لطالما ساهمت تحليلات التعلُّم في تحسين مبادرات التعليم وبرامج تدريب الموظفين ضمن الشركات في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في العصر الحديث.

تُستخدَم الأدوات التحليلية لمساعدة خبراء التعليم والتدريب في تحسين البرامج، ورفع سوية التجربة بالنسبة لكل من الطلاب والموظفين على حدٍّ سواء.

خطوات بسيطة للاستفادة من تحليلات التعلم في تحسين برامج التدريب

فيما يلي 6 خطوات بسيطة للاستفادة من تحليلات التعلم في تحسين برامج التدريب:

1. جمع البيانات

تشكل البيانات أساس تحليلات التعلم، وتقتضي الخطوة الأولى جمع بيانات وأداء الموظفين، ومستويات التفاعل، ومعدل استثمار الموارد على سبيل المثال.

2. تحليل البيانات وتأويلها

تقتضي الخطوة الثانية تحليل البيانات وتأويلها؛ إذ تُستخدَم الخوارزميات والنماذج الإحصائية المتطورة في استخلاص الأنماط، والتوجهات، والاستنتاجات.

تقدم نتائج التحليل معلومات قيِّمة عن الجوانب الفعّالة والأخرى التي تحتاج للتحسين في برنامج التدريب.

3. اختيار "مؤشرات الأداء الرئيسية" (KPIs)

تُختار مؤشرات الأداء الرئيسة المناسبة بناءً على نتائج تحليل البيانات، ويمكن أن تشمل هذه المؤشرات معدلات إكمال برامج التدريب، ونتائج التقييم، ومستويات رضا المشاركين.

إنَّ تحديد هذه المقاييس ضروري لتقييم فعالية برنامج التدريب.

4. التخصيص والتعديل

تُستخدَم تحليلات التعلُّم لمساعدة خبراء التدريب في تخصيص تجربة التعلم والمحتوى للاحتياجات الفردية للمشاركين، وذلك عن طريق تحديد نقاط قوة وضعف المتدربين.

يهدف التخصيص إلى رفع مستوى تفاعل المشاركين وتعزيز قدرتهم على ترسيخ المعلومات المكتسبة.

5. التعلم المستمر

تسهم تحليلات التعلم في دعم التطوير المستمر؛ إذ يستفيد المدرب من نتائج تحليل البيانات في تحسين المنهج وطرائق التلقين أثناء إجراء البرنامج.

تضمن هذه التعديلات الدورية الحفاظ على حداثة المحتوى وفعاليته مع مرور الوقت.

6. التقييم وجمع التغذية الراجعة

تقتضي الخطوة الأخيرة تقييم التجربة وجمع التغذية الراجعة، حيث تبين أنَّ استخدام تحليلات التعلم في إجراء التقييمات المنتظمة يتيح للمشاركين إمكانية تقدير التقدم المُحرَز.

كما يستفيد المدرب من بيانات التغذية الراجعة في تحسين إستراتيجيات العمل بناءً على النتائج الفعلية.

تحليلات التعلم في تحسين برامج التدريب

دراسة حالة (1): برنامج تدريب المبيعات في شركة "كوربوريشن" (Corporation)

"كوربوريشن" هي شركة رائدة في مجال التكنولوجيا على مستوى العالم، وقد واجهت بعض الصعوبات أثناء تطبيق برامج تدريب المبيعات.

الخطوات التي قامت بها شركة "كوربوريشن"

فشلت الشركة في تحقيق أهداف المبيعات رغم أنها استثمرت مبالغ ضخمة في برامج تدريب الموظفين، وعندها قررت الاستفادة من تحليلات التعلم في تحسين منهجية التدريب، وذلك بتطبيق الخطوات التالية:

1. جمع البيانات

بدأت الشركة بجمع بيانات جلسات التدريب، وهي تتضمن نسبة الحضور، ومعدلات إكمال البرنامج، ونتائج التقييمات.

2. تحليل البيانات

استخدام أدوات حديثة لتحليل البيانات والاستفادة من النتائج في تحديد الجوانب التي تحتاج للتحسين. كشفت النتائج عن تدنّي معدلات إكمال وحدات معيَّنة من برنامج التدريب، وعدم تفاعل المشاركين معها.

3. التخصيص

عمدت الشركة إلى تخصيص برنامج التدريب، وإعداد محتوى خاص بكل واحدٍ من فِرَق المبيعات، مع التركيز على الجوانب التي تحتاج للتحسين.

4. التحسين المستمر

إجراء تقييمات دورية وطلب التغذية الراجعة من المشاركين، والاستفادة من البيانات الناتجة في تحسين المحتوى وطرائق التلقين.

النتائج التي حققتها شركة "كوربوريشن"

شهدت الشركة تحسُّناً ملحوظاً في برنامج تدريب المبيعات بعد 6 أشهر من تطبيق التعديلات، وطرأت تطورات واضحة على أداء فِرَق المبيعات التي واجهت صعوبة في التجارب السابقة. نجحت الشركة في تحقيق أهداف المبيعات ورفع مستوى رضا الموظفين عن برنامج التدريب.

دراسة حالة (2): مبادرة التعلم الإلكتروني في مؤسسة "أوكريدج أكاديمي" (Oakridge Academy)

تُعَد "أوكريدج أكاديمي" من المؤسسات التعليمية المرموقة على مستوى العالم، وقد كانت تسعى لتحسين برامج التعلم الإلكتروني التي تستهدف الموظفين العاملين عن بعد. واجهت المؤسسة صعوبةً في الحفاظ على تفاعل المشاركين ورصد مراحل تقدمهم.

الخطوات التي قامت بها شركة "أوكريدج أكاديمي"

طُبّقت تحليلات التعلُّم للتغلُّب على هذه المشكلة وذلك عبر الخطوات التالية:

1. جمع البيانات

استخدمت المؤسسة "نظام إدارة تعلم" (LMS) لجمع بيانات تفاعل المشاركين مع منصة التعلم الإلكتروني. أتاح النظام إمكانية متابعة عمليات تسجيل الدخول إلى البرنامج، ومدة دراسة وحدات المحتوى، ونتائج الاختبارات.

2. تحليل البيانات

استُخدِمت نتائج تحليل البيانات في تحديد المشاركين الذين يواجهون صعوبة في بعض المواد، كما لاحظ القائمون على التدريب امتناع البعض عن الاستفادة من المحتوى الإضافي.

3. التخصيص

استفادت المؤسسة من تحليلات التعلُّم في تخصيص تجربة التعلُّم الإلكتروني، وتقديم الدعم والمصادر التعليمية الإضافية لكل مشارك يواجه صعوبةً في فهم محتوى التدريب.

4. التحسين المستمر

أجرت المؤسسة مراجعات دورية على بيانات "نظام إدارة التعلم"؛ من أجل تقييم تقدم المشاركين، وتحسين منهجية التدريب، وإجراء التعديلات اللازمة على المحتوى.

النتائج التي حققتها شركة "أوكريدج أكاديمي"

شهدت مبادرات التعلم الإلكتروني تحسُّناً ملحوظاً بعد تطبيق تحليلات التعلم، كما ارتفع معدل اندماج المشاركين، وجودة النتائج المُحرَزة.

كما ساهم تقديم الدعم وإجراء التحسينات الدورية على المحتوى بناءً على نتائج تحليل البيانات في تقديم تجربة مخصصة لكل واحد من المشاركين، مما أدى إلى تعزيز القدرة على ترسيخ المعلومات المكتسبة ورفع مستوى النجاح الأكاديمي.

تثبت دراسات الحالة آنفة الذكر فائدة تحليلات التعلم في رفع سوية البرامج التدريبية والتعليمية، وتحسين الأداء والنتائج. تنجح المؤسسات في تحسين برامج التدريب وتعزيز فعالية تجارب التعلم عن طريق جمع البيانات والاستفادة من نتائج تحليلها.

في الختام

لقد أثبتت تحليلات التعلُّم فعاليتها في تحسين برامج التدريب، ويمكن أن ينجح خبراء التعليم والتدريب في إنشاء تجارب مخصصة وفعّالة عن طريق اتباع منهجية عمل منظمة تعتمد على جمع البيانات، وتحليلها، وتخصيص البرامج، والالتزام بالتطوير والتحسين المستمر.