الصِّلات والروابط الإنسانية هي الدافع الكامن خلف عدد من القرارات، والخيارات، والتغييرات في السلوكات ونمط الحياة، والرغبة بتجاوز منطقة الراحة عند الإنسان.

تهدف سلوكات الفرد وقراراته إلى تلبية احتياجاته النفسية ورغبته الفطرية بتكوين علاقات وارتباطات إنسانية مع الآخرين، والتعاطف مع التجارب والمعاناة المشتركة.

ينطبق نفس المبدأ على الطريقة التي يتبعها رواد الأعمال في التقرب من العملاء واستقطابهم، فيمكن تعزيز التواصل الإنساني مع العميل عن طريق صياغة قصص مدروسة، وهادفة، ومؤثرة عاطفياً.

تعتمد كثير من الشركات على سرد القصص التي تحفز العواطف والروابط الإنسانية في توجيه المستهلكين والتحكم بقراراتهم وخياراتهم، ويجب أن تكون القصة واضحة وصادقة وهادفة لكي تنجح في تحفيز الاستجابة العاطفية المطلوبة من العملاء.

6 خطوات لتأليف قصة يتعاطف معها الجمهور المستهدَف:

1. تحديد الهدف من القصة:

يجب أن تحدد الهدف من القصة والفائدة التجارية التي تبتغيها من سردها على الجمهور، وحاول أن تراعي هذا الهدف في كافة مراحل العمل على تأليف القصة.

تشمل هذه الأهداف ترغيب الجمهور بمنتج أو خدمة جديدة، أو إقناعهم بفكرة غير مسبوقة، أو تقديم نفسك للعملاء المستقبليين وبناء علاقة وثيقة معهم.

2. تحديد الجمهور المستهدَف:

تقتضي مهمتك في هذه المرحلة تحديد الفئة المستهدفة والسبب الذي يجعلها محط اهتمامك والشريحة المناسبة لتلقِّي القصة؛ أي يجب أن تؤلف قصة يتجاوب معها الجمهور المستهدف. كما ينبغي أن تجمع ما أمكنك من المعلومات والتفاصيل الخاصة بالفئة المستهدفة، وتحدد العناصر التي تهمهم، وتحفزهم، وتؤثر فيهم على الصعيد الإنساني والعاطفي.

3. معرفة إمكاناتك:

قد تبدو هذه الخطوة بسيطة للوهلة الأولى، ولكنَّها تتطلب كثيراً من التفكير الذاتي، فقد تتقرب من جمهورك، وتلفت انتباههم، وتكسب تعاطفهم، وتبني علاقة إنسانية وثيقة معهم عندما تجد القاسم المشترك بين خدماتك وعملك وما يميزك عن المنافسين في السوق من جهة، واحتياجات العملاء وأهدافهم من جهة أخرى.

4. كتابة المحاور الرئيسة:

تقتضي هذه الخطوة تحديد العناصر الأساسية في القصة، وتشمل الأفكار والمشاعر والتجارب الشخصية التي تساعد على نقل المعنى المراد وتحقيق الهدف من سرد القصة. ولا داعي للتحقق من صلاحية الأفكار وصلتها بهدف القصة في هذه المرحلة، فهذه الخطوة مخصصة للتفكير الإبداعي الحر دون أن تقيِّد نفسك بنموذج أو معايير أو صياغة معيَّنة.

5. تنظيم الأفكار:

يتم في هذه الخطوة اختيار مجموعة أفكار تتعلق بموضوع القصة، وتحقق الهدف منها، وتقدِّم استنتاجاً يعبِّر عن المعنى المقصود بدقة.

قد تشعر أنَّك خرجت عن الموضوع الأساسي، وعندها يجب عليك أن تراجع الأفكار والخطوات السابقة وتتحقق من توافق عناصر القصة مع أهدافها، ويمكن تقديم القصة بالصيغة التي تناسبك، ولتكن على شكل مقال، أو مقطع فيديو، أو عرض تقديمي على سبيل المثال.

يجب عليك أن تختار صيغة تساعدك على نقل القصة وتوضيح المقصود منها بحيث تكون مناسبة للجمهور المستهدف، كما يجب أن تراعي الدوافع العاطفية للجمهور المستهدف عند اختيار الأفكار وطريقة تقديم القصة.

يجب عليك أن تُعِدَّ مخططاً بالمحاور الرئيسة بالترتيب التسلسلي لتوجيه الجمهور نحو الخلاصة التي تحقق الهدف النهائي من سرد القصة.

6. صياغة القصة ومراجعتها:

تبدأ هذه الخطوة بعد تحديد الهدف من إعداد القصة، والجمهور المستهدف، والمقومات التي تميزك عن المنافسين في السوق وتؤهلك لتلبية احتياجات العملاء، وسياق القصة والحكمة منها، وكيف ستقوم بتوجيه جمهورك للوصول إلى الاستنتاج والمغزى منها.

الأمر أشبه بتأليف المقال؛ إذ يجب عليك أن تتوسع في المحاور والأفكار الرئيسة الواردة في المخطط الأولي عن طريق سرد التجارب الشخصية وغيرها من العناصر التي تحقق الهدف من سرد القصة.

يمكنك أن تضيف بعض الحقائق العلمية، لكن تذكَّر أنَّ بناء العلاقات مع الجمهور يتطلب تقديم قصة تسلط الضوء على مشكلاته، وتحفز عواطفه وانفعالاته، وتعطي فكرة عن الدافع الشخصي الكامن خلف رغبتك بتقديم خدماتك ومنتجاتك، وفيما يأتي 3 خطوات إضافية لتحسين جودة القصة:

  1. استخدام أسلوب الإيحاء بدل الإفصاح عن المشاعر بشكل مباشر وصريح.
  2. تجنُّب التكرار وإطالة الحديث بعد أن تعبِّر عن فكرتك.
  3. الاقتضاب والحد من استخدام المصطلحات التخصصية، واختيار كلمات بسيطة وسهلة الاستيعاب.

يجب عليك أن تجري التعديلات اللازمة على المسودة الأولية وتخصص ما يكفي من الوقت لمراجعتها وتصويب الأخطاء القواعدية واللغوية، وزيادة ترابط القصة وسلاسة السرد، واستخدام أساليب وتراكيب لغوية جذابة وإبداعية، كما يجب أن تكون القصة منطقية ووثيقة الصلة باهتمامات واحتياجات الجمهور من جهة، وخالية من الأخطاء اللغوية الفادحة من جهة أخرى.

في الختام:

يعتمد السرد المتقَن على التدريب والممارسة، ومراعاة الأهداف الشخصية واحتياجات الجمهور، وتحقيق التوازن من ناحية المحتوى والأسلوب واللغة وسلاسة الطرح وترابط الأفكار؛ لذا يجب أن تلتزم بهذه الأركان الأساسية وتطبق الخطوات الواردة في المقال لكي تنجح في بناء علاقة وثيقة مع جمهورك وتعلن عن منتجاتك وخدماتك بطريقة تلفت اهتمامهم.