يواجه القائمون على التدريب صعوبة في تقييمه والتحقق من نجاحه في تحقيق الأهداف المرجوة، وقد قدم الجزء الثاني من المقال معلومات وافية عن تقنيات التقييم وأبرز مؤشرات نجاح التجربة، ويبحث الجزء الثالث والأخير منه في أبرز أدوات التقييم المستخدمة في الوقت الحالي.
كيف تختار أدوات التقييم المناسبة؟
يجب أن تحرص على اختيار أدوات التقييم المناسبة قبل أن تبدأ بجمع المعلومات عن نتائج التدريب.
فيما يلي، مجموعة من أبرز أدوات تقييم برامج التدريب:
1. الملاحظات
تقتضي هذه الأداة مراقبة الموظف أثناء تنفيذ مَهمّة أو إجراء ما، أو العمل مع بقية أعضاء الفريق، وعادةً ما يحمل المراقب مفكرة لتسجيل نشاط الموظف والمعلومات المتعلقة بأدائه.
تتيح هذه الأداة إمكانية ملاحظة مقدار التحسن في معلومات الموظفين وسلوكاتهم في مكان العمل، وهي غير مكلفة ولا تتطلب سوى بعض الوقت من المراقب. المراقبة الخارجية أدق من استطلاعات الرأي الذاتية التي تتأثر بالتحيُّزات الشخصية وضعف الذاكرة.
حيث تشمل مساوئ هذه الأداة صعوبة العثور على شخص خبير وموضوعي ويمتلك ما يكفي من الوقت لمراقبة كل موظف لمدة ساعة على الأقل، وحتى إذا نجحت في العثور على مراقب يستوفي المعايير المطلوبة فإنَّ الموظف يمكن أن يغير سلوكاته أمام المراقب فقط ويعود إلى سابق عهده في غيابه، وبالنتيجة لا يمكنك أن تحصل على تقييم دقيق.
وتبرز فعالية هذه الأداة عند تعذُّر تقييم التغييرات السلوكية عددياً؛ حيث يمكن تقييم مهارات البيع بسهولة عن طريق حساب مبيعات الموظف. لكن بالمقابل، يصعب تقييم القدرات الإبداعية في مكان العمل، وفي هذه الحالة، يُنصَح بالانتباه للأفكار الإبداعية التي يطرحها الموظف خلال الاجتماعات.
2. الاختبارات
تُعد الاختبارات وسيلةً فعالةً لتقييم تحسُّن المهارات والمعلومات، وهي متنوعة من ناحية الصيغة والحجم. يمكن أن يستغرق تصحيح الاختبارات الكتابية وقت طويل، ولكن تقدم "أنظمة إدارة التعلم" (LMS) الأدوات التي تحتاج إليها لإعداد اختبارات ممتعة وتفاعلية وتصحيحها آلياً.
حيث تتيح هذه الأداة إمكانية تقييم مهارة أو خبرة ما دون أن يتشتّت انتباه الموظف بوجود المراقب، كما في الحالة السابقة. يمكنك أن تختبر معلومات موظفي المبيعات عن منتج معيَّن باستخدام أسئلة الاختيار من متعدد ضمن بيئة هادئة وخصوصية. لن تهدر مزيداً من الوقت بعد أن تضيف الاختبار إلى "نظام إدارة التعلم".
وتكمن مشكلة الاختبارات في أنّها لا تقيِّم المعلومات والمهارات ضمن البيئة التي ستُطبَّق فيها أي مكان العمل، وبهذه الطريقة لن تتمكن من تقييم قدرة الموظفين على تطبيق ما تعلموه في ظل الضغوطات ومصادر التشتيت ضمن بيئة العمل الفعلية.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ الاختبارات لا تتيح إمكانية تقييم بعض المهارات مثل الإقناع لأنّها تحتاج لاستخدام تقنيات تطبيقية مثل تقمص الأدوار. لا تنجح هذه الطريقة أيضاً مع مهارات الوظائف الخطرة مثل قيادة الطائرة وإجراء العمليات الجراحية، وإنّما يُنصَح في مثل هذه الحالة باستخدام تقنيات عملية مثل تمارين المحاكاة.
3. الاستبيانات
تُعَد الاستبيانات من أكثر أدوات تقييم برامج التدريب شيوعاً في الوقت الحالي، وهي تتيح إمكانية جمع البيانات عن طريق طرح مجموعة من الأسئلة، وعادةً ما تكون في صيغة اختيار من متعدد.
ويشيع استخدام الاستبيانات لأنّها أثبتت فعاليتها في تقييم جدوى برامج التدريب؛ حيث يمكنك أن تصمم استبيان وترسله إلى عدد كبير من الموظفين في نفس الوقت. تزداد سهولة العملية عند استخدام برمجيات تدريب الموظفين لأنّها تتيح إمكانية الوصول إلى النتائج عن طريق إصدار تقارير قابلة للتحميل.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ بعض الأشخاص لا يحبذون الاستبيانات؛ حيث تبين أنَّ 45% من الأفراد لا يقدرون على قضاء أكثر من 5 دقائق لملء استبيان التغذية الراجعة. لهذا السبب، يجب أن توضح للموظفين أهمية الاستبيانات في تحسين التدريب ومدى حاجتك للتغذية الراجعة ورغبتك بمعرفة وجهات نظرهم بالبرنامج.
4. المقابلات
يمكن إجراء المقابلات عبر الإنترنت أو على أرض الواقع، وهي أكثر فعالية من استطلاعات الرأي لأنّها تتيح إمكانية طرح الأسئلة على الموظف، والإجابة عن استفساراته، والاستعلام عن الأسباب الكامنة خلف إجاباته. تتيح هذه المرونة إمكانية الحصول على معلومات مفيدة ومفصلة عن تجربة الموظفين.
وبالمقابل، يمكن أن ينجم عن هذه المرونة بعض المشكلات مثل الحاجة لإجراء اجتماعات فردية مع كل واحد من الموظفين، وهو ما يؤدي إلى هدر كثيرٍ من الوقت المخصص للعمل بالنسبة لكل من الموظف والمسؤول عن إجراء المقابلات. كما يمكن أن تواجه صعوبة في مقارنة النتائج وتلخيصها عند اختلاف الأسئلة المطروحة من مقابلة إلى أخرى.
ولكن يمكن أن تستفيد من المقابلات في اكتشاف الأسباب الكامنة خلف نتائج التقييمات الأخرى. مثال: إذا لم تحظَ التجربة على إعجاب غالبية الموظفين بحسب نتائج استطلاعات الرأي، عندئذٍ يمكنك أن تستفيد من المقابلات في اكتشاف الأسباب الكامنة خلف هذا التقييم. أو إذا حازت التجربة على رضا الموظفين بحسب نتائج استطلاع الرأي، ولكن لم يتحسن أداؤهم في مكان العمل، عندئذٍ يمكنك أن تستفيد من المقابلات في تحديد أسباب فجوة الأداء.
5. مجموعات التركيز
تقتضي هذه الأداة إجراء نقاش بين مجموعة صغيرة من الموظفين الذين أنهوا نفس التدريب، وهي تساعد في جمع المعلومات عن آراء ومواقف الموظفين تجاه برامج التدريب، والحصول على اقتراحات عن التحسينات المستقبلية الممكنة.
حيث تحتاج مجموعات التركيز لوقت أقل من المقابلات لأنّها تتيح إمكانية مناقشة عدد من الموظفين مع بعضهم في نفس الوقت. يمكن أن تتيح الحوارات الجماعية من ناحية أخرى إمكانية التطرُّق إلى مواضيع لا يمكن مناقشتها في الاجتماعات الفردية.
ولهذا السبب، تُعَد المقابلات وسيلة فعالة لاكتشاف الصعوبات التي تعيق نجاح التدريب، وتكوين فكرة عن التحسينات والتعديلات الممكنة. يجب أن تحرص على إدارة النقاش وتمنع تصاعد اختلافات الرأي ونشوب النزاعات لكي تحصل على معلومات مفيدة عن برنامج التدريب.
6. سجلات الأداء
يفشل التدريب عندما لا يسهم في تحسين أداء العمل، لهذا السبب تُعتبَر سجلات الأداء من أهم المقاييس المستخدمة في تقييم فعالية برامج التدريب. يعتمد اختيار سجلات الأداء على نوع التدريب، ويُذكَر من أمثلتها عدد الصفقات، وتذاكر الدعم المُنجَزة، والوحدات المُنتَجة، ومعدلات رضا العملاء.
حيث تعتمد سجلات الأداء على النتائج العددية بدل الآراء الشخصية، لهذا السبب تُعتبَر مصدر موثوق للمعلومات التي تساعد في تقييم برنامج التدريب بموضوعية.
وتكمن مشكلة سجلات الأداء في أنّها تؤدي إلى طرح الأسئلة أكثر من تقديم الإجابات؛ حيث تساعد بيانات الأداء في تحديد المشكلة لكنّها غير فعالة في تحديد الأسباب التي آلت إليها. بالتالي، يجب أن تلجأ إلى الأدوات النوعية مثل المقابلات ومجموعات التركيز من أجل اكتشاف الأسباب الكامنة خلف مشكلات الأداء.
في الختام
يجب أن تعمل باستمرار على تحسين برامج تدريب الموظفين إذا كنت تعطي الأولوية لتحقيق نتائج عالية الجودة من تدريبات الشركة.
تقتضي الخطوة الأولى اختيار تقنية التقييم، ثم عليك أن تحدد المقاييس والأدوات التي تحتاج إليها لإجراء التقييم. تساعد هذه المنهجية في تقييم برامج تدريب الموظفين وتحسينها.