تُعَدُّ نشاطات التدرُّب على القيادة فعَّالةً في تقديم المفاهيم المتعلقة بالقيادة، ويمكن أن تكون جيدةً لتقديم أو بدء التدريب على المهارات القيادية، وقد تحدثنا في الجزء الأول من المقال عن 7 نشاطات يمكن استخدامها في القيادة، وفي هذا الجزء الثاني والأخير من المقال سنتابع الحديث عن الأنواع العشرة المتبقية؛ لذا تابعوا معنا.

يعمل القادة على تسهيل عملية بناء الفريق:

كل قائد له دور أساسي في تأسيس الفرق التي يعمل معها، وسواء كنت تعمل على هذا الأمر بوعي أم لا، فإنَّ سلوكك وأفعالك بصفتك قائداً ستؤثر تأثيراً كبيراً في تماسك الفريق وروحه لدى الأشخاص الذين تعمل معهم، ويأتي هذا من خلال الإجراءات اليومية البسيطة، والطريقة التي تشارك بها المسؤوليات، والطريقة التي تمكِّن بها الزملاء في العمل، والطريقة التي تعزز بها بيئة العمل القائمة على التعاون بدلاً من بيئة العمل القائمة على التنافس.

يمكنك الاستفادة من استخدام نشاطات بناء الفريق الآتية لمنح تجربة عمل جماعي مركزة لمجموعتك في ورشة العمل الآتية لتطوير القيادة:

1. تحدي المارشميلو:

إنَّ تحدي المارشميلو هو نشاط لبناء الفريق؛ إذ تتنافس فيه الفرق لبناء أطول هيكل قائم بذاته مكوَّن من أعواد المعكرونة وشريط وخيط وحلوى المارشميلو التي يجب أن تكون في الأعلى، ويركز هذا النشاط على التواصل الجماعي وديناميكيات القيادة والتعاون والابتكار واستراتيجيات حل المشكلات.

خلال 18 دقيقةً، يجب على الفرق بناء أطول بنية تنظيمية قائمة بذاتها مكونة من 20 قطعةً من المعكرونة وشريط بطول متر وخيط بطول متر، وحلوى المارشميلو بحيث تكون في أعلى الهيكل، ولقد طُوِّرَ هذا التحدي بواسطة المؤلف "توم وجيك" (Tom Wujec) الذي أجرى النشاط مع مئات المجموعات حول العالم.

2. نهر التمساح (Crocodile River):

نهر التمساح هو نشاط لبناء الفريق؛ إذ يحتاج فيه أعضاء المجموعة إلى دعم بعضهم بعضاً في مهمة للانتقال من طرف إلى آخر، ويتطلب الأمر العمل معاً بطريقة إبداعية واستراتيجية من أجل حل مشكلة عملية وفيزيائية، كما يركز هذا النشاط على التواصل الجماعي والتعاون والقيادة والأعضاء والصبر وحل المشكلات.

3. اللغز الصيني "العقدة البشرية" (Chinese Puzzle):

هذا النشاط بسيط؛ إذ يعمل على مساعدة أعضاء الفريق على تعلُّم طريقة العمل معاً بصورة أفضل، ويمكن أن يركز أيضاً على فهم المجموعة لطرائق التواصل أو القيادة أو حل المشكلات أو الثقة أو المثابرة؛ إذ يقف المشاركون "10 إلى 16 شخصاً" على شكل دائرة ويغمضون أعينهم ويضعون أيديهم للعثور على أيادٍ أخرى ليمسكوا بها، ثم يفتحون أعينهم ويجب على المجموعة محاولة العودة إلى الدائرة دون تركها، على الرغم من أنَّه يمكنهم تغيير قبضتهم بالطبع.

القادة مسؤولون عن تواصل فرقهم:

عادةً ما يُنظَر إلى القادة على أنَّهم آباء المنظمة، ومن المتوقع منهم أن يعتنوا بالموظفين ويحرصوا على اتباع القواعد والمعايير المناسبة، فأحد المجالات الرئيسة التي يكون للقائد فيها تأثير كبير هو أسلوب ومقدار التواصل بين الموظفين.

لا يُعَدُّ كل من الإصغاء الفعَّال ومنح التغذية الراجعة الفعَّالة من المهارات الهامة التي يجب أن يتمتع بها القائد فحسب؛ وإنَّما هي ضروريةً أيضاً لأعضاء الفريق، ويُعَدُّ تجنب المناقشات الصعبة من المشكلات التي يَعُدُّها القادة إحدى أهم العوائق التي تواجه القيادة الناجحة، بما في ذلك تقديم تغذية راجعة صادقة وبنَّاءة، فاستخدم نشاطات التدرُّب على القيادة التالية لتطوير ممارسات التواصل الجيدة.

4. الإصغاء الفعَّال:

يدعم هذا النشاط المشاركين في التفكير في طرح الأسئلة ووضع حلول خاصة باستخدام مبادئ بسيطة للإصغاء الفعَّال وتقديم الكوتشينغ للأقران؛ إذ يمثل هذا النشاط مقدمةً ممتازةً للإصغاء ويمكن استخدامه أيضاً مع المجموعات التي تعرف طريقة استخدام هذا النشاط، فيعمل المشاركون ضمن مجموعات مكونة من ثلاثة أشخاص يتبادلون الأدوار بين شخص يحاول استكشاف سؤال ما، والمصغي الذي من المفترض أن يركز كلياً على الشخص الذي يسأل، والمراقب الذي يراقب ديناميكية العمل بين هذين الشخصين.

5. بطارية الثقة (Trust Battery):

في كل مرة تعمل فيها مع شخص ما، فإنَّ ثقتك تجاهه إما أن تزداد أو تُستنفَد بناءً على بعض الأمور مثل الإيفاء بالوعود والتفاعل الاجتماعي الذي تظهره؛ لذا تُعَدُّ قلة الثقة أساس العديد من المشكلات الشخصية في مكان العمل.

كما يتيح نشاط التقييم الذاتي هذا لك ولأعضاء فريقك التفكير في الثقة تجاه كل شخص في الفريق، ويشجع على التركيز على الإجراءات التي يمكن أن تزيد من الشعور بالثقة، ويعمل هذا النشاط جيداً عند تعزيز القيادة الافتراضية والعمل مع الفرق التي تعمل عبر الإنترنت.

6. التغذية الراجعة: البدء والتوقف والاستمرار

تُعَدُّ التغذية الراجعة المنتظمة والبنَّاءة من العناصر الهامة للفرق الفعَّالة؛ إذ يعزز الانفتاح الثقة، وتعزز الثقة بدورها مزيداً من الانفتاح، ويُستخدم هذا النشاط من قِبل الفرق التي تعمل معاً لفترة من الوقت وعلى علم بمنح وتلقي التغذية الراجعة، والهدف من البدء والتوقف والاستمرار هو فحص جوانب الموقف أو تطوير الخطوات التالية من خلال استطلاع رأي الأشخاص عما يجب البدء به، وما الذي يجب التوقف عنه، وما الذي يجب الاستمرار فيه.

بالنسبة إلى الأشخاص المسؤولين عن القيادة عبر الإنترنت، من الضروري إيجاد طرائق لإجراء مناقشات صعبة بطرائق بنَّاءة افتراضياً، فجرِّب هذه الطريقة عند العمل على حل المشكلات مع فريقك الذي ينتشر أفراده في مناطق مختلفةٍ من العالم.

تُعَدُّ التغذية الراجعة المنتظمة والفعَّالة من العناصر الهامة في بناء علاقات بنَّاءة وتكوين فرق ناجحة؛ إذ تهدف تمرينات التغذية الراجعة إلى دعم المجموعات لبناء الثقة والانفتاح ودعم الأفراد لاكتساب الوعي الذاتي والبصيرة، فيجب دائماً إجراء تمرينات التغذية الراجعة من خلال التفكير والوعي العالي بديناميكيات المجموعات.

7. التفكير كفريق:

يعرف جميع القادة قيمة التفكير المُنظَّم والمدروس، فإنَّ الفرق التي تستغرق وقتاً للتفكير والتحسين هي تلك التي يمكن أن تنمو وتتطور، ومن خلال إنشاء بيئة ينشط التفكير فيها، يمكن لقادة الفرق والمديرين مساعدة مجموعاتهم على المضي قُدماً معاً؛ لذا يُعَدُّ هذا النشاط طريقةً فعَّالةً لتطوير كلٍّ من القيادة الافتراضية التي تُمارَس على أرض الواقع؛ وهذا يؤدي إلى انتقال المجموعات من أسلوب التفكير الفردي إلى المناقشات الجماعية بطريقةٍ تشجِّع التفكير البنَّاء وتقلل من الإحباط المحتمل أو المناقشات العدائية.

إنَّ الهدف من التفكير كفريق هو التعبير عن الأفكار والمشاعر والآراء بشأن تجربة مشتركة، وتعزيز الانفتاح وبناء الثقة في الفريق، واستخلاص المعلومات والأفكار الرئيسة للمضي قُدماً في التجارب اللاحقة؛ إذ يجلس أعضاء الفريق عموماً في دائرة، ويفكرون أولاً بصورة فردية، ويشاركون أفكارهم مع المجموعة، ثم يناقشون الأفكار والإجراءات المحتملة التي يجب اتخاذها، فطبِّق هذا الأمر مرةً أو أكثر خلال المشروع أو البرنامج.

8. الفريق المكون من شخصين:

سواء كنت تقود فريقاً مكوناً من عدد قليل من الأشخاص أم مئات الأشخاص، فإنَّ الحقيقة هي أنَّ معظم مناقشاتك وتفاعلاتك مع الأشخاص الذين ستقودهم ستكون شخصيةً وفرديةً؛ إذ يُعَدُّ تطوير مجموعة المهارات التي تحتاجها لحل المشكلات عند ظهورها وإيجاد طرائق لضمان أنَّ هذه المناقشات مُثمرة، أحد أهم الأمور التي يمكنك فعلها بصفتك قائداً.

فاستخدم فريقاً مكوناً من شخصين سواء كنت تعمل عبر الإنترنت أم ضمن جلسة شخصية لمساعدة هذين الشخصين وتعزيز علاقاتك الشخصية معهما، ومن خلال توضيح الاحتياجات والعواقب بوضوح، يساعد تمرين القيادة هذا هذين الشخصين على التواصل بكفاءة ورؤية النتائج التي يحتاجان إليها، وهو أمر لا بد منه لأيِّ شخص يشغل دوراً قيادياً.

كما تجري معظم أعمال المنظمة بين شخصين، ويمكن أن تكون التفاعلات بينهما إيجابيةً ومتطورةً أو مُحبِطةً ومُدمِّرةً، ويمكنك تحسينها باستخدام طرائق بسيطة بشرط أن يكون الأشخاص على استعداد للإصغاء إلى بعضهم بعضاً، وينجح نشاط الفريق هذا بين السكرتارية والمديرين، وبين المديرين ذاتهم، وبين الاستشاريين والعملاء أو المهندسين الذين يعملون معاً، حتى إنَّه سينجح بين شركاء الحياة.

القادة مسؤولون عن تطوير المهارات القيادية لدى الآخرين:

لا يكفي أن يكون القائد جيداً في التفويض واكتشاف الفرص وتوجيه الفريق نحو النجاح؛ إذ يدرك القادة الجيدون قيمة بناء قادة المستقبل وتمكين الإمكانات القيادية في فرقهم، ويُعَدُّ تطوير القيادة مساراً وظيفياً شائعاً لدى العديد من الموظفين، ويعرف القادة الجيدون أنَّ مساعدة الموظفين على تطوير المهارات اللازمة من خلال النشاطات والأساليب والتقنيات هو أمر يمثل جزءاً من دورهم.

9.  ما الذي أحتاجه منك؟ (What I Need From You)

إنَّ الوضوح من أهم المهارات القيادية التي يجب صقلها؛ فأن تكون واضحاً فيما تتوقعه وتحتاجه من الآخرين في مؤسستك أو مجموعتك هو جزء لا يتجزأ من الفرق عالية الأداء، وباستخدام هذا النشاط، يُمنَح كل شخص مشارك الفرصة للتعبير عن احتياجاته الأساسية للآخرين والاستجابة بطريقة منظمة.

يُعَدُّ هذا النوع من الإجراءات الواضحة والمباشرة جيداً في إزالة العقبات التي تعترض المناقشات، وهو أمر لا بد منه في أماكن العمل الافتراضية ويجب أن يتوفر ضمن أدوات جميع القادة.

فيمكن للأشخاص الذين يعملون في وظائف وتخصصات مختلفة أن يحسِّنوا بسرعة طريقة سؤال الآخرين عن الأمور التي يحتاجونها لتحقيق النجاح، فيمكنك إصلاح سوء التفاهم أو إزالة الأحكام المسبقة التي تطورت مع مرور الوقت عن طريق التخلص من حالات الغموض بشأن ما يحتاجه أعضاء المجموعة لتحقيق الأهداف المشتركة، ونظراً لأنَّ المشاركين يوضحون الاحتياجات الأساسية للآخرين ويُمنَح كل شخص مشارك فرصة للرد، فإنَّك تعزز الوضوح والنزاهة والشفافية والتماسك.

10. الإنصات والرؤية والاحترام:

إنَّ الرؤية من وجهة نظر الآخرين وممارسة التعاطف والتأكد من أنَّك تنصت إلى كل فرد في الفريق هي أمور ضرورية للقادة العظماء والفريق عموماً، ففي هذا النشاط، يتنقل المشاركون من سرد قصص تتحدث عن مواقف تعرضوا لها لأشخاص لم ينصتوا لهم أو يروهم أو يحترموهم، إلى مستمعين لا يصدرون الأحكام.

تذكَّر أنَّ نشاطات التدريب على القيادة يجب أن تبدأ بأساسيات القيادة الجيدة، ويمكن أن يكون الحفاظ على بساطة الأمور من خلال هذه النشاطات خياراً فعَّالاً بصورة خاصة سواء كنت تعمل عبر الإنترنت أم بعيداً عنه.

يمكنك تعزيز القدرة التعاطفية لدى المشاركين لتفهم الآخرين قبل انتقادهم، فالعديد من المواقف ليس لها إجابات فورية أو قرارات واضحة، كما يمكن أن يؤدي تقدير هذه المواقف والاستجابة بتعاطف معها إلى تحسين المناخ الثقافي وبناء الثقة بين أعضاء المجموعة، وقد يساعد هذا النشاط الأفراد على تعلُّم الاستجابة بطرائق لا تبالغ في الوعود أو تفرط في السيطرة، ويساعد أعضاء المجموعة على ملاحظة الأنماط غير المرغوب فيها والعمل معاً على الانتقال إلى تفاعلات أكثر إنتاجيةً، كما يساعد المشاركين على ممارسة المزيد من التعاطف ومعرفة الفوائد الناتجة عنه.

في الختام:

نتمنى أن تكون قد وجدت بعض النصائح المفيدة لورش عمل تطوير القيادة في النشاطات المذكورة في هذا المقال، فاختر أفكار ورشة عمل القيادة المناسبة لك والتمرينات التدريبية لتطوير القيادة، وابدأ بإدراجها في ممارسة التيسير الخاصة بك.