يشهد العالم تغيرات وتحولات متسارعة أكثر من أي وقت مضى استجابةً للتطورات التكنولوجية والتغيرات المستمرة في احتياجات وخيارات العملاء المفضلة، فيجب أن تتأقلم المؤسسات مع هذه التغييرات وتواكب التطورات حتى تنمو وتنجح وتنافس في السوق؛ إذ تركِّز فِرَق "التعلم والتطوير" (L&D) عالية الأداء في الوقت الحالي على تصميم برامج مخصصة لتحسين مهارات الموظفين وإعادة تأهيلهم وتزويدهم بالخبرات والمهارات اللازمة لمواكبة التغييرات الجارية في العالم عن طريق الاستفادة من حلول التعلم والتدريب المتوفرة عبر الإنترنت.

هنا يبرز التساؤل الآتي "هل تنجح التدريبات في تحقيق الأهداف المطلوبة؟ وهل تستحق فعلاً المال والوقت والجهد المبذولين؟"؛ إذ تهدف برامج تنمية المهارات وإعادة التأهيل إلى تحسين أداء الموظف بغية زيادة أرباح الشركة في نهاية المطاف.

5 طرق لتقييم فعالية التدريب:

فيما يأتي 5 طرائق لتقييم فاعلية التدريب:

أولاً: استخدام تقنيات التقييم في برامج التدريب الإلكتروني

التقييمات جزء أساسي لا غنى عنه في برامج التدريب؛ إذ يتسنى للمدرِّب أن يقيِّم مستوى مشاركة المتدربين بسهولة عندما يجري التدريب على أرض الواقع عن طريق طرح الأسئلة أو تنظيم النشاطات الجماعية، واتخاذ التدابير اللازمة بناءً على نتائج التقييم، وتشمل هذه التدابير تغيير سرعة الشرح وتوضيح الأفكار التي لم يفهمها المتدربون والإجابة عن استفساراتهم وتساؤلاتهم ضمن الجلسة.

تزداد صعوبة إجراء التقييمات في حالة التدريب عبر الإنترنت دون مدرب كما في حالة التعلم المصغر والإلكتروني على سبيل المثال، فإجراء التقييمات ضروري من أجل تقدير مدى فهم المتدربين لمحتوى التدريب، وهو يُعَدُّ مؤشراً دامغاً على نجاح برامج التدريب عبر الإنترنت، فإذا واجه القسم الأعظمي من المتدربين صعوبة في اجتياز اختبار التقييم النهائي، عندئذٍ يجب إعادة النظر في تعقيد وصعوبة محتوى التدريب والعمل على تبسيطه.

يمكنك من ناحية أخرى أن تدرس إمكانية إضافة بعض الأسئلة الصعبة لتحفيز قدرات التفكير النقدي عند المتدربين، وذلك في حال أكمل القسم الأعظمي منهم اختبارات التقييم قبل انتهاء الوقت المحدد وحصلوا على درجات عالية.

فيما يأتي 3 نماذج مختلفة للتدريب عبر الإنترنت مُرفَقة بمجموعة متنوعة من طرائق التقييم الممتعة:

1. التدريب الافتراضي بقيادة مدرِّب (VILT):

تُعَدُّ استطلاعات الرأي والاختبارات السريعة من الطرائق الفعالة لتقييم مدى فهم المتدربين لمحتوى التدريب في هذه الحالة، كما يمكن تطبيق بعض النشاطات والتمرينات بعد تجزئة المتدربين إلى مجموعات صغيرة من أجل تقييم نتائج التدريب وفاعليته في تحقيق الأهداف الرئيسة المطلوبة، وقد يقوم المدرب بتوزيع أوراق عمل بعد إنهاء كل وحدة تدريب لاختبار استيعاب المشاركين.

2. التعلم الإلكتروني (eLearning):

قد تتضمن وحدات التعلم الإلكتروني تقييمات تكوينية وشاملة تساعد على تحديد مدى فاعلية التدريب، وتشمل التمرينات المستخدَمة في مثل هذه الحالة أسئلة ملء الفراغات، والخيارات المتعددة، والوصل، والسحب والإفلات، وهي تهدف بشكل رئيس إلى جمع أجوبة المتدربين واستخدامها في تقييم وحدات التدريب.

3. "التعلم المصغر" (Microlearning):

يُعَدُّ "التعلم المصغر" من أكثر نماذج التدريب الشائعة عبر الإنترنت في الوقت الحالي، فيمكن استخدام الاختبارات، والألعاب، والتطبيقات العملية الافتراضية في تقييم مدى فهم المتدربين لمحتوى التدريب.

ثانياً: اختبار قدرة المتدربين على تطبيق محتوى التدريب في مكان العمل

تقتضي هذه الطريقة مراقبة أداء الموظفين في مكان العمل لتقييم مدى نجاح التدريب الإلكتروني في نقل المعلومات المطلوبة أو تلقين المهارات اللازمة.

تساعدك الأسئلة الآتية على تقدير فاعلية التدريب "هل أصبح الموظف قادراً على التعامل مع التحديات اليومية وإنجاز المهام المطلوبة منه بمفرده، أم ما زال بحاجة إلى تلقِّي المساعدة؟ وهل ازدادت إنتاجية الموظف وجودة عمله؟"، فقد يقدِّم المشرفون معلومات قيِّمة عن مستوى أداء الموظف في العمل، وهو ما يساعد على تقييم مدى فاعلية برامج التدريب في هذه الحالة.

تنجح تدريبات مهارات التفاوض على سبيل المثال عندما تزداد قدرة موظفي المبيعات على إتمام الصفقات وإجراء عمليات البيع بسرعة وسهولة أكبر، إضافة إلى تمكين فِرَق خدمة العملاء من حل المشكلات بفاعلية أكبر دون تصعيدها.

تساعدك ملاحظة هذه النتائج والبيانات على مجموعة المتدربين على تقييم فاعلية برامج التدريب الإلكتروني، كما يمكن الاستفادة من العوامل الأخرى مثل الروح المعنوية للفريق ودعم المدير من أجل إصدار الحكم النهائي على التدريب.

ثالثاً: الاستفادة من علم "تحليلاتية التعلم " (Learning Analytics)

أصبحت "أنظمة إدارة التعلم" (LMS) مطلباً ضرورياً في برامج التدريب عبر الإنترنت، فهي تساعد المؤسسة على إجراء التدريبات، وإدارتها، وتقديمها، ومراقبة سير عملياتها في جميع نماذج وبيئات التدريب سواء كانت تجري بقيادة مدرب، أم باستخدام التعلم الإلكتروني أو المصغر، أم مقاطع الفيديو، وما إلى ذلك.

تدعم "أنظمة إدارة التعلم" ميزة "تحليلاتية التعلم" التي تقدِّم تقارير مفصلة تساعد على تقييم مدى فاعلية برامج التدريب عبر الإنترنت، فقد تحصل من خلال "نظام إدارة التعلم" على التقارير التي تحتاج إليها لمتابعة تقدُّم المتدربين في كل تدريب على حدة، والاطلاع على معدلات إكمال الدورات التدريبية.

تزوِّدك هذه التقارير بمعلومات مفصلة عن سلوكات المتدرب، كما أنَّها تساعدك على تحديد الإجراءات اللازمة لتحسين برامج التدريب، فإذا لاحظت على سبيل المثال أنَّ الأغلبية العظمى من المتدربين يواجهون صعوبة في فهم جزئية معيَّنة من محتوى التدريب، عندئذٍ يُفضَّل أن تعيد النظر في هذه الجزئية وتقيِّم درجة تعقيدها، وتتخذ الإجراءات اللازمة بناءً على ذلك، وتشمل هذه الإجراءات تبسيط الجزئية عن طريق استخدام الرسومات أو مقاطع الفيديو التوضيحية على سبيل المثال.

رابعاً: الحصول على تغذية راجعة من المتدربين

يتم ذلك عن طريق طلب رأي المشاركين ببرنامج التدريب؛ إذ تهدف برامج التدريب بشكل رئيس إلى تحقيق أهداف المتدربين وتلبية احتياجاتهم، وأحياناً يعجز مصمم برنامج التدريب عن فهم احتياجات ومتطلبات المتدربين خلال مراحل الإعداد والتطوير، لهذا السبب يجب الحصول على تغذية راجعة توضح رأيهم الصريح ببرامج التدريب واستخدام البيانات الناتجة في عمليات التصميم والتطوير المقبلة.

قد تساعدك ميزات "تحليلالية التعلم" على جمع البيانات المتعلقة بمستوى رضى الموظفين عن برامج التدريب، والحصول على تقارير تبيِّن معدلات إكمال التدريبات، وعدد المشاركين في دورة تدريبية معيَّنة، إضافة إلى عدد المتدربين المنسحبين قبل إنهاء التدريب، وتساعدك هذه البيانات على تقييم برامج التدريب عبر الإنترنت وإجراء التعديلات اللازمة عليها.

في حال بيَّنت نتائج تحليل البيانات أنَّ معظم المتدربين ينسحبون قبل نهاية البرنامج، عندئذٍ يجب عليك أن تحاول إضافة مزيد من التمرينات والنشاطات التفاعلية للحفاظ على مشاركة واندماج المتدربين.

يمكنك من ناحية أخرى أن تجري استبيانات أو استطلاعات للرأي أو مقابلات مع المتدربين لتكوين فكرة واضحة عن رأيهم ببرنامج التدريب، وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية عامل رضى الموظفين في تقييم مدى نجاح برنامج التدريب.

خامساً: حساب "العائد على الاستثمار في التدريب" (Training ROI)

تقتضي الخطوة الأولى لتصميم وإعداد برامج التدريب تقدير قيمة "العائد على الاستثمار في التدريب"؛ إذ يُعَدُّ "العائد على الاستثمار" عاملاً أساسياً لتقييم مدى فاعلية التدريب ونجاح عمليات استثمار الوقت والجهد والمال في تحقيق الأهداف المطلوبة والمساهمة في زيادة عائدات المؤسسة.

يتم تقييم نجاح برنامج التدريب عبر الإنترنت عن طريق مقارنة التكاليف مع نتائج التدريب؛ إذ يُعَدُّ التدريب ناجحاً في حال تجاوزت الفوائد الناجمة عن إجرائه تكاليف التصميم والإعداد والموارد الأخرى، أما في حال تجاوزت تكاليف التصميم والإعداد الفوائد الناجمة عن التدريب، عندئذٍ يمكنك أن تتخذ الإجراءات الآتية:

  • التحقق من أهداف المؤسسة.
  • تحديد نقاط الضعف في الأداء.
  • التوفيق بين أهداف كل من المؤسسة وبرامج التدريب للتغلب على نقاط الضعف في الأداء.

في الختام:

أصبحت برامج تنمية المهارات وإعادة تأهيل الموظفين مطلباً ضرورياً في العصر الحديث، وهي تحتل المرتبة الثالثة بين برامج التعلم والتطوير الرئيسة في عام 2023 وفقاً "لتقرير التعلم في مكان العمل" (Workplace Learning Report) المنشور في منصة "لينكد إن ليرنينج" (LinkedIn Learning) في عام 2023.

تقتضي المرحلة النهائية لبرامج التدريب المتكاملة تقييم النتائج، وهي لا تقل أهمية عن استخدام مقاطع الفيديو، والجولات الافتراضية، وورشات العمل، والتعلم المصغر، والألعاب، وغيرها من التقنيات التي تستقطب اهتمام المتدربين وتزيد من تفاعلهم خلال تطبيق البرنامج.

باختصار، يجب تقييم أداء المتدربين من جهة والحرص على تصميم برامج تدريب تهدف إلى تلقين المهارات المناسبة بالطريقة المناسبة من جهة أخرى.