يخشى المدرب أن يقدم تجربة فاشلة لا تحقق النتائج المطلوبة، وتكمن المشكلة في عدم وجود مراجع أو مصادر أو أبحاث تُعنى بتوصيف التجارب السيئة، وهذا يقودنا إلى السؤالين التاليين:
- هل يتجنب الفرد الاستفسار عن مواصفات التجارب الفاشلة لأنه غير واثق من جودة البرامج التي يقدمها؟
- هل يمكنك أن تحدد أركان التجربة الناجحة دون أن يكون لديك فكرة مسبقة عن مواصفات برامج التدريب الفاشلة؟
مواصفات تجارب التدريب الفاشلة
تقدم تجارب التدريب الفاشلة كميات كبيرة من المعلومات خلال فترة زمنية قصيرة دون مراعاة القدرة الاستيعابية للمتدربين. برامج التدريب المكثفة التي تجري خلال يوم كامل لمدة يمكن أن تصل إلى 8 ساعات هي من أبرز أمثلة هذه التجارب الفاشلة. تقدم هذه البرامج معلومات شاملة ومفصلة عن موضوع معيَّن، وتتسبب في إرهاق عقول المشاركين وإعاقة قدرتهم على ترسيخ المعلومات والأفكار الجديدة.
يمكن تفسير هذه النتيجة باستخدام نظرية منحنى النسيان التي تفيد بأنَّ الإنسان يتذكر أقل من نصف المعلومات المكتسبة بعد مضي ساعة واحدة على تلقيها ما لم يتم ترسيخها في الذاكرة. تكمن مشكلة تجارب التدريب الفاشلة في عدم توفير المصادر والمواد الإضافية التي تساعد المتدربين في ترسيخ المعلومات بعد انتهاء البرنامج.
ولكن تكمن المشكلة الرئيسية في عدم انتباه المتدربين وعجزهم عن متابعة الشرح لأنَّ مواد التدريب جامدة وتفتقر لعنصر المتعة ولا تتعلق باحتياجاتهم وأهدافهم.
إعداد برامج تدريب ممتعة
فيما يلي 9 خطوات لإعداد برامج تدريب ممتعة:
1. إعداد برامج تدريب مخصصة لاحتياجات المشاركين
يحصل الإنسان في العصر الحديث على خدمات مصممة خصيصاً لاحتياجاته وعاداته واهتماماته الشخصية وبما يراعي ذوقه الخاص على صعيد الهوايات والأنشطة والمهام الروتينية. تنطبق نفس القاعدة على تجارب التدريب فهي تتطلب إعداد مواد تلبي احتياجات المشاركين وتحفز تفاعلهم واهتمامهم بالمحتوى وتساعدهم في إدراك قيمته وأهميته في تحقيق أهدافهم.
يمكن الوصول لهذه النتيجة عن طريق تزويد المتدربين بالمصادر التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم وترضي أذواقهم واهتماماتهم. يمكنك أن تصمم برنامج التدريب بناءً على المعلومات التي تجمعها عن المشاركين، ولكن تصبح التجربة أكثر متعة وفعالية عند استخدام منصة تتيح للمتدربين إمكانية اختيار المواد وإعداد برنامج خاص بهم بناءً على احتياجاتهم وتفضيلاتهم الشخصية.
2. تقديم محتوى محدد وقابل للاستيعاب
يفقد المتدرب حماسه واهتمامه ببرنامج التدريب عندما يكون المحتوى ضخم وغير محدد. يحدث هذا عندما يكلفك المدرب على سبيل المثال بدراسة مرجع ضخم لتستنتج بنفسك المعلومات والأفكار التي تحتاج إليها. هذه الطريقة متعبة للمتدرب وتتسبب في هدر الكثير من الوقت والجهد كما أنها تضع كامل المسؤولية على عاتق المتدرب وتتطلب منه أن يعتمد على نفسه في الحصول على المعلومات التي يحتاج إليها.
ولكن تخيل أن يجري التدريب عبر منصة إلكترونية تقدم لك المحاور الرئيسية الموجودة في المرجع. يتم اختيار هذه المحاور بناءً على أهدافك واحتياجاتك والمهام الوظيفية المطلوبة منك. تساعدك هذه الطريقة في تقدير أهمية المحتوى وإدراك حاجتك للمعلومات الموجودة ضمنه وهو ما يزيد من اهتمامك وحماسك لدراسته. يُطلَق على هذه التقنية اسم التعلم المصغر، وهي تقتضي تجزئة المحتوى إلى وحدات محددة وقصيرة وقابلة للاستيعاب بغية مساعدة المتدربين على ترسيخ المعلومات وإتقان المهارات في نهاية البرنامج.
3. ضمان سهولة البحث عن المعلومات والمصادر
يُنصَح بتقديم مصادر ومراجع إضافية تساعد في تحسين تجربة المتدرب. يعتمد نجاح برنامج التدريب على الميزات التي يقدمها النظام أو المنصة لتحسين تجربة المستخدم بالإضافة إلى طريقة تقديم المحتوى. يرتبط هذا النجاح بالنسبة لكثير من المتدربين بتوفر الوسائل والميزات التي يحتاجون إليها للبحث عن المعلومات وإيجاد المصادر والمراجع اللازمة بسهولة. يمكن الاستفادة من أدوات "الذكاء الاصطناعي" (AI) في اقتراح المراجع والمصادر بناءً على أهداف المتدربين واهتماماتهم وعاداتهم.
4. تقديم المحتوى بصيغ وأحجام مختلفة
يجب أن يراعي البرنامج قدرة المتدربين على استيعاب المعلومات وترسيخها على الأمد الطويل. تختلف أنماط التعلم من فرد لآخر، ويجب أن تراعي برامج التدريب هذه الاختلافات حتى تنجح في تحقيق الأهداف المطلوبة. يمكن زيادة فعالية التدريب عند التركيز على المواد التي تراعي أنماط تعلم المشاركين وظروفهم الحياتية، إذ يمكنك على سبيل المثال أن تضيف محتوى سمعي لبرنامج التدريب لكي يتمكن الموظفون من الاستماع إليه أثناء قدومهم إلى الشركة، مع الحرص على تلخيص هذه المعلومات ضمن مستند نصي متاح للمتدربين. تُستخدَم مقاطع الفيديو مع المتدرب الذي يفضل التعلم من العناصر المرئية. أي يجب تنويع المحتوى ما أمكن بما يراعي اختلاف أنماط التعلم ويضمن تحفيز تفاعل المتدربين واهتمامهم.
5. إضافة العناصر الاجتماعية
أحياناً تكون النقاشات الجماعية بين أعضاء الفريق أكثر فعالية من برامج التدريب والمراجع الشهيرة. لهذا السبب يُنصَح بإجراء نقاشات ومحادثات مع خبراء من خارج الفريق ضمن إطار برنامج التدريب بغية تحسين التجربة، وتبادل المعلومات والخبرات والأفكار والآراء، وزيادة قدرة الموظفين على ترسيخ المعارف المكتسبة.
6. إضافة تجارب وحالات من الحياة العملية
تزداد فعالية برنامج التدريب عند تقديم محتوى يتعلق بخدمات الشركة ووظائف العاملين وطبيعة المهام الموكلة إليهم. تنجح تدريبات الالتحاق بفِرَق المبيعات على سبيل المثال عندما يركز المحتوى على مزايا المنتجات والخدمات واحتياجات العملاء المثاليين. يجب أن تتضمن الدورة التدريبية عروض مسجلة يقدمها أحد الموظفين البارزين في الشركة، بالإضافة إلى شرح مواصفات المنتجات، وتقديم معلومات وافية عن احتياجات العملاء المثاليين وخياراتهم المفضلة. يمكن الانتقال بعد ذلك إلى الأمثلة التطبيقية التي تقدم مواقف وحالات يمكن أن يتعرض لها الموظف أثناء تأدية مهامه الوظيفية لكي يتفاعل معها ويبتكر الحلول اللازمة، وهو ما يساعده في تنمية مهاراته.
7. التشجيع على التعلم المستمر
لا تنتهي تجربة التعلم بانتهاء برنامج التدريب، بل يجب أن تساعد المتدربين على حفظ المعلومات المكتسبة عن طريق مراجعة المحاور الرئيسية وتطبيق التمارين والتقنيات التي تساعدهم في ترسيخها.
يتم ذلك عن طريق الإشارة إلى المحاور الرئيسية في المحتوى من أجل الرجوع إليها في وقت لاحق من الدورة التدريبية. يساعد التكرار في ترسيخ المعلومات الأساسية وبناء قاعدة معرفية يمكن الاعتماد عليها في المراحل المقبلة.
يمكنك أن تساعد الموظفين على تنمية مهاراتهم ومعارفهم عن طريق استخدام منصة تزودهم بمكتبة تحتوي على مراجع ومصادر متعلقة بالاحتياجات التدريبية. يتسنى للموظف أن يعثر على المعلومات التي يحتاج إليها عند توفير منصة تتيح إمكانية البحث ضمن محتوى التدريب والمواد الإضافية الملحقة به.
8. إتاحة إمكانية التعلم في الوقت الذي يناسب الموظفين
لا يحبذ الأفراد عموماً برامج التدريب المكثفة التي تفرض عليهم التعلم في أوقات وأماكن محددة. يفضل الموظفون أن يتعلموا على مهل في الوقت والمكان الذي يناسبهم. تُعَد هذه الأريحية من أهم أركان تجارب التدريب الناجحة. تكمن فعالية منصات التدريب في الميزات التي تقدمها، فهي تتيح للمتدرب إمكانية الحصول على المحتوى الذي يحتاج إليه في الوقت الذي يناسبه. يمكن الاستفادة من الأوقات الضائعة في المواصلات على سبيل المثال في دراسة مواد التدريب ضمن المنصة، سيما إذا كانت تستخدم تطبيقات تعمل على الهواتف المحمولة.
9. إضافة الطابع الخاص بثقافة الشركة
اقتضت الخطوة الأولى تصميم تجارب تدريب تراعي احتياجات الموظفين واهتماماتهم، ولكن يجب أن تعطي هذه البرامج من ناحية أخرى انطباع عن ثقافة الشركة والعلامة التجارية عن طريق استخدام الهوية البصرية وإبراز قيم الشركة ورسالتها ضمن المحتوى.