إذا كنت ترغب في تحقيق خطوات كبيرة للأمام في تدريب شركتك والتطوير المهني، فالتعلم التعاوني هو ما تحتاج إليه. يتعين على الموظفين التعامل باستمرار مع المعلومات المتغيرة وحل المشكلات الجديدة، وهذا يتطلب التعلم المستمر ومهارات مرنة.
التعلم التعاوني مفهوم كبير، وسيساعدك هذا المقال على فهم ماهيته، وفوائده، والمخاطر التي يجب تجنبها، وأمثلة عنه مع بعض النصائح العملية.
ما التعلم التعاوني؟
التعلم التعاوني هو العملية التي يتعلم فيها الموظفون معاً في مجموعة صغيرة مكونة من شخصين أو أكثر لحل المشكلات واستكشاف مفاهيم مختلفة وإكمال المهام.
يخلق نهج التعلم هذا تجربة تعليمية أكثر فعالية من خلال التفاعل الاجتماعي.
فوائد التعلم التعاوني
1. تنمية مهارات القيادة
يحصل المتعلمون الذين يُطلب منهم التعاون لتحقيق هدف ما على فرصة إدارة أنفسهم وعبء عملهم وتنظيم الآخرين وتعليمهم وقيادتهم بنجاح.
2. تعزيز معارف ومهارات الموظفين
يشارك الموظفون في تبادل المعلومات خلال أنشطة التعلم التعاوني على الإنترنت؛ إذ يعززون معارفهم ومهاراتهم الحالية مع اكتساب معارف ومهارات جديدة من الموظفين الآخرين. يجعل هذا توسيع المهارات التعاونية أكثر تشويقاً ويقلل من الحاجة إلى التدريب الرسمي الذي غالباً ما يستغرق وقتاً أطول.
3. تحسين الاحتفاظ بالموظفين
يساعد التفاعل الجماعي الذي يحدث في التعلم التعاوني الموظفين على الاحتفاظ بالمعلومات على نحو أفضل لأنه يتعين عليهم تطبيقها واستكشافها في بيئة أكثر تحفيزاً مما لو كانوا يتعلمون بمفردهم.
4. تحسين علاقات الفريق
تساعد بيئة التعلم التعاوني الموظفين على إنشاء وبناء روابط جديدة بعضهم مع بعض، مما يسهل عليهم العمل كفريق.
يساعدهم التفاعل على معرفة كيفية الاعتماد على نقاط قوة كل منهم وسد الثغرات لديهم.
5. التعلم التعاوني هو تعلم نشط
يشتمل مفهوم التعلم النشط على الحركة والاختبار وتبادل المعلومات لتطبيقها بطرائق مختلفة وحل المشكلات بدلاً من مجرد استيعاب المعلومات عن طريق قراءة أو مشاهدة مقطع فيديو بطريقة غير نشطة.
6. استفادة المتعلمين من وجهات نظر مختلفة
يستفيد المتعلمون من توسيع منظورهم عند المشاركة في نشاط تعاوني لأنهم يسمعون وجهات نظر مختلفة من الآخرين.
إنّه مزيج من طرائق مختلفة للنظر إلى المعلومات ومعالجتها وحل المشكلات.
7. تعزيز التفكير النقدي
يتطلب التعلم التعاوني تفكيراً نقدياً لأنه في أثناء التعلم من وجهات نظر الآخرين، يجب على المتعلمين مقارنتها بوجهات نظرهم الخاصة وتعديل نهجهم عند الضرورة.
فهو يقارن باستمرار الأفكار الجديدة مع الأفكار القديمة، ويطرح الأسئلة، ويعدل الإجابات.
8. تقبُّل النقد
يساعد التعلم التعاوني المتعلمين على الاستماع إلى النقد والنصائح البنَّاءة كون المجموعة تناقش أفكار كل عضو فيها وإيجابيات وسلبيات وجهات النظر المختلفة حول موضوع ما.
9. تسهيل التحدث أمام الجمهور والاستماع النشط
يسهل التعلم التعاوني التحدث أمام الجمهور و الاستماع النشط لأنه يجب على المتعلمين تطوير القدرة على التحدث وتقديم أفكارهم ووجهات نظرهم في أثناء التفاعل مع الردود المختلفة للمجموعة. إنّها مهارة اجتماعية هامّة للعمل والعلاقات الشخصية.
10. تشجيع التعاون
يشجع التعلم التعاوني التعاون بين أعضاء الفريق لتحقيق نفس الهدف. لكي ينجحوا، يجب عليهم جمع أفضل وجهات النظر والاقتراحات والمعرفة والمهارات لكل عضو والمساهمة في النشاط ونسب الفضل للجميع.
11. التعلم التعاوني ديمقراطي
التعلم التعاوني ديمقراطي، أي أن عملية التعلم هي جهد فكري مشترك. هناك فرصة للجميع للمشاركة وإبداء الرأي.
يرفع هذا الروح المعنوية ويعزز تفاعل المتعلمين بدلاً من الشعور بالسيطرة عليهم عندما يكون التعليم مفروضاً من الإدارة العليا.
12. تلبية احتياجات الشركة
يمكن تخصيص التعلم التعاوني ليناسب الاحتياجات المحددة لشركتك؛ إذ يمكن للموظفين وأرباب العمل مناقشة فجوات التعلم التي يجب معالجتها والحلول الأفضل.
يمكن للموظفين الذين يسعون للحصول على شهادة في مجال تكنولوجيا المعلومات، على سبيل المثال، أن يشكلوا مجموعات تدريب مشتركة لمناقشة المفاهيم الصعبة وحل المسائل التدريبية معاً.
لا يضمن هذا النهج المخصَّص أن يكون التدريب مناسباً وموجهاً فحسب، بل إنّه أيضاً أكثر كفاءةً من ناحية الوقت والتكلفة.
13. تسريع عملية التعلم
يسرِّع التعلم التعاوني عملية التعلم لأنه يقوم على تطبيق المعلومات المكتسبة على الفور. يجب على المتعلمين التفاعل مع المعلومات وتطبيقها في وقت واحد تقريباً، وهذا يصبح أسهل بفضل دعم المجموعة.
14. التعلم التعاوني قابل للقياس
يمكن قياس التعلم التعاوني من خلال التغذية الراجعة من الموظفين لأنهم يؤدون دوراً نشطاً في اختيار أسلوب التعلم وتحديد الأهداف.
من الأسهل أن تطلب من الموظفين المشاركين في استراتيجية التعلم التعاوني تقديم تغذيتهم الراجعة والحصول على استجابة بنَّاءة بدلاً من طلب التغذية الراجعة من الموظفين الذين قرؤوا كتاباً تدريبياً.
بعض المشاكل التي يمكن للتعلم التعاوني إصلاحها
1. تغيُّر المنظمات بسرعة وبطء فرق التعلم والتطوير
المنظمات مشغولة، والتغيير مستمر، لذلك تواجه فرق التعلم والتطوير صعوبة في تغطية الفجوات الجديدة في مواردها لتدريب الموظفين. بحلول الوقت الذي يعالجون فيه الأمر، يكون قد فات الأوان، وأصبح التأثير أقل مما ينبغي. من خلال استراتيجيات التعلم التعاوني، تتاح لجميع المشاركين فرصة التحدث عن احتياجاتهم التعليمية ومشاركة مهاراتهم وخبراتهم الحالية مع من يحتاجون إليها.
هذا يعنى أنه يمكن إنشاء محتوى التعلم الإلكتروني بسرعة لتلبية الاحتياجات الملحة، ويمكن للمؤسسات التكيف بصورة أكثر فعالية مع النمو.
2. مناهج تدريبية مملة وغير ذات صلة
تفرض الإدارة العليا في معظم المؤسسات التدريب على الموظفين، ولكن هذا غير فعال لأنه لا يأخذ آراء الموظفين في الحسبان.
يعتمد النهج التعاوني على الأقران؛ إذ يكون لكل فرد رأي في احتياجات التعلم ونوع المحتوى أو تصميم الدورة التدريبية التي تلبي تلك الاحتياجات على أفضل وجه.
يسهم الفريق في إنشاء المواد التعليمية اللازمة، وتخصيصها بما يتناسب مع احتياجات المنظمة والفريق، وتقديم تغذية راجعة حقيقية.
3. أسلوب واحد لا يناسب الجميع
الموظفون ليسوا روبوتات، كما أنهم لا يتعلمون جميعاً بنفس الطريقة. لدى كل شخص أنماط واحتياجات تعلم مختلفة وأساليب مختلفة لحل المشكلات. التعلم التعاوني أداة إيجابية تساعد الموظفين المتمكنين على التعلم.
إن صوت كل فرد واحتياجاته هامّة للمنظمة ككل، مما يعزز الروح المعنوية والتفاعل، والأفضل من ذلك كله، النتائج.
بعض الأمثلة عن التعلم التعاوني
1. تقييم العيوب في أنظمة التدريب
يتيح التعلم التعاوني للموظفين من مختلف مستويات الأقدمية العمل معاً، وجمع وجهات نظرهم لتقييم أنظمة المواد التدريبية الحالية.
قد يؤدي ذلك إلى إعداد تقرير أشمل عن العيوب وعن كيفية تحديث أو تغيير التدريب لمعالجتها.
2. حل المشكلات
يقدم التعلم التعاوني حلولاً أفضل بكثير للمشكلات؛ إذ يجمع أعضاء الفريق وجهات نظرهم الفريدة وأساليبهم في المقاربة والمهارات والمعرفة. كما أن المسؤولية المشتركة تسرِّع عملية الوصول إلى حل عملي. كما يقول المثل: "عقلان خير من عقل واحد".
3. تطوير منتجات جديدة
لا يوجد شيء أكثر إثارة من تجميع أشخاص يتمتعون بعقليات مختلفة معاً لتطوير منتج جديد والتوصل إلى فكرة جديدة. فبدلاً من قيام موظف واحد أو اثنين فقط بمعالجة الأمر بمفرده، يمكن للمجموعة العمل بسرعة على المهام جميعها التي ينطوي عليها التطوير، مثل إجراء البحوث التعليمية، وتبادل الأفكار حول مفاهيم المنتج، واختبارها وتحسينها، ووضع اللمسات النهائية على اقتراح قوي أو نموذج أولي.
4. التدريب المشترك بين الإدارات
غالباً ما تعمل الإدارات المختلفة في المنظمات على نحوٍ منفصل، وكأن كل منها جزيرة مستقلة. يخلق هذا الانعزال تحديات في التواصل عندما تواجه أكثر من إدارة واحدة المشكلات.
يقدم التعلم التعاوني حلاً مثالياً لهذه المشكلة. فبدلاً من العمل بانفراد، يمكن لفريق من إدارة ما أن يقوم بتدريب فريق من إدارة أخرى. يتم ذلك من خلال شرح طبيعة عملهم، وكيفية تنفيذ مهامهم، والأسباب الكامنة وراء ذلك. من خلال العروض التقديمية وجلسات الأسئلة والأجوبة، يستطيع الموظفون من جميع الإدارات فهم كيفية تضافر جهود الجميع لتحقيق الأهداف المشتركة.
يؤدي التعلم التعاوني إلى بناء مجتمع تعليمي مهني؛ إذ يتعاون الجميع لحل المشكلات والتواصل بفعالية. فهو يوفر بيئة محفزة للتعلم المتبادل واستكشاف أفكار جديدة وتطوير مهارات القيادة. يشعر جميع الموظفين بأنهم جزء لا يتجزأ من هذه العملية، مما يدفعهم للمشاركة بفاعلية واهتمام.
في الختام
تحدثنا في هذا الجزء عن تعريف التعلم التعاوني وفوائده وبعض المشكلات التي يحلها وقدمنا أمثلة عنه، وسنقدم في الجزء الثاني بعض النصائح عنه.