التحدث أمام العامة هو بمنزلة تجربة مصممة خصيصاً لتوجيه الجمهور نحو استنتاج أو قرار معيَّن، وإنَّ سرد القصص هو الطريقة المثالية لتقديم تجربة مميزة للجمهور.

يعتمد الإنسان على سرد القصص في نقل المعلومات، ومشاركة الأفكار، وطرح وجهات النظر في حياته اليومية؛ إذ يُعَدُّ سرد القصص طريقة فعالة للتواصل مع الجمهور المستهدف وبناء صلة إنسانية معه، ويمكن تفسير فاعلية هذه الطريقة بميل الإنسان بالفطرة للتجاوب مع القصص، والاحتفاء بالأعمال البطولية، والمغامرات، والمفاجآت والنهايات السعيدة.

5 أركان أساسية للقصص الملهمة:

تنجح القصة في التأثير بالمتلقي عندما تراعي 5 عوامل أساسية وهي الترابط المنطقي، والتشويق، والواقعية، وإثارة العواطف الإنسانية، وتقديم الحكمة، وفيما يأتي 5 أركان أساسية للقصص الملهمة:

1. بطل القصة:

تدور القصص والروايات حول أبطالها سواء كانت حقيقية أم تخيُّلية، وأحياناً تكون أنت محور القصة، أو ربما يكون البطل أحد معارفك أو شخصاً قدَّم لك المساعدة، وقد يكون البطل شخصية معروفة أو إنساناً لا يمتُّ لعالم الشهرة والأضواء بِصلة.

تُصوِّر أبرز القصص أشخاصاً عاديين يمثلون شريحة الجمهور، ويجسدون معاناتهم ونجاحاتهم، وتحكي هذه القصص عن أشخاص ملهمين نجحوا في تحقيق النجاح والتغلب على الصعوبات والأزمات التي اعترضتهم في بداية الطريق، وتُصوِّر القصص الملهمة أيضاً تجارب رجال الأعمال والنقلة النوعية من الفقر إلى الثراء الفاحش.

يُنصَح باستخدام القصص البطولية لإضفاء عنصر الحماسة على العروض التقديمية والخطابات؛ إذ يتفاعل الجمهور مع هذه القصص ويبحثون عن الصلة التي تربطهم مع أبطالها.

2. التشويق:

تنجح القصص في الحفاظ على انتباه الجمهور واهتمامه عند توفُّر عنصر التشويق والإثارة؛ لذا يُنصَح بتصعيد الأحداث في بداية القصة؛ وذلك لأنَّ الافتتاحيات المشوقة تأسر انتباه الحاضرين منذ اللحظة الأولى.

يجب أن تحرص على إعداد افتتاحية مشوقة تأسر انتباه الجمهور وتشجعهم على متابعة تسلسل الأحداث؛ إذ تتناوب فترات الصعود والهبوط في سير أحداث القصة، وقد تكون نهايتها مفتوحة أو محددة.

قد توضح نهاية القصة كيف تغلَّب البطل على العوائق والمشكلات وتضع حداً للصراع الدائر، أو قد تكون نهايتها مفتوحة وتترك القرار للمتلقي؛ إذ تحفز النهايات المشوقة تفكير الحضور وتتيح لهم فرصة إكمال القصة بأنفسهم، وتأليف خاتمة تليق بها من وجهة نظرهم.

3. القصص الفرعية:

قد يعمد الراوي في أثناء سرد القصص إلى ذكر قصة فرعية لشرح خلفية حدث ما في القصة الأساسية لكي تصبح مترابطة منطقياً ويفهم المتلقي تسلسل الأحداث، وتُستخدَم هذه التقنية عند التحدث أمام العامة من أجل إضفاء حس الدعابة على العرض التقديمي أو الخطاب.

أحياناً تكون المواد والموضوعات المطروحة معقدة أو مملة، وعندها يجب عليك أن تخفف من حدة التوتر وتلطف الأجواء في القاعة لكي تحافظ على انتباه الحاضرين عن طريق سرد قصة طريفة تتعلق بالموضوع المطروح، وتساعد على تخفيف الضغط الواقع على عاتق الحاضرين.

تتيح لك القصص الفرعية من ناحية أخرى إمكانية التوسع في شرح المغزى والمعنى المقصود عن طريق مشاركة مزيد من المعلومات الإضافية المتعلقة بالموضوع.

4. الافتتاحية القوية:

يتجاوب الجمهور مع القصة عندما تبدأ في ذروة الأزمة، ثم تعود بالأحداث إلى الماضي وتشرح خلفية الصراع وتصاعد الأحداث وصولاً إلى الأزمة، وهذه الطريقة شائعة في الأفلام والعروض التلفزيونية؛ وذلك لأنَّها مشوقة وتأسر انتباه المشاهدين من اللحظة الأولى.

يندمج الجمهور مع القصة عندما يكون تصاعد الأحداث في أوجه في بدايتها، وتأسر الافتتاحيات المشوقة انتباه الحاضرين منذ اللحظة الأولى وتشجعهم على متابعة سير الأحداث معك، لذلك يجب أن تقدِّم لهم ما يكفي من المعلومات لإثارة فضولهم واهتمامهم بالقصة دون أن تعطيهم فكرة عن نهايتها حتى لا يفقدوا حماستهم.

5. عنصر المفاجأة:

تصبح القصة مملة عندما تكون أحداثها ونهايتها متوقعة وتتبع نفس خط سير وتصاعد الأحداث الشائع بين القصص الملهمة، فلن يهتم الجمهور بقصتك عندما تكون نمطية ومتوقعة وتتبع تسلسل الأحداث المعتاد بدءاً من مرحلة الفقر إلى الجد والاجتهاد وصولاً إلى تحقيق النجاح في النهاية.

يقتضي الحل في مثل هذه الحالة أن تسرد قصة تبدو مألوفة ومتوقعة أول وهلة قبل أن تقوم بتغيير مجرى الأحداث كلياً وتخرج عن توقعات الجمهور بحدث صادم، فقد تأسر انتباه الجمهور عندما تفتتح القصة بحدث مألوف، ثم تقلب الموازين فجأة وتصدمهم بتغيير خط الأحداث فيها.

هذه الطريقة مناسبة عند سرد التجارب والمحاولات التي باءت بالفشل قبل تحقيق النجاح؛ إذ يعرف الجمهور مسبقاً أنَّك حققت النجاح في نهاية القصة، لكن يجب أن تتوسع في الحديث عن محاولاتك والتجارب الفاشلة التي تعرضتَ لها قبل أن تتكلل قصتك بالنجاح من أجل إلهامهم وتحفيزهم على الجد والعمل، وأحياناً يحتاج الإنسان إلى سماع قصص عن فشل الآخرين حتى لا يفقد إيمانه بنفسه ويحاول مجدداً.

أهمية سرد القصص عند التحدث أمام العامة:

يشكل سرد القصص جزءاً أساسياً من عمليات التواصل التي تجري في الحياة اليومية ضمن العمل والمنزل، فقد تجري عملية السرد شفوياً أو عبر استخدام العناصر البصرية، وهي تؤدي دوراً بارزاً في التقرب من الجمهور وكسب الود والتعاطف عند التحدث أمام العامة.

يُنصَح بمشاركة قصص تحظى على تجاوب وتعاطف الجمهور مثل التجارب الشخصية التي قد تحدث مع الجميع، ويمكنك أن تؤلف قصة من تجاربك الفاشلة، وهفواتك، وأخطائك، وتقصها على الجمهور بغية تزويدهم بالأمل الذي يحتاجون إليه لتحقيق النجاح في حياتهم.