يُستخدَم نموذج تدريب المدربين لتدريب المدربين أو الخبراء المتخصصين حتى يتمكنوا بعد ذلك من تعليم الآخرين بصورة فعَّالة.

تخيل أنَّك خبيرٌ في استخدام مجموعة برامج معيَّنة، والآن أنت الشخص الوحيد داخل مؤسستك الذي يملك الخبرة في استخدام هذه المجموعة، وهذه البرامج على وشك أن تُطرَح في مؤسستك بأكملها، ويطلبُ منك مديرك تدريب بقيَّة المنظمة على استخدامها من خلال سلسلة من ورش العمل.

خلال أيام قليلة قد تُنشِئُ بعض المواد التدريبية وتستخدمُها في ورش العمل الخاصة بك لتدريب بقية المنظمة على استخدام البرامج الجديدة.

هل يمكنك ملاحظة أيَّة مشكلات مع هذا النهج؟

تُوجَدُ العديد من المشكلات، ولكنَّ أخطرها هي:

  • أنت خبير في البرنامج، ولكنَّكَ لستَ خبيراً في تعليم الآخرين.
  • على الرغم من أنَّك تمتلك الكثير من الخبرة في استخدام البرنامج، فقد لا تكون جيداً في استخدامه كما تعتقد.

يتغلَّب نموذج تدريب المدربين على هذه المشكلات؛ وذلك لأنَّه يعمل على مبدأ أنَّه من أجل توفير تدريب فعَّال، يجب أن تصبح خبيراً في أمرين وهما: الموضوع وطريقة التدريب، ومن ثم فإنَّ الدورات التدريبية التي وُضِعَت باستخدام نموذج تدريب المدربين تعمل على تحسين مهاراتك في كل من الموضوع الذي تريد تدريبه وأفضل طريقة لنقل هذه المعرفة إلى المتدربين المستقبليين.

مشكلة أخرى:

تُوجَدُ مشكلةٌ أخرى تتعلق بالسيناريو أعلاه؛ وهي أنَّ الحل الذي نقدمه غير صالح، فإذا كان يوجدُ 20000 شخص في مؤسستك، فمن غير الممكن بالنسبة إليك تدريب الجميع عبر ورش العمل الصغيرة.

نظراً إلى أنَّ نموذج تدريب المدربين يدرِّب المدربين الذين يقدِّمون بعد ذلك التدريب، فهوَ يُتيحُ لك تقديم تدريب مستمر على نطاق واسع.

صفات المدِّرب الجيد:

قبل أن نفحص نموذج تدريب المدربين، دعنا نتوقَّفْ لحظةً لنلقي نظرةً على صفات المدربين الجيدين.

هذه الصفات الشخصية هامة؛ وذلك لأنَّه قد لا يكون كل شخص مناسباً لتدريب الآخرين، وكلما زادت الصفات التي يتمتع بها المدرب المُحتمَل، زادت احتمالية أن يصبح مدرباً جيداً، ومن هذه الصفات:

  • الجديَّة: يجب أن يحظى المدرِّب المُحتمَل باحترام كبير داخل المنظمة؛ فهذا يزيد من احتمالية رغبة المتدربين في التعلُّم منه.
  • مهارات التواصل: لتدريب الآخرين، يجب أن يتمتع المدرِّب بمهارات تواصل جيدة، فمن الضروري أن تكون قادراً على الوقوف أمام المتدربين والتقديم بثقة وإيجاز ودقة ووضوح.
  • الخبرة: إذا لم يكُن المدرِّب المُحتمَل خبيراً بالفعل، فمن المقبول أن تكون لديه بعض المعرفة على الأقل بالموضوع الذي سيدرِّبه، وفي حال لم يكُنْ المدرب خبيراً متخصصاً، فقد يكون تقديم المعلومات صعباً اعتماداً على الموضوع، إن لم يكُنْ ذلك مستحيلاً؛ على سبيل المثال من المستحيل تعلُّم التحدث باللغة الفرنسية خلال أسابيع قليلة.
  • التعاطف والمرونة: يحتاج المدرب المُحتَمَل إلى التعاطف والمرونة حتى يتمكن من فهم الاحتياجات التدريبية للمتدربين، وتعديل تدريبه ليُلائِم احتياجات المتدربين على أفضل وجه.
  • الاستعداد لتلقي التغذية الراجعة: يجب أن يتقبل المدربون المحتملون التغذية الراجعة، ويكون هذا الأمر مناسباً بصورة خاصة عندما يكون المدرب المُحتمَل خبيراً متخصصاً، وقد تكون لديه آراء قوية، ليس فقط حول ما يجب تدريبه؛ وإنَّما حول الطريقة التي يجب التدريب بها.

وضع برنامج لتدريب المدربين:

إذا كنتَ ترغب في إنشاء جلسة تدريب أو دورة تدريبية داخل مؤسستك، فهذه بعض أفضل الممارسات الهامَّة التي يجب مراعاتها:

1. تحديد أهدافك:

ابدأ بتحديد ما تريد أن تحققه دورة تدريب المدربين، وتتضمَّن بعض الأهداف الشائعة ما يلي:

  • تدريب الخبراء الفنيين ليكونوا قادرين على نقلِ معلوماتِهم إلى الآخرين.
  • تدريب الموظفين ليكونوا قادرين على تأهيل موظفين جدد.
  • بناء فريق أساسي من المدربين الذين يدرِّبون المؤسسة بأكملها كلَّما طُرِحَ نظام جديد لتكنولوجيا المعلومات "أو طريقة عمل جديدة أخرى".

2. تحديد طريقة لقياس التقدم:

الآن بعد أن فهمتَ الأهداف التي يجب عليك تحقيقها، أنت تحتاج إلى تحديد طريقة تتبُّع التقدُّم نحو تلك الأهداف.

عادةً ما تُقاس كفاءَة المدربين في بداية الدورة ونهايتها، وعادةً ما يجري تقييمهم بناءً على خبراتهم التقنيَّة والتدريبية.

3. تصميم دورة تدريب المدربين:

حان الوقت الآن لتصميم الوحدات التي ستدرِّبها كجزء من دورة تدريب المدربين.

إذا كنت تُعلِّم خبراء في الموضوع الذي تقدِّمه، فمن المُحتمَل أنَّك ستقضي جزءاً كبيراً من وقتك في تعليمهم مهارات التعليم، أما إذا كنتَ تدرِّب المدربين أصحاب الخبرة، فستقضي جزءاً كبيراً من الوقت في تدريبهم على المادة نفسها.

4. إنشاء مواد تدريبية:

أخيراً حان الوقت لإنشاء موادك التدريبية، وتوجدُ مجموعتان من المواد التي ستحتاج إلى إنشائها:

  • مواد لدورة تدريب المدربين.
  • المواد التي سيستخدمها المدربون لتدريس الموضوع للآخرين، ويساعد تقديم هذه المواد للمدربين على ضمان الاتِّساق في أثناء نشر التدريب في المؤسسة.

من الهام أن تضعَ مواد تدريبية تلبي الطرائق المختلفة التي يحبُّ الناس التعلُّم من خلالها؛ على سبيل المثال يُفضِّل بعض الناس التعلُّم من خلال الممارسة، بينما يُفضِّل بعضهم الآخر التعلُّم من خلال قراءة الكتب.

مثال عن تدريب المدربين:

الآن بعد تصميم الدورة التدريبية لتدريب المدربين، لنُلقِ نظرةً على مثال عن طريقة إدارة هذه الدورة التدريبية عملياً.

توجَد 3 أطراف في هذا المثال يجب أن تكون على علمٍ بها وهي:

  • المدرب الرئيس: المدرِّب الذي سيدير دورة تدريب المدربين.
  • المدربون المُحتملون: المدربون المتمرِّسون الذين يحضرون دورة تدريب المدربين.
  • المتدربون: هم الأشخاص الذين سيتلقون التدريب من قِبَل المدربين المُحتملين بمجرد الانتهاء بنجاح من دورة تدريب المدربين.

تتكوَّن عملية تدريب المدربين من 4 خطوات رئيسة:

الخطوة الأولى: التعلُّم

في هذه الخطوة سيحضُرُ المدربون المحتملون دورة تدريب المدربين التي يديرها المدرب الرئيس، وسيكون المدرب الرئيس قد أنشأ بالفعل الدورة التي سيدرِّبها المدربون المحتملون في النهاية للمتدربين، وستتألف الدورة من تعلُّم المواد وتعلُّم أفضل الطرائق لتدريس المواد.

الخطوة الثانية: التدريس المشترك

الآن بعد أن درَّسَ المدرِّب الرئيس جميعَ مواد الدورة التدريبية، ستُتاح لكلِّ مدربٍ مُحتمَل الفرصة لتقديم وحدة واحدة أو أكثر من الدورة لأقرانه "المدربين المحتملين الآخرين".

سيحدثُ ذلك بوجود المدرِّب الرئيس حتى يتمكنوا من الحصول على تغذية راجعة حول طريقة تحسين أدائهم بصورة تفاعلية في أثناء تقديمهم للتدريب.

الخطوة الثالثة: تقديم المدرِّب المُحتمَل التدريب بمفرده

بمجرد أن ينهي المدربون المحتملون تدريبهم بالاشتراك مع المدرب الرئيس، فقد حان الوقت ليقدموا وحدة أو أكثر من وحدات الدورة التدريبية وحدهم، دون تغذية راجعة تفاعلية.

في هذه الخطوة سيُقدِّم المدرِّب الرئيس التغذية الراجعة فقط بمجرد انتهاء المدرِّب المُحتمل من تقديم تدريبه.

إذا كان أداء المدرِّب المُحتمَل وفقاً للمعيار المطلوب، فقد حان الوقت للانتقال إلى الخطوة التالية؛ إذ يُقدِّم كل مدرب مُحتمَل التدريبَ لمتدربين حقيقيين.

الخطوة الرابعة: التقديم

في هذه الخطوة، لم يَعُد المدرب المحتمل مدرباً محتملاً؛ بل أصبح مدرباً فعلياً، ويجب عليه تقديم التدريب للمتدربين الحقيقيين.

لاحِظ أنَّه من الشائع أن يحضر المدرب الرئيس الدورة الأولى التي يقدمها المدرِّب الجديد لتقديم تغذية راجعة نهائية إلى المدرب في أثناء تقديم الدورة التدريبية للمتدربين الحقيقيين.

إيجابيات وسلبيات دورة تدريب المدربين:

الإيجابيات:

تشمل إيجابيات نموذج تدريب المدربين ما يلي:

  • يوفِّر آلية لطرح التدريب عبر المؤسسة على نطاق واسع بطريقة فعَّالة من حيث التكلفة. لاحِظ أنَّ النموذج فعَّال من حيث التكلفة؛ لأنَّه لا يجب عليك تعيين مدرب رئيس واحد على الأكثر إلَّا إذا لم يكُن لديك مدرب بالفعل، وإنَّ بقيَّة الأشخاص المشاركين في العملية هم بالفعل موظفين دائمين.
  • ينتج عن أسلوبه المتسلسل طريقة ثابتة لنشر التدريب عبر المؤسسة.
  • يساعدك على تطوير فريق تدريب داخلي مؤهَّل للغاية.
  • نظراً إلى أنَّ المدربين هم موظفون دائمون في المنظمة وليسوا مدرِّبين خارجيين، فيُسمَح للمتدربين بطرح أسئلة المتابعة بعد انتهاء تدريبهم، ولن يكون ذلك ممكناً مع المدربين الخارجيين.
  • يفهمُ المدربون الداخليون مؤسستهم بصورة أفضل ممَّا يفهمها المدرِّب الخارجي، وهذا يسمحُ لهم بملاءَمة تدريبهم جيداً مع الاحتياجات المحددة لمنظمتهم.

السلبيات:

تشمل سلبيات نموذج تدريب المدربين ما يلي:

  • إذا كنتَ بحاجة إلى تدريب الأشخاص بسرعة كبيرة، فقد يكون من الأسرع إحضار مدربين خارجيين.
  • تكون المراقبة المستمرة مطلوبة لضمان استمرار التدريب في تلبية الهدف المقصود من التدريب.
  • يجب توخِّي الحذر لضمان بقاء التدريب مُحدَّثاً.

في الختام:

يوفِّر نموذج تدريب المدربين للمؤسسات طريقة فعَّالة لبدء التدريب على نطاق واسع، ويعمل من خلال وجود مدرِّب خبير يدرِّب الموظفين الداخليين ليصبحوا خبراء متخصصين في موضوع معيَّن، ويمكن لهؤلاء الموظفين الداخليين - المدربين الآن - تدريب الآخرين داخل المنظمة باستخدام ما تعلموه.

خلال دورة تدريب المدربين، سيتعلم المدربون المحتملون الموضوع الذي سيدربونه ومهارات التدريب اللازمة لتدريب موضوعهم بأفضل طريقة.