حدِّد المدة المناسبة للجلسات التدريبية لتعزيز جودتها، فلا تجعلها تمتد لفترات طويلة، فتؤدي إلى الشعور بالإرهاق وانخفاض التفاعل، وبالتالي عدم القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات؛ ولا لفترات قصيرة، فلا يجد المشاركون وقتاً كافياً لاستيعاب المفاهيم الأساسية والنقاط الجوهرية، وبالتالي لا تتحقق النتائج المرجوة. بينما يؤدي تحديد المدة المثلى للجلسات إلى تحسين انتباه المشاركين وتعزيز قدرتهم على التعلم.

يؤثر طول الجلسة في جودة تجربة التدريب، وفي حماس المشاركين لمواصلة التفاعل مع المحتوى. لذا، يتطلب إنشاء جلسات تدريبية فعالة ومثمرة، وتحديد المدة المناسبة التي تتيح الوقت الكافي للتعلم، ولا تؤدي إلى الإرهاق أو التشتت.

يبحث المقال في كيفية اختيار المدة المثالية للجلسة التدريبية في مكان العمل لتكون ملائمة وفعالة.

إيجابيات وسلبيات كل من الجلسات القصيرة والطويلة

إيجابيات الجلسات القصيرة

  • توفير المرونة: تُدرَج الجلسات القصيرة بسهولة ضمن الجداول المزدحمة، مما يتيح للمشاركين تخصيص الوقت للتعلُّم دون أن يضغطوا على أنفسهم.
  • تعزيز التركيز: تشجع الجلسات القصيرة المشاركين على التركيز والتفاعل طوال مدتها؛ لأنَّهم يعلمون أنَّها ستكون مختصرة وواضحة.
  • تحسين القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات: أظهرت الدراسات أنَّ تقسيم التدريب إلى عدد أكبر من الجلسات القصيرة، يرسخ المعلومات في أذهان المتدربين بفاعلية من الجلسات الطويلة.

سلبيات الجلسات القصيرة

  • عدم القدرة على التعمق في الموضوعات: لا توفر الجلسات القصيرة ما يكفي من الوقت للتعمق في موضوعات معقدة أو إجراء نقاشات مستفيضة.
  • عدم ترابط الأفكار: لا يُنصَح بنموذج الجلسات القصيرة عندما يكون المحتوى مترابط وتراكمي ويتطلب فهم شامل، ويمكن أن يؤدي التقسيم في مثل هذه الحالات إلى فقدان الترابط بين المفاهيم، وهو ما يضعف جودة التعلم.

إيجابيات الجلسات الطويلة

  • التعلم الشامل: تتيح الجلسات الطويلة الوقت الكافي لاستكشاف الموضوعات المعقدة، والمشاركة في النقاشات، والتعمق في التفاصيل، مما يضمن تجربة تعليمية شاملة.
  • إجراء نقاشات مُعمَّقة: تتيح الجلسات الطويلة إجراء نقاشات عميقة بين المشاركين، مما يعزز التعاون وتبادل المعرفة.
  • توفير الوقت للتفكر: تتيح الجلسات الطويلة للمشاركين فرصة للتفكر في المادة، وتطبيقها على مواقف واقعية.

سلبيات الجلسات الطويلة

  • الإرهاق وقلة المشاركة: قد تؤدي الجلسات الطويلة إلى إرهاق المشاركين وقلة مشاركتهم، لا سيما إذا لم يكن أسلوب تقديم المحتوى جذاباً.
  • ضيق الوقت: قد يصعب إدراج الجلسات القصيرة ضمن الجداول المزدحمة، وبالتالي لا يتمكن المشاركون من تخصيص الوقت اللازم لحضورها.

ورشات العمل

أمثلة عن مدة الدورات التدريبية

ينبغي أن يحدد المدربون المدة المثلى لجلسات التدريب؛ إذ تتوفر أطر زمنية محددة يُستحسن الالتزام بها، لكنَّها تختلف تبعاً لعدد من العوامل الأساسية. في ما يلي، أبرزها:

1. جلسة لمدة ساعة أو ساعتين

تفضِّل عدد من الشركات الجلسات التدريبية التي تتراوح مدتها بين ساعة وساعتين؛ إذ تقلل الوقت الذي يقضيه الموظفون في التدريب، مقارنةً بالوقت المخصص لأداء مهامهم الوظيفية. كما وتُعد بعض أنواع التدريب الوظيفي ملائمةً تماماً للجلسات القصيرة، كالجلسات التمهيدية التي تقدم لمحة عامة عن موضوع معيَّن.

2. التدريب لنصف يوم

إذا كانت مدة 3-4 ساعات كافية لتغطية المفاهيم الأساسية وتطبيقها عملياً، فإنَّ جلسة تدريبية لنصف يوم تُعد كافية.

يُعد هذا الإطار الزمني مناسباً لمراجعة المعلومات أو تلقين المواد التي يسهل إتقانها، مثل الكتابة في سياق الأعمال، أو ورشات العمل المخصصة بالتوعية بالصحة النفسية في بيئة العمل، والتي تتناول المفاهيم والإرشادات الأساسية، وتطبيق 3-4 نشاطات، ولا تتطلب ما يزيد عن ساعتين أو جلسة لنصف يوم لتقديمها بفعالية.

3. دورات ليوم كامل

يُعد التدريب ليوم كامل الإطار الزمني الأمثل لمعظم الدورات؛ إذ يتيح وقتاً كافياً لتغطية المفاهيم الرئيسة، وإقامة جلسات تدريب تفاعلية، واختتام يوم التدريب. تُناسب الدورات التمهيدية البرامج التي تستغرق يوماً واحداً، إلى جانب دورات، مثل: إدارة الوقت وأساسيات التسويق؛ والتي يسهُل إضافة النشاطات المناسبة إليها.

4. دورات لمدة يومين

لا تُشرَح الموضوعات المعقدة والصعبة في يوم واحد، وفي مثل هذه الحالة يُفضَّل تخصيص يومين للتدريب من أجل مراجعة المفاهيم الصعبة، وإكمال التدريب، وتطبيق المعلومات والمهارات الجديدة من خلال تمرينات تقمص الأدوار وغيرها من النشاطات التفاعلية.

5. تدريب لمدة 3 أيام

قليلةٌ هي الدورات التي تمتد لفترة 3 أيام؛ نتيجة قلة الطلب عليها، لكنَّها مناسبة لشرح نظريات ومهارات معقدة يصعب استيعابها وإتقانها.

عوامل هامة عند تحديد مدة جلسة التدريب للموظفين

1. نوع المادة

يُؤثِّر تعقيد وعمق المادة في مدة جلسات التدريب، فإذا كان الموضوع معقداً أو يتطلب مناقشة مُعمّقة، فالجلسات الطويلة ضرورية لضمان حصول المشاركين على الوقت الكافي لفهم المفاهيم وتطبيقها.

2. مدى انتباه المُشاركين

ينبغي تحديد مدة الجلسات التدريبية بناءً على مدى انتباه المشاركين؛ إذ أظهرت الدراسات أنَّ متوسط الوقت الذي يمكن للشخص التركيز فيه، يعتمد على عوامل مثل: العمر، والاهتمام بالموضوع، والقدرات الإدراكية.

فقد تكون قدرة المشاركين الشباب على التركيز أقل من قدرة الأكبر سناً، وهنا تكمن أهمية مراعاة مدى انتباه الجمهور المُستهدف في تصميم جلسات تتلاءم مع قدرتهم على التركيز والتفاعل.

3. أهداف ونتائج التعلُّم

تؤثر أهداف ونتائج التعلُّم في مدة الجلسات أيضاً، فقد تكون الجلسات الطويلة ضرورية عند الحاجة إلى تغطية عدد من المحاور المعقدة، ومن جهة أخرى، إذا كانت الأهداف مركَّزة، وتحقَّق في إطار زمني أقصر، فقد تكون الجلسات القصيرة أكثر فعالية. 

تُصمَّم بمراعاة هذه العوامل جلسات تدريبية تناسب المادة واحتياجات المشاركين.

ورشات العمل

تخصيص مدة الجلسات لتناسب أنواع التدريب المختلفة

1. التدريب التمهيدي أو الأساسيات

تناسب الجلسات القصيرة التدريب التمهيدي أو التي تغطي أساسيات المادة، وذلك لتجنب إرهاق المشاركين.

2. التدريب على المهارات

تناسب الجلسات الطويلة التدريب على المهارات، مثل: ورشات العمل أو التمرينات العملية، مما يوفر للمشاركين الوقت الكافي لتطبيق المهارات وتنميتها.

3. التدريب على المفاهيم النظرية أو المعقدة

يتطلب التدريب على المفاهيم المعقدة أو النظرية جلسات طويلة لتغطية تفاصيل الموضوع، مما يتيح للمشاركين استيعاب المفاهيم والمشاركة في مناقشات هادفة.

من خلال تخصيص مدة الجلسة لتناسب نوع التدريب المحدد، تحسَّن تجربة التعلم وتضمن حصول المشاركين على الوقت الكافي لاستيعاب المعلومات وتطبيقها.

استراتيجيات لإدارة الوقت بفعالية خلال جلسات التدريب

1. وضع جدول أعمال مفصَّل

ضع خطة شاملة قبل كل جلسة تدريب توضح بالتفصيل الموضوعات الرئيسة التي ستُطرَح والوقت المخصص لكل منها، مما يتيح إنشاء إطار مُنظَّم يوضح للمشاركين المعلومات التي سيتلقونها.

2. تبسيط الموضوعات المُعقدة

قسِّم الموضوعات المعقدة إلى أجزاء صغيرة يسهل إدارتها؛ لأنَّ القدرة الاستيعابية تتراجع عند تلقي مقدار كبير من المعلومات دفعة واحدة.

3. استخدام العناصر التفاعلية

أضف لمسة مميزة على الجلسات من خلال استخدام عناصر تفاعلية، مثل: المناقشات الجماعية، والنشاطات، والاختبارات القصيرة، وذلك للحفاظ على تفاعل المشاركين وتعزيز التعلم؛ إذ تسهم هذه النشاطات في تنويع محاور الجلسة، وتجنب الملل، وإدارة الوقت.

4. استخدام الوسائل البصرية

استفد من الوسائل البصرية، مثل: الشرائح أو مقاطع الفيديو، في إيصال المعلومات بسلاسة، وتعزيز التفاعل؛ إذ يُحسِّن استخدامها الفهم، ويوفر الوقت.

5. تخصيص الوقت للأسئلة والتغذية الراجعة

خصص فترات محددة للمشاركين لطرح الأسئلة وتقديم التغذية الراجعة؛ إذ تضمن هذه الممارسة الرد على استفساراتهم في الوقت المناسب، وتعزيز مشاركتهم الفعالة في عملية التعلم.

من خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن إدارة الوقت بكفاءة خلال جلسات التدريب، وتهيئة بيئة مواتية للتعلم والتركيز.

كيفية تحديد المدة المثالية لجلسات التدريب

على الرغم من وجود إرشادات عامة لتحديد المدة المثالية لجلسات التدريب، من الهام تقييم الاحتياجات والتفضيلات المخصصة للمشاركين. في ما يلي، بعض الأفكار لتقدير المدة المثالية:

1. إجراء استطلاعات الرأي

أجرِ استطلاعات رأي قبل تصميم برنامج التدريب لجمع التغذية الراجعة من المشاركين المحتملين، واسأل عن مدة الجلسة التي يفضلونها، والعوامل التي تؤثر في فعالية التجربة برأيهم.

2. جلسات الاختبار التجريبي

أجرِ جلسات تجريبية مع مجموعة صغيرة من المشاركين لتقييم مدى تفاعلهم وانتباههم ورضاهم، واجمع التغذية الراجعة بعد كل جلسة لإجراء تعديلات مدروسة.

3. تحليل التغذية الراجعة من المشاركين

حلِّل تغذيتهم الراجعة دورياً لتحديد الأنماط أو التوجهات المتعلقة بمدة الجلسة، وانتبه للملاحظات المتعلقة بالتفاعل، وحفظ المعلومات، والقيمة التي يجدها المشاركون في التدريب.

4. مراقبة أداء المشاركين

قيِّم أداء المشاركين وتقدُّمهم طوال فترة البرنامج التدريبي، فإذا واجهوا صعوبةً في موضوعات معيَّنة، فقد يشير ذلك إلى الحاجة إلى مزيد من الوقت لتغطيتها بفعالية.

يحسن جمع التغذية الراجعة ومراقبة ردود المشاركين الجلسات، وذلك لتعزيز التفاعل، وتحقيق أهداف التعلم.

ورشات العمل

كيفية تجربة فترات مختلفة للجلسات وجمع التغذية الراجعة

1. تقسيم المشاركين إلى مجموعات

قسِّم المشاركين إلى مجموعات مختلفة، وخصِّص لكل مجموعة جلسة مدتها مختلفة، فيمكن أن تكون جلسات المجموعة (أ) قصيرة، بينما جلسات المجموعة (ب) طويلة.

2. جمع التغذية الراجعة بعد كل جلسة

اطلب من المشاركين بعد كل جلسة تقديم تغذية راجعة لمعرفة مستوى تفاعلهم، وفهمهم، ورأيهم بتجربة التدريب.

3. تحليل التغذية الراجعة وتعديل الجلسات وفقاً لها

حلِّل التغذية الراجعة التي جمعتها، ثم قارِن النتائج بين فترات الجلسات المختلفة، وابحث عن التوجهات أو الأنماط التي تُشير إلى المدة المثلى التي تحقق أفضل تفاعل ونتائج ممكنة.

4. المراجعة وتحسين الجلسات

استخدِم التغذية الراجعة والتحليلات لمراجعة جلسات التدريب وتحسينها، مع ضمان توافقها مع المدة الزمنية المثلى، ولمعرفة كيفية إجراء التدريب، ثم تعديله وتطويره في المستقبل.

من خلال تجربة فترات مختلفة وجمع التغذية الراجعة، يمكن تحسين البرامج التدريبية، وضمان حصول المشاركين على أقصى استفادة من كل جلسة.

عوامل هامة أخرى عند تصميم ورشات العمل

1. احتياجات التدريب

يجب تقييم الاحتياجات التدريبية للشركات بدقة قبل تقديم التدريب لهم من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:

  • إلى أي مدى يحتاجون إلى تغطية موضوع معيَّن؟ وما هو مستوى الكفاءة الذي يجب أن يحققه موظفوهم؟
  • ما هو مستوى المعرفة أو الخبرة التي يمتلكونها بالفعل في الموضوع المطروح؟

ينبغي أن يعطيك العملاء فكرة عن احتياجات الموظفين كي تتمكن من تصميم التدريب بناءً عليها.

2. أهداف التعلم

يجب تحديد أهداف التعلم وحجم المحتوى المطلوب في التخطيط للتدريب، ثم تحدد المدة الأنسب للدورة بناء عليهما.

3. مستويات التفاعل

النشاطات التفاعلية ضرورية لنجاح الجلسة وحفظ المعلومات، وكلما كان التفاعل المطلوب في التدريب أكبر، زادت الحاجة إلى إطالة مدة الجلسة.

تُختصَر مدة الجلسة دون التأثير في التفاعل من خلال اتباع نموذج التعلم المقلوب (flipped learning)، والذي يعني تقديم محتوى للمشاركين (مثل مواد ليقرأها أو محاضرات مسجَّلة أو مقاطع فيديو) قبل الجلسة، لكي يكوِّنوا فكرة عن الموضوع، ويستثمروا الجزء الأكبر من وقت الجلسة في القيام بالنشاطات مثل المناقشات.

ينجح نهج التعلم المقلوب في الحالات التالية:

  • إذا كان المشاركون متحمسين للتفاعل مع المحتوى قبل الجلسة.
  • إذا منحتهم الوقت الكافي لدراسة المحتوى قبل جلسة التدريب.
  • إذا كانوا على دراية بأساسيات الموضوع، ويحتاجون إلى إتقانه بعمق.

4. عدد المشاركين

من الأمور الهامة الأخرى التي يجب مراعاتها هو عدد المشاركين، ويُنصَح بتسجيل 12 مشاركاً بوصفه حداً أقصى، ولكن قد تطلب الشركة التي تُدرِّبها أحياناً عدداً محدداً قد يفوق ذلك، فتضطر إلى تعديل جدول ورشة العمل لاستيعاب هذا العدد.

تشمل هذه التعديلات إطالة مدة التدريب أو تقسيم المشاركين إلى مجموعتين وتقديم المحتوى لكل منهما على حدة.

في الختام

يُعد اختيار المدة المثالية للجلسات التدريبية أمراً أساسياً لتحقيق أهداف التدريب، وذلك من خلال مراعاة عوامل، مثل: نوع المادة، ومدى انتباه المشاركين، ونتائج التعلم، وذلك لتنظيم جلسات تناسب احتياجات الجمهور.

جرِّب كل فترة مدة مختلفة للجلسات، واجمع التغذية الراجعة، واستفِد من التكنولوجيا لتحسين برنامج التدريب دورياً، بهدف تعزيز المشاركة، وتذكر المعلومات، وبالتالي نجاح البرنامج.