تشكِّل صياغة استراتيجية التعلُّم تحدياً في أفضل الأحوال؛ لذا فإنَّ الأمر يُعدُّ أكثر صعوبةً خلال التقلبات الحالية التي نشهدها. يُعدُّ الحرص على توافق استراتيجية التعلُّم مع استراتيجية العمل أمراً هاماً أكثر من أي وقت مضى؛ وللقيام بذلك ثمة ستة تغييرات أساسية عليك إجراؤها.

ملاحظة: هذه المقالة مأخوذة عن الكاتب نايجل بين (Nigel Paine)، والتي يحدِّثنا فيها عن تجربته في إعداد استراتيجية التعلُّم.

منذ فترة غير بعيدة كنتُ أبدأ ورشات العمل التي أُجريها حول هذا الموضوع، وذلك من خلال أخذ وثيقة تتضمن استراتيجية تعلُّم أعدَّها شخص ما (من خارج المجموعة التي أعمل معها)، وتمزيقها أمام الجميع؛ حيث كنت أحثُّهم على فكرة عدم حاجتهم إلى استراتيجية تعلُّم، وأنَّ ما عليهم توضيحه هو مدى إسهامهم في تقديم استراتيجية العمل في الشركات التي يعملون فيها.

ربما قد خفَّت حدة نبرتي الآن، ولكنَّني مازلت أجد كثيراً من استراتيجيات التعلُّم ترتكب الأخطاء الأربعة الآتية:

  • تحديد الأهداف بناءً على حجم وكمية التعلُّم، وتقييم النجاح وفقاً للمعايير ذاتها.
  • التحدث عما تنوي فعله كما لو كنت كياناً منفصلاً ومستقلاً.
  • استخدام مصطلحات تخصصية خاصة بالتعلُّم (ككلمة "المنهج")، والتي لا يفهمها أو يهتم بها أي أحد.
  • الإشارة إلى فريق التعلُّم فحسب، بحيث تبدو استراتيجية التعلُّم وكأنَّها مُعدَّة خصيصاً لهم، دون ربطها بأي شخص أو أمر آخر.

ما هو الشكل الذي سوف تتخذه استراتيجية التسويق إن فشلت في ذكر السوق، أو المنتجات التي تستهدف ذلك السوق؟

تخيَّل أن تفعل إدارة الشؤون المالية ما يحلو لها، بغض النظر عن الوضع الذي تواجهه الشركة؛ حينما تفكر في الأمر، ستتساءل عن سبب تحمُّل أي شخص لعملية التعلُّم والتطوير التي تتصف بالسذاجة، والبعد عن واقع التحديات اليومية التي يواجهها العمل، أو تطلعات الشركة المستقبلية.

6 تغييرات عليك إجراؤها لإعداد استراتيجية أفضل:

سوف نُطلعك على ستة تغييرات قد يكون من المفيد النظر في إجرائها؛ ذلك لأنَّها سوف تساعدك في تطوير استراتيجية تعلُّمٍ يستطيع الجميع قراءتها وإدراك أهميتها؛ إذ ينبغي أن تعزز استراتيجية التعلُّم مستوى المشاركة، وأن يكون لتطبيقها مساهمة ملموسة في نجاح الشركة بأكملها؛ تؤدي هذه العناصر إلى سلسلة من التغييرات على كل من النهج والتفكير:

1. الانتقال من التعزيز إلى التحدي

يُعدُّ تعزيز الفضول والمشاركة الوسيلة الأكثر أهميةً لمساعدتك في بناء مستقبل الشركة؛ إذ يلقى هذا قبولاً أكثر من تعزيز الافتراضات الخاطئة من خلال تكرار البرامج القديمة ذاتها، لذا احرص على تعزيز مجال التعلُّم والتطوير (L&D) وهو في أوج تقدُّمه.

2. التأكد من أنَّ النتائج التي ترغب بتقديمها مُلِحَّة وحيوية:

حاول تجنب "الحقائق البديهية" البسيطة، وتقبَّل حالة انعدام اليقين، لتقود الناس بلطف إلى الشعور بعدم الارتياح؛ حيث سيتعلمون بسرعة في هذه المرحلة؛ لأنَّ الهدف من التعلُّم واضح تماماً.

3. التركيز على تغيير طريقة تفكيرك بدلاً من اكتساب المعرفة:

إذا كان بإمكانك تغيير سلوكاتك ومواجهة الافتراضات السائدة، سوف تتمكن من تجهيز الناس للتعلُّم والتصرف بشكل مختلف؛ فإذا كنت تتمتع بطريقة التفكير المناسبة، ستكتسب غالباً المعرفة تلقائياً.

4. السعي لبناء شراكات مع جميع أطراف الشركة:

احرص على أن يشاركك الناس في إيجاد أفكارك، بدلاً من فرضها عليهم دون مشاورتهم أو إشراكهم في وضعها. ينبغي أن تكون عبارة "في شراكة مع.."  أساس استراتيجيتك؛ فلا ينبغي اقتراح أو تطوير أي عمل هام دون إقامة شراكات رئيسة.

5. طرح كثير من الأسئلة، والتخفيف من إملاء الأوامر على الناس:

لا مشكلة في معايشة حالة من انعدام اليقين، ولكن احرص على أن تنتقل إلى اليقين حين تتاح لك فرصة التحدث والتجربة وفهم العمل.

6. العمل على التأطير لا على التشكيل:

ينظر أولئك الذين يعملون على التأطير إلى ما هو مألوف، ويعيدون توجيهه باستخدام إطار مناسب؛ بينما أولئك الذين يعملون على التشكيل يخبرون الناس بما ينبغي أن ينظروا إليه؛ وبمجرد أن تدرك مدى فاعلية إطار التعلُّم، استخدمه لمواجهة جميع تحديات العمل.

ينبغي أن يكون سؤالك الرئيس: "كيف يمكننا تأطير هذا الأمر؟" وهذا يعني أنَّك تتناول جميع الأمور المألوفة والهامة، ولكنَّك تنظر إليها من زاوية مختلفة؛ فوجهات النظر البديلة هذه لا تُقدَّر بثمن.

الخلاصة:

تذكَّر هذه النقاط الست حين تبدأ بإعداد استراتيجيتك، وسوف تُنشئ أجندة عمل تُثبِت أهمية استمرار وجودك في الشركة، بدلاً من إظهار عدم أهميتك! وإذا كنت ترغب في مزيد من الأدلة، فكِّر في ما قد يحدث إن تركت أنت وفريقك العمل في الشركة؛ هل سيستمر عملها  كالمعتاد؟

إن كانت إجابتك "نعم"، عليك أن تقلق؛ لأنَّه ينبغي أن تكون عضواً بارزاً للغاية بالنسبة إلى مديرك، كحال فِرَق التسويق والتمويل تماماً. لا يجب أن يهدأ لك بال حتى تُحقِّق هذا الهدف، وتحرص على أن تكون استراتيجية التعلُّم الخاصة بك وثيقةً أساسيةً تحملها خلال مشوارك.

ابدأ إعداد استراتيجية التعلُّم الخاصة بشركتك بكل تأكيد، ولكن احرص على أن تُضيف قيمةً إلى جوهر عملك؛ بدلاً من أن تُرسله إلى الهاوية.