تمنح برامج تدريب الموظفين المهنيين المهارات والمعرفة اللازمة للمساهمة في شركاتهم، وعلى الرغم من أنَّ برامج التدريب التقليدية تُجرَى في قاعات المؤتمرات أو معاهد التدريب، إلا أنَّ التكنولوجيا المتقدمة تجعل برامج التدريب عن بُعد أكثر فاعليةً ومتاحة للشركات مهما كان حجمها، فإذا كنتَ من موظفي الموارد البشرية أو متخصصاً في التعلم والتطوير، قد يساعدك التعرف إلى التدريب عن بُعد على تطوير برامج تدريب فعالة للفِرق الهجينة والعاملة عن بُعد.

سنعرِّف في مقالنا هذا التدريب عن بُعد، ونتحدث عن بعض أدوات التدريب عن بُعد الشائعة، ثم نشرح فوائد هذه البرامج، ونتحدث عن الاستراتيجيات الفعالة لتقديم التدريب عن بُعد للموظفين.

ما هو التدريب عن بُعد؟

تُعلِّم برامج التدريب عن بُعد الموظفين محتوى أو مهارات باستخدام الأدوات الرقمية، فقد يعمل مدير التدريب من منزله أو مكتبه، بينما يسجل المتدربون الدخول من مواقع وجودهم؛ إذ تناسب البرامج هذه الشركات التي تتضمن فِرق هجينة أو عاملة عن بُعد أو تلك التي لديها مكاتب عدة في مدن أو ولايات أو دول مختلفة.

قد يعقد المدربون في هذه البرامج ندوات عبر الإنترنت أو اجتماعات افتراضية للتواصل مع المتدربين مباشرة، أو يديرون برامج تعلُّم ذاتي عبر منصة تدريب، وقد تقدِّم الشركات التدريب عن بُعد لأسباب عدة، مثل:

  1. إعداد الموظفين الجدد.
  2. التطوير المهني.
  3. التدريب للحصول على الشهادة.
  4. خطط التدخل (intervention): وهي عملية يتم من خلالها تَدَخُّل طرف ثالث في محاولة للمساعدة على الوصول إلى حل يرضي كلا الطرفين.
  5. عمليات الاندماج والاستحواذ (Mergers and acquisitions).
  6. اعتماد تقنيات جديدة.

أدوات التدريب عن بُعد:

قد تعتمد أنواع الأدوات التي يستخدمها المدرب عن بُعد في برامجه على أهداف البرنامج ومدى وصول المشاركين إلى برامج معينة، وفيما يأتي بعض الأدوات التي قد يستخدمها المدرب في برنامج التدريب عن بُعد:

1. برامج عرض الشرائح:

قد يستخدم المدربون برامج عرض الشرائح لإنشاء عروض تقديمية لتقديم المعلومات للمتدربين؛ إذ تتيح هذه البرامج للمدرب إضافة الصور والنصوص ومقاطع الفيديو، ويمكن عرضها في وقت التدريب.

2. منصات الاجتماعات عبر الفيديو:

غالباً ما يُستخدَم في برامج التدريب عن بُعد محادثات الفيديو أو برامج لإجراء الاجتماعات؛ إذ يمكن لكل فرد في مجموعة التدريب تسجيل الدخول واللقاء، كما يمكن أن تتيح هذه البرامج للمدربين بث ندوات مباشرة عبر الإنترنت لمئات الموظفين في الوقت ذاته.

3. النشاطات التفاعلية:

قد يستخدم المدربون مواقع إلكترونية خاصة بإجراء الاختبارات أو مصادر أخرى لإنشاء نشاطات تفاعلية للمتدربين؛ إذ يمكن استخدامها لاختبار معلومات المتدربين حول محتوى البرنامج، أو لتعليمهم مفاهيم جديدة.

4. المستندات المشترَكة:

من أسهل الأدوات التي قد يستخدمها المدرب عن بُعد هي خدمة مشاركة المستندات الموجودة في بعض حسابات البريد الإلكتروني الخاصة بالشركات؛ إذ يرسل المدربون الجدول الزمني للتدريب أو المنهج الدراسي أو أي محتوى مكتوباً آخر من خلال رابط أو مجلد مخصص.

5. تحميل مقاطع الفيديو:

إذا كان المدرب يمتلك مقاطع فيديو تشرح محتوى معين، مثل بيان رسالة الشركة أو سياسات الموارد البشرية، فيمكنه مشاركتها مع فريق التدريب الخاص به، بحيث يشاهدها المتدربون في الوقت الذي يناسبهم، لكن قد يضيف المدرب أيضاً نشاطات لاستذكار المعلومات التي تعلَّمها المتدربون أو اختباراً لضمان إكمال التدريب.

6. برامج الدردشة:

إلى جانب برامج اجتماعات الفيديو، قد يستخدم المدربون تطبيقاً للدردشة لإرسال رسائل إلى المتدربين خلال الدورة؛ إذ يمكن أن يستخدمه المتدربون لطرح أسئلة على مدربهم حول المحتوى أو الجدول الزمني للبرنامج.

7. منصات إدارة المهام أو التدريب:

تعمل برامج التدريب المتخصص وإدارة المهام على أتمتة عملية التدريب، من خلال تتبُّع الوقت الذي يُكمل فيه المشاركون وحدات ونشاطات تدريب معينة؛ إذ تتيح هذه الأدوات للمدربين تحميل كل محتوى التدريب دفعةً واحدة وتقديم مسار تدريب للمشاركين.

فوائد التدريب عن بُعد:

فيما يأتي أبرز فوائد التدريب عن بُعد:

1. فعال من حيث التكلفة:

قد تمتلك الشركات التي لديها فِرق هجينة أو عاملة عن بُعد موظفين في معظم المدن والولايات، بينما قد يكون للمؤسسات العالمية فروع في معظم البلدان؛ إذ يمكن أن توفِّر الشركات من خلال برامج التدريب عن بُعد المال الذي كانت تنفقه على تذاكر الطيران وغرف الفنادق والمصاريف الأخرى المتعلقة بالسفر.

يُعَدُّ التدريب عن بُعد فعالاً من حيث التكلفة بالنسبة إلى الموظفين أيضاً، والذين قد ينفقون الأموال على رعاية الأطفال أو الجليسات بالمنزل إذا سافروا إلى موقع مختلف للتدريب.

2. يناسب المدربين والمتدربين:

نظراً لأنَّ المدربين يستخدمون عادةً منصات عبر الإنترنت لتقديم التدريب عن بُعد، فيقومون ببساطة بإعداد المواد وإطلاق تطبيقات التدريب عندما يحين وقت البدء، فمعظم هذه التطبيقات متوفرة على أجهزة الحاسوب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، وهذا يتيح للمدربين والمتدربين الوصول إلى المواد أينما كانوا.

يمكن أن تساعد سهولة الاستخدام التي توفرها برامج التدريب عن بُعد المدربين على إكمال جلساتهم في الوقت المحدد، مع الاستمرار في تقديم جلسات التدريب في موعدها.

3. يمنح المرونة:

يتيح توفُّر مجموعة واسعة من الأدوات الرقمية إمكانية تعديل برنامج التدريب عن بُعد لتلبي الاحتياجات المحددة للشركة أو القسم؛ إذ يمكنك الجمع بين عروض الشرائح والمستندات المكتوبة ومقاطع الفيديو والاجتماعات التفاعلية لتقديم مختلف أنواع المعلومات.

على سبيل المثال، يمكن استخدام مقاطع فيديو مسجَّلة مسبقاً لتعليم المتدربين سياسات الشركة عند إنشاء برنامج عن بُعد لإعداد الموظفين الجدد، مع وضع اختبارات قصيرة في نهاية كل جلسة، بينما يمكن استخدام أدوات تعاونية أكثر عند إنشاء برنامج تدريب حول التنوع للموظفين المثَبَّتين، مثل برامج مؤتمرات الفيديو وبرامج الدردشة، التي تتيح للمشاركين إجراء النقاشات.

4. يمكن أن يشمل محتوى ذاتي التعلم:

على الرغم من أنَّ للندوات والنشاطات الجماعية في البرامج التدريبية مواعيد محددة، إلا أنَّها قد تحتوي أيضاً على وحدات دراسية وتمرينات مستقلة أخرى؛ إذ يتيح هذا المحتوى الذاتي للمتدربين إكمال النشاطات وفق وتيرتهم الخاصة، وهذا يساعدهم على تعلُّم المواد بدقة.

كما تؤدي إضافة محتوى ذاتي التعلم للتدريب إلى منح قسم الموارد البشرية المرونة لجدولة نشاطات أخرى لإعداد الموظفين الجدد، وقد يتضمن المحتوى ذاتي التعلم اختبارات قصيرة أو نشاطات أخرى تقيِّم معرفة المتدربين، ليتأكد المدرب بذلك من أنَّهم تعلَّموا المادة.

5. يتيح مشاركة عدد أكبر من المتدربين:

نظراً لأنَّ التدريب عن بُعد لا يتطلب صفوفاً دراسية أو أماكن لركن السيارات، تستطيع الشركات تسجيل عدد أكبر من المتدربين مما كانت قد تستطيع تسجيلهم لو قدَّمَت التدريب شخصياً؛ إذ تستوعب الأدوات المختلفة للتدريب عن بُعد، مثل منصات الندوات عبر الإنترنت ووحدات الاختبارات، العشرات أو حتى المئات من المستخدمين في آنٍ واحد، الأمر الذي يجعل التدريب عن بُعد طريقة فعالة لإطلاع جميع موظفي الشركة على السياسات الجديدة، كما يمكنك أيضاً تدريب مئات الموظفين معاً بعد عملية دمج أو استحواذ.

6. يُعِدُّ الموظفين للعمل عن بُعد:

أحياناً يكون التدريب عن بُعد أول تجربة يخوضها الموظف في العمل الافتراضي؛ لذا قد تكون هذه التجارب فرصةً مفيدةً لتعلُّم كيفية استخدام أدوات العمل الافتراضية، مثل برامج إدارة المهام ومنصات الدردشة وبرامج اجتماعات الفيديو.

قد يساعد التدريب المستمر الموظفين أيضاً على التعرف إلى الأدوات الرقمية الجديدة التي تساعدهم على تحسين عملهم، على سبيل المثال، عندما تعتمد الشركة منصة مساحة عمل رقمية جديدة، قد يقدِّم فريق التعلم والتطوير في الشركة تدريباً للموظفين لشرح وظائف البرنامج الجديد.

7. يمكِّنك من إنشاء مصادر تدريب دائمة:

تتيح لك معظم أدوات التدريب عن بُعد إنشاء مصادر تفيد بوصفها مراجع للمتدربين فيما بعد؛ إذ يُنشئ بعض مديري التدريب مجلدات عبر الإنترنت لمجموعة الشرائح والمستندات وأي دليل دراسي عبر الإنترنت، التي تكون متاحةً للمتدربين أو لطاقم الشركة بأكمله.

بهذه الطريقة، إذا كان لدى الموظف سؤال حول إجراء أو سياسة بعد أن يبدأ عمله، فسيتمكن من العثور على الإجابة بسهولة، ويمكنك أيضاً تسجيل الجلسات والاجتماعات عبر الفيديو، فإذا لم يحضر المتدرب الجلسة، يمكنه الوصول إلى المعلومات لاحقاً.

7 من أفضل الممارسات للتدريب عن بُعد:

فيما يأتي 7 طرائق لإنشاء برامج تدريب فعالة عن بُعد:

1. وضع أهداف واضحة:

تأتي فاعلية برامج التدريب عن بُعد من تحديد أهداف واضحة تربط بين الوحدات وأساليب التدريب المختلفة؛ إذ يتيح لك تحديد أهداف البرنامج خلال مرحلة تطويره إنشاء اختبارات قصيرة ونشاطات أخرى تختبر فهم المتدربين للمفاهيم المطلوبة، واعتماداً على طول البرنامج والغاية منه، قد يكون لديك هدف واحد أو أهداف عدة رئيسة.

إذا كان للبرنامج أهداف عدة، فجرِّب تقسيمه إلى أجزاء عدة تركز في كل منها على هدف واحد، على سبيل المثال، يمكن أن يتضمن برنامج إعداد الموظفين الجدد أقساماً مختلفة لكل من رسالة الشركة، والهيكل التنظيمي للمؤسسة، وسياسات الموارد البشرية.

2. اختبار المنصات التي ستقدِّم من خلالها التدريب:

تُستَخدَم أدوات عدة في برامج التدريب عن بُعد، مثل برامج اجتماعات الفيديو ومنصات الدردشة والوحدات عبر الإنترنت، ولكل منها متطلبات وإجراءات محددة؛ لذا قبل البدء بجلسة التدريب، أجرِ جلسة تجريبية باستخدام كل أداة تخطط لاستخدامها في الدورة للتأكد من أنَّ البرامج تعمل بسلاسة وتحتوي على الميزات التي تريد استخدامها في الجلسة.

يمكنك أن تطلب من زميل لك أن يمثِّل دور متدرب ويطرح عليك أسئلة تقنية بسيطة، كي تتمكن من تحضير إجاباتك عنها في حال واجه المتدربون أيَّة صعوبة.

3. تنظيم المواد التدريبية:

قد يتمكن الموظفون في الدورة التدريبية من الوصول إلى مجموعة واسعة من المواد، مثل الجدول الزمني للدورة، ومعلومات تسجيل الدخول، والنشاطات، وأيَّة قراءات إضافية، واعتماداً على نوع التدريب، قد يكون لدى الموظفين أيضاً مسؤوليات أخرى.

على سبيل المثال، قد يلتقي الموظفون الجدد - الذين يتلقون تدريباً لإعدادهم - بأعضاء فريق الموارد البشرية، ويحضرون جلسات تدريب خاصة مع مديريهم؛ لذا يمكنك مساعدة المتدربين على التنظيم من خلال إنشاء مصدر واحد للتدريب، مثل ملف "بي دي إف" (PDF) أو مجلد على "غوغل درايف" (Google Drive)، يحتوي على جميع المواد التي يحتاجون إليها للدورة التدريبية.

4. تعريف المتدربين بالأدوات:

في بداية دورة التدريب، قدِّم برنامجاً تعليمياً للمتدربين حول الأدوات التي ستستخدمها في الدورة؛ ففي برامج إعداد الموظفين الجدد، قد يأتي مشاركون يعملون في مجموعة من المهن، وقد تكون لديهم مستويات مختلفة من الخبرة التقنية.

لذا، يمكن أن يؤدي شرح كيفية استخدام كل أداة إلى تقليل عدد الأسئلة التقنية التي قد يطرحها المتدربون عليك خلال الدورة، وهذا يجعل جلسات التدريب أكثر كفاءةً، ويمكنك مشاركة شاشتك من خلال برنامج اجتماع فيديو واستكشاف الوظائف المختلفة لكل أداة.

5. تخصيص وقت للتواصل خلال التدريب:

يمكن أن تمنح البرامج التدريبية الزملاء فرصةً لبناء علاقات مهنية قوية؛ لذا استخدم نشاطات كسر الجمود في أثناء الدورة لتشجيع المشاركين على التعرف إلى بعضهم بعضاً، فإذا كانت جلسة التدريب تضم أكثر من 10 أشخاص، فقد يكون من الصعب إجراء محادثات يشارك فيها الجميع، فيمكنك في هذه الحالة تقسيم المتدربين إلى مجموعات صغيرة للعمل على نشاطات كسر الجمود.

يمكنك أيضاً استخدام نشاطات اجتماعية للتأكيد على معلومات التدريب، على سبيل المثال، قد تقدِّم لعبة معلومات افتراضية في نهاية البرنامج التدريبي، تحتوي على أسئلة حول الموضوعات التي تم التطرق إليها في الدورة.

6. استخدام مجموعة متنوعة من النشاطات:

في أثناء برنامج التدريب، يمكنك تقديم المعلومات بطرائق عدة لإثارة اهتمام أنواع مختلفة من المتعلمين والحفاظ على تركيزهم؛ إذ يمكن أن يساعد الجمع بين التدريب المستقل والذاتي والاجتماعات الجماعية والندوات عبر الإنترنت المتدربين على فهم المعلومات والاستمتاع بالتدريب.

على سبيل المثال، في سلسلة من دورات التطوير المهني عن بُعد لممثلي خدمة العملاء، قد تطلب من المتدربين قراءة بعض سيناريوهات خدمة العملاء وكتابة كيفية استجابتهم لكل عميل، وبعد ذلك، قد تلتقي مجموعات صغيرة من المتدربين في اجتماعات عبر الفيديو لمشاركة استجاباتهم وإنشاء دليل لكل نوع من المواقف.

7. تقييم أساليب التدريب التي تستخدمها:

يمكن أن يساعدك تقييم برنامج التدريب على تحسين الوحدات وجعل البرنامج أكثر كفاءةً، فبعد انتهاء الدورة، يمكنك أن تطلب من المشاركين تقديم تغذيتهم الراجعة لمساعدتك على تحسين البرنامج للمتدربين في المستقبل، كما يمكنك استخدام أدوات رقمية، مثل الاستطلاعات ونماذج لتقديم التغذية الراجعة عبر الإنترنت، للحصول على ملاحظات وإجابات من المتدربين دون الكشف عن أسمائهم، وهذا قد يزيد من معدل الاستجابة ويقدِّم إجابات ثاقبة أكثر.

اطلب رأي المشاركين عن كل جانب من جوانب التدريب، مثل أهداف التدريب والأدوات الرقمية المستخدَمة والمحتوى والنشاطات.