تُدرك المنظمات أهمية برامج التدريب المُخصَّصة وفق احتياجات الموظفين في تعزيز النمو، والقدرة على المنافسة في السوق، وتطوير إمكانات القوى العاملة، ولكنَّ إنشاء مبادرات التدريب المؤثرة هو الخطوة الأولى فحسب، ويجب الاهتمام بإجراءات التقييم لتقدير فاعلية هذه البرامج وتحسينها باستمرار.
تُكوِّن المؤسسات من خلال جمع البيانات وتحليلها تحليلاً منهجياً فكرةً عن نقاط القوة والضعف في مبادرات التدريب والجوانب التي تتطلب التحسين. يَبحث المقال في الجوانب الهامَّة لتقييم برامج التدريب ودور تحليلات التعلم في توجيه المنظمات نحو النجاح.
تقييم برامج التدريب
تقييم برامج التدريب هو عملية منهجية تتضمن جمع البيانات وتحليلها لتقييم تأثير مبادرات التدريب وفاعليتها، فهو لا يقتصر على تقييم رِضا المشاركين؛ بل يَفحص الجوانب المختلفة من البرنامج لتقديم تقييم شامل. تتيح عملية التقييم لأصحاب القرار إمكانية تعديل استراتيجياتهم، وإجراء التحسينات بناءً على نتائج تحليل البيانات، وتعزيز فاعلية تجربة التعلم.
مقاييس التقييم الرئيسة
تنظر المؤسسات في 5 مقاييس رئيسة لإجراء تقييم شامل لبرامج التدريب:
1. رضا المتدربين
تُجمَع التغذية الراجعة من المشاركين في التدريب من خلال إجراء الاستطلاعات أو المقابلات، وذلك لتقييم رضاهم عن البرنامج ومحتوى الدورة وطرائق التدريس. وتفيد وجهات نظر المتدربين في تحديد الجوانب التي تتطلب التحسين أو التعديل.
2. نتائج التعلم
تُقدَّر فعالية برامج التدريب من خلال تقييم مدى تحقيق المشاركين لنتائج التعلم المطلوبة؛ إذ يقيس تقييم المعرفة، والمهارات، والكفاءات التي يكتسبها المتدربون مدى نجاح مبادرات التدريب.
3. تطبيق المهارات
يُتحقَّق من النتائج العملية للتدريب من خلال تقييم قدرة المشاركين على تطبيق المعلومات والمهارات التي اكتسبوها في مواقف الحياة الواقعية، فيُستخدَم هذا المقياس لتقدير تأثير مبادرات التدريب في الأداء الفردي والتنظيمي.
4. تحسين الأداء
يساعد تتبع التغييرات في أداء الأفراد والفِرَق بعد التدريب على قياس تأثير البرامج في الإنتاجية والكفاءة ونتائج العمل، وتُقدَّر فعالية البرامج في تحقيق النتائج العملية المرجوة من خلال مقارنة بيانات أداء الموظفين قبل التدريب وبعده.
5. العائد على الاستثمار (ROI)
يُحسَب العائد على الاستثمار من خلال مقارنة تكاليف برامج التدريب مع العوائد المالية الناجمة عنها، فهو يقدِّر قيمة برامج التدريب، ويُقنِع أصحاب القرار بالاستثمار في هذه المبادرات مستقبلاً.
الاستفادة من تحليلات التعلم
تستفيد المؤسسات من تحليلات التعلم في تبسيط عملية التقييم والتوصل إلى أفكار قابلة للتطبيق؛ فتتضمن تحليلات التعلم جمع بيانات التدريب، وتحليلها، وتفسيرها، واستخدام النتائج في عمليات اتخاذ القرار.
تحصل المؤسسات، من خلال استخدام تحليلات التعلم في عملية التقييم، على أفكار فورية حول تقدُّم المتدربين واندماجهم وفجواتهم المعرفية وما يفضلونه، مما يمكِّنهم من التدخل في الوقت المناسب وإجراء التحسينات. وفيما يأتي 5 طرائق للاستفادة من تحليلات التعلم في تقييم برامج التدريب:
1. مراقبة تقدم المتدربين
تحدِّد المؤسسات من خلال تتبع تقدُّم الموظفين أفراداً وفِرَقاً في برامج التدريب الجوانب الإيجابية وتلك التي تتطلب دعماً إضافياً، وتحدِّد هذه المعلومات المتدربين الذين قد يواجهون صعوبات ويحتاجون إلى مزيد من الاهتمام أو مصادر التعلُّم.
2. تحديد الفجوات المعرفية
يتيح تحليل نتائج التقييم وبيانات أداء المتدربين للمؤسسات تحديد الجوانب التي يحتاج المشاركون إلى فهمها أو يواجهون صعوبات فيها، ويمكن الاستفادة من هذه المعلومات في تحسين مبادرات التدريب مستقبلاً.
3. تخصيص تجارب التعلم
تقدم تحليلات التعلُّم أفكاراً حول ما يفضله المتدربون، وأساليب تعلُّمهم، وأنماط اندماجهم؛ إذ تستخدم المؤسسات هذه المعلومات لتعديل برامج التدريب وتخصيص تجربة التعلُّم لتلبية احتياجات الأفراد، وزيادة الاندماج، وتذكُّر المعلومات.
4. قياس الاندماج
يمكن لتحليلات التعلم تقييم مستويات تفاعل المتدربين مع مواد التدريب والعناصر التفاعلية والنشاطات التعاونية، ويمكن للمؤسسات تحسين طريقة تقديم المحتوى وتصميمه لتعزيز اندماج المتدربين ومشاركتهم من خلال فهم الجوانب التي يجدونها مثيرة للاهتمام في التدريب.
5. تحسين تصميم البرنامج
يُستفاد من بيانات أنماط التفاعل والتغذية الراجعة في اتخاذ قرارات تحسين استراتيجيات تصميم البرنامج وأساليب تقديم المحتوى، ومن خلال تحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسينات، تعزز المؤسسات الفعالية الشاملة لبرامجها التدريبية.
في الختام
يُعد تقييم فاعلية برامج التدريب في ظل التغييرات التي يشهدها مجال التدريب والتطوير أمراً بالغ الأهمية؛ وبالتالي تعزز المؤسسات أداء الموظفين وتحسِّن المبادرات وتحقق النمو المستدام من خلال تقييم مبادرات التدريب والاستفادة من تحليلات التعلُّم.
تستفيد المؤسسات من البيانات التي تحصل عليها من عملية التقييم في اتخاذ مزيدٍ من القرارات المدروسة، وتقدير تأثير مبادراتها التدريبية، وإحداث التغيير المطلوب. ومن خلال القياس والتحسين المستمر لبرامج التدريب، تستطيع المؤسسات البقاء في مقدمة المنافسة، وضمان نجاح جهودها في تطوير القوى العاملة.
