لقد مررنا جميعاً بمشاعر القلق الناتجة عن التفكير بأنَّه يجب علينا مواجهة التصرفات السيئة من قِبل الموظفين صعبي المراس، والأمر أسوأ بكثير بالنسبة إلى قسم الموارد البشرية والتدريب؛ إذ يعتقد العديد من المديرين أنَّ حل مثل هذه المشكلات يقع على عاتق المسؤولين عن تطوير الموظفين.
يرجع هذا الأمر بصورة أساسية إلى افتقار المدير إلى المهارات والخبرة في التعامل مع الأشخاص صعبي المراس والمواقف الصعبة. ولكنَّ المدير هو بالضبط الذي يحتاج إلى تحمل المسؤولية، وبالتأكيد يوجد مواقف لا يمكن الدفاع عنها بصراحة وقد يجب اتخاذ قرار تنظيمي أكثر صرامةً، ولكنَّ هذا الأمر يحدث فقط عندما تتفاقم المشكلة وتُثبِت التدخلات الأخرى أنَّها غير مُجدية.
وفي الأساس، إنَّها مسؤولية المدير، وبالنسبة إلى أقسام التدريب، يتعلق الأمر بتوجيه المديرين ودعمهم لتطوير مهاراتهم في إدارة الأفراد.
نقدم لك فيما يأتي 6 خطوات يجب أن يتبعها المديرون للتعامل مع الأشخاص صعبي المراس:
1. التأني والتفكير:
حتى تتمكن من التقدم خطوة نحو الأمام أنت بحاجة إلى التأني؛ إذ سيحتاج المدير إلى أن يكون قادراً على تحليل الموقف بطريقة موضوعية. وتوجد صيغة فعَّالة تعبِّر عن السلوك بصورة خاصة وهي: السلوك = (الشخصية+البيئة).
فيمكن أن تكون الاختلافات في الشخصيات سبباً لحدوث الخلافات والتوتر، ويمكن أن تساعد أداة تقييم الشخصية المفيدة مثل تقييم ديسك (DISC) على تحديد صفات الشخصية الأساسية التي تؤثر في السلوك.
على سبيل المثال، قد يجد المدير الذي يُظهِر خصائص مؤثرة قوية شخصاً ما محبطاً للغاية؛ لأنَّه لم يتمكن من استيعاب مفهوم ما ويحتاج باستمرار إلى بيانات ومعلومات لتحليل القرارات. فإنَّ مجرد إدراك خصائص شخصية شخص ما يمكن أن يزيل مشاعر التوتر، أو على الأقل يخفف منه، ويساعد المدير على اتباع نهج عملي أكثر للعمل بصورة متناغمة معه.
بينما تكون شخصية الناس ثابتة نسبياً، إلا أنَّ التغيير في البيئة يمكن أن يكون عاملاً هاماً في تغيير السلوك، وتقييم الوضع الحالي من خلال منظور البيئة هو أمر فعَّال بصورة خاصة. وبالطبع، قد توجد ظروف شخصية تؤثر في السلوك في العمل، وأحياناً يوجد تغيير في بيئة مكان العمل يؤدي إلى تدهور الموقف والأداء.
على سبيل المثال، قد يكون هناك مشروع لإدارة التغيير قيد التنفيذ ولا يناسب الموظف أو يفهمه، وقد تكون المشكلة أنَّ الفريق الجديد لم يتشكل بعد؛ وهذا يجعل الفرد يشعر بعدم الأمان، وقد يكون غير قادر على التعامل مع المهام والمسؤوليات الجديدة.
2. التمعن في السلوك الذاتي:
ما يصعب على المديرين فهمه أحياناً هو أنَّ سلوكهم وموقفهم عادةً ما يحتاج إلى التكيف والتغيير. ويوضح نموذج "بيتاري بوكس" (Betari Box) كيف يؤثر موقف الفرد في سلوكه وكيف ينتقل إلى بقية أعضاء الفريق، فقد يحتاج المدير إلى درجة عالية من الوعي الذاتي لفهم شخصيته وردود أفعاله التي قد تدفع الآخرين إلى التصرف بطريقة غير مقبولة.
وبالعودة إلى النقطة السابقة، فإنَّ فهم طريقة تأثير الشخصية في الموقف والسلوك، بالإضافة إلى التغيير في البيئة، يمكن أن يكون كافياً لكسر هذه الحلقة.
3. إجراء مناقشات صعبة:
يجب إجراء هذا التحليل بسرعة لأنَّ السلوك السيئ يمكن أن يتفاقم ويصيب الآخرين، ومع ذلك، يميل معظمنا إلى تجنب إجراء المناقشات الصعبة، وتُعَدُّ هذه الاستراتيجية استراتيجية تجنُّب؛ إذ نتمنى فقط أن تختفي المشكلة وتعود الأمور إلى طبيعتها. وإنَّ التعامل مع الوضع بهذه الطريقة لن يولد الثقة أو الولاء؛ إذ يحتاج المدير إلى الالتزام الصارم بمساعدة موظفيه، وإذا كنت تهتم بمصالح موظفيك، فأنت تمتلك هدفاً شاملاً.
4. تبني ثقافة الكوتشينغ:
توجد مهارة مطلوبة للتعامل مع سلوك ومواقف الموظفين وتغييرها؛ إذ يمكن أن يؤدي وجود ثقافة كوتشينغ مناسبة إلى تعزيز قدرة المدير بصورة كبيرة على إجراء مناقشات شجاعة مع فريقه. فلن يكون لدى المدير الوقت الكافي للتفكير في سلوكه فحسب؛ وإنَّما ستساعد ثقافة الكوتشينغ على بناء علاقة فردية مبنية على الثقة والاحترام، وإذا شعر الموظفون بالاحترام والدعم والتقدير، فسيكونون أكثر استعداداً لتغيير سلوكهم.
وغالباً ما يكون الأفراد على علم بمواقفهم وسلوكاتهم، وقد يحتاجون إلى مكان آمن للتعبير عن غضبهم وإحباطهم دون الخوف من توجيه الاتهامات إليهم؛ إذ إنَّ معرفة أنَّ مناقشات الكوتشينغ خاصة وسرية، تُمكِّن المدير وأعضاء الفريق من الوصول إلى قرار مناسب للشركة ومفيد للأفراد.
5. التحدث عن المشكلة:
الشجاعة مطلوبة بالتأكيد في هذه المناقشات، وفي كثير من الأحيان يجب على المديرين مواجهة الفرد بالحقيقة الواضحة للموقف، وسيحتاجون إلى أن يكونوا على دراية كاملة بالسياسات والإجراءات ذات الصلة، بالإضافة إلى أنَّه يجب أن يكونوا ماهرين في إجراء المناقشات، وإذا تعامل المدير مع المناقشات بطريقة سيئة، فقد يؤدي ذلك إلى نتائج سيئة وتكاليف أكبر، والأسوأ من ذلك كله تأثير سلبي في الآخرين.
فإذا تمكن المديرون من التوقف قليلاً والتفكير وتحليل الموقف بطريقة موضوعية، فسيكونون أكثر قدرةً على إدارة هذه المناقشة بمهارة، ويمكنهم التركيز على معالجة المشكلة بدلاً من انتقاد الفرد.
6. المتابعة:
من غير المحتمل - إن لم يكن من المستحيل - أن يكون لمناقشة واحدة تأثير كبير في السلوك على الأمد الطويل؛ إذ سيحتاج المدير إلى إنشاء مسار عمل متفق عليه بصورة متبادلة، لكن ماذا سنفعل حيال هذا الأمر؟ وما الذي يجب فعله للمساعدة على إجراء التغييرات المطلوبة؟ وماذا عليك أن تفعل؟ ومتى سينتهي ذلك؟ ومتى سنجتمع مرةً أخرى لمناقشة التقدم؟ سيحتاج المديرون إلى التأكد من قيامهم بدورهم وأن يفي الموظفون بوعودهم.
في الختام:
إذا أظهر المدير أنَّه مستعد للعمل مع أحد الموظفين، فسينتج عن ذلك مشاعر الثقة والاحترام؛ لذا تُعَدُّ هذه الجوانب أساسيةً لتغيير السلوك وإنشاء طريقة جديدة وأفضل للعمل معاً، كما يوجد قول مأثور مفاده: "حتى تتمكن من تغيير العالم، يجب عليك أن تغير من نفسك أولاً"، فلن تشعر بصحة هذا القول ما لم تتعامل مع أشخاص صعبي المراس.