تستمر المحادثات في كافة أنحاء العالم حول كيفية مواجهة العنصرية وعدم المساواة والظلم؛ حيث تعتمد العديد من المؤسسات على القيم الأساسية لتوجيهها نحو تحسين بيئات عملها؛ فاحترام الآخرين ورفض العنصرية، والتمييز، والتحرش هي مبادئ أساسية لخلق كيان يُمكِّننا نحن ومؤسساتنا وعالمنا من الازدهار.

سوف يُناقش هذا المقال أهمية التنوع والاندماج في مكان العمل، وكيفية تطبيقه في المؤسسة، والتأكد من أنَّ هذه العملية هي جزء من ثقافة مؤسستك، وليس فقط برنامجك التدريبي.

فوائد التدريب على التنوع والاندماج

يتمتع التدريب على التنوع والاندماج بإمكانية التعامل تعاملاً إيجابيَّاً مع حالات التحيز التي قد تحدث داخل المنظمة؛ حيث إنَّ إظهار أهمية التنوع والاندماج لمؤسستك، وكذلك أهمية استراتيجية التدريب سوف يكون له أثر كبير في إظهار التفاني في إنشاء مكان عمل يَنصهر جميع مَن فيه فعلاً في بوتقةٍ واحدة، ووجود هذه الاستراتيجية وتنفيذها سيعود بمنافع عديدة على موظفيك ومؤسستك.

قد يساعد توفير هذا التدريب على تعزيز الاحتفاظ بالمواهب؛ فعندما تركز على كل من التنوع والاندماج وتُظهر للموظفين أنَّ المؤسسة ترحب بهم، فهذا يساعد على الاحتفاظ بالموهبة؛ وذلك لأنَّ الموظفين الذين يشعرون بعدم التقدير أو الإقصاء سيكونون غير سعداء، وفي النهاية يغادرون، أما عندما يشعر الموظفون بالترحيب والقبول، فسوف يزداد شعورهم بالرضا، فما يريده عمال اليوم ليس أرباب عمل لا يمارسون التمييز فحسب؛ بل يشجعون أيضاً على تقبُّل الاختلافات.

يساعد إنشاء بيئة شاملة ومتنوعة على زيادة قيمة المؤسسة؛ وذلك لأنَّ الموظفين يشعرون برضا أكثر من خلال العمل الذي يقومون به، ومن ثم يسعون جاهدين إلى العمل بجودة أعلى، كما قد يؤدي وجود فريق أكثر تنوعاً إلى تعزيز الإنتاجية والابتكار أيضاً؛ حيث توفر وجهات النظر المختلفة المزيد من الإبداع والأفكار، وبذلك يُتاح لأعضاء الفريق فرصة التعلُّم من بعضهم بعضاً، وتصبح المؤسسات أكثر قدرة على الإنتاج والإبداع بطرائق أكثر ابتكاراً من خلال مجموعات المهارات والخبرات الحياتية والأفكار الأكثر تنوعاً.

قد يساعد التدريب على التنوع والاندماج مديري التوظيف - وحتى أولئك الذين لا علاقة لهم بالتوظيف - على معالجة تحيزاتهم اللاواعية بينما يساعدون بدورهم على بناء المزيد من التنوع داخل المؤسسة، ونظراً لأنَّ التحيزات اللاواعية يمكن أن تؤثر في الأفكار والكلمات والأفعال تأثيراً جوهرياً (وغالباً ما تكون ضارة)، فمن الهام معرفة ماهيتها وكيفية تخفيف تأثيرها.

تصميم برنامج التدريب على التنوع والاندماج

كما هو الحال مع العديد من الأشياء في المؤسسات، لا يوجد نهج تدريب واحد يناسب الجميع؛ إذ يجب عليك إعداد الخطة الأفضل لك ولمؤسستك وموظفيك، سوف تحتاج إلى النظر إلى الداخل وممارسة التفكير الذاتي، وإجراء مبادرات لجمع الحقائق مثل الاستطلاعات، ومجموعات التركيز، وتقييم ثقافة مؤسستك، وتحديد النزاعات والمشكلات العالقة التي يواجهها الموظفون، وبمجرد الانتهاء من البحث وتحليل البيانات، فأنت على استعداد للبدء.

سوف تحتاج أولاً إلى تطوير أهدافك وغاياتك من برنامج التدريب، ويجب أن تناسب احتياجات مؤسستك وتاريخها وثقافتها بحيث يتخذ محتوى التدريب نهجاً عملياً لمعالجة البيانات والحالات التي وجدتها في استطلاعات تقصي الحقائق ومجموعات التركيز.

وبعد ذلك، ضع تعريفاً واضحاً ومفصلاً لشكل البرنامج، ويجب أن يوفر برنامج التدريب على التنوع والاندماج طرائق للمشاركة في مناقشات محترمة، مع الحد من التمييز والتحيز الناجمَين عن عوامل مثل اللون والجنس والعِرق والإعاقة وما إلى ذلك.

يجب أن تستهدف الخطة جميع موظفيك وتعالج المشكلات بما في ذلك الاعتداءات الصغيرة، والتحيز اللاواعي، والتواصل بين الثقافات، سيسمح هذا لبرنامجك بالتوجه نحو الموظفين الذين يعملون جيداً معاً ويتبادلون وجهات نظر مختلفة بدلاً من أن يكتفوا بالوقوف مكتوفي الأيدي.

لتحقيق أفضل النتائج، يجب أن يمتد التدريب على التنوع والاندماج فترةً زمنية طويلة، وألا يحدث مرة واحدة في السنة فقط؛ فبدلاً من أن يكون لديك معايير سنوية يتعين عليك تلبيتها، قدِّم برنامج التدريب لموظفيك على مراحل بدلاً من تقديمه دفعة واحدة، واسمح لهم بتلقي التدريب خلال فترة زمنية محددة حتى يتمكنوا من استيعاب كل درس وتطبيقه في عملهم وتفاعلاتهم اليومية، ويساعد هذا على فهْم التدريب، حتى لا يُنسى الدرس على الفور.

افتتاح برنامج التدريب

عندما تكون جاهزاً لافتتاح برنامج التدريب، فكر في اعتماد نهج متكامل؛ إذ يستجيب الموظفون للتدريب عندما يشمل أنواعاً متعددة من التعليم، بما في ذلك التدريب في الفصول الدراسية والتدريب عبر الإنترنت والمناقشات والتمرينات، فلا يتعلَّم كل موظف بالطريقة نفسها، لذا فإنَّ اتباع أسلوب مختلط سيكون مناسباً للعديد من الموظفين ويوسِّع المهمة المتمثلة في أن يكون التعليم شاملاً.

سوف تكون هذه البرامج أكثر نجاحاً إذا كان لدى مؤسستك مبادرات أخرى، مثل المنتورينغ أو شبكات بناء العلاقات التي تضمُّ مجموعات الأشخاص الذين لا يحظون بما يكفي من التمثيل.

يمكنك التدريب على التنوع والاندماج من خلال الاستفادة من هذه العلاقات وإجراء مناقشات حول ثقافة الشركة، ورضا الموظفين، وما إلى ذلك، ثم طبِّق برنامج التدريب على التنوع والاندماج بحيث يترسخ في ثقافة مؤسستك منذ البداية من خلال كونك جزءاً من رحلة تأهيل كل موظف.

ترسيخ التنوع والاندماج في ثقافة الشركة

من الواضح أنَّ التدريب على التنوع والاندماج هام، ولكنَّه لا يقتصر على توفير المعلومات؛ فهو نقطة انطلاق لتحويل ثقافة شركتك إلى ثقافة تُقدِّر التنوع وجميع الأساليب التي تساعد بها موظفيك ومؤسستك على النمو والازدهار، فتدريب الموظفين من كافة المستويات على هذه الجوانب أمرٌ حيوي لمساعدتهم على التفكير في تحيزهم اللاواعي وأسبابه، وقبول التغيير، والتحدث والتصرف بشكل مختلف، والسعي بجدٍّ إلى بناء وتعزيز الشمولية.

عندما تكون الثقافة من النوع الذي يجعل الموظفين يشعرون بأنَّهم ذوو قيمة وبأنَّهم يُحدثون فرقاً، فهذا يضمن أنَّهم سيُقدِّمون أفضل ما لديهم للمضي قدماً؛ فتعزيز مكان العمل الذي يشعر جميع الموظفين فيه بالثقة بأنفسهم وبما يقدِّمونه وسيلة قوية لتعزيز الإبداع والابتكار.

استخدام التدريب عبر الإنترنت لتعزيز التنوع والاندماج

سرعان ما أصبح التدريب عبر الإنترنت أفضل طريقة لتعليم الموظفين بعض المهارات التي يحتاجونها لأداء وظائفهم؛ حيث أظهرت العديد من الدراسات أنَّ التدريب عبر الإنترنت غالباً ما يكون أكثر فاعلية، وأنَّ المتعلِّمين يحتفظون بمعلومات أكثر من التدريب في الفصل وحده. 

توفر بعض منصات التعلُّم عبر الإنترنت مكتبة من الفيديوهات التدريبية المتنوعة مع العديد من الدورات التدريبية التي تركز على تطوير جميع أنواع الوعي والمهارات الشخصية؛ حيث تُقسِّم مقاطع الفيديو المحتوى إلى أجزاء أصغر وأكثر قابلية للإدارة، مما يُسهِّل على الموظفين تعلُّم هذه المهارات وتطبيقها في العمل، ويمكن مشاهدة هذه الدورات التدريبية عبر الإنترنت فردياً؛ حيث يتعلَّم الموظفون بأنفسهم في العمل أو في المنزل، أو كجزء من بيئة تدريب جماعية، كما أنَّهم يستخدمون استراتيجيات التعلُّم الحديثة التي تثير تفاعل المتعلمين وتُعزِّز المحتوى بحيث يصبح من الصعب نسيان المعلومات.