تتغير المهارات والاحتياجات التدريبية والقيم في مكان العمل باستمرار لمواكبة الأفكار والتكنولوجيا الجديدة؛ إذ يحتاج الفرد في العصر الحديث إلى العمل في بيئة تتيح له إمكانية تحقيق التقدم والنمو في حياته المهنية، وتشير الدراسات الإحصائية إلى أنَّ أحد أسباب الاستقالة والبحث عن فرص عمل جديدة يعود إلى عدم اهتمام المؤسسات بتنظيم برامج تدريب وتطوير تلبِّي احتياجات الموظفين وطموحاتهم المهنية، وتزدهر المؤسسات عندما تتفهم وتقدِّر رغبة الموظف بتنمية مهاراته ورفع سوية العمل.

فوائد تحسين برامج التدريب والتطوير:

تحتاج المؤسسات في العصر الحديث إلى تقييم فاعلية برامج التدريب والتطوير والعمل على تحسينها لمواكبة التغيرات في السوق ومساعدة جميع الموظفين والقادة على تحقيق أهدافهم المهنية؛ إذ تهدف برامج التدريب والتطوير إلى تنمية خبرات ومهارات الموظف، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة إنتاجية المؤسسة وتحسين أدائها.

إليك فيما يأتي 5 فوائد لبرامج التدريب الناجحة:

  1. زيادة معدلات الاحتفاظ بالموظفين عن طريق إعطاء الأولوية لبرامج التدريب التي تساعدهم على تحقيق التنمية المهنية.
  2. ضمان نجاح الشركة في المستقبل في ظل وجود التغيرات المستمرة في السوق من خلال تهيئة الموظفين وتزويدهم بالمهارات الضرورية على الأمد القصير والطويل في آنٍ معاً.
  3. توفير الوقت والمال، وزيادة الإنتاجية والفاعلية في العمل عن طريق تهيئة الموظفين وتزويدهم بالمهارات اللازمة لتأدية مهامهم على أكمل وجه.
  4. استقطاب المواهب والأيدي العاملة الخبيرة عن طريق تقديم فرص تدريب وبرامج تنمية مهنية تنافسية.
  5. زيادة اندماج الموظفين عن طريق تقدير أهميتهم وقيمتهم في العمل.

ثمة فوائد أخرى لتطبيق برامج التدريب والتطوير المتكاملة عندما تجري بطريقة منظَّمة ومضبوطة.

تحسين برامج التدريب والتطوير:

تعمد الشركات الناجحة إلى وضع خطط مدروسة لتحسين استراتيجيات التدريب والتطوير، ولا توجد منهجية أو خطة عمل موحَّدة تناسب جميع المؤسسات بسبب اختلاف الاحتياجات والمشكلات من شركة إلى أخرى.

إليك فيما يأتي 10 خطوات لتحسين برامج التدريب والتطوير:

1. تحديد الأهداف:

يجب تصميم برامج التدريب والتطوير بالاعتماد على أهداف المؤسسة من أجل تحقيق النتائج المرجوة، فهذه الخطوة بسيطة، لكن يتم إغفالها في غالب الأحيان؛ إذ يتطلب تحسين الإنتاجية والجودة، وزيادة رضى العملاء والموظفين تطبيق خطة عمل مدروسة لتحقيق هدف محدد، ويجب أن تقارن الشركة الخطط والأهداف المستقبلية مع المنافسين حتى تعرف كيفية إجراء التعديلات والتحسينات على برامج التدريب الحالية.

2. وضع معايير لتقييم التقدم:

يجب تقييم استراتيجيات التدريب والتطوير بحسب المعايير الموضوعة في كل مرحلة من مراحل البرنامج، وقد تشمل هذه المعايير تكاليف التدريب، ومعدلات إكمال البرنامج، ومدى تحقيق أهداف الموظفين، كما تُعَدُّ استطلاعات الرأي طريقة فعالة للحصول على التغذية الراجعة وجمع المعلومات اللازمة لتحسين استراتيجيات التدريب والتطوير.

3. التواصل مع الموظفين:

يتطلب إعداد خطط التدريب والتطوير الفعالة إدراك احتياجات الموظفين والحصول على موافقتهم والتأكد من رغبتهم بالمشاركة فيها، ويجب أخذ عامل رضى الموظفين في الحسبان في أثناء العمل على تحسين الأداء والإنتاجية وتحقيق أهداف المؤسسة، ويبرز اهتمام أصحاب القرار بتنمية مهارات وخبرات طاقم العمل عند إشراك الموظفين بعملية إعداد برامج التدريب والتطوير.

إليك فيما يأتي 6 أسئلة يمكنك أن تطرحها على الموظفين:

  1. ما هي الجوانب التي تعطيها الأولوية في وظيفتك؟
  2. ما هي المسؤوليات التي تواجه صعوبة في تأديتها؟
  3. ما هي طبيعة الدعم الذي تحتاج إليه للنجاح في وظيفتك؟
  4. هل تعتقد أنَّك تكتسب خبرات جديدة من عملك في المؤسسة؟
  5. هل تثير بعض المشاريع أو المناصب اهتمامك وتلبِّي رغبتك بالتقدم والنمو المهني؟
  6. ما هي المجالات والمهارات التي تتمنى أن تستكشفها أو تتقنها؟

4. مراعاة كل من أهداف الموظفين والإدارة في أثناء وضع برامج التدريب والتطوير:

تراعي استراتيجيات التدريب الفعالة أهداف الإدارة والموظفين على حدٍّ سواء، لهذا السبب يجب الاستعلام عن أهداف الموظفين باهتمام؛ إذ تضم القوى العاملة الحالية 5 أجيال تختلف عن بعضها من حيث الأهداف والتطلعات المهنية.

يشارك المدير الناجح في إعداد وتطبيق برامج التدريب والتطوير، ويدرك أهمية هذه الإجراءات في تنمية مهارات الموظفين وزيادة خبراتهم؛ إذ تزداد فاعلية التدريب عندما يشارك المدير أو القائد في إدارة الجلسات ويحفز تفاعل واندماج الموظفين ويوفق بين أهداف الموظف والإدارة.

5. إدراج برامج التدريب ضمن خطة عمل الشركة:

تتسم برامج التدريب الفعالة بكونها متسقة وقابلة للتعديل والتحسين في جميع مراحل تحديد الأهداف والتطبيق والتقييم، فيجب تخصيص وقت محدد لتطبيق برامج التدريب والتطوير ضمن خطة عمل الشركة من أجل ضمان تنفيذ المبادرة في حال ازدادت ضغوطات العمل والانشغالات في المؤسسة؛ إذ يُفضَّل تحديد موعد التدريب حتى لو كانت الموضوعات عرضة للتغيير عندما يحين الموعد، وتزداد فاعلية التدريبات عندما تكون منظمة بشكل مسبق، وهي تضمن حصول جميع أعضاء الفريق على مزيد من فرص التدريب بصورة منتظمة، وهي أفضل من البرامج التي تُصمَّم عند الطلب.

6. إعداد برامج تدريب بسيطة:

قد تواجه بعض الصعوبة عند إعداد برامج تدريب وتطوير ضخمة وشاملة، لهذا السبب يُنصَح بالبدء ببرامج بسيطة تجريبية قابلة للتحديث والتطوير خلال مراحل تحديد الأهداف، وتقييم المعايير، والتواصل مع الموظفين والإدارة لتقييم البرنامج بشكل نهائي.

يُفضَّل المحافظة على بساطة البرامج الناجحة حتى تبقى قابلة للتطبيق، كما يجب توقُّع نتائج منطقية ووضع خطة قابلة للتعديل تتيح لك إمكانية إجراء التغييرات على برامج التدريب والتطوير وفق احتياجاتك، فقد تصمم برامج تدريب مستمر محدودة لمواكبة التغيرات المتسارعة في السوق.

7. مراعاة أنماط التدريب المختلفة:

يجب أن تراعي المؤسسات اختلاف أنماط التعلم من شخص لآخر عن طريق تقديم مجموعة متنوعة من طرائق وتقنيات التدريب، وفيما يأتي أنواع التدريب الأساسية:

1. المحاضرات:

يُفضَّل استخدام المحاضرات عند التعامل مع مجموعة كبيرة من الأفراد، ولا سيما في حالة تقديم معلومات عامة وسهلة الاستيعاب.

2. "التدريب في موقع العمل" (On-the-job training):

يتم في هذا النوع من التدريب تطبيق المهارات على أرض الواقع، وهو مناسب للموظفين والعاملين في المناصب الإدارية على حدٍّ سواء.

3. النقاشات الجماعية:

وهي تُعَدُّ طريقة فعالة لتحفيز عمليات التفكير، وإجراء النقاشات، وطرح الأسئلة بأريحية وصراحة.

4. الألعاب والاختبارات:

يمكن استخدام التقنيات الممتعة والتفاعلية من أجل تحفيز المنافسة السوية بين المتدربين وزيادة قدرة الموظفين على الاحتفاظ بالمعلومات على الأمد الطويل.

5. مقاطع الفيديو:

تُعَدُّ مقاطع الفيديو أداة فعالة للفرد الذي يفضل وسائل التدريب البصرية، فيمكن إعادة عرض المقطع مرات عدة.

6. المحاكاة:

المحاكاة عبارة عن تجارب واقعية تُقدَّم في بيئة آمنة تتيح للأفراد إمكانية تجريب المعارف والمهارات وتنميتها قبل تطبيقها في الحياة العملية.

يتطلب التوفيق بين أنماط التدريب المختلفة تخصيص الوقت اللازم للتواصل بين المعنيين في كافة مستويات المؤسسة، وتستحق النتائج هذا الوقت والجهد.

8. الحصول على تغذية راجعة بنَّاءة بشكل دوري:

يتطلب النجاح في تطبيق برامج التدريب والتطوير الحصول على تغذية راجعة منتظمة، ويتم ذلك عن طريق الاستعلام عن تجارب الموظفين ورأيهم بفاعلية البرامج ومدى رضاهم عن النتائج بهدف جمع المعلومات اللازمة لإجراء التحسينات على التدريب، وإعداد مبادرات جديدة على حدٍّ سواء.

فيما يأتي 4 طرائق للحصول على تغذية راجعة تقيِّم برامج التدريب والتطوير:

  1. استطلاعات تقييم مستوى اندماج الموظفين.
  2. الاجتماعات الفردية.
  3. النقاشات الجماعية.
  4. التقييمات.

9. تعديل استراتيجيات التدريب والتطوير بحسب نتائج التغذية الراجعة:

تعمد الشركات الناجحة إلى طلب تغذية راجعة صريحة ودورية من الموظفين بغية إعداد برامج تدريب وتطوير فعالة، فيجب الاعتماد على التغذية الراجعة للموظفين في إجراء التحسينات على برامج التدريب والتطوير؛ وذلك لأنَّ الموظف يتعامل مع مواد التدريب بشكل مباشر، وهذا يعني أنَّه قادر على تقييم التجربة وتقديم معلومات قيِّمة؛ إذ يعرف الموظف من ناحية أخرى أنَّ أصحاب القرار في المؤسسة يقدِّرون مساهمته ورأيه عند طلب التغذية الراجعة.

يُستحسَن أن تناقش الموظفين بالقرارات والتغييرات التي تعتزم تطبيقها بناءً على بيانات التغذية الراجعة، وتشرح لهم أسباب استبعاد الاقتراحات التي قدموها.

10. تقييم النتائج:

تقتضي الخطوة النهائية تقييم نتائج إجراءات التدريب والتطوير حتى تعرف تأثير الخطوات السابقة في فاعلية مبادرات التدريب، فقد تبدأ بمقارنة بيانات التغذية الراجعة للموظفين مع الأهداف والمعايير الموضوعة، ويقتضي تحسين برامج التدريب والتطوير تقييم كل من الإجراءات الناجحة والفاشلة على حدٍّ سواء.

في الختام:

تتميز بيئات العمل الناجحة بتركيزها على استراتيجيات التدريب والتطوير بهدف تعزيز اندماج الموظفين، وزيادة الإنتاجية والفاعلية في العمل، وتحقيق أهداف المؤسسة.