تهدف برامج التدريب إلى تلقين المهارات الجديدة وضمان سعادة الموظفين، واندماجهم مع بيئة الشركة واستثمار إمكاناتهم في العمل، إضافة إلى زيادة الإنتاجية.

يوجد عدد كبير من الطرائق المستخدَمة في تدريب الموظفين، وتشمل الطرائق التقليدية منها التدريب بقيادة مدرِّب، والتدريب التطبيقي، والتدريب العملي، في حين تشمل الطرائق الحديثة التدريب عبر الإنترنت مثل التعلم الإلكتروني، واستخدام الحواسيب والأجهزة النقالة في تقديم مواد التدريب.

تتيح طرائق التدريب الحديثة للموظف إمكانية التعلم في المكان والزمان اللذين يناسبانه، وبالآلية التي تتوافق مع سرعة استيعابه، وتكمن المشكلة في صعوبة اختيار الطريقة المناسبة لتدريب الموظفين وتصميم البرامج التي تحقق الأهداف المطلوبة.

يبحث المقال بجزأيه في طرائق تدريب الموظفين القديمة منها والحديثة، ويناقش نقاط قوَّتها وضعفها والحالات التي تُستخدَم فيها بهدف إعداد برامج تدريب مناسبة لاحتياجات أعضاء الفريق.

اختيار الطرائق المناسبة ضروري لمساعدة الموظفين على اكتساب مهارات عملية جديدة وزيادة مستوى حماستهم واندماجهم في العمل؛ لذا سيساعدك المقال على اختيار طرائق التدريب المناسبة لزيادة مستوى سعادة وإنتاجية طاقم العمل في الشركة.

15 طريقة فعالة لتدريب الموظفين:

فيما يأتي 15 طريقة فعالة لتدريب الموظفين:

1. "التدريب في مكان العمل" (On-the-job training):

"التدريب في مكان العمل" هو أحد أشكال تدريب الموظفين الذي يجري ضمن بيئة العمل على أرض الواقع؛ إذ تتيح هذه الطريقة للموظفين إمكانية التعلم عن طريق المشاركة في تنفيذ المهام وتلقِّي تغذية راجعة مباشرة من المشرفين.

تكمن فاعلية "التدريب في مكان العمل" في كونه عملياً ومرتبطاً بالمهام الوظيفية، وهو يتيح للموظفين إمكانية تعلُّم آلية تأدية عملهم عن طريق المشاركة في تطبيقات عملية تساعدهم على فهم طبيعة وظيفتهم ودورهم في الشركة، ويمكن تصميم برامج تدريب مخصصة للاحتياجات الفردية للموظفين، وهو ما يساهم في زيادة فاعلية العملية وتحقيق الأهداف المطلوبة.

تساهم هذه الطريقة في توفير تكاليف التدريب؛ وذلك لأنَّ الموظف يتعلم مباشرةً في مكان العمل، ولا توجد حاجة إلى إعداد مواد تدريبية أو لاستخدام منشآت أو قاعات درسية لإجراء التدريب.

يمكن تقديم "التدريب في مكان العمل" باستخدام مجموعة متنوعة من الوسائل والأساليب من جلسات الكوتشينغ الفردي إلى التدريبات الجماعية؛ إذ تتيح هذه الطريقة للموظف إمكانية التعلم بأريحية، وتطبيق المهارات الجديدة في العمل بشكل تدريجي.

يوجد بعض الجوانب السلبية المرتبطة بهذه الطريقة، فهي لا تجري وفق منهجية أو برنامج مدروس يهدف إلى تحقيق نتائج معيَّنة، وقد لا يكوِّن الموظف فكرة واضحة عن المهارات التي يحتاج إليها في وظيفته الجديدة عند غياب التخطيط والتنظيم في إجراءات التدريب، وهو ما ينعكس سلباً على أدائه ومهاراته وإنتاجيته عندما يباشر العمل.

تستغرق هذه الطريقة من ناحية أخرى كثيراً من الوقت؛ وذلك لأنَّ التدريب يجري خلال أوقات الدوام، ويستغرق الموظف في هذه الحالة وقتاً أطول لاكتساب المهارات الجديدة مقارنةً مع طرائق التدريب الأخرى التي تجري وفق برامج وخطط منظمة مثل التعلم الإلكتروني على سبيل المثال.

تتعلق فاعلية "التدريب في مكان العمل" بكفاءة طاقم الإشراف، فقد تنخفض فاعلية التدريب إذا كان المشرف يفتقر إلى المؤهلات اللازمة لتدريب الموظفين الجدد أو لا يمتلك الوقت والإمكانات المطلوبة لإجراء التدريب، وهو ما يؤدي بالنتيجة إلى انخفاض مستوى اندماج الموظفين مع بيئة العمل.

2. "التدريب بإشراف مدرِّب على أرض الواقع" (Classroom instructor-led training):

تشبه هذه الطريقة أسلوب المحاضرات، ولكنَّها تُعَدُّ ممتعة وتحظى بإعجاب الموظفين وتشد انتباههم؛ إذ يقتضي التطبيق العملي لهذه الطريقة التقليدية وجود مدرِّب يشرح محتوى التدريب لمجموعة من الموظفين ضمن قاعة مخصصة للتدريب.

يتسنى للموظف أن يتعلم من مدربين خبراء في مجال عملهم عن طريق تصميم منهج تدريب متكامل ومترابط يهدف إلى تلقين المهارات والمعارف اللازمة لتأدية المهام الوظيفية، وتضمن هذه الطريقة حصول الموظفين على المعلومات المطلوبة، ومساعدتهم على تطبيق المهارات الجديدة في العمل.

تتيح "طريقة التدريب بإشراف مدرِّب" إمكانية تحفيز تفاعل ومشاركة الموظفين والمحافظة على تركيزهم وحماستهم خلال الجلسات، كما تساعد النقاشات الجماعية وجلسات طرح الأسئلة على تعزيز شعور الانتماء إلى المؤسسة والتعاون بين الموظفين.

تستغرق هذه الطريقة كثيراً من الوقت، وقد يحتاج الموظف إلى أخذ إجازة من العمل لحضور جلسات التدريب، وتشمل عيوب تطبيق هذه الطريقة أيضاً ارتفاع أجور المدرِّبين وتكاليف استئجار قاعات التدريب.

3. "التدريب الافتراضي بقيادة مدرِّب" (Virtual instructor-led training):

يحدث هذا النوع من التدريب عبر الإنترنت، وقد ازدادت شعبيته في تدريب الموظفين العاملين عن بعد مع تطور التكنولوجيا الرقمية وتوجُّه مزيد من الشركات لاعتماد نظام العمل عن بعد.

يستطيع الموظف أن يحضر جلسات التدريب من أي مكان، وهي ميزة هامة بشكل خاص للشركات العاملة وفق نظام العمل عن بعد أو القوى العاملة الموزعة؛ إذ تساهم هذه الطريقة في توفير تكاليف استئجار القاعات وأجور مواصلات الموظفين، وهو ما يجعلها أكثر فاعلية من الطريقة التقليدية السابقة.

تساعد التدريبات الافتراضية من ناحية أخرى على تحفيز تفاعل الموظفين وزيادة مستوى مشاركتهم واندماجهم مع محتوى التدريب، وهي تتيح لهم إمكانية التعلم من الخبراء والمشاركة في نقاشات جماعية وجلسات مخصصة لطرح الاستفسارات والأسئلة.

يمكن استخدام الأدوات والمنصات الرقمية من أجل تحسين تجربة التدريب مثل ميزات السبورة الافتراضية والغرف المنفصلة التي تتيح إمكانية تقسيم المتدربين إلى مجموعات صغيرة.

هذه الطريقة غير فعالة في تلقين المهارات العملية والتطبيقية، وقد تؤثر المشكلات التقنية ومصادر التشتيت في جودة تجربة التدريب كونه يجري عبر الإنترنت.

تُعَدُّ التدريبات الافتراضية طريقة فعالة لتزويد الموظفين بفرص تدريب تتيح لهم إمكانية التعلم في الزمان والمكان اللذين يناسبانهم، والوصول إلى محتوى التدريب بكل سهولة، وقد تستفيد الشركات من أدوات التكنولوجيا الرقمية والمدربين الخبراء في مساعدة الموظفين على اكتساب المهارات والمعارف الجديدة في حالة نظام العمل عن بعد.

4. التعلم الإلكتروني والتدريب الإلكتروني:

يحظى التعلم الإلكتروني على إعجاب المتدربين، وهو يجري عبر الإنترنت ويشمل مجموعة متنوعة من الوسائل والأدوات لتقديم المحتوى مثل مقاطع الفيديو، والاختبارات التفاعلية، والمؤتمرات الافتراضية على سبيل المثال.

يتيح التعلم الإلكتروني للموظفين إمكانية إتمام وحدات التدريب في الزمان والمكان اللذين يناسبانهم وبحسب سرعة استيعابهم، وهو ما يساعد الموظفين المشغولين في اختيار الوقت الذي يناسبهم لدراسة مواد التدريب، وهذه الميزة مفيدة للغاية لتدريب الموظفين العاملين عن بعد كونها توفِّر تكاليف استئجار قاعات التدريب وأجور المواصلات.

يساعد التعلم الإلكتروني على تحفيز تفاعل ومشاركة الموظفين واندماجهم مع محتوى التدريب، ويمكن الاستفادة من أدوات ومنصات التعلم الإلكتروني في تقديم محتوى الوسائط المتعددة مثل مقاطع الفيديو، والرسوم المتحركة، والاختبارات التفاعلية من أجل تحسين تجربة التدريب، وتساعد هذه الأدوات على الحفاظ على حماسة الموظفين وتركيزهم خلال التدريب.

هذه الطريقة غير فعالة في تلقين المهارات العملية والتطبيقية، وقد يواجه بعض الموظفين صعوبة في تحفيز أنفسهم والالتزام بالتعلم عند دراسة وحدات التدريب بمفردهم.

يُستنتَج مما سبق أنَّ التعلم الإلكتروني مناسب للشركات التي تهدف إلى تقديم فرص تدريب متاحة للموظفين في الزمان والمكان اللذين يناسبانهم، وقد تستفيد الشركات من التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في مساعدة الموظفين على اكتساب المعلومات والمهارات الجديدة في حالة الفِرق العاملة من أماكن مختلفة أو وفق جداول عمل مختلفة، كما يجب التنويه في النهاية إلى ضرورة النظر في احتياجات وأهداف الشركة للتأكد من أنَّ التعلم الإلكتروني هو الخيار الأمثل.

5. المحاكاة و"الواقع الافتراضي" (VR):

تشبه تقنيات المحاكاة و"الواقع الافتراضي" ألعاب الفيديو، وهي تهدف إلى تلقين المهارات الجديدة، وتستخدم هذه الطريقة بيئات المحاكاة لتدريب الموظفين على التعامل مع الحالات الخطرة والمواقف الصعبة مثل تدريب المسعفين وأطباء الجراحة والطيارين.

تسمح هذه الطريقة للموظفين باقتراف الأخطاء والتعلم منها في البيئة الافتراضية دون حدوث تداعيات على أرض الواقع، ويمكن تصميم برامج محاكاة مخصصة للاحتياجات التدريبية، وهو ما يساهم في تحفيز تفاعل الموظفين واندماجهم مع محتوى التدريب.

تؤدي المحاكاة دوراً بارزاً في مساعدة الموظفين على تنمية مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات عن طريق تقديم حالات ومشكلات معقدة تحتاج إلى اتخاذ قرارات مدروسة.

يمكن تصميم برامج محاكاة مخصصة للاحتياجات الفردية للموظفين والشركات من أجل تقديم تجربة مخصصة أكثر فاعلية من برامج التدريب العامة.

تكمن عيوب هذه الطريقة في ارتفاع تكاليف البرمجيات والمعدات المطلوبة لإعداد برامج المحاكاة وتطبيقها، وهي لا تناسب جميع أنواع التدريب ولا سيما تلك التي تتطلب مهارات عملية أو تطبيقية.

6. "التلعيب" (Gamification):

يُعَدُّ "التلعيب" طريقة تدريب تفاعلية ومبتكَرة، وقد اكتسب شهرة كبيرة في الآونة الأخيرة، وهو يقتضي الاستفادة من الألعاب في زيادة مستويات التفاعل والمتعة في التدريب؛ إذ يستند مفهوم "التلعيب" إلى ميل الإنسان الفطري إلى التحدي والمنافسة وتحصيل المكافآت، وهو ما يجعله طريقة فعالة لتحفيز الموظفين على التعلم وتنمية مهاراتهم.

يشجع "التلعيب" على التعلم الفعال عن طريق استخدام المهام والشارات والنقاط وغيرها من العناصر المرتبطة بالألعاب والتحديات في تحفيز الموظفين على الاندماج مع المحتوى والمشاركة الفاعلة في عملية التدريب، فهذا النوع من التدريب فعال في تنمية المهارات التي تتطلب التدريب والتكرار في أقسام المبيعات أو خدمة العملاء على سبيل المثال.

يمكن تصميم ألعاب مخصصة لاحتياجات كل موظف على حدى، وهو ما يؤدي إلى زيادة فاعلية التدريب؛ وذلك لأنَّ الموظف يتعلم وفق السرعة والكيفية التي تناسبه، ويركز على تحسين نقاط ضعفه.

تساهم هذه الطريقة في تحقيق الاستثمار الأمثل للوقت والموارد؛ وذلك لأنَّها تتيح للموظف إمكانية إجراء التدريب في الظروف الزمانية والمكانية التي تناسبه.

تكمن مشكلة هذه الطريقة في صعوبة تصميم لعبة تخدم أهداف التدريب، وقد يركز الموظف في بعض الحالات على المنافسة وينسى الهدف الرئيس للتدريب، ولا تصلح طريقة "التلعيب" لبعض أنواع المحتوى مثل المعلومات التقنية أو المعقدة.

7. التناوب الوظيفي:

ينتقل الموظف في هذه الطريقة من منصب إلى آخر ضمن الشركة؛ إذ تؤدي هذه الطريقة دوراً بارزاً في تنمية مهارات الموظف، ومساعدته على تكوين تصور شامل عن سير العمل في الشركة، وتهيئته وتزويده بالمؤهلات اللازمة لشغل المناصب القيادية في المستقبل، ويحصل رب العمل بالمقابل على طاقم يمتلك المؤهلات اللازمة للتأقلم مع تغيُّر الاحتياجات في السوق أو القطاع.

يساهم التناوب الوظيفي في زيادة مستوى اندماج الموظفين ورضاهم؛ وذلك لأنَّ الشركة تقدِّر أهميتهم وتستثمر الوقت والموارد في تنمية مهاراتهم، وتساعد هذه الطريقة من ناحية أخرى على تحديد المرشحين للمناصب القيادية، وزيادة قدرة الشركة على تلبية الاحتياجات المتغيرة، وأحد عيوب هذه الطريقة هو شعور الموظف بالقلق والتوتر عندما ينتقل لمنصب جديد، وقد يتأثر أداء أعضاء الفِرق جراء التبديل المتكرر للقادة.

خلاصة القول، التناوب الوظيفي طريقة فعالة لتدريب الموظفين ويعود بالنفع على كافة الأطراف؛ إذ تساعد هذه الطريقة على الحفاظ على نجاح الشركة والمنافسة في السوق، ويمكن الحد من مساوئ تطبيقها عبر التخطيط المدروس والتواصل الهادف مع الموظفين.

في الختام:

تهدف برامج التدريب إلى تنمية مهارات الموظفين واستثمار كامل إمكاناتهم وزيادة مستوى سعادتهم ورضاهم واندماجهم في العمل؛ إذ قدَّم الجزء الأول من المقال 7 طرائق فعالة ومتنوعة لتدريب الموظفين، وشرح الحالات المناسبة لتطبيق كل منها.