إذا كنت طالباً جامعياً وتضع نصب عينيك الحصول على وظيفة بعد التخرج، فربما سمعت عن التدريب الداخلي، لكن ما هو التدريب الداخلي بالضبط؟ وكيف تحصل عليه؟

ما هو التدريب الداخلي؟

التدريب الداخلي هو تجربة عمل قصيرة الأمد تقدمها الشركات والمؤسسات الأخرى للأشخاص - عادةً الطلاب - للحصول على عرض عمل للمبتدئين في مجال معين؛ إنَّه تجربة تعليمية بقدر ما هو عمل، ومن الناحية المثالية، يقضي المتدربون وقتهم في العمل على المشاريع ذات الصلة، والتعلم عن هذا المجال، والتواصل وبناء العلاقات، وتطوير المهارات الصلبة والناعمة، ويؤدي التدريب الداخلي أحياناً إلى الحصول على عروض عمل بدوام كامل.

عادةً ما يستمر التدريب الداخلي خلال فترة الصيف لمدة 40 ساعةً في الأسبوع لمدة (10-12) أسبوعاً، وتختلف فترات التدريب الداخلي في الخريف والربيع، ولكنَّها دائماً ما تكون بدوام جزئي، وبعض هذه الشركات تدفع أجوراً وبعضها الآخر لا يدفع.

لماذا يُعَدُّ التدريب الداخلي هاماً؟

بصفتك متدرباً داخلياً، ستحصل على فرصة العمل إلى جانب أشخاص متخصصين في المجال وستحصل على فكرة جيدة عمَّا يتطلبه دور المبتدئين، ولن تكتسب خبرة عمل حقيقية فحسب؛ وإنَّما ستلتقي بالمحترفين وتتعلم منهم، وستبدأ ببناء شبكتك الخاصة من زملائك المتدربين إلى القادة المتمرسين.

كما توجد فائدة أخرى أقل وضوحاً لكن لا تقل أهميةً عن التدريب الداخلي وهي الفرصة لمعرفة ما لا تريد القيام به. فغالباً ما يكون من الصعب معرفة من أين تبدأ عندما يتعلق الأمر بالبحث عن عمل؛ لذا يمنحك التدريب الداخلي الفرصة لتجربة بعض الأمور دون الالتزام بها.

وإذا كنت محظوظاً، فستعثر على عمل تحبه، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فستعرف على الأقل ما هي الأمور التي لا تناسبك، عندما يتعلق الأمر بأمر صعب مثل العثور على العمل المناسب، فكلما حصلت على معلومات أكثر، كان ذلك أفضل.

نظراً لأنَّ التدريب الداخلي أصبح أكثر شيوعاً، يتوقع أرباب العمل رؤيته في السير الذاتية، وإنَّ المتقدمين الذين يملكون خبرةً عمليةً سابقةً هم أكثر قدرةً على المنافسة من الأشخاص الذين لم يحصلوا سوى على دورات دراسية ذات الصلة.

فلا يمنحك التدريب الداخلي الفرصة لبناء المهارات ذات الصلة والتعرف إلى المجال فحسب؛ وإنَّما لإظهار المهارات والفطنة في العمل، وبالنسبة إلى معظم أرباب العمل، حتى أولئك الماهرون جداً في توظيف خريجين جدد، يجدون أنَّه ما من أمر يعوض عن تجربة الحياة الواقعية.

تستخدم الشركات أيضاً فترات التدريب الداخلي لإعداد المواهب لشغل المناصب بدوام كامل، وبالنسبة إلى أرباب العمل، فإنَّ التدريب الداخلي يتضمن أموراً كثيرةً مثل: مقابلة طويلة، وبرنامج تدريبي، وأحياناً طريقة ذكية للتوظيف في المناصب الشاغرة.

هذا يعني أنَّ بعض طلاب الجامعات يمكنهم استكمال سنواتهم الأخيرة في الجامعة مع الحصول على عروض عمل؛ باختصار، يمكن أن يساعدك التدريب الداخلي على معرفة ما تريد القيام به في حياتك المهنية، ومن ثم تسهيل حصولك على أول عمل بدوام كامل في هذا المجال.

هل يتقاضى المتدربون الداخليون رواتب؟

تختلف رواتب المتدربين الداخليين بصورة كبيرة حسب المجال؛ إذ تميل الشركات التقنية وشركات التمويل إلى دفع رواتب عالية، بينما تدفع الشركات التي تعمل في الأمور الصحفية والأزياء والمنظمات غير الربحية رواتب قليلةً "أو لا تدفع أبداً".

وفقاً للرابطة الوطنية للكليات وأرباب العمل (NACE)، حصل 56.7% من الطلاب المتخرجين في إحدى السنوات على تدريب مدفوع الأجر أو تجربة تعاونية، بينما لم يحصل 43.3% من الطلاب على أجر.

وقد حقق الطلاب الجامعيون الذين حصلوا على رواتبهم في السنة التالية أجراً يبلغ متوسطه نحو 18.50 دولاراً في الساعة، وحصل طلاب الدراسات العليا على رواتب أكثر قليلاً، بينما كان متوسط دخل طلاب الدكتوراه 32.35 دولاراً في الساعة.

لا يحصل المتدربون الداخليون عادةً بصفتهم عمال لفترات قصيرة على مزايا صحية أو مزايا أخرى مثل تلك التي يحصل عليها الموظفون بدوام كامل، لكن بحسب مجال وحجم الشركة، يمكن تقديم امتيازات مثل حضور بعض المناسبات الاجتماعية أو الحصول على إجازات أو تغطية تكاليف التنقل والسكن، والآن، دعونا نتحدث عن التدريب غير مدفوع الأجر، فيوجد أمر غير قابل للنقاش، وهو أنَّ الناس يجب أن يحصلوا على أجر مقابل عملهم.

لكن، لماذا يوجد تدريب داخلي غير مدفوع الأجر؟ من الناحية النظرية، فإنَّ التدريب الداخلي غير مدفوع الأجر هو غالباً تعلُّم وليس خبرة عمل، وفي الواقع، لكي يكون التدريب الداخلي غير مدفوع الأجر قانونياً، يجب أن يستفيد المتدرب أكثر من الشركة.

تشتهر بعض المجالات بعدم دفع أجور للمتدربين الداخليين "أو تدفع لهم رواتب متدنية"، لكن يحتاج الطلاب إلى التدريب الداخلي للحصول على عمل بدوام كامل، وبالتأكيد، هذا يعني أنَّ الأشخاص الذين لا يستطيعون تحمُّل تكاليف الحصول على تدريب داخلي غير مدفوع الأجر، لا يفوتون تلك الخبرات التعليمية القيمة فحسب؛ وإنَّما يواجهون صعوبةً أكبر في الدخول في هذا المجال ككل.

إذا كنت مهتماً بمجال يُعَدُّ فيه التدريب الداخلي غير مدفوع الأجر أمراً شائعاً، فإنَّ قضاء فترة الصيف أو الفصل الدراسي في العمل مجاناً ليس خياراً مناسباً؛ لذلك لا تستسلم، وتحقق من مكاتب التوظيف في جامعتك وكذلك الأقسام الأكاديمية والمعاهد والمراكز ذات الصلة في الجامعة، فقد يكون لديهم منح وبرامج أخرى يمكنك التقدم لها لمساعدتك على دعم نفسك في أثناء الحصول على الخبرة العملية التي تحتاجها.

يمكنك أيضاً البحث عن تمويل خارج جامعتك لدعم تجارب التدريب الداخلي، فقد يستغرق الأمر بعض البحث للعثور على برنامج التدريب الداخلي المناسب لك، ولكنَّ الأمر يستحق البحث عن تدريب داخل الجامعة أو خارجها بحيث يمكن أن يساعدك على تمويل الخبرة العملية التي تبحث عنها.

3 طرائق للبحث عن تدريب داخلي:

الآن، بعد أن عرفت ما هو التدريب الداخلي، قد تتساءل عن طريقة العثور على تدريب داخلي، لذا نقدِّم لك فيما يأتي ثلاث طرائق للعثور على فرص تدريب داخلي:

1. استخدام موارد الحرم الجامعي:

إذا كنت طالباً، فاذهب إلى مركز التوظيف في الحرم الجامعي واكتشف طريقة حضور المعارض المهنية والمشاركة في التوظيف داخل الحرم الجامعي، وقد توجد أيضاً لوحة إعلانات توظيف للطلاب في جامعتك، وقد يبحث أرباب العمل تحديداً عن طلاب من جامعتك؛ لذلك استفد قدر الإمكان من علاقاتك بالجامعة ومن ميزة عرض أرباب العمل توظيفك دون أن تبحث عنهم.

2. البحث عبر الإنترنت:

يوجد الكثير من الموارد عبر الإنترنت، ومن ذلك موقع "ذا ميوز" (The Muse) الذي يتميز بكل من منشورات الوظائف والتدريب الداخلي إلى جانب ملفات تعريف الشركة لمساعدتك على التعرف إلى المؤسسات وثقافتها.

قد يكون البحث عبر الإنترنت أمراً مربكاً؛ لذلك من الأفضل تحديد ما تبحث عنه، مثل "التدريب الداخلي على إدارة المنتج" أو "التدريب الداخلي التحريري"، فإنَّه أمر غير منطقي، لكن كلما حصرت نطاق البحث كان أكثر قابلية للإدارة، ويمكنك دائماً أن تبقى على اطلاع على الفرص الأخرى، لكن ابدأ بهدف واضح.

3. البحث في المنظمات المفضلة لديك:

كل شخص لديه شركة يحلم في العمل لديها، فإذا لم تكن متأكداً بالضبط من نوع التدريب الداخلي الذي تريد متابعته، يوجد اتجاه آخر يمكنك اتباعه وهو التحقق من الشركة التي ترغب في العمل لديها أولاً، فانتقل مباشرة إلى موقع الشركة المستهدفة واطلع على نوع برامج التدريب الداخلي والفرص التي تقدمها، وإذا وجدت فرصةً مناسبةً لك، فتقدَّم بطلب، ومن الفوائد الأساسية للتدريب الداخلي مساعدتك على معرفة ما تريد القيام به بعد التخرج.

4 نصائح للحصول على تدريب داخلي:

إذا كان كل ما سبق يبدو جيداً، فإنَّ الخطوة الأخيرة هي الحصول على التدريب الداخلي؛ لذا إليك بعض النصائح للحصول عليه:

1. ابدأ البحث مبكراً:

اكتشف متى يحدث التوظيف في مجالك، وعموماً، كلما كانت الشركة أكبر، بدؤوا في وقت مبكر من الخريف، ومن المحتمل أن تبدأ عملية التدريب الداخلي في الصيف التالي، وإذا كانت جامعتك لديها معرض توظيف في الخريف، فهذا مكان رائع لبدء البحث.

إذ تواجه الشركات الصغيرة صعوبةً أكبر في توقع عدد الموظفين الذين تحتاج إليهم، ومن ثمَّ تميل إلى التوظيف خلال الوقت الذي تحتاج فيه إلى شخص ما للبدء، وقد يعني ذلك تقديم الطلبات في أيِّ وقت بين شهر كانون الثاني/ يناير وشهر آذار/ مارس للحصول على تدريب داخلي صيفي؛ لذا احرص على التحقق من الجداول الزمنية في فترة الخريف، حتى لو كنت تستهدف مؤسسات أصغر، وإذا كنت تبحث عن تدريب داخلي خلال فترة الخريف أو الربيع، فابدأ البحث قبل فصل دراسي كامل؛ أي قبل تاريخ البدء المستهدف.

2. اجعل سيرتك الذاتية ورسالة الإحالة مقنعتين:

قد لا تشعر بأنَّك تمتلك خبرةً كبيرةً في كتابة السيرة الذاتية ورسالة الإحالة، لكن طالما أنَّك تتقبل الأفكار المرتبطة بالتجربة، مثل مهام الدورة التدريبية، والمشاريع التطوعية، وغيرها من النشاطات اللامنهجية، ستتمكن على الأرجح من إنشاء سيرة ذاتية ورسالة إحالة مقنعتين.

3. استعد للمقابلات:

قد يكون من المغري الارتجال، خاصةً أنَّ دعوات إجراء المقابلات تجعلها تبدو وكأنَّها محادثات عادية، فلا تنخدع بهذا الأمر، وراجع أسئلة مقابلات التدريب الداخلي الشائعة وتدرَّب على الإجابات بصوت عالٍ، فأنت لست مضطراً إلى حفظ الردود، لكن يجب عليك التدرُّب عليها.

احرص على إجراء بعض الأبحاث المتعلقة بالشركة، ومعرفة ما الذي تفعله، وما الذي تعمل عليه حالياً، وكيف تبدو ثقافتها، فإذا كنت تريد أن تكون أكثر استعداداً، فابحث بصورة أعمق قليلاً لترى كيف تبدو ممارسات المقابلات الخاصة بهم وما هي الأسئلة التي يطرحونها.

حاول معرفة المزيد عن الأشخاص الذين يجرون المقابلات إما عن طريق موقع الشركة أو موقع "لينكد إن" (LinkedIn) أو صفحات عمل أخرى، واستخدم كل أبحاثك للتوصل إلى أسئلة ذات صلة لطرحها في نهاية المقابلة.

4. استفد من شبكة علاقاتك:

إذا كنت طالباً، فتواصل مع الأساتذة والخريجين ومركز التوظيف في الجامعة، ودع الناس يعرفون نوع التدريب الداخلي الذي تبحث عنه؛ إذ لا يمكنهم مساعدتك ما لم يعرفوا ما الذي تبحث عنه، ولا نقصد هنا أن تذهب وتسأل خريجاً لم تقابله من قبل وتطلب منه أن يوفر لك تدريباً داخلياً، وبدلاً من ذلك، أخبرهم بما تهتم به واطلب نصيحتهم عن طريقة تحقيق ذلك.

لكي تبحث بدقة من خلال شبكة علاقاتك، ضع قائمةً بالشركات التي تهتم بها، وابدأ بالبحث عن أشخاص للتواصل معهم عبر "لينكد إن" أو قاعدة بيانات خريجي جامعتك، وتقدَّم بطلب عبر الإنترنت للتأكد من أنَّك لا تفوِّت المواعيد النهائية، واستمر في مقابلة الأشخاص وإجراء مقابلات إعلامية للحصول على نصائح عن بحثك، فقد تجد نفسك في مقابلة مرتجلة وتحصل على التدريب الداخلي الذي تسعى إليه.

في الختام:

غالباً ما يكون البحث عن وظيف عبر شبكة العلاقات مرهقاً، ولكنَّه أفضل من التقدم لوظيفة عشوائياً، وحتى لو لم تنجح في بحثك عن التدريب الداخلي، فستكون سعيداً يوماً ما لأنَّك بدأت بتطوير شبكة علاقاتك في وقت مبكر من حياتك المهنية.