تُثبت التجارب أنَّ استجابة الأفراد تتحسن في برامج التعلم الشاملة، وتتراجع عندما تكون لغة المحتوى غير مفهومة، أو موجَّهة لثقافة أو بيئة مختلفة، أو تحتوي المواد على إشارات لفظية مبهمة أو مسيئة؛ لذا ينبغي على المتخصصين في مجال التعلم إيلاء اهتمام مخصص لهذه العوامل عند تصميم المحتوى، فالشمولية لا تقتصر على الترجمة الصحيحة فحسب؛ بل تتطلب تضمين السياقات الملائمة والمعايير الثقافية المناسبة، فيميل الأفراد في بعض المجتمعات إلى الأسلوب المباشر في التواصل، بينما يفضل آخرون التعبير بإسهاب، ويمكن أن يؤدي تحقيق التوازن بين هذه الفوارق إلى تجربة تعلم أكثر فعالية؛ إذ يشعر المتلقي بأنَّ المحتوى قد أُعِدَّ خصيصاً له.
تعزيز شعور الموظفين بالترحيب في بيئة العمل
يُعد الترحيب بالموظفين، سواء كانوا جدداً أم من أصحاب الخبرة، أمراً بالغ الأهمية؛ لأنَّه يبرز ثقافة الشركة القائمة على الشمولية والتعاون، فالشمولية ليست مجرد مفهوم؛ بل هي نهج عملي يوحِّد الجميع ويجعلهم يسيرون تجاه أهداف مشتركة، مما يعزز نجاح برامج التعلم والتطوير المهني.
ازدادت أهمية هذا النهج خصيصاً خلال جائحة "كوفيد-19" والتوجه للعمل عن بُعد؛ إذ غالباً ما تتم التفاعلات التعليمية افتراضياً، فتجد المؤسسات طرائق فعالة لتوفير بيئة ترحيبية حتى من وراء الشاشات، وتشير بيانات شركة "مكِنزي وشركاؤه" (McKinsey & Company) إلى أنَّ التعلم عن بُعد، يحقق نتائج إيجابية؛ إذ كشف استطلاع شمل 660 مشاركاً أنَّ 87% من الأفراد يرون أنَّ التدريب الافتراضي لا يقل كفاءة عن البرامج التي تجري على أرض الواقع.
إليك 4 استراتيجيات لتحسين هذه النسبة والتأكد من أنَّ برامج التعلم الرقمي شاملة قدر الإمكان:
1. مراعاة إمكانية الوصول
يجب أن يُتاح المحتوى التعليمي لجميع المتعلمين، بغض النظر عن احتياجاتهم الفردية، ويتطلب ذلك الالتزام بمبادئ الوصول الشامل، مثل توفير خيارات نصية واضحة، واستخدام ألوان متباينة لمساعدة ضعاف البصر، وإضافة ترجمات أو تحسين الصوت لمن يعانون من ضعف السمع، كما أنَّ تقليل الكم الزائد من المعلومات، يحسن التركيز ويُجنِّب إرهاق المتعلمين.
2. دمج العناصر الثقافية
ينبغي أن يرتبط المحتوى التعليمي بالسياق الثقافي للمتعلم لضمان تفاعل أكبر؛ إذ يعد دعم اللغات المتعددة أمراً أساسياً، إلى جانب استخدام أمثلة محلية تزيد ارتباط المتعلم بالمحتوى، ومن الضروري تجنب المصطلحات التجارية المتخصصة التي قد تكون غير مفهومة لبعض الأشخاص؛ لأنَّ الهدف الأساسي هو التواصل الواضح والفعال.
3. التنويع
يتعلم الأفراد بطرائق مختلفة، فبعضهم يفضل التعلم البصري، بينما يحبذ آخرون التعلم السمعي أو التفاعلي؛ لذلك ينبغي توفير المحتوى بتنسيقات متعددة، مثل مقاطع الفيديو والصوت، والندوات الإلكترونية، والمواد النصية، لاستيعاب المعلومات استيعاباً يتناسب مع الخيارات التي يفضلها كل متعلم، كما يُستحسن تسجيل جميع الجلسات لتمكين التعلم في الأوقات المناسبة للموظفين.
4. التوجه للتعلم من خلال الإنترنت
أصبحت الفعاليات الرقمية بديلاً فعالاً عن نظيرتها التقليدية نتيجة تزايد الاعتماد على نموذج العمل الهجين بعد جائحة "كوفيد-19"، وقد طوَّر هذا التحول نماذج افتراضية أشمل؛ إذ يُقدَّم المحتوى من خلال قنوات رقمية متنوعة، مع مراعاة الفروق الزمنية والعادات المحلية، مما يعزز تجربة التعلم الذاتي ويوفر فرصاً جديدة لاكتساب المعرفة.
في الختام
أصبحت الحاجة إلى تدريب شامل مع توسع نطاق العمل عن بعد وتوزع الفِرَق عالمياً أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، فهو لا يقدِّم المعرفة فقط؛ بل يوفِّر بيئة تعلم تستوعب الجميع، بصرف النظر عن الخلفيات الثقافية أو أساليب التعلم المختلفة، ورغم أنَّ هذه المهمة مستمرة وتتطلب تحسيناً دائماً، فإنَّ اتباع هذه الاستراتيجيات الأربع، يمكن أن يشكِّل نقطة انطلاق قوية تجاه تحقيق بيئة تعليمية أكثر شمولاً وفعالية، مما يمكِّن الموظفين ويعزز إنتاجيتهم في عالم العمل المتغير.