في كثير من الأحيان، نحن نقيس نجاح عملية التعلُّم أو المشاركة؛ وهذه المعلومات جيدة إذا كنا نريد إسعاد المتعلِّمين، لكنَّها لا تخبرنا ما إذا كان هناك تقدُّم في مستوى الأداء أم لا، ويكمن جزء من المشكلة في أنَّه عندما نصمم التدريب، فإنَّنا نستخدم مزيجاً من نماذج التصميم ونتغاضى عن عنصر التحليل الجيد، ولكن بدون مراعاة هذا العنصر منذ البداية، لن نعرف أبداً ما إذا كنا قد وصلنا إلى المستوى المطلوب، أم أعلى منه، أم دونه.

يجب أن يكون أصحاب المصلحة وقادة التعلُّم والمدربون ومصممي التعليم متفقين حول ماهية الأداء الجيد، ولكنَّ الاتفاق وحده لا يكفي، فنحن بحاجة إلى التركيز على ما هو أكثر من التصميم (designing) والتطبيق (implementing) والتقييم (evaluating)، والتي تُعرف اختصاراً بـ (D.I.E)؛ إذ يبدأ القياس الجيد في بداية البرنامج، وعندما لا يحدث ذلك، سيكون هناك فجوة في المعرفة، وقد لا يفي تحليلك بالغرض المتوخى منه.

فيما يلي أربع نصائح لقياس التعلُّم من أجل إحداث التأثير المطلوب:

1. طوِّر طريقة تعاملك مع البيانات

ابدأ بتكلفة التعلُّم لتحديد التكاليف الثابتة، ما لم يكن هناك تغيير كبير يحدث في مؤسستك، يجب أن يكون هذا المبلغ ثابتاً نسبياً، وتشمل العناصر التي يجب مراعاتها:

  • تفاصيل المشروع بالساعة لتحديد النطاق، والمصممين، والتصميم، والأدوات، والترجمة، والصور والرسومات، وما إلى ذلك.
  • تكاليف تطبيق البرنامج، مثل تكاليف ساعات المدرِّب والمتعلِّم لكل فصل دراسي، وحسب المنطقة الإقليمية، إن لزم الأمر.
  • نفقات السفر، بما في ذلك الطعام والإقامة وبدلات الإعاشة اليومية.
  • أي نفقات إضافية متنوعة قد تكون مرتبطة بالعمل أو الشركة.

2. انظر إلى كيفية تحقيق التعلُّم لنتائج الأعمال وتأثيرها

يتضمن هذا التقييم متابعة المسار الوظيفي أفقياً و/أو عمودياً، بالإضافة إلى النظر إلى عوائد الأعمال وتأثير الأداء؛ ونظراً لأنَّ برامج التعلم والتطوير تُعد أكثر نجاحاً، سترتفع إيرادات الشركة وفقاً لذلك، وسيؤدي الأشخاص أداءً أفضل، وقد يكون هناك أيضاً تناقص إيجابي في الموظفين نتيجة ترقية الأشخاص إلى أدوار جديدة داخل المنظمة أو خارجها.

3. تعرَّف إلى النتيجة المتوقعة

ما هي المشكلة التي يحاول التعلُّم حلها؟ إذا كنت أنت أو الشركة لا تعرفان الإجابة عن هذا السؤال، فلن يساعدك أي تدريب تأخذه، ما الذي لا يفعله الناس؟ كيف علمت بذلك؟ ما الذي يتعين عليهم القيام به، وما مقدار الجودة المطلوبة للقيام بذلك، وكيف يمكنك الاستفادة من البيانات لمعرفة ما إذا كانوا يفعلون المطلوب منهم أم لا؟ وما هي البيانات الموجودة حالياً حول الأداء؟

يتطلب الحصول على هذه المعلومات طرح أسئلة جيدة مقدماً؛ لذا خطط لهذه المحادثة مع أصحاب المصلحة، فإذا كنت لا تعرف الأسئلة التي يجب أن تطرحها، فلن يساعدك أي قدر من البيانات؛ وإذا كنت تريد أن يكون لمؤسستك التعليمية تأثير، فيجب أن يكون لديك البيانات الصحيحة لفهْم الاحتياجات وتحديد ما إذا كان الأداء قد تغير بناءً على الحلول التي طبقتها؛ حيث تحتاج شركتك إلى التحسين المستمر بالإضافة إلى السرعة في تحليل البيانات نتيجة تطوُّر الأداء.

4. تأكد من أنَّ بياناتك موثوقة وغير متحيزة

اطرح أسئلة شاملة لتجنُّب التحيز في الإجابة:

  • اجعل الأسئلة بسيطة وقصيرة؛ فإذا كان السؤال طويلاً جداً، فقد يتخطاه المتدرب.
  • تجنَّب الأسئلة الإرشادية التي تبدأ بعبارات مثل: "ما مدى..."، والتي تحثُّ المتعلمين على الرد بطريقة معينة، على سبيل المثال، يُشير سؤال "ما مدى رضاك ​​عن…" إلى أنَّ المتعلمين راضون بالفعل.
  • لا تطرح أسئلة تتطلب تفصيل مفهوم معين، وبدلاً من ذلك، استخدم لغة بسيطة.
  • تجنَّب الأسئلة التي تكون إجابتها نعم/ لا أو صواب/ خطأ، وبدلاً من ذلك، استخدم سؤالاً يعتمد على مقياس معين (أي تقييم رقمي).
  • ضع أي أسئلة شخصية في نهاية الاستبيان، وبهذه الطريقة، إذا انسحب المتدرب، فما يزال لديك البيانات التي تحتاجها.
  • تتبَّع مقاييس بياناتك باستمرار، بما في ذلك متوسط ​​درجات الأسئلة، ومعدل استجابتهم للموضوعات، ومعدلات الانسحاب.

بمجرد تحديد البيانات الضرورية والوصول إليها، يمكنك التخطيط واستكمال استراتيجيتك، وقد لا يناسب هذا النموذج الجميع، فكل منظمة لها طبيعة خاصة، ويجب عليك توسيع نطاق أسئلتك وإجاباتك حسب الحاجة؛ حيث تستخدم العديد من المنظمات نموذج كيركباتريك (Kirkpatrick)، وقد لا يكون كل مستوى من النموذج مناسباً لجميع البرامج، ولكن إذا كنت تبحث عن وسائل لقياس السلوك ونتائج الأعمال، فهذه طريقة شائعة.

الفكرة الرئيسة هنا هي أنَّه يجب أن تعرف ما الذي تريد التأثير فيه، وكيف سوف تقيسه قبل تصميم البرامج وتطويرها وتطبيقها، بغض النظر عن نموذج التصميم الذي تستخدمه؛ إذ يجب أن يكون القياس مدروساً مقدماً، وليس فكرة متأخرة.