على الأمد الطويل؛ إذ تغفل بعض الشركات عن دور طرائق التدريب الحديثة في زيادة مستوى سعادة الموظفين وإنتاجيتهم.

لا تعتمد فاعلية التدريب على المواد والمحتوى فقط؛ وإنَّما ترتبط ارتباطاً مباشراً بالطرائق والوسائل المستخدَمة في تقديم هذه المواد للمتدربين، وتركز معظم الشركات على المظهر الجمالي لمواد التدريب، فلا يعتمد نجاح التدريب في الواقع على الجماليات؛ بل على توظيف المواد بطريقة تخدم الهدف من إجراء التدريب.

يبحث المقال في طرائق تدريب الموظفين، ويقدِّم بعض الأفكار التي تساعد على اختيار الطريقة المناسبة لاحتياجات الموظفين والشركة.

أهمية اختيار الطريقة المناسبة للتدريب:

قد يبدو اختيار الطريقة المثالية لإجراء التدريب عملية شاقة نظراً لكثرة وتنوع أساليب وطرائق التدريب الموجودة في الوقت الحالي، فإنَّ إجراء التدريبات ضمن الشركة ضروري في مرحلة تأهيل وإعداد الموظفين الجدد، وهو عامل أساسي في زيادة معدلات استبقاء الموظفين ضمن الشركة.

تزداد فاعلية التدريب عند تقديمه خلال مراحل تهيئة وإعداد الموظفين الجدد؛ وذلك لأنَّ الموظف يكون في أوج حماسته عند انضمامه لطاقم العمل في الشركة، ويكون الموظف الجديد في هذه المرحلة مستعداً لاستيعاب أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الشركة، ونظام العمل، ودوره الوظيفي.

يرغب الموظفون القدماء أيضاً بتنمية مهاراتهم واكتساب مجموعة جديدة من المهارات لمواكبة التغيرات والتطورات في القطاع، فلا تقلُّ طريقة تقديم المحتوى أهمية عن طبيعة مواد التدريب ونشاطاته.

تجدر الإشارة هنا إلى اختلاف أنماط التعلم من موظف إلى آخر؛ إذ يفضل بعضهم التعلم من مشاهدة المحتوى، في حين يميل آخرون إلى الاستماع له أو كتابته أو تطبيقه على أرض الواقع، وقد تتغير هذه الأنماط بحسب ظروف التدريب.

يعتمد اختيار الطريقة على موضوع التدريب أيضاً، فقد ساهم تطور التكنولوجيا في تنوع وسائل وطرائق التدريب، لكن ما زالت الطرائق التقليدية تحظى بالشعبية بسبب المزايا التي تتمتع بها.

طرائق التدريب:

تستهدف معظم طرائق التدريب مجموعة متنوعة من أنماط التعلم، وقد يركز بعضها على نمط واحد محدد؛ إذ إنَّ تقديم التدريب باستخدام مجموعة متنوعة من الطرائق يساعد على تلبية احتياجات جميع الموظفين باختلاف أنماط تعلُّمهم، كما قد تستخدم مجموعة متنوعة من الطرائق لشرح أحد الموضوعات إذا كان هذا الموضوع لا يشترط تطبيق طريقة معيَّنة.

تتيح بعض الشركات للموظفين إمكانية اختيار الطريقة التي تناسب ظروفهم وحالتهم المزاجية، فقد يرغب الموظف في أحد الأيام في أن يتعلم عن طريق الاستماع للمحتوى، ويفضل في أيام أخرى أن يقرأ أو يشاهد مواد التدريب على سبيل المثال.

فيما يأتي 7 طرائق رئيسة لتدريب الموظفين:

1. دراسات الحالة:

هذه الطريقة فعالة في تنمية مهارات التفكير الناقد، وحل المشكلات، وتحليل المواقف والحالات، فقد تكون المسائل والحالات المطروحة حقيقية أو تخيُّلية بحيث تعبِّر عن مواقف أو مشكلات قد يتعرض لها الموظف في العمل.

يقوم الموظفون بالاطلاع على دراسات الحالة وتحليلها وإيجاد الحلول اللازمة بمفردهم أو بشكل جماعي، وتختلف الحلول التي يقدِّمها الموظفون من ناحية جودتها وفاعليتها، وقد تكون مثالية أو تعبِّر عن أفضل حل ممكن بحسب الظروف المحيطة بالمسألة.

تتيح دراسات الحالة للموظفين إمكانية التعلم وفق السرعة والآلية التي تناسبهم، وتزداد فاعلية هذه الطريقة عند تطبيقها على الموضوعات البسيطة.

2. الكوتشينغ:

الكوتشينغ والمنتورينغ من أكثر الطرائق فاعلية في تحسين تجارب التدريب؛ إذ تقتضي هذه الطريقة تنظيم برامج كوتشينغ يقوم فيها الموظف الخبير بتدريب الموظفين الجدد، وتساهم هذه الطريقة في زيادة شعور الموظفين الجدد بالأمان؛ وذلك لأنَّ الشركة تدعمهم وتقدِّر أهميتهم.

يختلف الكوتشينغ عن التدريب ضمن مكان العمل في النقاط الآتية:

  • يركز الكوتشينغ على العلاقة بين الكوتش والموظف.
  • الكوتشينغ ملهم أكثر من التدريب ضمن مكان العمل.
  • يتيح الكوتشينغ للموظف إمكانية طرح الأسئلة بأريحية أكبر من حالة التدريب في مكان العمل.

يمكن تقديم جلسات الكوتشينغ عبر الإنترنت لزيادة سهولة وسلاسة العملية.

3. "التعلم الإلكتروني" (eLearning):

يتم إجراء التدريب الإلكتروني عبر الإنترنت عن بعد باستخدام الحواسيب أو الأجهزة النقالة، وفيما يأتي 3 فوائد للتدريب الإلكتروني:

  • إمكانية دراسة المحتوى وتطبيق النشاطات وفق السرعة والطريقة التي تناسب الموظف.
  • لا حاجة إلى الاستعانة بمدرِّب.
  • إمكانية تدريب عدد كبير من الموظفين في نفس الوقت.

فيما يأتي 3 مواصفات لهذا النوع من التدريب:

  • يشبه التدريب ضمن الصفوف الدراسية.
  • يستخدم العناصر السمعية والبصرية.
  • يقدِّم للموظفين مواد تدريب إضافية مثل مقاطع الفيديو والنصوص.

يجب استخدام وسائل تعوِّض عن غياب المدرِّب في هذا النوع من التدريب من أجل تقييم مستويات اندماج ومشاركة الموظفين، وقد تشمل هذه الوسائل البديلة الاختبارات والنشاطات التفاعلية التي تتيح لك إمكانية تقييم تقدُّم كل موظف على حدة وتقدير مدى فاعلية التدريب.

4. "التدريب بقيادة مدرِّب" (instructor-led training):

تعتمد جلسات التدريب بقيادة مدرِّب في هذه الحالة على تفاعل الموظفين واندماجهم مع المحتوى سواء كانت تجري عبر الإنترنت أم على أرض الواقع، وتتميز هذه الطريقة بوجود مدرِّب يقود الجلسة ويشرح محتوى التدريب باستخدام العروض التقديمية.

لا تحظى هذه الطريقة على إعجاب بعض الناس؛ وذلك لأنَّها تقدِّم تجربة أكاديمية تقليدية تفتقر إلى عنصر المتعة والحماسة، وفيما يأتي 6 مزايا لاستخدام هذه الطريقة:

  • تتيح هذه الطريقة للموظف إمكانية طرح الأسئلة على المدرِّب خلال الجلسة، ولا سيما عندما لا يعثر على الأجوبة التي يحتاج إليها من مواد التدريب.
  • تتيح هذه الطريقة للمدرب إمكانية متابعة تقدُّم الموظفين ومستوى تفاعلهم ومشاركتهم خلال الجلسات.
  • تتيح إمكانية بناء علاقة بين الموظف والمدرِّب.
  • تتيح إمكانية شرح الموضوعات المعقدة بسهولة وفاعلية أكبر.

فيما يأتي مساوئ تطبيق هذه الطريقة:

  • يوجد عدد كبير من المتدربين ضمن الجلسة الواحدة، وهو ما يمنع المدرب من التفاعل مع كل واحد منهم على حدة.
  • لا تراعي هذه الطريقة اختلاف سرعة استيعاب الموظفين.

5. التدريب التفاعلي:

يؤدِّي التدريب التفاعلي دوراً بارزاً في المحافظة على انتباه الموظفين خلال الجلسة، وهو ما يؤدِّي إلى زيادة مشاركة واندماج الحاضرين مع المحتوى وتعزيز فاعلية التدريب؛ إذ تتيح هذه الطريقة للمتدربين إمكانية استيعاب مزيد من المعلومات بسرعة أكبر، والاحتفاظ بها على الأمد الطويل.

يعتمد التدريب التفاعلي على التطبيقات العملية أكثر من الشروحات النظرية، وهذا هو السبب الرئيس لنجاحه، ويتم تدريب الموظفين على تطبيق المعلومات في بيئة واقعية في هذه الطريقة.

فيما يأتي 3 أمثلة عن التدريب التفاعلي:

  • التدريب القائم على الألعاب: يؤدِّي استخدام المكافآت مثل النقاط على سبيل المثال إلى زيادة مستوى حماسة المشاركين ومتعة التدريب.
  • تقمُّص الأدوار: يتم تكليف المشاركين بتمثيل حالات ومواقف يتعرض لها الموظف في الحياة العملية، وهذه الطريقة فعالة بشكل خاص في تدريبات خدمة العملاء؛ وذلك لأنَّها تزيد من مهارة الموظف في التعامل مع المواقف الصعبة في بيئة آمنة دون التسبب بخسائر أو تداعيات فعلية على أرض الواقع.
  • المحاكاة: هذه الطريقة مثالية لتلقين المهارات المعقدة والاختصاصية في تدريبات الطب البشري والطيران على سبيل المثال؛ إذ تقدِّم المحاكاة حالات ومواقف حقيقية من بيئة العمل، ويمكن الاستفادة من أدوات العالم الافتراضي والمعزز في تطبيق هذه الطريقة.

6. التدريب في مكان العمل:

يركز التدريب في مكان العمل على تلقين المهارات العملية المطلوبة في الوظيفة، وهو يُعرَف أيضاً باسم "التدريب التطبيقي"؛ إذ يتعلم الموظف في هذه الطريقة عن طريق تطبيق المهام في بيئة العمل.

يساعد التدريب في مكان العمل على زيادة فاعلية وسرعة عمليات تأهيل الموظفين الجدد وإعدادهم لمباشرة عملهم في الشركة، وفيما يأتي 3 تطبيقات للتدريب في مكان العمل:

1. التدريب الداخلي:

يتلقى المتدرِّب في التدريب الداخلي التوجيهات، والدعم، والتدريب من الشركة التي وظفته، ويتعلق مستقبل الموظف الجديد ونجاحه بمدى إتقانه للمؤهلات والمهارات المطلوبة للشاغر الوظيفي قبل الالتحاق بالتدريب.

2. التناوب الوظيفي:

يساعد التناوب الوظيفي على زيادة مستوى حماسة الموظفين، ورضاهم، وتعاونهم، وولائهم للشركة، فينتقل الموظف في هذه الطريقة من منصب إلى آخر مختلف عنه ضمن الشركة حتى يكتسب مهارات جديدة، ويكوِّن صورة شاملة عن سير العمل، ويزداد ولاؤه للشركة؛ إذ تساعد هذه الطريقة على زيادة معدلات الاحتفاظ بالموظفين، واحتمالات ترقيهم في مختلف أقسام الشركة.

3. التعلم من الموظفين القدامى:

يراقب الموظف الجديد في هذه الطريقة نظيره القديم في أثناء تأدية مهامه، ويطرح عليه الأسئلة التي تخطر له، وقد يساعده على العمل في بعض الحالات، كما تتيح هذه الطريقة للموظف الجديد إمكانية الاطلاع على مهامه الوظيفية وآلية تنفيذها قبل مباشرة العمل.

يتطلب نجاح التدريب تفاعل المشاركين واندماجهم مع المحتوى واهتمامهم بالموضوعات المطروحة؛ إذ يزداد اندماج الموظفين في حالة التدريب في مكان العمل؛ وذلك لأنَّه يجري بشكل فردي فضلاً عن كون النشاطات مرتبطة ارتباطاً مباشراً بمهام الموظف الجديد، فالتدريب في مكان العمل فعال ويؤدِّي إلى إحداث نتائج سريعة، وهو مناسب لتلقين مهارات القيادة وتنميتها.

7. استخدام مقاطع الفيديو في التدريب:

تتميز هذه الطريقة بسرعتها وفاعليتها، وقد ازدادت شعبيتها لأنَّها مثيرة للاهتمام أكثر من طرائق التدريب التقليدية، فضلاً عن كونها ممتعة ومسلية.

تؤدِّي الرسوم المتحركة دوراً بارزاً في مساعدة المتدربين على تذكُّر المعلومات والاحتفاظ بها على الأمد الطويل؛ إذ يستخدم بعض المدربين مقاطع فيديو لشخصيات حقيقية من أجل تقديم الشروحات والإثباتات.

يمكن الاستفادة من طريقة تسجيل الشاشة أيضاً في شرح خطوات تطبيق عملية أو إجراء معيَّن بطريقة مسلية أو على شكل قصة ترفيهية قصيرة، فيستطيع الموظف أن يصل إلى محتوى الفيديو بكل سهولة ويكرره قدر ما يشاء دون أن يحتاج إلى وجود مدرِّب.

اختيار الطريقة المناسبة لتدريب الموظفين:

يتطلَّب اختيار الطريقة المناسبة للتدريب تحليل الاحتياجات التدريبية وفق المنظورين الآتيين:

1. هدف برنامج التدريب:

يمكن استخدام مجموعة متنوعة من أنماط التدريب بهدف تلبية مختلف الاحتياجات التدريبية وتحقيق الأهداف المطلوبة، وفيما يأتي 4 أمثلة عن آلية اختيار الطريقة المناسبة بحسب الهدف من التدريب:

  • طريقة الكوتشينغ فعالة في تلقين مهارات القيادة، والذكاء العاطفي، والإدارة.
  • التعلم الإلكتروني فعال في شرح سياسات الشركة.
  • تقنية تقمُّص الأدوار مناسبة لشرح آلية التعامل مع الموظفين الذين لا يلتزمون بسياسات الشركة.
  • استخدام مقاطع الفيديو فعال في تلقين المعلومات الجديدة مثل التوجهات في قطاع العمل أو التكنولوجيا.

2. جمهور المتدربين:

يجب عليك أن تختار طريقة تحقِّق الأهداف المطلوبة من التدريب، فأنت بحاجة إلى إقناع الجمهور المستهدف بفوائد وأهداف التدريب؛ إذ يعتمد اختيار طريقة التدريب على الجمهور المستهدَف وفق ما يأتي:

  • التدريب بإشراف مدرِّب مناسب للموظفين للأكبر سناً.
  • يفضل جيل الألفية طرائق التدريب المرتبطة بالأجهزة النقالة مثل الألعاب ومقاطع الفيديو.
  • إجراء التدريبات عبر الإنترنت مناسب للموظفين الذين يعملون عن بعد، أو يسافرون كثيراً، أو يعجزون عن حضور الجلسات على أرض الواقع بسبب كثرة انشغالاتهم، ولا سيما بالنسبة إلى طاقم الإدارة.

في الختام:

تدريب الموظفين عملية متواصلة وضرورية لنجاح الشركة واستمراريتها، فلا يمكن أن تنافس الشركة في السوق ما لم تعمل على تنمية مهارات موظفيها.

يتطلب نجاح التدريب في تحقيق الأهداف المطلوبة اختيار الطريقة المناسبة للموظفين ولأهداف الشركة، وقد يستخدم بعضهم مجموعة متنوعة من الطرائق، ويعتمد الاختيار على أسباب إجراء التدريب والفئة المستهدفة منه.

يقتضي نجاح برنامج التدريب اختيار طرائق وأساليب مناسبة للموظفين وللأهداف المرجوة من التدريب؛ إذ إنَّ اختيار الطرائق والوسائل المناسبة ضروري لتنمية مهارات الموظفين وزيادة فاعليتهم في العمل وولائهم للشركة.