تنفق المؤسسات مبالغ طائلة على برامج تدريب الموظفين وتنمية مهاراتهم، وقد لا تكون التدريبات بالفاعلية المطلوبة ولا تنجح في تحقيق الأهداف وتلبية الاحتياجات التدريبية؛ لذا يبحث المقال في طرائق تقييم برامج التدريب التي يمكنك أن تستخدمها من أجل قياس مدى فاعلية وسائل وتقنيات التدريب.

10 طرق لتقييم برامج التدريب:

فيما يأتي 10 طرائق لتقييم برامج التدريب:

1. "مستويات كيركباتريك الأربعة لتقييم التدريب" (Kirkpatrick's Four Levels of Evaluation):

طوَّر الاقتصادي والأستاذ الجامعي الأمريكي "دونالد كيركباتريك" (Donald Kirkpatrick) نموذجاً شاملاً مؤَّلفاً من 4 مستويات لتقييم مدى فاعلية وأثر برامج التدريب؛ إذ يقدِّم النموذج منهجية منظَّمة ومتكاملة لتقييم إجراءات التدريب ونتائجها وفق مستويات عدة.

يساعدك استخدام هذا النموذج على تكوين فكرة واضحة عن المتدرِّبين، وتحديد نقاط الضعف التي تحتاج إلى التحسين، واتخاذ القرارات اللازمة لتحسين برامج التدريب بالاعتماد على البيانات الناتجة، ويتألف النموذج من 4 مستويات على الشكل الآتي:

- " تقييم مستوى رد الفعل" (Reaction Level Evaluation):

يركز هذا المستوى على تقييم ردود الفعل المباشرة للمشاركين تجاه برامج التدريب.

- "تقييم مستوى التعلم" (Learning Level Evaluation):

يتم في المستوى الثاني تقييم مقدار المعلومات والمعارف والمهارات التي اكتسبها المشاركون بعد الخضوع للتدريب.

- "تقييم مستوى السلوك" (Behavior Level Evaluation):

يتم في المستوى الثالث تقييم مدى تأثير التدريب في سلوكات المشاركين ضمن مكان العمل.

- "تقييم مستوى النتائج" (Results Level Evaluation):

يقيس المستوى الرابع تأثير برنامج التدريب في نتائج المؤسسة مثل الإيرادات أو رضى العملاء على سبيل المثال.

2. "منهجية فيليبس لقياس العائد على الاستثمار" (Phillips ROI Methodology):

وضع المستشار والخبير "جاك فيليبس" (Jack J. Phillips) منهجية لقياس العائد من الاستثمار التدريبي عن طريق تقييم مدى فاعلية برنامج التدريب وأثره الاقتصادي في المؤسسة، ويتم ذلك عن طريق ربط نتائج التدريب مع نتائج أعمال المؤسسة التي يمكن قياسها مثل العائدات أو مستوى رضى العملاء على سبيل المثال.

تساعدك هذه المنهجية على اتخاذ قرارات منطقية بالاعتماد على البيانات الناتجة، وتبرير الحاجة إلى استثمار الوقت والمال في برامج التدريب، وتحسين برامج التدريب من أجل تحقيق أقصى عائد ممكن من تطبيقها.

تضم هذه المنهجية 5 مستويات للتقييم تتلخص على الشكل الآتي:

- " تقييم مستوى رد الفعل" (Reaction Level Evaluation):

يركز المستوى الأول على ردود فعل المشاركين ومدى رضاهم عن برنامج التدريب بشكل مشابه لنموذج "كيركباتريك" المذكور آنفاً، لكن يكمن الفرق بين الطريقتين في أنَّ "منهجية فيليبس لقياس العائد على الاستثمار" تشدد على أهمية الحصول على التغذية الراجعة من المشاركين وطلب آرائهم في بداية عملية التقييم.

- "تقييم مستوى التعلم" (Learning Level Evaluation):

يتم إجراء عدد من التقييمات والاختبارات لتقييم مقدار المعارف والمهارات التي اكتسبها المشاركون بعد انتهاء برنامج التدريب.

- "تقييم مستوى التطبيق" (The Application Level Evaluation):

يركز المستوى الثالث على قياس مقدار التزام المشاركين بتطبيق ما تعلموه من برنامج التدريب، ومدى تحسُّن أدائهم وفاعليتهم في أثناء تنفيذ المهام ضمن المؤسسة.

- "تقييم مستوى التأثير" (Impact Level Evaluation):

يركز المستوى الرابع على قياس التأثير الشامل لبرنامج التدريب في "مؤشرات الأداء الرئيسة" (KPIs) ونتائج المؤسسة مثل العائدات ورضى العملاء على سبيل المثال.

- "تقييم العائد على الاستثمار" (ROI):

يتم في المستوى الخامس تقييم الفائدة الاقتصادية لبرنامج التدريب عن طريق إجراء مقارنة ما بين تكاليف التدريب والمكاسب المالية الناجمة عنه.

3. "نموذج القرارات المتعددة" (CIPP):

يُرمَز للنموذج اختصاراً بالرمز (CIPP) الذي يعبِّر عن الحروف الأولى للكلمات: (context: البيئة، Input: المدخلات، Process: العملية، Product: الناتج)؛ إذ يقدِّم النموذج منهجية شاملة لتقييم عمليات وبرامج التدريب، وهو يتم عبر الخطوات الآتية:

- "تقييم بيئة الشركة" (Context Evaluation):

تركز هذه الخطوة على فهم بيئة الشركة والاحتياجات التي أدت إلى تطبيق برنامج التدريب، ويضمن تقييم بيئة عمل الشركة تصميم برنامج تدريب مخصص لتلبية احتياجات المؤسسة والتغلب على المشكلات التي تطرأ فيها.

- "تقييم المدخلات" (Input Evaluation):

تقتضي هذه الخطوة تقييم جودة مواد التدريب، وخبرة المدربين، وكافة إجراءات البرنامج بهدف تقديم تدريب فعال وضمان تحقيق النتائج التدريبية المرجوة.

- "تقييم العملية" (Process Evaluation):

يتم في هذه الخطوة تقييم أساليب تقديم التدريب، ومستوى تفاعل واندماج المشاركين، وفاعلية طرائق التدريب المستخدَمة.

- "تقييم الناتج" (Product Evaluation):

يتم في هذه الخطوة تقييم مدى نجاح التدريب في تحقيق الأهداف المرجوة، وكيفية تطبيق المعلومات والمهارات المكتسبة في بيئة العمل، إضافة إلى أثر التدريب في أداء الأفراد والمؤسسة ككل.

4. تقييمات سابقة ولاحقة لبرنامج التدريب:

يتم في التقييمات السابقة واللاحقة لبرامج التدريب تقييم مدى تحسُّن مهارات ومعارف المشاركين بعد انتهاء الدورة التدريبية، وتُجرَى هذه التقييمات قبل بدء التدريب وبعد إتمامه، وهي تتيح للمؤسسات إمكانية مقارنة النتائج وتحديد مدى فاعلية وتأثير إجراءات التدريب.

قد تشمل أدوات التقييم الاختبارات، والاستطلاعات التي تغطي موضوعات وأهداف التدريب الرئيسة، كما تهدف التقييمات السابقة للتدريب إلى تحديد الاحتياجات التدريبية والتعليمية ونقاط الضعف والمهارات الموجودة لدى المشاركين، في حين يتم تقييم مدى استيعابهم لمحتوى التدريب، وقدرتهم على تطبيق المعارف المكتسبة، ومستوى التحسن في مهاراتهم في التقييمات اللاحقة للتدريب.

تتيح هذه التقييمات لأعضاء الفريق إمكانية الحصول على تغذية راجعة وتكوين فكرة واضحة عن مستوى تقدُّمهم، وتطورهم، وملاحظة التحسن في مهاراتهم، وهو ما يحفزهم على تعلُّم مزيد من الأشياء؛ إذ تساعد هذه التقييمات المؤسسات من ناحية أخرى على تحديد المجالات التي تحتاج إلى مزيد من الدعم والاهتمام في التدريبات المقبلة، بحيث يتم إعداد برامج تدريب مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات أعضاء الفريق وتنمية مهاراتهم ومعالجة نقاط الضعف عندهم.

5. الاستبيانات والاستطلاعات:

تتيح الاستبيانات والاستطلاعات للمشاركين إمكانية التعبير عن آرائهم، وتقييم مختلف جوانب برنامج التدريب، وتقديم الاقتراحات بغية تحسين هذه البرامج في المستقبل؛ إذ تختلف هذه الطريقة عن سابقتها في أنَّ الاستطلاعات والاستبيانات قد تُجرى في أيَّة مرحلة من مراحل برنامج التدريب، ومن ثمَّ يمكن تقديم الاستبيانات قبل الجلسات، أو خلالها، أو بعد انتهائها، أو في بداية و/ أو نهاية البرنامج بأكمله.

يمكن توزيع استطلاعات التغذية الراجعة القصيرة على المشاركين بهدف تقييم ردود فعلهم المباشرة ومستوى تفاعلهم واندماجهم، ويمكن توزيع أسئلة تقييم شاملة في نهاية برنامج التدريب بهدف الحصول على تغذية راجعة مفصلة وأفكار وتقييمات ذاتية من المشاركين.

تتيح هذه الاستطلاعات للمتدرِّبين إمكانية تقديم اقتراحات تساهم في رفع سوية برامج التدريب أو تحديد الجوانب ونقاط الضعف التي تحتاج إلى إعداد برامج تدريب إضافية للتغلب عليها، ويدرك المتدرِّبون في هذه الحالة أنَّك مهتم بتنمية مهاراتهم وحريص على إعداد برامج تدريب تلبي احتياجاتهم وتوقعاتهم.

6. المقابلات ومجموعات التركيز:

تُعَدُّ المقابلات ومجموعات التركيز طرائق تقييم نوعية تقدِّم فكرة شاملة عن تجارب المشاركين وانطباعاتهم ومواقفهم تجاه برامج التدريب، وتشمل هذه الطرائق التفاعل المباشر مع المشاركين بهدف الاطلاع على وجهات نظرهم وتفهُّمها.

المقابلات عبارة عن محادثات فردية تُجرَى بين المشارك والمسؤول عن عملية التقييم، في حين تقتضي مجموعات التركيز إجراء نقاشات بين مجموعة صغيرة من المشاركين؛ إذ تتمحور هذه النقاشات بالعادة حول تجارب المشاركين ووجهات نظرهم تجاه برنامج التدريب.

تتيح المقابلات ومجموعات التركيز إمكانية مناقشة التجارب والأفكار والتغذية الراجعة الشخصية المتعلقة ببرنامج التدريب؛ إذ تقدِّم المقابلات بيئة آمنة وخاصة للمشاركين وتسمح لهم بمشاركة أفكارهم وملاحظاتهم واقتراحاتهم، وتساعدك هذه الطريقة على جمع البيانات النوعية والاستفادة منها عند إجراء الدراسات التحليلية.

تشجع مجموعات التركيز المشاركين على الإفصاح عن أفكارهم، والمشاركة في النقاشات، والاستفادة من خبرات وأفكار بعضهم، وهي تتيح إمكانية الاطلاع على مختلف وجهات النظر وتحديد السمات والأنماط المشتركة، فضلاً عن دورها في تعزيز التعلم التعاوني وتشجيع المشاركين على التفكير بتجاربهم الخاصة في ضوء تجارب الآخرين.

7. المراقبة:

يهدف تقييم الأداء الوظيفي والمراقبة إلى اختبار مدى التزام أعضاء الفريق بالتطبيق العملي للمعارف والمهارات المكتسبة في أثناء العمل ضمن المؤسسة، وتقدِّم هذه الطرائق معلومات قيِّمة عن مستوى الأداء الفعلي للمشاركين وتأثير التدريب في أدوارهم الوظيفية، وفيها يقوم المدير أو المدرِّب بمراقبة المشاركين في أثناء تأدية المهام أو تطبيق المعارف المكتسبة في بيئة محاكاة افتراضية؛ إذ تتيح هذه الطريقة إمكانية تقييم مدى كفاءة المشاركين ودقتهم في العمل وفاعليتهم في أثناء تأدية المهام المتعلقة بالتدريب، كما يقدم المدرِّب لأعضاء الفريق وفق هذه الطريقة تغذية راجعة تتيح لهم إمكانية إجراء تعديلات وتحسينات مباشرة في أدائهم.

8. دراسات الحالة والمحاكاة:

تتيح هذه الطريقة للمتدرِّبين إمكانية تطبيق معارفهم ومهاراتهم في المواقف الواقعية، فضلاً عن دورها في تعزيز التعلم النشط والسماح للخبراء بتقييم المهارات والكفاءات والقدرة على اتخاذ القرارات.

تشمل دراسات الحالة تقديم مواقف وحالات افتراضية أو حقيقية تقابل تحديات قد يتعرض لها الموظف خلال العمل، وتقتضي مهمة المشاركين تحليل الحالة، وتحديد المشكلات الرئيسة، واقتراح حلول أو استراتيجيات بالاعتماد على فهمهم لمحتوى التدريب.

تجري المحاكاة عن طريق تزويد المشاركين ببيئة افتراضية تحاكي مواقف حقيقية في الحياة العملية قد يتعرض لها الموظف في أثناء عمله، وتتراوح هذه النشاطات من تجارب المحاكاة بمعونة الحاسب إلى تمرينات تقمُّص الأدوار.

تتيح تجارب المحاكاة للمشاركين إمكانية ممارسة المهارات، واختبار نتائج مختلفة بالاعتماد على أفعالهم، والحصول على تغذية راجعة فورية؛ إذ يتم تزويد المشاركين ببيئة آمنة ومضبوطة لتعزيز مهاراتهم وتلقِّي تغذية راجعة هادفة دون أن يضطروا للتعامل مع عواقب الحياة العملية.

9. "التغذية الراجعة بطريقة 360 درجة" (360-Degree Feedback):

تُعَدُّ "التغذية الراجعة بطريقة 360 درجة" طريقة تقييم متكاملة تقتضي جمع التغذية الراجعة من مصادر مختلفة بهدف تقديم عملية تقييم شاملة لأداء المشاركين والجوانب التي تحتاج إلى التنمية.

تبدأ العملية عادةً بتحديد المهارات أو جوانب الأداء المرتبطة ببرنامج التدريب، ويتم في المرحلة التالية تقييم المتدرِّبين عن طريق إجراء استبيانات أو استطلاعات سرية، ويجري بعد ذلك جمع التغذية الراجعة من مصادر مختلفة وتقديمها بصيغتها النهائية للمشاركين، وهو ما يتيح لهم إمكانية تكوين تصور شامل عن قدراتهم ونقاط القوة والضعف التي تحتاج إلى التحسين.

يقدِّم هذا النوع من التغذية الراجعة تقييماً موضوعياً ومتكاملاً عن أداء المشاركين، كما أنَّه يساعدهم على معرفة رأي الخبراء بمهاراتهم وسلوكاتهم، وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى التنمية على كافة الأصعدة الشخصية منها والمهنية.

10. "التحليل المقارن" (Comparative Analysis):

يقتضي التحليل المقارن مقارنة أداء أو نتائج مجموعات مختلفة من المتدرِّبين بهدف تقييم فاعلية برنامج التدريب، وتقوم هذه الطريقة على تحليل أثر التدريب عن طريق تحديد الفروقات في الأداء، وكمية المعلومات المكتسبة، أو مدى تحسُّن المهارات بين عدد من المجموعات أو الأفراد.

يتم في التحليل المقارن تشكيل مجموعتين أو عدد من المجموعات، بحيث تخضع إحدى المجموعتين فقط للتدريب، أو يتلقى عدد من المجموعات برامج تدريب مختلفة، ويجري بعد ذلك مقارنة أداء أو نتائج المجموعات لتحديد الاختلافات الرئيسة.

يمكن إجراء المقارنات عبر استخدام مجموعة متنوعة من المعايير مثل مستويات الإنتاجية، ومعايير الجودة، ومعدلات رضى العملاء، والتقييمات السابقة واللاحقة للتدريب، ويتم بعد ذلك مقارنة نتائج المجموعات وتحديد تأثير برنامج التدريب في تقدُّم المتدرِّب.

تشجع هذه النتائج المؤسسة على اتخاذ قراراتها بالاعتماد على البيانات الناتجة، وتحديد نقاط الضعف التي تحتاج إلى التنمية، والعمل على تحسين برامج وإجراءات التدريب لتحقيق نتائج مثالية.