يتزايد عدد العاطلين عن العمل في العالم، في الوقت الذي تتوفر فيه أيضاً كثير من فرص العمل، فلماذا لا يشغل أحد هذه المناصب؟ يكمن السبب في وجود نقص كبير في المهارات الذي يستمر في التزايد مع توفُّر وظائف جديدة تتطلَّب مهارات محددة، فلا ينضم ما يكفي من المهنيين المؤهلين إلى القوى العاملة، ولا يمتلك الموظفون الحاليون المهارات المطلوبة للعمل في تلك الوظائف.

قد يفيد التدريب المتبادل للموظفين أعمالك بطرائق عديدة، مثل زيادة الإنتاجية والتخطيط للتعاقب الوظيفي بفاعلية أكبر؛ لذا بدلاً من توقُّع أن يمتلك الموظفون المهارات والمعرفة المحددة اللازمة لشغل منصب ما، تعمل المؤسسات الناجحة على تمكين الموظفين من ذوي المواهب من خلال توفير فرص تدريب شاملة، مثل التدريب المتبادل.

ما هو التدريب المتبادل للموظفين؟

يقتضي التدريب المتبادل تعليم موظف تم تعيينه لأداء وظيفة ما المهارات المطلوبة لأداء مهام وظيفية أخرى، ولا يقتصر التدريب المتبادل على التدريب في حالة مرض أحد الموظفين؛ بل يبدأ الأمر بتحديد المهام والمهارات المطلوبة في مجال معين من عملك، كي يتمكن الموظفون من أخذ التدريب عند الحاجة.

يهدف التدريب المتبادل إلى تنمية مهارات كل موظف في الشركة، كي يفهموا على نحو أفضل ما يلزم للحفاظ على استمرارية الشركة، وهذا يمكِّن المؤسسات من تلقِّي الدعم من الداخل بدلاً من الاضطرار إلى الاستعانة بمصادر خارجية عند ازدياد ضغط العمل أو غياب شخص لديه مهارات معينة، ومن ثمَّ تزداد قيمة الموظفين في الشركة ويكسبون المعرفة والمهارات اللازمة لتحسين حياتهم المهنية.

فوائد التدريب المتبادل للموظفين:

تشمل الفوائد الرئيسة التي يعود بها التدريب المتبادل على المنظمات ما يأتي:

  1. احتمال انخفاض التغيب عن العمل ونسبة دوران العمالة.
  2. الحفاظ على اندماج الموظفين من خلال تدوير المهام (يتم تكليف الموظف بمهام مؤقتة خارج نطاق مهام منصبه).
  3. تعزيز فرص تطوير الموظفين.
  4. ازدياد القدرة على ترقية موظفين من الشركة، وهذا يقلل من تكاليف التوظيف.
  5. تعزيز المرونة في جدولة أوقات العمل.
  6. تعزيز قدرة الموظفين على التعاون وتحديد طرائق لتحسين العمليات.
  7. تعزيز الكفاءة.

إيجابيات التدريب المتبادل للموظفين وسلبياته:

توجد إيجابيات عدة لهذا النوع من التدريب، لكن تجدر الإشارة أيضاً إلى سلبياته في حال لم يتم إجراؤه كما يجب.

أولاً: إيجابيات التدريب المتبادل للموظفين

1. تنمية مهارات الموظفين:

يوفر التدريب المتبادل فرصة للموظفين للنمو مهنياً نتيجة ازدياد عدد مهاراتهم، كما يتيح لهم اكتساب خبرات عمل متنوعة.

2. تعزيز العمل الجماعي:

يشجع التدريب المتبادل الموظفين على العمل معاً، فالسماح للموظفين بتدريب أقرانهم على جوانب من مناصبهم يزيد شعور الجميع بالتقدير، ويؤدي إلى تقوية العلاقات بين زملاء العمل.

كما أنَّه يمنح الموظفين فرصة لرؤية طبيعة عمل زملائهم، وهذا يُنشئ بيئة عمل يكون التركيز فيها على الفريق حينما يساعدون بعضهم بعضاً، فعندما يكون لدى الموظفين اهتمام خاص بكيفية عمل الشركة، فإنَّ ذلك يساعدهم على فهم العمليات وزيادة الإنتاجية والتعاون.

3. ضمان إلمام الموظفين بجميع المناصب:

يضمن التدريب المتبادل بأنَّ الموظفين على اطلاع كامل بجميع الوظائف الهامة، وهذا يفيد في حالة إجازات الموظفين الطويلة أو تغيُّبهم عن العمل أو تركهم المؤسسة؛ لذا تضمن معرفة الآخرين بكيفية القيام بمهامهم استمرار العمل.

إذا كنت على علم بأنَّ الموظف سيتغيب، فمن السهل التعامل مع الأمر عبر الاستعداد له مسبقاً، ولكنَّ النقص غير المتوقع في الموظفين لأداء مهام معينة قد يكون مكلفاً، وهذا يعوق الإنتاجية والربحية، بينما لن يحدث انقطاع في سير العمل عندما يتمكن الموظفون الموجودون من تأدية مهام زملائهم المتغيبين.

ثانياً: سلبيات التدريب المتبادل للموظفين

قد يكون للتدريب المتبادل نتائج سلبية إذا لم يُجرَ بصورة مناسبة، لكن من خلال إدراك المخاطر المحتملة، يمكنك الحد منها والتأكد من إجراء التدريب المتبادل بطريقة تؤدي إلى نتائج إيجابية.

1. زيادة مسؤوليات الموظفين دون تقديم أجر إضافي:

قد يرى بعض الموظفين في التدريب المتبادل مسؤولية إضافية دون أجر إضافي؛ لذا احرص على موازنة عبء عملهم قدر الإمكان.

لا يجب أيضاً تحميلهم مسؤوليات كثيرة بسرعة كبيرة كي لا يتعرضوا للاحتراق الوظيفي؛ لذا احرص على إعلامهم بالفوائد التي سيعود بها عليهم التدريب المتبادل قبل البدء به، واطلب تغذيات راجعة من الموظفين للتأكد من أنَّ الجميع موافقون على تولِّي مهام الآخرين مؤقتاً، فلا يجب أن يشعر الموظفون بأنَّهم مُثقَلون بمهام خارج نطاق مهام مناصبهم التي اتفقتَ معهم عليها.

2. تزايد كبير في عدد الموظفين غير المتخصصين:

هؤلاء هم الموظفون الذين لديهم معلومات عامة حول كثير من مهام المناصب، ولكنَّهم لا يعرفون ما يكفي عن مهام محددة لإنجازها بإتقان.

على الرغم من أنَّ هذا قد يكون مفيداً للتعويض عن تغيُّب موظف ما، لكن قد يؤدي ذلك إلى غياب الموظفين المتخصصين، ولتجنب ذلك، اختر الأشخاص الذين تدرِّبهم بحكمة عبر اتباع الخطوات الموضَّحة لاحقاً في مقالنا هذا.

برامج التدريب المتبادل للموظفين:

لتجني فوائد التدريب المتبادل، من الهام إجراؤه بصورة مناسبة؛ لذا اتبع الخطوات الآتية لتبدأ التدريب المتبادل بفاعلية.

1. تحديد المهام:

حدد المهام التي يتم تنفيذها في مختلف الوظائف، ثم حدد تلك التي قد يؤديها أشخاص آخرون بنجاح.

2. اختيار الموظفين المناسبين للتدريب المتبادل:

قبل أن تبدأ عملية التدريب المتبادل، يجب عليك تحديد المرشحين المناسبين ليكونوا مدربين ومتدربين؛ إذ تسعى معظم الشركات إلى توظيف أشخاص قابلين للتطوير، ويتسمون بالفضول والحماسة، وهذه هي الخصائص ذاتها التي يجب عليك البحث عنها عند اختيار الأشخاص الذين ستقدِّم لهم التدريب المتبادل، فأفضل مرشح لمهمة التدريب هو الموظف المخضرم الذي يتمتع بخبرة متنوعة في المهارة المطلوبة، وقد يعتمد اختيار المتدربين على عوامل عدة:

  • إذا كانت لديهم معلومات عامة حول المهمة أو المهارة.
  • إذا كانوا يرغبون بتحمُّل مسؤولية أخرى.
  • إذا كانوا بالفعل من أصحاب الأداء العالي.

قد تساعدك المعلومات التي يعطيها المشرفون أو قسم الموارد البشرية حول الموظفين على تحديد اختيارك.

3. تخفيف عبء العمل:

خفف من عبء العمل في أثناء التدريب وخلال تنفيذ المهام الإضافية، وإلا فقد يشعر الموظفون المعنيون بالارتباك والاستياء من هذه العملية.

4. الاستفادة من منصة للتعلم:

تُعَدُّ منصات التعلم وسيلة ممتازة لتقديم مجموعة متنوعة من برامج التدريب للموظفين التي يمكن استخدامها للاحتفاظ بمواد تدريبية مخصصة أو محتوى فيديو جاهز، وذلك لبناء المهارات اللازمة للعمل في المناصب وإنجاز المهام المشتركة، وهذا ما يجعلها مصدراً مفيداً للغاية ومناسباً للتدريب المتبادل للموظفين؛ إذ تمكِّنك من توسيع نطاق المهارات باستمرار.

5. تقديم الكوتشينغ للموظفين:

وظِّف مهارات الكوتشينغ في عملية التدريب المتبادل؛ إذ ينطوي هذا التدريب على صعوبات، ولأنَّ المدربين قد لا يشاركون عادةً في إدارة الآخرين أو تطويرهم؛ لذا هم بحاجة إلى فهم أساليب تقديم الكوتشينغ المناسبة.

6. تقدير الموظفين ومكافأتهم:

قدِّر جهود الموظفين وكافئهم على تطوير مهارات وتولِّي مسؤوليات جديدة؛ إذ يرغب كل موظف بأن يكون الجهد الذي بذله لنجاح الشركة محط تقدير، ولن تكافئهم بذلك على العمل الجاد فحسب؛ بل ستحفزهم على مواصلة التعلم أيضاً.

الموظفون أثمن ما لديك، فاحتفظ بالمواهب وكن مستعداً لملء الشواغر في الوظائف من خلال التدريب المتبادل؛ إذ سيعزز إجراء التدريب المتبادل بإتقان اندماج الموظفين، وينمي المهارات، ويشجع على العمل الجماعي.

في الختام:

من الحكمة أن نَعُدَّ التدريب المتبادل جزءاً من جهود المؤسسة لتطوير الموظفين؛ إذ يُعَدُّ تزويد موظفيك بالأدوات اللازمة لصقل المهارات وإعادة تكوينها عند الطلب، التي يمكنهم استخدامها لترسيخ المهارات التي يتعلمونها من مدربيهم أمراً هاماً.

يعمل صقل المهارات وإعادة تكوينها أيضاً مع مبادرات التدريب المتبادل على تعزيز اندماج الموظفين والاحتفاظ بهم، وذلك بعد أن أصبح التعلم والتطوير أولوية قصوى بالنسبة إلى الجيل زد وجيل الألفية، ففي استطلاع أجرته شركة "ديلويت" (Deloitte) عام 2022، قال 66% من العمال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً إنَّ صقل المهارات وإعادة تكوينها هو ثالث أهم فائدة بالنسبة إليهم عند البحث عن فرص عمل جديدة.

يتعين على الشركات التفكير أكثر وتخصيص الموارد لتطوير موظفيها وقادة المستقبل من خلال إنشاء برامج توظِّف أدوات وأساليب تدريب حديثة مختلفة، مثل التعلم الإلكتروني والتدريب المتبادل وغيره، لتمكين الموظفين من مواجهة التحديات المستقبلية.