يُعَدُّ التدريب في الشركات أمراً هاماً للحفاظ على ثقافة تنظيمية متماسكة وتحسين الرضى الوظيفي وضمان حصول الفِرق على الأدوات التي يحتاجونها لأداء عملهم، لكن يعتمد الأمر على التوازن؛ إذ يستغرق تقديم دورات تدريب عالية الجودة وقتاً، ويتطلب كثيراً من المال، ولكنَّ إجبار الموظفين على الجلوس لساعات لتلقِّي تدريب سيئ قد يكلفك سريعاً سنوات من رأس المال الاجتماعي الذي اكتسبته بشق الأنفس.

المدربون المحتملون دائمو الانشغال أصلاً، بحيث يجدون من الأسهل عليهم إنشاء مجموعة شرائح سريعة، والتأكد من أنَّ الجميع حضَر العرض التقديمي والانتهاء من الأمر، ولكنَّ هذا النهج لا يحل المشكلات الحقيقية في التعلم أو الأداء، فقد لا يولي الموظفون اهتماماً كبيراً لشرائح العرض الثابتة والمليئة بالنصوص، أو الأسوأ من ذلك أنَّهم قد لا يخصصون وقتاً للتدريب على الإطلاق.

لا يعني ذلك أنَّ المتدربين لا يريدون التعلم أو أنَّهم لا يتحملون المسؤولية الكافية لإكمال التدريب في مكان العمل، فعندما يتعلق الأمر بأخذ التدريب، توجد صعوبات كثيرة تتجاوز الدورات نفسها، فالعثور على وقت في يوم تكثر فيه الانشغالات أصلاً للاجتماع في غرفة أو (الآن أكثر من أي وقت مضى) قضاء ساعة في تصفح الشرائح عبر الإنترنت أمر صعب بالتأكيد.

5 أمور يتمنى المتدربون أن يعرفها المديرون حول تصميم التدريب:

يرغب الموظفون في الحصول على المعلومات ذات قيمة وجذابة وقابلة للتطبيق وسهلة الاستخدام؛ لذا يجب على محترفي التدريب تحمُّل مسؤولية جعل المواد في متناول متدربيهم، وإليك فيما يأتي بعض الأمور التي تتمناها القوى العاملة في التدريب، إذا خصصت ما يكفي من الوقت لتسألهم عنها:

1. تجنُّب تقديم معلومات يعرفها المتدربون بالفعل:

لا أحد يستفيد من التدريب إذا قدَّمت معلومات يعرفها الموظفون مسبقاً؛ لأنَّه مضيعة للوقت والمصادر ذات القيمة التي يمكن توظيفها في مجال آخر، فضع في الحسبان قيمة أيَّة دورة قبل دعوة المشاركين للحضور، عبر طرح الأسئلة الآتية:

  • هل هذه الدورة ضرورية؟
  • ما هي الأهداف الحقيقية منها؟
  • كيف يمكنني تخصيص هذه المعلومات للمتدربين حتى يكتسبوا قيمة حقيقية منها؟

إن أمكن، يجب أن تكون سياسات التدريب مرنة بما يكفي للسماح للموظفين بإظهار معرفتهم حول الموضوعات الهامة بطرائق أخرى، كي يتمكنوا من العودة إلى عملهم بسرعة.

أما إذا كان من الضروري عقد اجتماع آخر حول أمر علَّمته بالفعل، فجرب أن تطلب من أعضاء الفريق المتميزين قيادته، الأمر الذي يساعد على تطويرهم، ويُغني الاجتماع بوجهات نظر جديدة، ويُظهر لهم أنَّك تقدِّر خبراتهم.

2. إيلاء الاهتمام الكامل للمتدربين:

يؤدي الاندماج إلى إصغاء المتدربين إليك خلال التدريب، بدلاً من الشعور بالملل؛ إذ لن يلفت انتباههم الجلوس في غرفة اجتماعات مظلمة أو التحديق في شاشة حاسوب مليئة بالنصوص.

تتمثل إحدى أفضل الطرائق لإضافة قيمة إلى دورات التدريب التي تقدِّمها في زيادة الاندماج فيها، فيجب على المدربين طلب مشاركة المتدربين، وإخبار القصص الشيقة، ودعوتهم لاستكشاف الموضوعات، واستخدام الأسئلة المفتوحة، وحتى ممارسة الألعاب، ويمكنهم استخدام جميع هذه الأساليب لتقديم المعلومات الهامة بطريقة ممتعة.

يتطلب هذا النهج كثيراً من العمل، ولكنَّه ضروري لإنشاء بيئة يتعلم فيها المتدربون معلومات ذات قيمة بالفعل؛ إذ سيتذكر المتدربون الذين شاركوا في الدورة مزيداً من المعلومات لفترة أطول، وسيكونون قادرين على تطبيق المعلومات عند الحاجة.

إذا كنت تعاني من ضيق الوقت، فتوجد دورات تدريبية عدة مُعَدَّة مسبقاً لتشتريها، أو يمكنك الحصول على دورة تدريب طُوِّرت خصيصاً لتلبية احتياجاتك، فقد يستحق الاستثمار الذي تضعه من البداية في الدورات العناء، لتتمكن من إدماج القوى العاملة لديك في تعلُّم مهارات ومعلومات جديدة.

3. تجنُّب استخدام كلمة "تدريب" لوصف ما تقدِّمه:

يعلم الجميع أنَّ التدريب ممل، فحتى لو عززت جاذبية دوراتك، إلا أنَّ مجرد دعوة الناس إلى أي نوع من "التدريب" قد يؤدي إلى فقدان اهتمامهم به، وذلك قبل أن يحظى المدرب بفرصة كسر أي جمود.

لذا، اتبع نهجاً مختلفاً وتجنب استخدام كلمة "تدريب"؛ بل اختر مصطلحاً وصفياً أكثر لنهجك التفاعلي الذي طورته، فدعوة المتدربين للمشاركة في "ورشة عمل" أو "تمرين تعليمي" أكثر إغراءً من المشاركة في "تدريب".

جرب تقسيم المحتوى؛ إذ يتمثل أحد التوجهات الذي يساعد على إثارة اهتمام المتدربين دائماً بتقسيم المعلومات إلى أجزاء أصغر، بحيث لا يقضي معظم الموظفين أكثر من 20 دقيقة في المشاركة في محتوى التعلم، لذلك قسِّم التدريب المطلوب إلى دورات قصيرة، وهي ممارسة تُعرَف باسم "التعلم المصغر" (microlearning).

الأفضل من ذلك هو تحويل هذا التدريب إلى لعبة تعليمية، الذي يُعَدُّ طريقة فعالة للحفاظ على تركيز انتباه المتدربين على المهمة المطروحة، فقد يؤدي استخدام ألواحٍ تعرض أسماء المميزين أو المكافآت التنافسية إلى تحفيز المتدربين على الاستمرار في التفاعل.

4. إظهار صلة التدريب بالعمل:

احرص على أن يعرف المتدربون كيفية تطبيق ما تعلموه بعد انتهاء التدريب؛ إذ يتساءل المتدربون عن كيفية استخدام المعلومات في العالم الحقيقي، وتركز دورات تدريبية عدة على تقديم المعلومات في أسرع وقت ممكن، فاستثمار الوقت بحكمة أمر هام بالطبع، ولكنَّ الأهم من ذلك هو توضيح فائدة التدريب للمتدربين.

يجب أن يركز التدريب المتقَن على تغيير سلوك المتدربين، فبدلاً من تقديم الحقائق، أظهر لهم حلولاً بديلة وتأثيرها، وبدلاً من تقديم مواقف افتراضية، دعهم يجربون بأنفسهم الإنشاء أو التقييم أو التواصل، أو أي هدف تحاول تعليمه؛ إذ يُظهِر تمثيل مواقف واقعية في العمل للموظفين أنَّ التدريب ينطبق على عملهم.

5. إدراك أنَّ التعلم عبر الإنترنت قد لا يناسب جميع المتعلمين:

لقد تغير عالمنا كثيراً، فحتى في الوقت الذي يتكيف فيه مكان العمل الحقيقي مع واقع ما بعد الجائحة، ستظل الدورات التدريبية عبر الإنترنت أداة هامة للوصول إلى أفراد الفريق عن بُعد، وربط المكاتب المتعددة للشركة ببعضها، وتوفير التدريب بوتيرة تناسب أي شخص، لكن من الهام أن تتذكر أنَّ الأدوات الجديدة تترافق مع تحديات جديدة.

على الرغم من أنَّ بعض المتدربين سيتكيفون تكيُّفاً طبيعياً مع بيئة العمل عبر الإنترنت، لكن لن ينجح الجميع فيها، فلن يتمكن بعض الموظفين من الوصول إلى التقنيات التي يحتاجونها للمشاركة الدورات عبر الإنترنت، كما قد يواجه بعض الموظفين عن بُعد صعوبة في تخصيص وقت للتدريب في ظل واجباتهم اليومية والمشتتات الأخرى، إلى جانب أنَّ تقديم المعلومات على الشاشة دون وجود ميسِّر لفهمها قد يُربك المتدربين.

لذا من الهام التعامل مع المتدربين بتعاطف وشيء من التسامح والمرونة، وساعدهم على فهم سبب أهمية دورة معينة، سواء بالنسبة إليهم أم للنجاح في مكان العمل، ثم ثق بأنَّهم سيرتقون إلى مستوى توقعاتك، وستسعدك النتيجة.

في الختام:

يُحدِث تصميم الدورات التدريبية وفق احتياجات الموظفين في المقام الأول فرقاً كبيراً في الطريقة التي يتلقون بها التعلم وفي نتائجه وتأثيره في العمل؛ لذا خصص بعض الوقت للتفكير في سبب أهمية التدريب، وكيف ينطبق على المتدربين تحديداً، وكيف يعزز تفاعلهم وقدرتهم على الوصول إليه، فعندما يعلم المتدربون أنَّك بذلت مجهوداً إضافياً، فسيردُّون لك الجميل غالباً عبر بذل جهد إضافي في التعلم أيضاً.