أصبحَت مهارات التواصل الفعال، في عالم الأعمال المعاصر سريع التطوُّر، أمراً أساسياً لتحقيق النجاح، وسواء كنت مديراً، أم موظفاً عادياً، أم رائد أعمال، فإنَّ قدرتك على استعراض أفكارك، والتعاون مع الآخرين، وبناء العلاقات قد تكون عاملاً حاسماً في نجاحك المهني.

أجرى موقع إنتربينور دوت كوم (entrepreneur.com) مؤخراً استطلاعاً للرأي شمل أكثر من 1,200 موظف أمريكي يعملون بدوام كامل، ووجد أنَّ 85% منهم سيختبرون تحسناً كبيراً في أدائهم الوظيفي إذا خضعوا لبرنامج تدريب فعال على التواصل، ومع ذلك لم يُمنح 75% من هؤلاء الموظفين الذين شملهم الاستطلاع أي تدريب على مهارات التواصل في وظائفهم الحالية.

لهذا السبب يجب أن يكون حضور برنامج تدريبي (واحد على الأقل) مخصص لمهارات التواصل أولويةً لكل شخص يعمل في شركة أو مؤسسة، وسنوضِّح في هذا المقال أهمية صقل مهارات التواصل لدينا، وكيف يمكن لحضور دورات التدريب على هذا النوع من المهارات (المجانية أو الماجورة) أن يعزِّز مسيرتنا المهنية، وجدير بالذكر أنَّه يمكن تعلُّم مهارات التواصل الفعال، وليس شرطاً أن تكون موهبة فطرية.

6 أسباب تجعل الخضوع لبرامج التدريب على التواصل أمراً ضرورياً لتحقيق النجاح المهني:

1. تحسين العلاقات الشخصية والمهنية:

التواصل هو العامل الحاسم في بناء العلاقات الناجحة، سواء العلاقات الشخصية، أم المهنية، ويمنحنا اتِّباع دورات تدريبية على التواصل الأدوات، والتقنيات التي تساعدنا على بناء علاقات إيجابية وبنَّاءة مع زملاء ورؤساء العمل، والعملاء.

نتعلَّم في هذه الدورات، أو البرامج التدريبية كيفية الإصغاء بكفاءة، والتعبير عن أفكارنا ومشاعرنا بوضوح وصراحة، وحل النزاعات بطريقة بنَّاءة، وتعزز هذه المهارات العمل الجماعي، والتعاون بين أعضاء الفريق، وتؤسس للثقة، والاحترام المُتبادل.

2. القيادة والإدارة الفعالة:

دائماً ما يكون القادة الأكفاء بارعين في التواصل، إذ يمكنهم إلهام وتحفيز وقيادة فرقهم لتحقيق هدف مشترك، وتزوِّد برامج التدريب على التواصل الموظفين بالمهارات اللازمة لتوضيح وجهة نظرهم، ووضع توقعات واضحة، وتقديم التغذية الراجعة، وتفويض المهام بكفاءة، ونصبح أكثر تأثيراً، واحتراماً بصفتنا قادة عندما نطوِّر مهارتنا في التواصل، كما نعزز قدرتنا على قيادة فرَقنا نحو تحقيق النجاح.

3. تعزيز الإنتاجية والكفاءة:

يؤدي سوء التواصل إلى أخطاء مكلفة جداً، وإهدار الوقت، وتفويت الفرص، ويمكن للموظفين من أي مستوى، من خلال الخضوع لبرامج تدريبية على مهارات التواصل، أن يتعلموا تقنيات التواصل الواضح والصريح، وتحسين إنتاجيتهم وكفاءتهم بشكل عام في مكان العمل.

تُعلِّمنا هذه البرامج كيفية كتابة رسالة بريد إلكتروني بطريقة فعالة، وغيرها من تقنيات التواصل التحريري، وكيفية ترك أثر إيجابي في أثناء الاجتماعات، وإتقان أداء العروض التقديمية الممتعة والمُلهمة، تساعدنا هذه المهارات على إيصال أفكارنا بكفاءة، وهذا يؤدي إلى تعزيز العمل الجماعي، وسير المهام بسلاسة أكبر، ومن هنا تنبُع أهمية التواصل الفعال في نجاح رواد الأعمال.

4. بناء شبكة من العلاقات المهنية:

تساهم شبكة العلاقات بدور أساسي في تقدُّمنا المهني، والحصول على مزيد من الفرص، ويسمح لنا حضور ورشات التدريب الخاصة بالتواصل الفعال بصقل المهارة اللازمة لتوسيع شبكة علاقاتنا، ونتعلَّم في هذه البرامج التدريبية كيفية بدء المحادثات، وترك انطباع أولي مؤثِّر، والتواصل بطريقة هادفة، ويتيح لنا إتقان مهارات التواصل مزيداً من الفرص للتعرُّف إلى العملاء المُحتملين، وعلاقات المنتورنغ والشراكة المهنية التي تساهم في تعزيز تطوُّرنا المهني.

5. تطوير مهارات التفاوض:

لا غنى عن مهارات التفاوض من أجل تحقيق النجاح المهني، وسواء كنت تناقش الجدول الزمني لمشروع ما، أم الميزانية، أم شروط عقد ما، فلا بدَّ أن تتمتع بمقدار كبير من مهارات التفاوض، ويزوِّدك هذا النوع من برامج التدريب بكثير من تقنيات التفاوض القيِّمة، والقدرة على فهم وجهة نظر الآخرين، وإقناعهم بالفائدة التي سيحققونها، والتوصُّل إلى اتفاقات مع كل الأطراف، ويمكننا من خلال تطوير مهاراتنا في التفاوض أن نحقق نتائج أفضل في كل من علاقاتنا الشخصية والمهنية.

6. تعزيز ثقتنا بأنفسنا في الحياة الشخصية والمهنية:

الثقة في قدرتنا على التواصل هي أمر ذو تأثير هام في نجاحنا المهني، ويوفِّر لك حضور برامج التدريب على التواصل الفرصةَ للتدرُّب على تقديم التغذية الراجعة، وتلقِّيها في بيئة داعمة، وتتعزز ثقتنا بأنفسنا مع تطوُّر قدرتنا على التواصل، فنصبح أكثر ثقة بقدرتنا على الإقناع، والخوض في نقاشات صعبة، والتعامل مع المواقف الحساسة بحكمة؛ والخلاصة أنَّ ثقتنا بمهارات التواصل لدينا تؤدي إلى زيادة ثقتنا بأنفسنا بشكل عام، وهذا يؤدي إلى الارتقاء بحياتنا المهنية.

كيف تختار برنامج التدريب المناسب لك ولفريقك؟

ضع في حسبانك العوامل الآتية لاختيار برنامج التدريب الملائم:

1. السمعة والمراجعات:

ابحث عن برامج التدريب ذات السمعة الطيبة، والتي حصلت على مراجعات إيجابية من مشاركين سابقين، واستفد من اقتراحات زملائك والعاملين في مجالك.

2. الخبرة والشهادات:

تأكَّد من امتلاك المدربين المشرفين على البرامج الخبرة المطلوبة، والشهادات، والوثائق التي تؤكِّد كفاءتهم في مجال التدريب على التواصل، فيجب أن يمتلك المدربون معرفة وخبرة جيدة في هذا المجال.

3. المنهاج الشامل:

راجع منهاج البرنامج التدريبي للتأكد من أنَّه يغطي مختلف مهارات وتقنيات التواصل، وابحث عن البرامج التي تتناول التواصل اللفظي وغير اللفظي، ومهارات الاستماع وحل النزاعات، ومهارات أداء العروض التقديمية، والذكاء العاطفي.

4. النهج التفاعلي والعملي في تقديم التدريب:

تتَّبع أفضل برامج التدريب على التواصل نهج التطبيق العملي، وتتيح للمشاركين ممارسة المهارات التي يتعلمونها، فابحث عن البرامج التي تتضمن لعب الأدوار، والمحاكاة، ودراسة الحالة، والتعامل مع المواقف الافتراضية.

5. التخصيص والمرونة:

يجب أن يكون برنامج التدريب ملائماً لاحتياجاتك، وأهدافك المحددة، فابحث عن البرامج التي تتسم بالتخصيص، أو التي تسمح باختيار وحدات تعلُّم معيَّنة تعالج الصعوبات التي تعاني منها على صعيد التواصل.

تُعد الممارسة المستمرة، والتطبيق العملي في الحياة الواقعية عاملاً حاسماً في تحسين مهارات التواصل؛ لذا ابحث عن الفرص التي تتيح لك تطبيق ما تعلَّمتَه خلال برنامج التدريب في حياتك اليومية.

بعض أفضل برامج التدريب على التواصل:

توجد عدة برامج تدريب على التواصل ذات سمعة طيبة، ويمكنك الخضوع لها أنت أو فريقك، بعضٌ منها مجاني، وبعضها الآخر مأجور، وتعزز هذه البرامج مهارة الخطابة، والتواصل في بيئات العمل، إليك أهم هذه البرامج:

1. برنامج ديل كارنيجي (Dale Carnegie):

تقدِّم مؤسسة ديل كارنيجي عدداً متنوعاً من الدورات التدريبية التي تركِّز على فن الخطابة، والتواصل الفعال، ومهارات القيادة، والهدف الأساسي من البرنامج هو مساعدة الأشخاص على التغلب على خوفهم من التحدُّث أمام الجمهور، وتنمية الثقة في قدرتهم على التواصل.

2. برامج مؤسسة توستماسترز إنترناشيونال (Toastmasters International):

مؤسسة توستماسترز هي مؤسسة عالمية غير ربحية تعمل على توفير بيئة داعمة، ومنظَّمة لتحسين مهارات التحدُّث أمام الجمهور، والقيادة، ويمكن للأعضاء المشاركين في برامج هذه المؤسسة التدرُّب على إلقاء الخطب، وتلقي التغذية الراجعة البنَّاءة، وممارسة التحدُّث المرتجل في أثناء الاجتماعات الدورية.

3. برنامج تيد ماستر كلاس (TED Masterclass):

يقدِّم برنانج تيد دورة تدريبية عبر الإنترنت بعنوان تيد ماستر كلاس، والتي تهدف إلى تعليم الأعضاء إعداد وإلقاء محادثات بأسلوب مؤتمرات تيد (يمكنك البحث عن مؤتمرات تيد على موقع يوتيوب (Youtube)، وتغطي الدورة تقنيات سرد القصص، وتطوير المحتوى، والحضور على المسرح بهدف مساعدة الأفراد على إتقان فن العروض التقديمية.

4. التدرُّب على التواصل من خلال برنامج كوتشينغ التواصل التنفيذي (Executive Communication Coaching):

ضع في حسبانك العمل مع كوتش تواصل تنفيذي للحصول على إرشاد مخصص، وتغذية راجعة ملائمة لاحتياجاتك، ويمكن للكوتشز أن يقدِّموا لك ولفريقك المساعدة على إعادة صياغة أسلوب التحدُّث، والتغلُّب على الصعوبات، وتعزيز مهارات التواصل في السياق المهني.

في الختام:

أصبحَت مهارات التواصل أمراً لا غنى عنه لأي شخص يريد تحقيق النجاح المهني في عصر المعلوماتية، وتحقِّق تحسُّناً هائلاً في مهارات التواصل، والعمل الجماعي، والقيادة من خلال الخضوع لبرنامج تدريب على التواصل، وتبلغ مستويات جديدة من النجاح بفضل فوائد هذا النوع من برامج التدريب على صعيد تحسين العلاقات الشخصية، وتطوير مهارات التفاوض، وتعزيز الإنتاجية.