يواجه العاملون في قسم الموارد البشرية صعوبة في إثبات جدوى استثمار الوقت والموارد في برامج تدريب الموظفين وتطويرهم. يقع على عاتق القسم أيضاً مسؤولية تقييم المبادرات واستخدام النتائج في إجراء التعديلات اللازمة لتحسين برامج التدريب.
يتألف المقال من 3 أجزاء، ويبحث في تقنيات تقييم برامج التدريب، ويقدم معلومات مفيدة تساعد في تحديد الإجراءات الفعالة والأخرى التي تحتاج للتحسين.
اختيار تقنيات التقييم المناسبة
يجب أن تختار تقنية التقييم التي تناسب احتياجاتك قبل أن تحدد العناصر المستهدفة من العملية وآلية إجرائها.
في ما يلي، 7 تقنيات أساسية لتقييم برامج التدريب:
1. "نموذج كيرك باتريك" (Kirkpatrick model)
يُعَد "نموذج كيرك باتريك" من أقدم التقنيات المُستخدَمة في تقييم برامج التدريب وأكثرها رواجاً بين الشركات لأنّه يقسم العملية إلى 4 خطوات بسيطة على النحو التالي:
1.1. تقييم ردود فعل المشاركين تجاه برنامج التدريب
إجراء استطلاع رأي في نهاية برنامج التدريب بهدف تقييم مستوى رضا المشاركين عن التجربة.
2.1. تقييم مقدار المعلومات المكتسبة
تُستخدَم التقييمات لتقدير مستوى التحسُّن في معلومات المشاركين ومهاراتهم بعد تلقي التدريب.
3.1. تقييم التغيرات السلوكية
تقتضي الطريقة المثالية لتقييم التغيرات السلوكية ملاحظة الأداء ضمن مكان العمل ومقارنة نتائج الأداة "360 درجة" قبل إجراء التدريب وبعده.
4.1. تقييم تأثير برامج تدريب الموظفين في نتائج الشركة
تضم هذه النتائج معدلات الإنتاجية، والجودة، والفاعلية، ورضا العملاء.
يقترح الخبراء في الوقت الحالي عكس العملية لأنَّ الخطوة الأخيرة أكثر أهميةً من البقية، وفي هذه الحالة، يُفضَّل أن تبدأ بتحديد النتائج التي ترغب بتحقيقها وتعتمد عليها في بقية مراحل العمل.
ثمّة إقبال كبير على استخدام "نموذج كيرك باتريك" لأنّه يقدم منهجية منطقية تتألف من 4 خطوات سهلة التطبيق بهدف تقييم فعالية التدريب وتكوين فكرة واضحة عن مقدار المعلومات المكتسبة خلال التجربة.
2. "نموذج فيليبس لحساب العائد على الاستثمار في التدريب" (The Phillips ROI model)
أضاف الخبير "جاك فيليبس" (Jack Phillips) خطوة خامسة على "نموذج كيرك باتريك" آنف الذكر، وهي تقتضي حساب العائد على الاستثمار في التدريب من خلال مقارنة تكاليف البرنامج مع العوائد المادية التي تنتج عنه.
يكون تقييم العائد على الاستثمار في التدريب إيجابي عندما تتجاوز عوائد البرنامج تكاليفه، وفي حال حدث العكس، عندئذٍ يجب إجراء التعديلات اللازمة على برنامج التدريب.
يتيح "نموذج فيليبس" إمكانية تحديد الجوانب التي تحتاج للتحسين بسهولة.
مثال على نموذج فيليبس
على فرض أنَّ البرنامج حقق نتائج إيجابية فقط في الخطوتين 1 و2 من عملية التقييم، ما يعني أنَّ المتدربين استمتعوا بالتجربة (خطوة 1)، واكتسبوا مهارات ومعلومات جديدة بحسب نتائج الاختبارات التالية للتدريب (خطوة 2) ولكن لم تتغير السلوكات في مكان العمل (خطوة 3).
قد تكتشف بعد البحث في الموضوع أنَّ الإدارة لا تشجع الموظفين على تطبيق المهارات المكتسبة في مكان العمل، ويمكن حل المشكلة ورفع قيمة العائد على الاستثمار عن طريق مطالبة المديرين بالمشاركة في دعم التدريب.
3. "نموذج كوفمان" (Kaufman’s model)
يُعتبَر "نموذج كوفمان" نسخة مطورة من "منهجية كيرك باتريك" أيضاً، وهو يتألف من الخطوات التالية:
- الخطوة 1:
- تقييم الموارد المستثمرة في برنامج التدريب مثل وقت وتكاليف إعداد المواد.
- تقييم ردود فعل المشاركين تجاه برنامج التدريب.
- الخطوة 2: تقييم فعالية البرنامج في تحقيق أهداف الأفراد والفِرَق الصغيرة. مثال: هل اكتسب الأفراد مهارات جديدة؟ تقيِّم هذه الخطوة فوائد التدريب على مستوى الأفراد.
- الخطوة 3: تقييم النتائج العملية للفوائد الواردة في الخطوة 2. مثال: هل يطبق الموظفون المهارات المكتسبة في العمل؟
- الخطوة 4: تقييم النتائج على مستوى الشركة مثل مقدار زيادة الأرباح وانخفاض التكاليف على سبيل المثال.
- الخطوة 5: تقييم فعالية برامج تدريب الموظفين على صعيد المجتمع. مثال: هل ساهم البرنامج في تحسين قدرة الشركة على خدمة العملاء والمجتمع؟
يتفوق "نموذج كوفمان" على "كيرك باتريك" في الخطوة الأولى التي تتيح إمكانية حساب العائد على الاستثمار في البرنامج عن طريق مقارنة فوائد التدريب مع الموارد المستثمرة فيه. يساعد العائد على الاستثمار في إقناع قادة الشركة بالموافقة على الميزانية والموارد المطلوبة لإجراء التدريب.
يمكن أن تواجه صعوبة في تطبيق النموذج، وخاصةً عندما تعمل على الخطوة الخامسة.
4. "نموذج أندرسون" (Anderson’s model)
يفضل معظم مُدراء التدريب هذا النموذج لأنه يسمح لهم بإعطاء الأولوية لإستراتيجية عمل الشركة. تزدهر الشركة وتنمو عندما تدعم برامج تدريب الموظفين أولوياتها الإستراتيجية.
في ما يلي، مثال يوضح مبدأ عمل "نموذج أندرسون":
تحتوي إحدى مؤسسات الرعاية الصحية الخاصة على طاقم عمل ومعدات تكفي لاستقبال 100 مريض. قرر مدير قسم التدريب إعداد برنامج يهدف لتعزيز قدرة فريق التسويق على استقطاب مزيدٍ من المرضى.
في حال نجح التدريب في تحقيق الأهداف المرجوة منه، واستُقبل عدد كبير من المرضى الجدد، فإنَّ المؤسسة يمكن أن تتجاوز قدرتها الاستيعابية، مما يؤثر سلباً في جودة خدمات الرعاية التي يتلقاها المرضى وبالنتيجة تخسر المؤسسة سمعتها.
بالمقابل، يمكن تطبيق برنامج تدريب يهدف لتلقين المعلومات والمهارات التي يحتاج إليها طاقم العمل لتجنب هدر المواد وتخفيض التكاليف، مما يسهم في زيادة فعالية العمل ويضمن مراعاة الأولويات الإستراتيجية.
في ما يلي، 3 خطوات لتطبيق "نموذج أندرسون":
1.4. مقارنة أهداف برامج التدريب الحالية مع الأولويات الإستراتيجية في الشركة
بالعودة إلى مثال مؤسسة الرعاية الصحية، يُلاحَظ وجود تعارض بين برنامج التدريب الذي يهدف لزيادة عدد المرضى، والأولويات الإستراتيجية التي تقتضي تقديم خدمات رعاية صحية عالية الجودة للمرضى.
2.4. تقييم مساهمة التدريب في تحقيق النتائج الإستراتيجية المرجوة
مثال: يمكن تقييم نتائج برنامج تدريب الممرضين الذي يهدف لتقليل الهدر عن طريق حساب النسبة المئوية لمقدار التوفير في تكاليف المواد ضمن مؤسسة الرعاية الصحية.
3.4. تحديد منهجية العمل المناسبة للشركة، وحساب العائد على الاستثمار في التدريب وتقييمه
تعتمد هذه الخطوة الأخيرة على منهجية عمل الشركة؛ حيث يمكنك على سبيل المثال أن تقارن المساهمة المحسوبة في الخطوة 2 مع مقدار الموارد المستثمرة في التدريب. قد يختار بعض الأشخاص التحقُّق من بلوغ الأهداف والنتائج المرجوّة، ولتكن تخفيض التكاليف بنسبة معيَّنة، على سبيل المثال.
في الختام
تحتاج الشركات لتقييم نتائج برامج التدريب والتحقق من فعاليتها في تحقيق الأهداف المرجوة. قدم الجزء الأول من المقال 4 تقنيات فعالة في تقييم برامج تدريب الموظفين وتقدير مساهمتها في تحقيق الأهداف المرجوة وسنتابع باقي التقنيات في الجزء الثاني.