من المرجح أن تتَّبِع بيئة العمل بعد أزمة كوفيد-19 (Covid-19) نموذجاً هجيناً، الأمر الذي يتطلب وجود قادة مرنين يركزون على الأشخاص، وستحتاج فرق التعلم والتطوير إلى التركيز على 4 مجالات رئيسة للتدريب للتأكد من أنَّها مُجهَّزة بصورة صحيحة للعمل.

أعادت أزمة كوفيد-19 (Covid-19) رسم شكل القيادات من الأنظمة الصارمة التي لطالما ميزت المنظمات إلى قيادات أكثر مرونةً وانفتاحاً ونشاطاً؛ وذلك باستخدام نماذج جديدة تعتمد على الشمولية والتعاطف والتسامح إزاء الفشل والصراحة في التواصل، وهذه إحدى النتائج الرئيسة لتقرير التحالف العالمي في التعليم الإداري الجديد (CEMS)، والذي يُحدِّد التحديات الرئيسة التي تواجه القادة وتطوير القيادات في وقت سادته حالة من عدم اليقين لم يسبق لها مثيل.

وجدت الأبحاث الرئيسة التي أُجرِيَت في التقرير أنَّه بالنسبة إلى 87% من المشاركين، فإنَّ أزمة كوفيد-19 قد أثرت تأثيراً كبيراً في الأعمال والفرق بالطرائق الآتية:

  1. الأسواق الجديدة: التحول من الأسواق العالمية إلى الأسواق المحلية.
  2. طرائق جديدة للتواصل: من التواصل المباشر إلى التواصل الرقمي.
  3. طرائق جديدة للعمل: من العمل الثابت إلى المرن، ومن العمل في المكتب إلى العمل في أيِّ مكان.
  4. مواقف جديدة تجاه العمل: من المجربة والمُختبرة إلى المرنة والفعَّالة.

القيادة الفعَّالة هامة جداً:

لكي تكون طرائق العمل الجديدة هذه إيجابيةً، يجب أن تكون القيادة فعَّالة، وعموماً، تحدَّث المشاركون في التقرير عن الحاجة إلى تحقيق التوازن بين الصفات القيادية التقليدية والخصال الإنسانية، بينما بقيت بعض الأمور مثل الرؤية الاستراتيجية والتركيز على النتائج هامةً، إلا أنَّ الصفات الأخرى مثل التعاطف والقدرة على التواصل والمرونة تحديداً كانت تحظى بتقدير أكبر من ذي قبل.

يجب على المنظمات والقادة بناء الأمان النفسي للأفراد ليكونوا أفضل وينجحوا ويتطوروا تحت وطأة الضغط؛ فيجب أن يتبنوا ثقافة يُنظَر فيها إلى أنَّ التعلم من الفشل بنفس قيمة التعلم من النجاح؛ إذ يجري تمكين الناس لاختبار وتجربة طرائق جديدة وبناء مهارات جديدة وتحمُّل المسؤولية دون الشعور باللوم.

استجابة متخصصي التعليم والتطوير:

توجد ضمن طرائق العمل الجديدة هذه فرصة عظيمة لتدريب صناع القرار المبتكرين والمتعاطفين والمتحمسين ذاتياً الذين يمكنهم قيادة التغيير خلال هذه العاصفة بينما يستعدون للعاصفة التالية، ومن أجل القيام بذلك، يجب على متخصصي التعلم والتطوير أن يتمتعوا بالمهارات الأربعة الآتية:

1. تمكين المتعلمين بوصفهم مبدعين مشاركين في عملية التطوير:

في اللحظة التي يشارك فيها المتعلمون في عملية تطورهم، فإنَّ ذلك يثير فضولهم ويحفزهم على تعلُّم أمر جديد، وفي النهاية، يتعلق الأمر بإنشاء عملية تعلُّم شاملة، بدلاً من التدريب فحسب؛ وذلك من خلال السؤال عن أنواع المؤهلات التي ترغب المؤسسة في تعزيزها ثم إعدادها إلى جانب فرقك.

عند التفكير في الإبداع المشترك، يمكنك أن تطلب من المتدربين التفكير أولاً في الهدف، وتحديد الأمور التي تهمهم والسبب وراءها، وبالاعتماد على هذا الهدف، يمكنهم تحديد ما الذي يريدون تعلمه والإبداع فيه.

بالإضافة إلى ذلك، شجِّع المتعلمين على البحث عن الفرص بصورة استباقية وعدم التوقف عن التعلم أبداً؛ على سبيل المثال، يمكن أن يصبحوا منتورز أو تقديم أنفسهم بوصفهم منتورز، أو أن يتلقوا دورات مجانية إضافية تقدمها المؤسسات التعليمية في جميع أنحاء العالم، واسألهم باستمرار: "الآن أنتم تعرفون ما الذي تريدون تعلُّمه، لكن ما هي الخبرات التي تحتاجونها لتوصلكم إلى حيث تريدون؟"، ويمكنك توجيههم نحو الفرص داخل الشركة لبناء المهارات والخبرات.

2. عدُّ الفشل تجربة تعليمية:

غالباً ما يُنظر إلى الفشل بطريقة سلبية، ولكنَّ هذا المنظور يمكن أن يؤثر في المنظمة، فشجِّع الموظفين على التفكير كيف يمكن أن تساعدهم أكثر التجارب صعوبةً على النمو، بدلاً من الخوف من الفشل؛ فأولاً، عرِّف الفشل ثم ضع هيكلاً له في سياق التعلم وحدد الثقافة الصحيحة؛ إذ يكون الأمر الذي لا ينجح هو تجربة نمو.

توجد أمور عملية يمكنك القيام بها؛ كافئ على المجازفة وأدرجها في عمليات الشركة، مثلها مثل التوظيف وإدارة الأداء، وأدرج تغذية الزملاء الراجعة بوصفها جزءاً من اجتماعات الفريق؛ إذ يناقش المتدربون الصعوبات التي تواجههم، وضع خطط المنتورينغ العكسية موضع التنفيذ، فهي طريقة عملية للغاية لمساعدة كبار الموظفين على التعلم في أثناء إنشاء بيئة تعليمية آمنة للموظفين العاديين.

كلما زاد عدد القصص التي يمكنك تقديمها للموظفين، سواء في الاجتماعات أم في الجلسات التدريبية أم في أثناء تقديم المنتورينغ غير الرسمي، كان ذلك أفضل، فلا يجب أن تكون هذه القصص عن النجاح فحسب؛ وإنَّما يجب أن تتحدث عن الأمور التي لم تسر وفقاً للخطة وكيف ساعدت على النمو.

3. اعتماد عقلية النمو لتطوير مهارات التأمل والتفكير:

عقلية النمو هي الاعتقاد بأنَّك إذا عملت بجد ومثابرة يمكنك أن تنمو وتتطور، وهي تعني الفضول الفطري؛ أي إنَّه يمكنك أن تنمو عندما لا تسير الأمور جيداً، وتثق بنفسك وتعلم دائماً أنَّه يوجد المزيد لتحقيقه.

بصفتك متخصصاً في مجال التعلم والتطوير، يمكنك المساعدة على ترسيخ عقلية النمو من خلال الإشادة بالعملية بدلاً من الفطنة والذكاء؛ على سبيل المثال، بدلاً من قول: "أنت شخص ذكي جداً"، قل: "من المثير للاهتمام كيف فعلت هذا، فأنا معجب بالعملية"، فهذا يشجع على المزيد من الفضول والنمو، وشجع المتعلمين على اعتياد إجراء تحليل من بداية المشروع إلى نهايته، والتفكير في النتائج المحتملة حتى يتمكنوا من التعلم من كل مشكلة تواجههم.

4. الاستفادة من الطرائق الرقمية والمبتكرة لضمان الاندماج في عملية التعلم:

تدعو الحاجة الآن إلى استكشاف الطرائق والتقنيات رقمياً والاستثمار فيها، مثل الأساليب والأدوات المختلطة والافتراضية والهجينة؛ على سبيل المثال، تستخدم شركة "أكستنشر" (Accenture) لوحات التعلم الافتراضية، التي يمكنك من خلالها توثيق عملية التعلم والأبحاث الخاصة بك ومشاركتها مع الآخرين في جميع أنحاء العالم، ومنهم الزملاء وكذلك التعلم من الآخرين.

يُظهر منحنى النسيان - يوضح هذا المنحنى كيف تُفقَد المعلومات مع مرور الوقت عندما لا توجد محاولة للاحتفاظ بها - أنَّ الناس ينسون عموماً 75% ممَّا يتعلمونه خلال ستة أيام؛ إذ تحتاج إلى تطبيق المعلومات بسرعة أو ستنساها؛ ولهذا السبب، يُعَدُّ التدريس باستخدام هذا النوع من التكنولوجيا طريقةً رائعةً لتوحيد عملية التعلم ومشاركتها مع الآخرين.

بينما لا بد من الاستثمار في التدريب على التقنيات الجديدة؛ إذ يحتاج الخبراء في عملية التعليم والتطوير إلى تحمُّل مسؤولية تطوِّرهم الخاص، وإذا كان لديك الفضول وعقلية النمو، فستجد طرائق مبتكرةً للاستفادة من التكنولوجيا المتوفرة، ومن ناحية أخرى، إذا شعرت أنَّك تفتقر إلى عقلية النمو، فاحرص على التحقق من الأفكار غير المفيدة ومقاومتك للتغيير، وحدِّد ما الذي يمنعك من تبنِّي تجارب جديدة، وإذا عرفت سبب ذلك، يمكنك البدء بالتجربة وتمكين الآخرين.

في الختام:

من الهام إجراء تحليل شامل عندما تحتاج إلى استخدام التكنولوجيا وتحديد متى يمكنك استخدامها، ولا توجد حاجة للقاء وجهاً لوجه هذه الأيام ما لم يكن لديك ضرورة ملحة؛ إذ سيكون هناك إقبال - بعد أزمة كوفيد-19 - على استخدام النماذج الهجينة؛ لذلك فإنَّ دور فرق التعلم والتطوير هو تدريب القادة المبتكرين والذين يركزون على احتياجات وأهداف الموظفين والمرونة في بيئة العمل الهجين.