بصفتك مديراً، أنت تتعامل مع المشكلات كل يوم، وقد تستخدم تجربتك السابقة والمعلومات المتوفرة وخبرة فريقك لتحديد الحل وتنفيذه، وغالباً ما تكون استجابتك للمشكلات سريعة ومباشرة. ومن حين لآخر، من الهام أن تلقي نظرة طويلة الأمد لتتمكن من حل المشكلات؛ إذ يدرك المديرون ذوو الإنجازات العالية أنَّ بعض المشكلات تتطلب عملية أكثر منهجيةً وشموليةً من أجل الوصول إلى جذر المشكلة، وليس مجرد تقديم حل مؤقت.

وإذا كنت ترغب في تحسين فِرقك، فإنَّ مهارات حل المشكلات هي الحل؛ إذ توجد دورات مصممة لتزويدك بالفرضيات والأدوات والأساليب لصقل قدراتك على حل المشكلات واتخاذ القرار.

البحث عن الأسباب والأعراض:

إنَّ الرسالة الأساسية هي التعمق وتجاوز التعامل مع الأعراض، وربما سمعت كل ذلك من قبل، وربما تكون قد جربته أيضاً.

التعامل مع الأسباب وليس مع الأعراض:

إذا عالجت كل الأعراض الخاصة بك معالجة منفصلة، فسينتهي بك الأمر إلى الوقوع في حلقة لا نهاية لها من المشكلات المتكررة والحلول المؤقتة قصيرة الأمد، وقد تتحسن أو لا تتحسن.

يتمثل دورك بصفتك مديراً في رؤية الصورة الأكبر، وتجميع كل أعراض المشكلات التي تراها في عمليتك، وسيكون للانضباط والأسلوب الذي تتبعه بصفتك شخصاً مسؤولاً عن حل المشكلات تأثيراً كبيراً في النتائج بالنسبة إليك وإلى الفريق بأكمله؛ لذا إنَّ برنامج تطوير القيادة الجيد يستحق دائماً استثمار الوقت.

التريُّث قبل التصرف بسرعة:

لقد سمعنا جميعاً مقولة: "خذ خطوة واحدة للأمام وخطوتين للوراء"؛ فأنت تحتاج أحياناً إلى التريث قبل أن تتمكن من التصرف بسرعة؛ إذ إنَّ التريث حتى ولو قليلاً لا يبدو أبداً خياراً مناسباً في مجال الأعمال التجارية، ولكن لرفع مستواك إلى مستوى محترف في حل المشكلات، فإنَّ التحدي الكبير الذي ستواجهه هو التريث لحل مشكلة ما.

وقد تحتاج إلى وقت لتوضيح الحقائق والتفكير ملياً في الأمور قبل التصرف، ومن المحتمل أن يقودك الانتقال إلى الاستنتاجات وردود الفعل التي يمكن التنبؤ بها بسهولة إلى إيجاد حلول مؤقتة مع شعورك بمزيدٍ من الإحباط.

ولا يجب أن يكون التريث لحل مشكلة عمليةً صعبةً؛ إذ إنَّ تحديد المشكلة مقدماً والتوضيح بشأن تكلفة العملية سيجذب انتباه الناس، ومن المحتمل أيضاً أن يوفر ذلك الوقت والموارد التي تحتاج إليها للوصول إلى السبب الجذري والتعامل مع المشكلة تعاملاً نهائياً.

تحديد المشكلة قبل تقديم الحلول:

هل سبق لك أن رأيت "خبرة جيدة في تحديد المشكلة" في السيرة الذاتية لشخص ما؟ في الواقع، نحن نرى أنفسنا ناجحين عندما نتوصل إلى حلول رائعة؛ إذ ينصب تركيزنا في العمل على الفكرة الرابحة التي تجعل المشكلة تختفي، فأنت لا تسمع أبداً عن كل الأعمال الشاقة التي تدخل في تحديد المشكلة وتستغرق وقتاً طويلاً لفهم ما الذي تتعامل معه بالضبط.

لذلك، ما يحدث هو أنَّنا نركز معظم تركيزنا وطاقتنا على أفكار تتعلق بالحلول، وهو أمر منطقي تماماً، فبعد كل شيء إنَّ التوصل إلى أفكار رائعة لحل المشكلات هو ما يمنحنا الاحترام والمصداقية.

"ليس الأمر أنَّهم لا يستطيعون معرفة الحل؛ وإنَّما لا يستطيعون معرفة المشكلة" - الفيلسوف الإنجليزي "جلبرت شيسترتون" (G. K. Chesterton).

توجيه الأسئلة لنفسك:

فكِّر في آخر مشكلة حللتها كجزء من مجموعة؟

هل كانت المجموعة ناجحة؟ إذا كانت الإجابة "نعم" فلماذا؟ وإذا كانت الإجابة "لا"، فلماذا أيضاً؟

نظرة عامة على حل المشكلات:

إنَّ التعريف المقبول عموماً لحل المشكلات هو كما يأتي:

حل المشكلات هو عملية إيجاد أفضل حل قابل للتطبيق لمشكلة، أو تحديد حل مبتكر لتحسين الفرص، وتتكون عملية حل المشكلات من 6 خطوات:

  1. اختيار المشكلة أو الفرصة.
  2. تحديد المشكلة أو الفرصة.
  3. تحليل المشكلة أو الفرصة لتحديد السبب الجذري.
  4. وضع أفضل الحلول أو الأفكار المُحسَّنة.
  5. تطبيق حلول أو أفكار مختارة.
  6. تقييم نتائج الحلول وتحديد فرص جديدة.

نظرياً، قد تبدو عملية حل المشكلات مُحبِطة لك بعض الشيء، وربما تكون هذه الخطوات جزءاً طبيعياً من غرائزك المصقولة بعناية، لكنَّ السر لا يكمن في الكلمات المستخدمة لوصف العملية؛ وإنَّما في الانضباط الذي يتطلبه اتباع العملية، ومعرفة متى وكيف يمكن تطبيق الأدوات، وتحقيق النتائج.

وإنَّ قيمة وجود عملية متسقة يمكنك الرجوع إليها تؤتي ثمارها أيضاً في بعض الطرائق غير المتوقعة؛ إذ تمنحنا عملية حل المشكلات المكونة من ست خطوات لغة مشتركة يمكننا استخدامها لتحديد المشكلات وتحليلها، كما أنَّها تمنحك أساساً في فرقك لمزامنة ومعايرة وتركيز نشاطات حل المشكلات الخاصة بك.

طرائق حل المشكلات بوصفها مهارة أساسية:

مهما كان موقعك في العمل، فإنَّ مهارات حل المشكلات والأساليب المتبعة هي المهارات الأساسية، ويمكن أن يساعدك تدريب حل المشكلات على تطوير مهاراتك.

يستخدم حل المشكلات عقلك بالكامل:

يُستخدَم الجانبان الأيمن والأيسر من عقلك لأنواع مختلفة من المهام؛ إذ إنَّ كلاً منهما متخصص على النحو الآتي:

الجانب الأيسر = الأمور المنطقية، مثل: الكلام، الحساب، الكتابة، التكوين.

الجانب الأيمن = الإبداع، مثل: الفن، الموسيقا، الرموز، العلاقات المكانية.

وتوجد خرافة شائعة تقول إنَّ حل المشكلات هو المنطق؛ لذا فكِّر في أفضل الحلول التي توصَّلت إليها من أيِّ وقت مضى، هل كانت الحلول تستند إلى فكرة مجنونة ربما كانت مستحيلة في البداية، أو كانت تجربة نموذجية لمعظمنا، وحدِّد من أين أتت هذه الفكرة، هل جاءت من خيالك أو من جلسة العصف الذهني مع فريقك.

ويحتاج حل المشكلات إلى أن تكون قادراً على التفكير المنطقي والإبداعي، وأن تكون قوياً طوال عملية حل المشكلات بأكملها، ويحدُّ استخدام كثير من المنطق من فهم المشكلة فهماً أعمق أو إيجاد حل مبتكر؛ إذ يعطي الإبداعُ المنطقَ التوازنَ الضروري لرؤية كل الأسباب المحتملة للمشكلة والتوصل إلى مجموعة من الحلول.

وحل المشكلات الفعَّال هو تحقيق التوازن بين نهج منطقي وعقلاني وبين الأفكار الإبداعية التي يقودها الابتكار، وبالنسبة إليك وإلى فِرقك، تذكَّر أن تشجِّع على استخدام أساليب التفكير المنطقية والإبداعية طوال عملية حل المشكلات.

وعندما تدرك أنَّ بعض المشكلات تتطلب عملية أكثر شمولاً من أجل الوصول إلى أساس المشكلة، يمكن أن يكون استخدام مخطط هيكل السمكة أو ما يسمى مخطط إيشيكاوا أداةً قيمةً؛ إذ يساعد هذا الأمر على إدارة ضغوطات التعامل مع المشكلات، ويوفِّر لك تفصيلاً واضحاً لمعرفة السبب الجذري لمشكلتك.