تقول الممثلة تانيا بويد (Tanya Boyd): "قد يؤثر شعورك بالتوتر في قدرتك على التعلم واستخدام مهارات جديدة، لكن توجد طرائق للاستفادة من التوتر لمصلحتك".

استنتج تقرير مؤسسة غالوب (Gallup) عن العواطف لعام 2021، أنَّ عام 2020 كان أكثر الأعوام إرهاقاً وتعباً في التاريخ الحديث، وبينما كان يوجد فرصة للعودة إلى الحالة الطبيعية وعودة المشاعر الإيجابية في وقت لاحق من عام 2021، تشير دراسة أجرتها الجمعية الأمريكية لعلم النفس (American Psychological Association) نُشِرَت في شهر مارس/ آذار من عام 2022 إلى أنَّ التوتر طويل الأمد والحاد، يتزايد استجابةً للتضخم والمخاوف المالية ومشاعر القلق المرتبطة بالمشكلات السياسية والاقتصادية في العالم.

الطبيعة غير الخطية للتوتر:

العلاقة بين التوتر والتعلم ليست واضحة وغير خطية، وهذا يجعل معالجتها أمراً معقداً، لكن يوجد الكثير من الأبحاث عن تأثيرات التوتر التي يمكننا الاعتماد عليها للمساعدة على إعداد الناس للنجاح في التعلم، في خضم مستويات التوتر المختلفة التي قد يتعرضون لها. توجد بعض الحقائق الهامة التي يجب عرضها:

أولاً، التوتر عبارة عن ظاهرة فيزيولوجية وليست مجرد ظاهرة نفسية؛ إذ يمكن قياس مستويات التوتر في المختبر من خلال مراقبة هرمونات ونواقل عصبية معينة في نظام الشخص.

عادةً ما يعوق التوتر استعادة الذكريات؛ لذلك حتى لو تعلَّم الشخص أمراً ما، فإنَّ التوتر قد يجعل من الصعب عليه الوصول إلى تلك الذكريات.

ثانياً، التوتر هو حالة فردية، فهو التقييم الداخلي للفرد لموقف يشعر فيه بالإرهاق والذي يُنشِّط استجابة التوتر الفيزيولوجي؛ إذ إنَّ الأمور التي ترهق شخصاً ما ليست بالضرورة أن تكون مرهقةً لشخص آخر.

ثالثاً، يؤثر التوتر في قدرة الأشخاص على تشفير الذكريات واستعادتها، وهذا هو سبب ارتباطه الأساسي بالتعلم.

يُعرِّف الكاتب نيك شاكليتون جونز (Nick Shackleton-Jones) في كتابه "كيف يتعلم الناس" (How People Learn)، التعلُّم بأنَّه "تغيير في السلوك أو القدرة نتيجة للذاكرة"؛ فأيُّ أمرٍ يؤثر في الذاكرة سيؤثر في عملية التعلم، لكنَّ العلاقة معقدة، على سبيل المثال:

  • يمكن أن تؤدي تجربة التوتر قبل تقديم التعلم الجديد أو بعده مباشرةً إلى تعزيز عملية التعلم، وهذا يساعد على تكوين ذكريات قوية، لكنَّ التوتر الذي يستمر لأكثر من 30 دقيقة قبل التعلم، يمكن أن يضعف تكوين الذكريات.
  • يمكن أن يؤدي التوتر المرتبط بالمحتوى الذي يجب تعلُّمه إلى تعزيز التعلم، لكنَّ التوتر غير المرتبط بمحتوى التعلم يمكن أن يعوق عملية التعلم؛ فعادةً ما نتذكر الأحداث المثيرة للعواطف، والتي تعد نوعاً من الضغوطات.
  • عادةً ما يعوق التوتر استرجاع الذكريات؛ لذلك حتى لو تعلَّم الشخص شيئاً ما، فإنَّ التوتر قد يجعل من الصعب عليه الوصول إلى تلك الذكريات.
  • يعد السياق هاماً، فعندما يحدث التعلم والاختبار - استرجاع الذكريات - في نفس السياق، يكون للتوتر تأثير سلبي أقل.
  • يغير التوتر جزء الدماغ الذي يحاول إبعاد الذكريات عن الجزء المعرفي الأكثر مرونةً إلى الجزء المعتاد الأكثر صلابةً، وهذا يعني أنَّه من الصعب تحديث هذه الذكريات في حال تلقِّي معلومات جديدة، والتي تعد جزءاً أساسياً من عملية صقل المهارات.

بناء عملية تعليم مؤثرة:

قد نشعر بالإحباط نتيجة تأثير التوتر في التعلم، لكن لو أمعنا النظر قليلاً، فيمكننا تحديد بعض الإجراءات المؤثرة لتحسين نتائج التعلم، حتى في وسط حالة التوتر. من هذه الإجراءات:

  1. يجب أن تكون على علم بتأثير التوتر في تكوين الذكريات واسترجاعها وتحديثها، وجعل المتعلمين على علم بها أيضاً؛ إذ إنَّ مجرد معرفة أنَّ التوتر له تأثير، يمكن أن يساعد على منع الأشخاص من إصدار أحكام سلبية متعلقة بقدراتهم الخاصة إذا كانوا يجدون صعوبةً في عملية التعلم أو التذكر في أثناء الشعور بالتوتر.
  2. التأكد من إدراج مكون عاطفي إيجابي عند تقديم معلومات جديدة للمتعلمين؛ لأنَّه من المرجح أن يعزز الذاكرة، مثل بناء علاقة واضحة بين المحتوى والحياة اليومية للمتعلم.
  3. تجنُّب التوتر قبل الاختبار أو مطالبة الأشخاص باستخدام ما تعلموه، ويجب أيضاً توفير العديد من الفرص لممارسة استخدام المعرفة أو المهارات قبل الاختبار.
  4. النظر بتمعن إلى ما يجب تعلمه مقابل ما يمكن تحقيقه باستخدام أدوات دعم الأداء، أو الموارد عند الحاجة، فإذا تمكنت من تزويد الموظفين بمورد يمكنهم استخدامه لاتخاذ الإجراءات المطلوبة دون الحاجة إلى الاعتماد على الذاكرة، فتوجد حتماً فرصةً أفضل للأداء المستمر الذي لن يتعطل بسبب الضغوطات التي قد تحدث في الوقت الذي يحتاج فيه الشخص إلى إظهار سلوكه، مثل، قوائم مراجعة السلامة أو قوائم نصائح التواصل.
  5. إذا كنت بحاجة إلى أن يكون المتعلمون في حالة من الإبداع والمرونة لحل المشكلات أو الابتكار، تأكَّد من عدم إجراء الجلسات في ظروف متوترة، والعمل مع الأفراد لمنحهم استراتيجيات المواجهة لإدارة الضغوطات الشخصية، فعند الشعور بالتوتر، يميل الناس إلى التمسك بالسلوكات المعتادة، ويجدون صعوبةً في التفكير واستكشاف الخيارات الأكثر مرونةً.
  6. استخدام التعلُّم في المكان المناسب؛ إذ تُعزَّز الذاكرة عندما يحدث التعلم ويُطبَّق في نفس المكان، والقيام بذلك يمكن أن يقلل أو يزيل تأثير التوتر في قدرة المتعلم على تذكُّر ما تعلَّمه مسبقاً.