وَفقاً لتقرير "توقعات القيادة العالمية" (Global Leadership Forecast) لعام 2021، يشغل موضوع تطوير الجيل القادم من القادة بالَ 55% من المديرين التنفيذيين، وعلى الرغم من أنَّ الأساليب التقليدية للتدريب على القيادة (مثل الجلسات في الصفوف وورش العمل المخصصة للتدريب) مطلوبة جداً، إلا أنَّ جائحة فيروس كورونا (Covid-19) جعلتها غير قابلة للتطبيق في معظم المنظمات في المستقبل القريب.

تتمحور القيادة حول خوض التحدي المتمثل في تحفيز الزملاء على المضي قُدماً في مهنتهم؛ إذ يتضمن التحدي هذا توجيه الأشخاص ومساعدتهم على رؤية قيمتهم المحتملة في العمل في المستقبل؛ إذ تُعَدُّ القيادة والمجالات المرتبطة بها من أهم أولويات فِرق التعلم والتطوير (L&D) والإدارة العليا، لا سيما وأنَّ المنظمات منهمكة في الجائحة وتأثيراتها، مثل إدارة الفِرق الهجينة والفِرق الافتراضية.

يلقى التدريب على القيادة - إلى جانب تدريب إعداد الموظفين والتدريب التقني - اهتماماً كبيراً بسبب صعوبة إجرائه عبر الإنترنت؛ إذ يتطلب التدريب على القيادة التعاون والتفاعل بين الأقران والإشراف والكوتشينغ وتقديم التغذية الراجعة؛ لذا كانت معظم المنظمات تُجري التدريب على القيادة على أرض الواقع قبل انتشار الجائحة.

أضف إلى ذلك الحاجة إلى أن يكون المتدربون ملمين بالتقنيات الجديدة، لا سيما البرامج والأنظمة المختلفة التي تُستخدَم بصورة متزايدة لتسهيل جلسات التدريب الافتراضي بقيادة مدرب (VILT)، إلى جانب تطور المنصات هذه لتقديم المزيد من الميزات يومياً أحياناً.

دعنا نستكشف بعض الأفكار حول استخدام التدريب عبر الإنترنت (مع التركيز على التدريب الافتراضي بقيادة مدرب)، وذلك لضمان سير عملية التطوير القيادي دون أي انقطاع، ودون فقدان فاعلية التفاعل البشري الذي كان يميز إجراء التدريب في الصفوف.

كيف تُجري المنظمات عادةً التدريب على القيادة؟

فيما يأتي لمحة عن 3 سيناريوهات محتملة لبرامج التدريب على القيادة في المنظمات:

  1. برنامج تدريب لإعداد المديرين الجدد في المنظمة أو الذين يتسلَّمون المنصب لأول مرة.
  2. برنامج تدريب لمديري المديرين.
  3. برنامج التطوير الوظيفي للقادة الناشئين ذوي الإمكانات العالية.

على الرغم من أنَّ كلاً من تلك البرامج تلبي احتياجات مجموعات مختلفة من المتدربين، لكن لا يمكن إنكار حقيقة أنَّ التدريب على القيادة هو فن وعلم في آنٍ واحد، فهو ينطوي على الكثير من المكونات السلوكية والمهارات الناعمة، الأمر الذي يقودنا إلى السؤال الآتي.

هل التدريب عبر الإنترنت أو الافتراضي فعال؟

تنبع فاعلية التعلم عبر الإنترنت من جودة تصميمه وإعداده، مثله مثل أيَّة طريقة تعلُّم أخرى؛ إذ يمكن أن ينجح التعلم عبر الإنترنت لتطوير القيادة، ويكون في واقع الأمر طريقة أكثر فاعلية لأهداف معينة، لكن يقتضي الأمر العناية بالتصميم، وذلك بالنظر إلى نموذج وأهداف التعلم.

يتَّسم التعلم الافتراضي بالمرونة ويمكنه توفير وقت خبراء المادة (SMEs) وأي شخص آخر معني بالأمر، كما يمكن أن يكون فعالاً من نواحٍ كثيرة ولعدد كبير من المتدربين، على الرغم من أنَّ بعضهم قد يواجه صعوبة في التركيز عند التعلم من خلاله.

القدرة على التعلم في العالم الافتراضي هي مهارة مكتسَبة، ويكمن التحدي في أنَّ معظم الناس يحتاجون إلى التواصل والتفاعل مع غيرهم ليبقوا مندمجين، الأمر الذي يمكن أن يساعد فيه برنامج التعلم المدمج (blended learning).

هل يمكن أن ينجح تقديم التدريب على القيادة افتراضياً؟

بالطبع ينجح؛ إذ تؤدي التكنولوجيا دوراً محورياً في تعزيز ودعم تقديم تجربة تعليمية رائعة، وتتضمن التحديات الرئيسة مساعدة المشاركين في الحفاظ على نشاطهم واندماجهم، وتعزيز روح الجماعة والتواصل، والحفاظ على المواد والأدوات بسيطة قدر الإمكان.

توجد بعض المفاهيم الخاطئة عن تقديم التدريب افتراضياً، مثل عدم القدرة على الحفاظ على اندماج المتدربين في الجلسات الطويلة، واستحالة إنشاء علاقات والحصول على فرص للتواصل، وأنَّه أدنى منزلة من تقديم التدريب وجهاً لوجه، لكن يمكن التغلب على جميع هذه الافتراضات عبر تصميم البرنامج تصميماً متقَناً.

تصميم برنامج افتراضي ناجح للتدريب على القيادة:

على الرغم من وجود بعض الصعوبات، مثل قيود التكنولوجيا، وقصر فترات انتباه المتدربين، ونقص معلومات الميسرين، وتفاوت مستويات القدرة على استخدام الأدوات التفاعلية الرقمية، إلا أنَّ التدريب الافتراضي هو الوسيلة المقبلة في التدريب.

يقلل التدريب الافتراضي من الجهد والنفقات اللازمين للاستعانة بالخبراء في كل مرة، فاستخدم دورات التعلم الإلكتروني التي يمكن إعادة استخدامها لمجموعات مختلفة من المتدربين، وسجِّل الجلسات الافتراضية، وقدِّم مقتطفات تعمل بمنزلة قائمة جاهزة بعد انتهاء التدريب.

استخدام التدريب الافتراضي لتطوير القيادة:

1. التعلم الإلكتروني:

يمكن استخدام دورات التعلم الإلكتروني، سواء أكانت دورات مستقلة أم على شكل مناهج لتقديم المعرفة، كما يمكن أن نستهل بها جلسات التدريب الافتراضي بقيادة مدرب من خلال التطرق إلى الأطر والمفاهيم النظرية، أو نستخدمها بعد تلك الجلسات لمنح المتدربين فرصة ممارسة المهارات من خلال وحدات قائمة على السيناريوهات.

يمكن استخدام وحدات التعلم المصغَّر لـ:

  • تقديم التعلم في فترات متباعدة لتعزيز الاحتفاظ بالمعلومات.
  • استخراج مصادر التعلم التي يمكن للمتدربين الوصول إليها عند الحاجة من نظام إدارة التعلم أو البوابات الداخلية.
  • تقديم مساعدات للعمل مثل ملفات "بي دي إف" (PDF) والمخططات.
  • التحقق من تذكُّر المتدربين للمعلومات وتقييمهم على فترات دورية بأساليب مريحة لهم.

2. التدريب الافتراضي بقيادة مدرب:

أصبح التدريب الافتراضي بقيادة مدرب جزءاً لا يتجزأ من التدريب على القيادة كونه أقرب بديل للتدريب وجهاً لوجه، لكن يكمن التحدي في تصميم المواد بطريقة تحاكي الصفوف التقليدية، وتعريف المتعلمين بالتكنولوجيا المستخدَمة؛ إذ يُفضَّل لمعالجة هذا الأخير تنظيم ندوات تعريفية عبر الإنترنت ليتعرف من خلالها المتدربون إلى التقنيات المطلوبة، ومن الأفضل أيضاً تعيين مضيف أو وسيط يساعد المدرب على إدارة الجلسات.

إليك فيما يأتي بعض الإرشادات لتقديم التدريب على القيادة افتراضياً:

  • أعِد النظر في أهداف التعلم، وحدد ما يجب التطرق إليه عبر التدريب الافتراضي بقيادة مدرب.
  • حدِّد المدة المثلى لكل جلسة؛ إذ يُنصَح بإجراء جلسات تدريب افتراضي بقيادة مدرب قصيرة تتخللها فترات راحة.
  • صمِّم نشاطات تعاونية لممارسة تمرينات الصف؛ إذ يمكن استخدام الجلسات الجانبية أو الفرعية (breakouts) للسماح للمتدربين بالتعاون أو العمل في مشاريع صغيرة أو حل تمرينات في كتاب النشاطات.
  • عزِّز الألفة بين المتدربين قبل بدء الجلسة في ردهات افتراضية؛ إذ يمكن أن تجعل ذلك ممتعاً عبر مطالبة المشاركين بتقديم أنفسهم من خلال حيوانهم الأليف أو البطل الخارق المفضل لديهم.
  • قيِّم مشاركة المتدربين وعدِّل وتيرة الجلسة باستخدام فواصل، مثل استطلاعات الرأي، والدردشة، والسبورات البيضاء، والتعليقات التوضيحية.
  • شكِّل مجموعات صغيرة يمكن إدارتها للتعاون.

إنشاء برنامج التعلم المدمج للتدريب على القيادة:

يمكن أن يساعدك استخدام مزيج من أساليب التعلم عبر الإنترنت على بناء إطار تعلُّم مدمَج فعال للتدريب على القيادة، وإليك خارطة طريق افتراضية يمكنك تجربتها:

  1. استخدام التدريب الافتراضي بقيادة مدرب لإجراء التمرينات الجماعية أو المناقشات أو تقديم المنتورينغ الفردي.
  2. استخدام ورش العمل الافتراضية لبناء المهارات.
  3. استخدام التعلم الإلكتروني بهدف التعلم الذاتي، والسيناريوهات المتفرعة لحل المشكلات، ودراسات الحالة لحل الخلافات.
  4. استخدام المنتديات على الإنترنت لتقديم الكوتشينغ الفردي.
  5. الاستفادة من التدوينات الصوتية لخبراء وقادة الفكر.
  6. لا تلغِ البرامج أو الاختبارات التجريبية، لا سيما في دورات التدريب الافتراضي بقيادة مدرب

5 نصائح لتصميم برامج افتراضية فعالة للتدريب على القيادة:

1. لا تلغِ البرامج أو الاختبارات التجريبية:

لا سيما في دورات التدريب الافتراضي بقيادة مدرب. استعن بخبراء المادة، وتعاون مع الخبراء عند تصميم وتطوير مواد التدريب الافتراضي بقيادة مدرب، ودرِّب المدربين على القيام بعملهم عبر وسيط مختلف وباستخدام تقنية جديدة.

2. استفِد من نموذج التعلم المدمج:

إذ يسبق التدريب الإلكتروني جلسات التدريب الافتراضي بقيادة مدرب أو جلسات الكوتشينغ الفردية ويتبعها. يمكن استخدام التعلم الإلكتروني للدراسة الذاتية واستخدام التعلم المصغَّر لممارسة ما تعلَّمه المتدربون.

3. كرِّر المعلومات على فترات متباعدة:

يمكن إتاحة فرص لممارسة التعلم على مدار أسابيع لتجنب تأثير منحنى النسيان، ولتعزيز الشعور بالانتماء والتواصل والاستمرارية؛ إذ يمكن تنظيم تلك الفرص وفرص تقديم المنتورينغ افتراضياً في المنتديات عبر الإنترنت، أو جدولتها في اجتماعات تتكون من مجموعات صغيرة برفقة ميسر.

4. نظِّم ندوات عبر الإنترنت لتغطية الموضوعات الشائعة والواضحة التي تحتاج إلى كثير من التعاون:

يساعد ذلك على نشر المعرفة بصورة أسرع وأكثر اتساقاً، كما أنَّها طريقة رائعة لتخفيض التكاليف والشؤون المرتبطة بالتدريب في الصفوف الدراسية.

5. استخدِم مقاطع الفيديو:

الفيديوهات طريقة رائعة لتقديم التعلم عند الطلب، سواء أكان الهدف منها مشاركة المديرين المتمرسين لنصائحهم وقصص نجاحهم، أم تسجيل الدروس التي يقدِّمها المدربون.

في الختام:

لا وجود لحل معين يناسب الجميع؛ لذا أنشئ برنامج تدريب افتراضي يناسب شريحة المتدربين والأهداف التنظيمية، ولا تطوِّر المحتوى وحدك؛ بل تفاعَل مع قادة الأعمال وخبراء المادة من داخل المنظمة، واجعل التدريب متنوعاً (أي يضم متدربين ومحتوى متنوعاً) وممتعاً، واستمر في الترويج له لتحصل على دعم كبار القادة، وانشر التدريب الناجح، وحدِّد بوضوح ما يجب وما لا يجب القيام به في المنصات الافتراضية.