غالباً ما يُنسَى الموظفون الميدانيون - الذين لا يمارسون أعمالهم جالسين خلف مكاتب - عندما تُصمَّم الدورات التدريبية، وذلك على الرغم من أنَّهم يشكِّلون غالبية القوى العاملة العالمية؛ إذ لا يعمل كل الناس وهُم جالسون وراء مكاتبهم طوال اليوم، وقد حان الوقت لكي تبدأ الجهات التي تقدِّم التدريب بمعالجة هذا الشرخ.

إليك فيما يلي أربع طرائق لتحسين عروض البرامج التدريبية التي تقدِّمها، مع وضع هؤلاء العاملين في الحسبان.

"لا يعارض غالبية الموظفين الميدانيين توفير دورات تدريبية إضافية، بل ويرغبون بالاستفادة منها أيضاً"؛ هذا ما خلص إليه استطلاع حديث أجرته منصة "تالينت كاردز" (TalentCards) مباشرةً مع أصحاب العلاقة، حيث سألوا 600 من الموظفين الميدانين عمَّا يرغبون بتحقيقه من التدريب المهني.

إليك فيما يلي أربع طرائق لتحسين عروض البرامج التدريبية التي تقدِّمها، مع وضع هؤلاء العاملين في الحسبان.

معالجة مشكلة غياب التواصل:

ليس غريباً أن يشعر الموظفون الميدانيون بالانعزال عن شركتهم نتيجة التنقل الدائم، أو العمل بعيداً عن مقرِّها الأساسي؛ إذ يشكِّل عمال النقل، ومندوبو المبيعات، والفنيون مجرد أمثلة قليلة عن الموظفين الذين تتطلب وظائفهم العمل في الخارج باستمرار.

إنَّ عدم القدرة على التفاعل وجهاً لوجه مع الزملاء الآخرين، أو الإدارة العليا لها ضريبتها؛ حيث أفاد 19% ممَّن شملهم الاستطلاع بأنَّهم يشعرون بالانعزال "إلى حد ما" أو "الشديد" عن قيم الشركة ومهمَّتها، بينما قال 25% منهم أنَّهم "لا يشعرون بالتواصل ولا بالانعزال". وحينما سُئلوا عمَّا إن كان توفير تدريب إضافي سيساعدهم على الشعور بارتباط أكبر بعملهم، أجاب 60% منهم بـ "نعم"؛ لكن هل يعني ذلك أنَّ على الشركات استدعاء موظفيها بعيداً عن مواقع عملهم لمجرد الحصول على تدريب إضافي؟

لحسن الحظ، ليس لذلك أي داع؛ فإبعاد الموظفين عن عملهم لأي سبب يُعَد أمراً مكلفاً وغير مناسب؛ فقد بدأت تظهر حلول جديدة، أدت إلى تزايد شعبية وفعالية الدورات التدريبية المتنقِّلة؛ والتي صُمِّمت ليتمكن العاملون من إكمالها في أثناء تنقلهم، وعادةً ما يُستَخدم في ذلك هاتف ذكي، أو جهاز لوحي؛ إذ عادةً ما تكون الدورات التدريبية المتنقِّلة تفاعلية ومُقسَّمة إلى عدة دروس قصيرة، بدلاً من أن تكون دورة واحدة طويلة.

الدورات التدريبية المتنقِّلة: حل واقعي ومستدام 

وفقاً لنتائج الاستطلاع، يشعر 74% من الموظفين الميدانيين بالارتياح عند استخدام هواتفهم الشخصية لإكمال دورة تدريبية تتعلق بالعمل. وهذا يعني أنَّ الشركات التي ترغب بتوفير دورات تدريبية متنقِّلة لموظفيها، لا تحتاج بالضرورة إلى الاستثمار في هواتف الشركة أيضاً.

تشير هذه النتائج المشجعة إلى أنَّ أغلب الموظفين الميدانيين يؤيدون توفير دورات تدريبية إضافية، بل ويرغبون بالاستفادة منها أيضاً، وعند سؤالهم كيف يفضِّلون أن تُصمَّم هذه الدورات التدريبية؛ أجابوا:

1.  الجمع بين المتعة والتعلُّم في التدريب:

مع تزايد دمج التلعيب في الدورات التدريبية، فلا عجب أنَّ 55% من الأشخاص الذين استُطلعَت آراؤهم أفادوا بأنَّ التدريب المهني سوف يكون ممتعاً أكثر حينما يتخلله المرح؛ إذ إنَّ عنصر "المرح" هذا يُعَد أكثر أهمية بالنسبة لأصحاب المهن مقارنة بالموظفين.

ومن المرجح أن يؤدي تدريب الموظفين الميدانيين إلى تعطيل أكبر في العمل خلال اليوم مقارنة بموظفي المكاتب؛ إذ لا ينطوي الأمر على مجرد فتح علامة تبويب جديدة، واستكمال دورة تدريبية عبر الإنترنت؛ مما يعني أنَّ تكلفة وعواقب التدريب الممل تُعَد كبيرة أيضاً.

2. التدريب القصير والدائم أفضل من دورة طويلة واحدة لا تتكرر:

لا يستطيع كثير من الموظفين الميدانيين أن يكملوا التدريب على حساب تأجيل العمل إلى يوم آخر؛ إذ تتطلب طبيعة مِهَنهم أن يُنجزوا جميع الأمور في وقتها المحدد، وإلَّا فلن يعودوا إلى منازلهم؛ مما يجعل الدورات التدريبية الطويلة غير مناسبة، بل وغالباً ما تكون مستحيلة أيضاً. في الواقع، أفاد 80% من هؤلاء الموظفين الذين استُطلعَت آراؤهم بأنَّهم يفضِّلون الجلسات التدريبية القصيرة والدائمة أكثر من دورة طويلة واحدة لا تتكرر.

لا يُعَد هذا النوع من التدريب أفضل فحسب، بل يعزِّز تذكُّر المعلومات أيضاً.

إذا كان الهدف من التدريب أن يتذكَّر العاملون المهارات التي تعلَّموها، فإنَّ الاستعراض والتعزيز الدائمَين لا يُعَد أمراً مناسباً فحسب، بل ضرورياً أيضاً.

3. تعزيز إمكانية الوصول بسهولة إلى التدريب يحقق معدلات إتمام أعلى:

أفاد 33% من الأشخاص الذين استُطلِعت آراؤهم أنَّ التدريب سيكون أكثر متعة، إذا كان الوصول إليه أسهل. يلفت هذا الأمر الانتباه للدور الذي يلعبه أسلوب تقديم الدورات التدريبية، حينما يتعلق الأمر بطرح مبادرات التدريب.

إنَّ أحد الأسباب الأساسية التي دفعت العاملين إلى اختيار مهنهم هو أنَّهم يستمتعون بالتحرك والتنقل؛ حيث يُعبِّر أحد الأشخاص الذين استُطلِعت آراؤهم عن هذه الفكرة قائلاً: "أنا أستمتع بفكرة أنَّني لست مقيداً بالعمل في مكتب".

إن سلَبتْ طبيعة التدريب هذه الحرية من العاملين، ستتحول فرصة التعلُّم إلى مجرد مهمة رتيبة. في الواقع، حينما سُئل الموظفون الميدانيون عن المكان الذي يفضِّلون إكمال التدريب فيه، أجاب 30% منه بأنَّهم يُفضِّلون ذلك "في المنزل"، و10% "خلال فترة الاستراحة"، و10% " في أثناء رحلة الذهاب إلى العمل والعودة منه".

4. التدريب الذاتي يعزِّز المشاركة في التعلُّم:

أفاد 41% من هؤلاء الموظفين الذين استُطلِعت آراؤهم بأنَّ التدريب سيكون ممتعاً أكثر، إذا استطاعوا إكماله وفق برنامجهم الخاص. غالباً ما تندرج الوظائف التي يؤديها الموظفون وهم غير جالسين، تحت قطاع العمل المستقل؛ لذا فمن الطبيعي أن يفضِّل هؤلاء العاملون التعلُّم الذاتي؛ فحينما يستطيعون العمل على التدريب في الوقت الذي يناسبهم، وهُم في حالة مزاجية تسمح لهم بذلك، سيشعرون بأنَّ التدريب يشكِّل فرصة للتعلُّم أكثر من مجرد مهمة رتيبة.

وأفضل ما في الأمر هو أن التعلُّم الذاتي يتيح للعاملين إعادة مراجعة الأقسام بقدر ما يحلو لهم، مما يساعد على تعزيز تذكُّر المعلومات، والمشاركة في التعلُّم.

التعلُّم المتنقِّل: الحلقة المفقودة في تدريب الموظفين الميدانيين:

لا يشكِّل هذا النوع من الموظفين الغالبية العظمى من القوى العاملة في العالم فحسب؛ بل ويزاولون أهم المهن أيضاً؛ حيث يعملون في "الخطوط الأمامية" في مجالات الرعاية الصحية، وتطبيق القانون، والخدمات الأساسية، وغيرها؛ بالرغم من ذلك، لم يُؤخذ أولئك العاملون في الحسبان في أثناء تطوير معظم تقنيات التدريب.

ستتمكن الشركات من تمكين العاملين في أدوارهم اليومية، وستحرِص على أن يشعروا بالارتباط مع شركتهم، من خلال تعزيز تجربة تعلُّمهم، وتسهيل إمكانية وصولهم إلى التدريب.