تتغير النماذج التشغيلية والتنظيمية بسرعة بفضل التحول الرقمي، وقد حان الوقت لاستراتيجيات تطوير القيادة أن تُجاري هذه التغييرات. وفي عالم سريع الخطى، يحتاج القادة إلى التحرك بسرعة، والاستجابة والتكيف بسرعة، وتحديث كفاءاتهم القيادية باستمرار بما يتناسب مع الوضع الجديد؛ كما يتعين على مؤسسات اليوم أن تتطور استجابةً لبيئات الأعمال التي تعاني من اضطرابات مستمرة بسبب التغير السريع في السوق، وانتشار التقنيات الرقمية، وتغير تطلعات القوى العاملة.

أدَّى تأثير التحول الرقمي في المؤسسات إلى تداعيات كبيرة على كل من النماذج التشغيلية والتنظيمية، ومع تغير ظروف العمل، ستحتاج استراتيجيات تطوير القيادة إلى مواكبة ذلك.

أصبحت الهياكل الإدارية خطية وأفقية، مما أدَّى إلى ظهور ثقافة عمل جديدة؛ حيث تعمل الفرَق متعددة الوظائف معاً بشكل متزايد لحل مجموعة من التحديات التنظيمية، ونتيجة لذلك، ستتطلب إدارة الموظفين وتوجيههم مجموعة من الكفاءات الجديدة والمهارات القيادية الناعمة.

دعوة الشركات إلى اليقظة

للمضي قدماً والبقاء في الطليعة في أسواق اليوم، لا تكتسب الشركات الكفاءات الرقمية فحسب؛ بل يسعون لوضع استراتيجية تحوُّل شاملة مصمَّمة لترسيخ المرونة عبر المؤسسة بأكملها؛ إذ لم يعد الاحتفاظ بالتكنولوجيا هو الهدف الوحيد، فقد أصبحت الشركات في مختلف القطاعات تتبنى أُطر عمل مرنة في محاولة للمنافسة والفوز، ووفقاً لاستطلاع حديث، تصف أكثر من ثلثي المنظمات الآن نهجها بأنَّه "مرن محض أو يميل نحو المرونة".

لقد أثبتت هذه الخطوة أنَّها دعوة لليقظة بالنسبة للعديد من المنظمات التي كانت برامج تطوير قيادتها قديمة، في الواقع، قال 32٪ إنَّهم بدأوا للتو في تعديل كفاءاتهم القيادية وتحديثها من أجل الاقتصاد الرقمي.

القدرات القيادية الهامة الآن

في الاقتصاد الرقمي، أصبحت الطرائق التقليدية للتنظيم والقيادة بلا معنى؛ فالتحول الرقمي والتوجه نحو تطبيق المرونة في المؤسسات يعني أنَّ طريقة عمل الأفراد والأدوار التي يؤدونها تتغير بسرعة.

نتيجة لذلك، تتطلب قيادة مجتمعات القوى العاملة المتنوعة بشكل متزايد اليوم تحولاً في النمط القائم على اتخاذ القرار من أعلى إلى أسفل، وتبنِّي مجموعة قيم ونظرة مختلفة كلياً. ويتطلب تمكين الفرق متعددة الوظائف من أداء مجموعة واسعة من القدرات القيادية الجديدة، والتي تشمل كل شيء من مهارات الاتصال والتيسير الفعَّال إلى الحنكة السياسية، فضلاً عن القدرة على بناء تحالف من الراغبين.

ومع ذلك، إنَّ زيادة المهارات الشخصية التقليدية، مثل إدارة الأولويات أو بناء الفريق هي مجرد بداية، بينما تنهمك المؤسسات في تجديد الكفاءات السلوكية التي سيحتاجها القادة الأذكياء لقيادة مسيرة الأعمال الرقمية، يُدركون أنَّ ثقافتهم التنظيمية الجديدة تتطلب سلوكات جديدة وأسلوب قيادة مختلف تماماً.

طبيعة القيادة تتغير

نظراً لتغيُّر الديناميكيات الاجتماعية في مكان العمل، وتحوُّل التسلسلات الهرمية القديمة إلى هياكل خطية حيث تُتَّخذ القرارات بشكل أسرع وعند الحاجة، تُعيد المؤسسات الرائدة الآن تقييم الكفاءات التي ستكون ضرورية لتطوير قادة شاملين ومرنين يُلهمون القوى العاملة التفاعل والتفكير الإبداعي.

بالنسبة للشركات التي تمتلك نظرة مستقبلية، تشمل الكفاءات السلوكية العليا التي تعد حاسمة للقيادة المستقبلية للمؤسسات: القيادة مع القيم والأخلاق 77٪، والرغبة في التعاون 69٪، وتقبُّل التنوع 68٪، والتعامل بأريحيَّةٍ مع الغموض والتغيير 64٪، والقدرة على التكيف 62٪، والوعي الذاتي 60%.  

ومع ذلك، لا يُعدُّ هذا تحدي القيادة الوحيد الذي يلوح في الأفق؛ حيث إنَّ أُطر تطوير القيادة التي تطورت قبل 30 عاماً لن تعمل ببساطة في المستقبل؛ إذ يجب أن تتغير الأمور؛ وذلك لأنَّ طريقة عمل المؤسسة وأداءها قد تغيرا من نواح كثيرة، نحن جميعاً قادة الآن.

اتِّباع النهج الديموقراطي في القيادة

نظراً لتحول الهياكل التنظيمية إلى النمط الخطي، وازدياد أهمية الفرَق متعددة الوظائف في تنفيذ استراتيجية العمل، أصبحت خطوط القيادة الرسمية غير واضحة على نحو متزايد.

في هذه الأيام، من المتوقع أن يرتقي المزيد والمزيد من الأفراد الذين لا يحملون لقب قيادة رسمي إلى المناصب القيادية، وبصفتهم قادة في الخطوط الأمامية، يتعيَّن عليهم توظيف العديد من المهارات التي يستخدمها عادةً المديرون المشرفون من المستوى الرفيع أو المتوسط، ويمكن أن يشمل ذلك تقديم الكوتشينغ لزملاء العمل، والتعاون مع أقرانهم عبر الشركة لحل المشكلات، أو المساهمة في تحفيز الابتكار.

في الواقع، قالت 95٪ من المنظمات التي شاركت مؤخراً في إحدى الدراسات: إنَّ الموظفين الذين لا يخضعون لدور إشرافي مباشر يحتاجون الآن إلى مهارات القيادة، بينما أكد 96٪ أنَّ موظفيهم يتولون مناصب قيادية دون تعيين قائد رسمي.

ومع ذلك، يُمثِّل تعاقُب تعلُّم القيادة المطلوب لمجموعة دائمة الاتساع من الموظفين مشكلة بالنسبة للعديد من المؤسسات.

سد فجوة تطوير القيادة

يبدو أنَّ العديد من الشركات لا يزال أمامها طريق طويل عندما يتعلق الأمر بدفع تطوير القيادة إلى أسفل سلم الرتب التنظيمية؛ حيث تُشير الأبحاث إلى أنَّه لا يزال من المعتاد حالياً استهداف كبار القادة 73٪ والقادة من المستوى المتوسط ​​81٪، مع وجود مساهمين فرديين وغير إداريين 35٪ في مؤخرة القائمة.

والأسوأ من ذلك، أنَّهم يعملون بجد للتغلب على عدد من العقبات عندما يتعلق الأمر ببناء كفاءات وقدرات الاقتصاد الرقمي الجديد التي ستكون حيوية لتقدم المؤسسة، ويشمل هذا مساعدة القادة على مواكبة تدفق التقنيات الجديدة عبر المنظمة، أو تمكينهم من قيادة التغيير داخل فرقهم وفيما يتعلق بالعملاء والشركاء، أو تسريع إنشاء استراتيجيات المؤسسة.

لسد فجوة الكفاءة، تحتاج المنظمات إلى إيجاد طرائق ذات جدوى اقتصادية وبأسعار معقولة لتطوير جميع الموظفين وتسهيل استخدام المهارات التي يحتاجونها في الوقت والسرعة التي تناسبهم.

تُقدِّم التكنولوجيا حلاً مرناً لتحدي التدريب على القيادة

توفر تقنيات التعلم والتطوير المرونة التي تحتاجها مؤسسات اليوم لتمكين القادة ومنحهم القوة بغض النظر عن موقعهم في المؤسسة.

تُسهِّل منصات التعلم والتطوير الحالية تقديم التعلم بأساليب متعددة وتوفر خيارات مثل التعلم الذاتي والتفاعلي أو اكتساب المهارات عبر الأجهزة المحمولة والتي تُمكِّن الموظفين من تحسين كل فرصة تعلم.

بالإضافة إلى ذلك، فهي تُسهِّل على فرق التعلم والتطوير تنظيم المحتوى وموارد التطوير التي يحتاجونها بسرعة لتلبية احتياجات القوى العاملة سريعة التطور أو فجوات المهارات، ومن خلال ربط تسلسل التعلم بأهداف الأداء، يمكن إدارة سلوكات القيادة وتطويرها بما يتماشى مع الثقافات التنظيمية المتغيرة.

عندما يتعلق الأمر ببناء المهارات المستقبلية، يُثبِت تبني منصات التعلم الرقمية فعاليته في تحقيق التقدم بالنسبة للعديد من المؤسسات التي ترغب في ضمان امتلاك أفرادها للمهارات اللازمة للتكيف مع بيئة العمل الرقمية.