الدورات التدريبية ضرورية لنجاح المؤسسات في تحقيق الأهداف المطلوبة، فهي تساعد الموظفين الجدد على التأقلم مع بيئة العمل، كما أنَّها تُستخدَم في تهيئة العاملين وتزويدهم بالمعلومات والمهارات اللازمة للتعامل مع الوسائل التكنولوجية وإجراءات العمل الجديدة، فقد أصبحت تدريبات المرونة السيبرانية مطلباً ضرورياً في العصر الحديث نتيجة تزايد التهديدات والجرائم الإلكترونية في ظل التطور التكنولوجي والرقمي الذي يشهده العالم، وهنا دعت الحاجة إلى إعداد برامج تدريب تزوِّد العاملين بالمهارات والخبرات اللازمة للتعامل مع هذه التهديدات.

تعريف المرونة السيبرانية:

يُتوقَّع أن تبلغ قيمة الخسائر الناجمة عن الجرائم الإلكترونية نحو 13.82 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028 على مستوى العالم، الأمر الذي يجعل من المرونة السيبرانية أولوية أساسية ومطلباً ضرورياً للمؤسسات العاملة عبر الإنترنت؛ إذ يعبِّر مصطلح "المرونة السيبرانية" عن قدرة المؤسسة على استئناف نشاطها بعد التصدي للتهديدات الإلكترونية التي قد تتعرض لها، وهي تشمل كافة مراحل عملية التصدي بدءاً من تحديد الأخطار المحتملة والوقاية منها إلى استئناف نشاط المؤسسة بعد تدارك عواقب الحادثة.

طرائق إجراء تدريبات المرونة السيبرانية:

يجب تدريب الموظفين على مختلف الوسائل والطرائق المستخدَمة في التصدي للتهديدات الإلكترونية، وفيما يأتي 6 طرائق لإجراء تدريبات المرونة السيبرانية:

1. تصميم برامج تدريب حسب الطلب:

لا تناسب بيئات التدريب التقليدية جميع الموظفين، فيجب أن تراعي برامج التدريب المسؤوليات المترتبة على عاتق الموظفين حتى لا يتأثر سير العمل ضمن المؤسسة، وتتيح برامج التدريب المصمَّمة حسب الطلب إمكانية التعلم في الظروف الزمانية والمكانية التي تناسب الموظف وتتوافق مع سرعة استيعابه، كما يركز الخبراء في الوقت الحالي على إعداد برامج تدريب مجزَّأة إلى وحدات قصيرة تتضمن مقاطع فيديو، وندوات افتراضية، إضافة إلى ميزات "التلعيب" (gamification) التي تتيح للقوى العاملة إمكانية التعلم في أثناء تأدية المهام اليومية.

2. "التعلم المُصغَّر" (Microlearning):

يواجه الموظف مشقة بالغة في تخصيص الوقت اللازم للتعلم والتدريب في بيئات العمل المجهِدة، ويكمن الحل في مثل هذه الحالة في استخدام تقنيات "التعلم المصغَّر" التي تقوم على تجزئة محتوى التدريب إلى وحدات صغيرة سهلة الاستيعاب، ويركز التعلم المصغر على تقديم المعلومات خلال مدة قصيرة تراعي تناقص فترة انتباه الإنسان في العصر الحديث، وعلى فرض وجود مقطع فيديو مدته 60 دقيقة، عندئذٍ يمكنك أن تجزئه إلى 4 وحدات تبلغ مدة كل منها 15 دقيقة.

3. "التدريب المُدمَج" (Blended learning):

يجب أن تراعي طرائق التدريب الحديثة مكان سكن الموظفين ونظام عملهم في المؤسسة، ويمكن استخدام نموذج "التدريب المُدمَج" الذي يجمع ما بين البيئتين التقليدية والافتراضية في حالة المؤسسات العاملة وفق نظام العمل الهجين من أجل تدريب العاملين عن بعد؛ إذ تتيح هذه الطريقة لفِرَق التدريب إمكانية تعديل برامج وحزم التدريب بما يتوافق مع احتياجات الموظفين.

4. "التعلم المتنقل" (Mobile learning):

يراعي "التعلم المتنقل" انشغالات الموظفين وجداول أعمالهم، ويستفيد من توفُّر الأجهزة النقالة واعتماد الأفراد عليها في حياتهم اليومية، كما يقتضي "التعلم المتنقل" تقديم مواد التدريب عبر الأجهزة النقالة، وهو يتيح للموظف إمكانية التعلم بسهولة في الزمان والمكان اللذين يناسبانه، وقد تشمل المواد في هذه الحالة الدورات التدريبية عبر الإنترنت، أو الندوات الافتراضية، أو التدوينات الصوتية، أو مقاطع الفيديو، ويدعم التعلم المتنقل من ناحية أخرى إمكانية تجزئة محتوى التدريب إلى وحدات قصيرة سهلة الاستيعاب.

5. ورشات العمل:

أثبتت ورشات العمل فاعليتها في تقديم تدريبات المرونة السيبرانية وتوضيح أهمية الممارسات الرقمية الآمنة على مستوى فريق العمل؛ إذ يساهم تدريب الفِرَق في تحسين مهارات التواصل والتعاون وحل المشكلات، كما يؤدي التعلم الاجتماعي ضمن المؤسسة إلى تعزيز المرونة السيبرانية، فيجب أن تشجع ورشات العمل على النقاشات الجماعية، ومشاركة المعارف، وتبادل الخبرات والمعلومات بين الأقران عن طريق استخدام المنتديات والمجتمعات الافتراضية، والدردشات الجماعية.

يمكن نشر ثقافة التعلم المستمر ضمن مكان العمل، وتعزيز قدرة المؤسسة على التصدي للتهديدات الإلكترونية بفاعلية عن طريق الاستفادة من الخبرات والمهارات الجماعية للعاملين فيها.

6. مقاطع الفيديو:

تُعَدُّ مقاطع الفيديو طريقة فعالة لتقديم محتوى التدريب في العصر الحديث؛ إذ يتفوق محتوى الفيديو على نظيره النصي التقليدي في قدرته على زيادة اندماج المتدربين وتفاعلهم مع محتوى التدريب ومساعدتهم على الاحتفاظ بالمعلومات على الأمد الطويل، فلا يتطلب تطبيق هذه الطريقة إعداد مقاطع فيديو احترافية؛ وإنَّما يمكن استخدام الأجهزة الذكية وأدوات التعديل المجانية في إنشاء محتوى الفيديو ضمن المؤسسة دون الاستعانة بأطراف خارجية؛ إذ تتيح مقاطع الفيديو إمكانية تجزئة المحتوى إلى وحدات صغيرة وسهلة الاستيعاب تراعي التزامات ومسؤوليات الموظفين.

في الختام:

يجب أن تكون المؤسسة مستعدة للتصدي لكافة المخاطر والتهديدات الإلكترونية المحتملة، كما يمكن الاستفادة من "أنظمة إدارة التعلم " (LMS) في تنظيم الواجبات، ومراقبة سير عمليات التدريب، ومتابعة تقدُّم الموظفين، كما تساهم تدريبات المرونة السيبرانية في حماية المؤسسة من التهديدات الأمنية من جهة، وتهيئة الموظفين للتعامل مع التطورات التقنية في العصر الرقمي والاستفادة منها في تسريع العمليات وتحسين الأداء وزيادة الإنتاجية من جهة ثانية.

يجب أن توفِّقَ برامج التدريب في هذه الحالة بين كل من احتياجات المؤسسة والموظفين على حدٍّ سواء، ويتم ذلك عن طريق مراعاة ضيق وقت الموظفين، واختلاف أنظمة العمل عند إعداد برامج التدريب وتخصيصها لتلبية هذه الاحتياجات؛ إذ تساعدك طرائق التدريب الحديثة على تزويد الموظفين بالخبرات والمهارات اللازمة لحماية المؤسسة، والدفاع عن أنفسهم في العصر الرقمي.