يجب أن يكون القائد مُلِمَّاً بأساليب وتقنيات إعداد المحتوى وتقديمه حتى ينجح في تحسين سلوك الموظفين ورفع سوية الأداء على نطاق المؤسسة؛ إذ تركز الشركات في الوقت الحالي على استقطاب اهتمام المتدرِّبين وتعزيز التفاعل والاندماج فيما بينهم خلال التدريبات.

شهد عام 2014 نقلة نوعية في أهداف وأساليب التدريب، فقد ازداد التركيز على تطبيق برامج تدريب تلبي حاجات وأهداف الشركات، ولم يعد نهج التدريب الذي يعتمد على الموظف شائعاً كالسابق، فبدأ المديرون التنفيذيون في عام 2015 بالبحث عن أساليب تساعدهم على رفع سوية الأداء في المؤسسة وتقديم خدمات تلبي أهداف وحاجات العملاء.

أجمع كل من المديرين التنفيذيين والقادة في عام 2016 على أهمية البحث في الأساليب والتقنيات الأساسية التي تساهم في نجاح التدريب، إلى جانب تحديد النشاطات غير الفعالة، ويُطلَق على هذا التوجه اسم "علم التطبيق" (science of application)، وهو يركز على أساليب استقطاب اهتمام المتدرِّب البالغ ومساعدته على تحويل معارفه إلى مهارات يطبقها في عمله.

10 حقائق عن توجهات قطاع التدريب:

1. أحدث علم الأعصاب نقلة نوعية في أساليب وتقنيات إعداد الدورات التدريبية وتقديمها:

يرى الباحثون وعلماء الأعصاب الدماغ البشري موضوع الدراسة الأكثر تعقيداً على الإطلاق، والتحدي الأصعب والأخير الماثل أمام العلم، فلقد زاد تركيز خبراء إعداد المحتوى التدريبي على فهم آلية عمل الدماغ وكيفية حدوث عملية التعلم، كما تم الاستفادة من التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في تصميم الدورات التدريبية، والعمل على تطويرها وزيادة فاعليتها، وتقديمها للمتدربين.

يشهد قطاع التدريب تطوراً وتنامياً مستمراً، وقد ازداد الاهتمام بعلم الأعصاب وكيفية الاستفادة منه في عمليات إعداد المحتوى والمواد التدريبية بغية تحقيق أهداف المؤسسات.

يركز الخبراء على تطبيق المقاربات العلمية والاستفادة منها في تحديد التقنيات والتكنولوجيا التي تساعد المتدربين على الاحتفاظ بالمعلومات على الأمد الطويل، واستخدامها في التطبيقات العملية من جهة، ومساعدة المدرِّبين على كسر النمطيات وأساليب التدريب التقليدية ضمن بيئة الصف الدراسي أو عبر الإنترنت.

2. تُستخدَم تقنيات التدريب المستمر بهدف ضمان استقرار الأداء الوظيفي:

يبيِّن منحني النسيان الذي وضعه العالم الألماني "هيرمان إبنجهاوس" (Hermann Ebbinghaus) أنَّ المتدرِّب ينسى معظم المعلومات التي يتلقاها عقب مغادرة الصف بفترة وجيزة؛ إذ تقتضي احتياجات المؤسسات الحصول على نتائج طويلة الأمد من برامج التدريب، بمعنى أن يشهد أداء الموظفين تحسناً ملحوظاً ومستقراً ضمن بيئة العمل.

لهذا السبب، يتم بذل جهود حثيثة لتقديم تجربة تدريب ترافق الموظفين خارج بيئة الصف الدراسي، وتستفيد من "قاعدة 70:20:10" (70:20:10 approach) التي تفترض أنَّ 70% مما يتعلمه الموظف يتم من خلال التدريب في أثناء العمل وتنفيذ المهام والمشاريع، في حين يحدث 20% من التعلم من خلال تبادل الخبرات والمهارات بين الزملاء، أما نسبة الاستفادة من التدريبات التقليدية ضمن الصف الدراسي فهي لا تتعدى 10%.

يزداد الاعتماد على وسائل التدريب التفاعلية وغير الرسمية من أجل تقديم تدريب يحقق أهداف المؤسسة على الأمد الطويل، وعُرِف هذا المفهوم سابقاً باسم نظام تحسين الأداء، لكن تمَّ ابتكار الاصطلاحات "محتوى تعزيز المهارات" و" تعزيز التدريب" في الآونة الأخيرة.

شهد عدد من تطبيقات الهاتف الذكي والأدوات التكنولوجية المستخدَمة في تدريب الموظفين تزايداً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، بهدف الحفاظ على مستوى أداء عالٍ ومستقر على الأمد الطويل.

3. يتزايد الاهتمام بإعداد برامج تدريب قائمة على الكفاءة:

يهدف "رسم لينكد إن البياني الاقتصادي" (LinkedIn Economic Graph Challenge) إلى ربط فرص العمل المتاحة في العالم مع المهارات اللازمة التي تؤهل الفرد للتقدم لهذه الوظائف، كما يتضمن الرسم البياني ملفات الشركة التي قدَّمت الفرص، والملفات المهنية للأفراد المؤهلين للوظائف المعروضة ضمن سوق العمل حول العالم.

أصبحت شركات التدريب البارزة قادرة على الوصول إلى كميات كبيرة من البيانات التي توضح المؤهلات والمهارات اللازمة لتحقيق مستوى الأداء المطلوب في العمل، والاستفادة منها في إعداد برامج ودورات تدريبية تهدف إلى مساعدة المتدرِّب على تنمية المهارات التي يحتاج إليها لرفع سوية أدائه وفاعليته في العمل.

شهد سوق التدريب في الآونة الأخيرة تقديم دورات تدريبية قصيرة ومكثفة تساعد الفرد على تنمية المهارات اللازمة للحصول على وظيفة معيَّنة بالاعتماد على البيانات المتوفرة عن الكفاءات والمهارات المطلوبة التي تؤهل الفرد لمنصب ما؛ إذ يجري البحث عن طرائق إعداد برامج تدريب تعتمد على الكفاءة، بحيث تكون مخصصة لمستوى مهارات ووظائف ومناصب معيَّنة.

4. يتزايد الاهتمام بتطبيقات التعلم السحابي:

تطورت الأدوات والتكنولوجيا المستخدَمة في تقديم المحتوى التدريبي ومتابعة النشاطات مع تطور أنظمة الشركات وبيئات العمل، كما تطور "نظام إدارة التعلم" (LMS) بسرعة كبيرة إلى منصات سحابية وخدمات برمجية يمكن تشغيلها وإيقافها حسب الحاجة بسهولة.

تتيح البرمجيات السحابية مثل "وورك دي" (Workday)، و"نيملي" (Namely)، و"إتش آر كلاود" (HR Cloud)، و"كفينت" (Cvent) إمكانية إدارة مؤسسات التدريب المختصة بالشركات الصغيرة والكبيرة بأريحية ومرونة، وتقديم تدريبات مخصصة منفردة، ومتابعة العمل عبر الإنترنت، وتأمين برامج تدريب حسب الطلب.

لا بدَّ أن تتغير طريقة استخدام الأجهزة والأدوات التكنولوجية في مجال التدريب نتيجة استخدام تطبيقات الهاتف الذكي ضمن مكان العمل، بهدف تقديم محتويات تدريبية سابقة وتالية لتجربة التدريب، أو من أجل إدارة ومتابعة فاعلية وكفاءة وجودة التدريب المقدَّم عبر الإنترنت.

لا تقتصر وظيفة تطبيقات الهاتف الذكي على تقديم المحتوى؛ وإنَّما يجري العمل حالياً على تطوير برمجيات تتيح إمكانية متابعة إجراءات التدريب وتنمية المهارات، فقد أصبحت عمليات التقييم وجمع البيانات غاية في السهولة بفضل البيئات السحابية التي يجري ضمنها التدريب، إضافة إلى توفُّر عوامل السرعة والمرونة في العمل.

بات بالإمكان تصميم دورات تدريبية تهدف إلى تنمية مهارات معينة، الأمر الذي زاد من سهولة اختبار تقدُّم المتدربين وجمع البيانات التي تحدد تأثير التدريب ومدى نجاحه في تحقيق المطلوب.

5. تسيطر مقاطع الفيديو على التعلم المتنقل:

عكف المختصون على ابتكار تقنيات وأدوات تمكِّنهم من الاستفادة من الأجهزة النقالة في تقديم المحتوى والمواد للمتدربين، كما اعتمدت برامج التدريب المتنقلة اعتماداً أساسياً على مقاطع الفيديو في تقديم المحتوى، ولم تشهد برامج التدريب المتكاملة والمنظمة قبول واستحسان المتدربين عندما تم تقديمها عبر الأجهزة المتنقلة وعلى رأسها الهواتف الذكية، في حين لاقت مقاطع الفيديو رواجاً واسعاً، فقد أثبتت مقاطع الفيديو فاعليتها في تقديم شروحات وافية عن كيفية تأدية المهام وتزويد المتدرِّب بالمعلومات التي يحتاج إليها.

6. يتزايد الاهتمام بتأهيل المدربين:

تهتم المؤسسات الرائدة بتقديم تدريبات مرتبطة بالتجارب الواقعية والأهداف التي تسعى الشركة إلى تحقيقها عن طريق توظيف مدربين يمتلكون خبرات عملية وقادرين على مشاركة القصص والتجارب الواقعية اللازمة لإثراء التدريب، فقد ساهم استخدام التدريب الافتراضي في استقطاب مزيد من خبراء المادة إلى منصات التدريب من جهة، ولكنَّه أدى إلى تعقيد الإجراءات من جهة أخرى بسبب الحاجة إلى تطوير مهارات هؤلاء الخبراء في التدريب وتقديم المحتوى بطريقة تحظى على رضى المتدربين.

لقد ازداد الطلب على الميسِّرين الذين يمتلكون مهارات عامة عن مختلف المجالات، وبرز تحدٍّ جديد يتمثل في رفع كفاءة المدربين وصقل مهاراتهم، أو بمعنى آخر تهيئتهم ليصبحوا خبراء مادة قادرين على تحقيق أهداف التدريب، ويُتوقَّع أن يزداد التركيز على تنمية مهارات وقدرات المدرب وتأهليه عند تقديم محتوى التدريب عبر الإنترنت أو ضمن الصف الدراسي.

7. يشهد عدد الشركات الناشئة العاملة في قطاع التدريب تزايداً ملحوظاً:

تنفق الشركات الكبرى نحو 60% من الميزانية المخصصة للتدريب على إجراءات إعداد المحتوى وتطويره وتقديمه للموظفين عن طريق التعاقد مع مزود خدمة مستقل؛ إذ أصبحت المؤسسات المتخصصة في تدريب الشركات تستعين بالخبراء المستقلين بدل أن توظف طاقم عمل ثابتاً يقوم بمختلف النشاطات وإجراءات العمل.

لقد أدى تزايد الطلب على خدمات التدريب إلى إطلاق عدد كبير من مؤسسات التدريب من قِبل رواد الأعمال الطموحين، كما يوفر قطاع التكنولوجيا تسهيلات وتمويلاً مادياً للشركات بهدف تزويدها بالأدوات والتطبيقات المبتكرة اللازمة لتقديم محتوى التدريب وزيادة فاعليته.

برزت شركات عدة تساعد المتعاقدين المستقلين على بيع خدماتهم ومنتجاتهم إلى الشركات الكبرى، وذلك عبر توفير قناة بيع مخصصة لهم، ومن ثمَّ أصبح العمل في تزويد خدمات التدريب متاحاً ويسيراً أكثر من أي وقت مضى، وهو ما أتاح للمختصين إمكانية الاستقالة من شركات التدريب والعمل بشكل مستقل معها.

يُرجَّح أن يستمر هذا التوجه في المستقبل المنظور بِعَدِّ أنَّ مؤسسات تدريب الشركات ما زالت تستعين بمجموعة متنوعة من المصادر والخبراء المستقلين من أجل إعداد النشاطات التدريبية.

8. يتزايد الاعتماد على المناهج السريعة والمكثفة:

لطالما قدَّمت الجامعات والمعاهد التقنية البرامج المهنية اللازمة لإعداد الأفراد للانخراط في سوق العمل، وقد أعلنت "وزارة التعليم الأمريكية" (The U.S. Department of Education) مؤخراً عن برنامج "جودة التعليم عبر شراكات الابتكار" (Educational Quality through Innovation Partnerships).

يقدِّم البرنامج معونة مادية للطلاب المستحقين لبرامج "مزودي الخدمات التعليمية البديلة"، الذي يشمل المعسكرات البرمجية، و"المساق الهائل المفتوح عبر الإنترنت" (MOOCs)، وقد ازداد انتشار هذه البرامج بين الخريجين بمعدل 140% خلال العامين الفائتين، ويُتوقَّع أن تستمر هذه الزيادة في المستقبل المنظور.

برزت هذه الظاهرة نتيجة ارتفاع تكاليف التعليم، وعدد سنوات الدراسة اللازمة للحصول على شهادة جامعية رسمية، إضافة إلى استعداد الشركات لتوظيف الخاضعين لهذه الدورات التدريبية التي تؤهلهم لسوق العمل؛ إذ تساهم المناهج المكثفة في إعداد الفرد لسوق العمل في غضون أسابيع عدة، بخلاف الدراسات الجامعية التي تستغرق سنوات عدة.

توفِّر هذه المناهج المكثفة المال وتزوِّد الموظفين بالمهارات اللازمة، وهي فعالة في تخفيض نفقات التعيين وعمليات تأهيل وإعداد الموظف الجديد بالنسبة إلى الشركة؛ إذ يُتوقَّع أن تزداد شعبية المناهج المكثفة لتشمل عدداً من الوظائف التقنية في المستقبل القريب.

9. يزداد الطلب على خدمات التدريب باستمرار:

يشهد سوق خدمات التدريب تنامياً مستمراً؛ لأنَّ الشركات أصبحت تزيد من الميزانية المخصصة لإجراءات التدريب، وقد ازدادت نفقات الشركات المخصصة لخدمات التدريب في عام 2015 بنحو 6.25%، بالمقارنة مع النمو المتوقع للناتج المحلي الإجمالي (GDP)، وهذا يعني أنَّ الشركات أصبحت أكثر استعداداً لتخصيص نسبة من العائدات من أجل إجراءات وبرامج التدريب.

تنفق الشركات على تدريب العملاء أكثر مما تفعل من أجل تدريب الموظفين؛ إذ أصبحت الشركات تستخدم تقنيات الإنترنت والتعلم الافتراضي بدل الصفوف الدراسية التقليدية من أجل تقليل نفقات تدريب الموظفين، ويشهد سوق "تعهُّد العمليات التجارية" (BPO) استقراراً نسبياً؛ لأنَّه يقوم على إنشاء تعاقدات على نطاق واسع مع شركات متعددة الجنسيات.

تشمل معظم صفقات "تعهد العمليات التجارية" التعاقد مع شركات متخصصة بمجال التدريب اللازم وليكن المبيعات على سبيل المثال، فلا تستطيع الشركات الكبيرة التي تقدِّم خدمات شاملة منافسة المزودين الصغار الذين يقدِّمون خدمات متخصصة للشركات متعددة الجنسيات.

10. يشهد سوق عمل خبراء التدريب استقراراً ملحوظاً:

شهد سوق التدريب تراجعاً عن العام السابق، لكن ما تزال بعض الفرص متاحة؛ إذ إنَّ فرص العمل في المناصب القيادية ما زالت مستقرة تماماً، أما الوظائف الأخرى مثل شواغر تصميم البرامج التعليمية، والتدريب، والإدارة فهي تفتقر إلى الاستقرار المطلوب.

أصبحَت فرص العمل في مجال التدريب تشترط التعاقد مع خبراء مستقلين، وهو ما أدى إلى ازدياد عدد شركات التدريب المستقلة المذكورة آنفاً؛ لذا يُتوقَّع استمرار هذا التوجه في المستقبل المنظور؛ بمعنى أنَّ شركات التدريب ستستمر في التعاقد مع خبراء مستقلين ومتخصصين بهدف تلبية حاجات العملاء المختلفة.