تُعَدُّ القيادة الحكيمة عنصراً هاماً في إدارة أيَّة منظمة عملياً، ومن خلال مهارات القيادة الفعالة والعملية، يمكنك اتخاذ قرارات فعَّالة، وتعزيز مواهب الموظفين وقدراتهم، والأهم من ذلك مساعدة أعضاء الشركة ككل على الشعور بأنَّهم جزء من هدف كبير.

عندما يتعلق الأمر بالقيادة فإنَّ المنظمات والشركات لها ثقافاتها وممارساتها الخاصة، ومن المعروف تقليدياً، أنَّ المناصب القيادية كافةً تنطوي على فكرة التأثير، ويمكن لبرنامج التدريب أن يساعد على تطوير القيادة.

ما هو تدريب القيادة وتطويرها؟

يُعَدُّ تطوير التدريب على المهارات القيادية جزءاً أساسياً لكل منظمة؛ حيث يسمح بالنمو التنظيمي للقيادة داخل المنظمة، وإدارة التغيير المستمر الموجود في كل مؤسسة تنافسية، ويجب أن يكون القادة مُجهَّزين جيداً للتكيف مع التغييرات الناتجة عن التحديات، مثل التحديات الجغرافية المستمرة لفِرق العمل عن بُعد، وزيادة العولمة في المنافسة، والاختلافات بين الأجيال التي تؤدي إلى اختلافات في المواقف تجاه العمل، والتغيرات في الثقافة التنظيمية، وعوامل أخرى.

زيادة عدد العاملين عن بُعد

شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة في عدد الموظفين العاملين عن بُعد، ووفقاً لما ذكَرَه الأكثرية، من المتوقع استمرار زيادة هذا التوجه مع زيادة عدد العاملين المستقلين، والمتعاقدين، وموظفي المكاتب الذين يعملون الآن عن بُعد أو يعملون داخل المكاتب وعن بُعد في الوقت نفسه؛ حيث يتردد العديد من الموظفين الذين يبحثون عن وظائف جديدة في قبول منصب يُلزِمهم بالعمل في المكاتب دواماً كاملاً.

العولمة السريعة

تفكِّر معظم المنظمات المعترف بها عالمياً في الانتقال إلى الأسواق الناشئة؛ حيث يحتاج هذا التغيير إلى أن يكون القادة مجهزين جيداً للتعامل مع التنوع ومع فِرق من جميع أنحاء البلاد أو من دول مختلفة حتى.

ترتقي الأجيال الشابة إلى مستوى التحديات المرتبطة بالاقتصاد العالمي المتغير حديثاً؛ حيث يمكنهم تولِّي مناصب قيادية وتقديم أفكار جديدة تحدد أهمية القوى العاملة، ولا يمكن لبعض الأساليب والنماذج الجديدة التي تستخدمها المجموعات الجديدة من القادة دعم الأشكال التقليدية للقيادة أو التنظيم الإداري، ومن هنا تأتي ضرورة التدريب لمعالجة الاختلافات.

أخيراً، تكمن أهمية تطبيق التدريب على المهارات القيادية وتطويرها في سد الثغرات القيادية؛ حيث تكافح معظم المنظمات في العثور على مرشحين مناسبين لتولِّي الأدوار القيادية الشاغرة، وعند الحاجة إلى هذه المناصب، غالباً ما تعمل مع شركات تنفيذية متخصصة بالبحث والتعيين.

التخطيط لبرنامج التدريب على المهارات القيادية وتطويرها

تُعَدُّ هذه البرامج فرصاً تعليميةً للأفراد داخل وخارج المناصب القيادية، وفيما يأتي بعض الاستراتيجيات التي يجب اتِّباعها:

● تقييم وتحديد المواهب

تمتلك معظم المنظمات برامج داخليةً لتطوير القيادة؛ حيث يمكنك اختيار عدد قليل من الأفراد لبرنامج معين، ومع ذلك، فإنَّ بعضهم يفتقر إلى هذه البرامج؛ لهذا السبب فكِّر في تحديد عدد قليل من الأفراد الأساسيين داخل مؤسستك والذين تعتقد أنَّهم مناسبين لهذا النوع من برامج تطوير القيادة.

● الحصول على تأييد أصحاب المصلحة الأساسيين

لكي ينجح برنامجك القيادي، أنت تحتاج إلى الحصول على دعم من غالبية فريق القيادة العليا، ومن الناحية المثالية، سيكون لديك مدير تنفيذي يمكنه دعم برنامج تطوير القيادة الخاص بك، ونقل هذا الإحساس بالأهمية لكل مستوى من مستويات المنظمة الإدارية.

● تحديد ثقافة قيادتك

لكل منظمة أسلوبها المميز عندما يتعلق الأمر بالقيادة وتطويرها؛ حيث تتأثر هذه الأساليب بثقافة المنظمة ورسالتها واحتياجاتها، ومع ذلك، من الأفضل تشجيع المشاركين في البرنامج على التدرُّب على المرونة، وبهذه الطريقة، يمكنهم التكيُّف مع بيئات العمل المختلفة والمتغيرة باستمرار.

● تصميم خطة التطوير

عند تصميم برنامج تطوير القيادة الخاص بك، يجب عليك الإشارة إلى موضوع النقاش في منظمتك؛ حيث سيساعدك هذا الأمر على تطوير برنامج مناسب للمشاركين، كما يجب أن يضع برنامجك في الحسبان فرص التعلُّم المختلفة، التي تتضمن:

  • استكشاف طبيعة الوظيفة من خلال التدرُّب على يد موظفين أكثر خبرة.
  • التنقل بين المناصب الإدارية في المنظمة.
  • دورات التطوير المهني.
  • التعلُّم الذاتي المصغَّر.
  • الشهادة.
  • منتورينغ القيادة.

● أهداف التدريب على المهارات القيادية وتطويرها

لكي ينجح برنامج التدريب على القيادة وتطويرها، يجب أن يكون لكل مشارك مجموعة من الأهداف يرغب في تحسينها، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التفكير، أو من خلال إجراء استطلاعات عن فاعلية القيادة، وقد تكون بعض المؤشرات الشخصية الفردية مناسبة لمساعدة القادة على تحديد أسلوبهم الخاص في التعامل مع بعض الأمور، مثل الصراحة، والارتياح مع الضعف، والصفات القيادية الأخرى.

فيما يأتي بعض الأهداف التي يجب التفكير في استخدامها في المراحل الأولى من البرنامج:

  1. حسن الإصغاء

بصفتك قائداً، يجب أن تكون مستعداً للإصغاء إلى آراء كل عضو في الفريق؛ حيث يجب أن يكون القائد قادراً على إيجاد مساحة يمكن للأفراد فيها مشاركة اقتراحاتهم بأمان ودون خوف.

  1. الكوتشينغ

من أهم الجوانب المتعلقة بكونك قائداً، هي قدرتك على رعاية مواهب الآخرين وأن تكون قدوةً لهم؛ لذا يجب أن يكون القائد قادراً على تحديد المهارات القيادية لدى أعضاء الفريق، ومساعدتهم على تنمية قدراتهم؛ حيث تُعَدُّ مساعدة الآخرين جزءاً هامَّاً لتعزيز ثقافة القيادة داخل المنظمة، وفي معظم الحالات، يتضمَّن ذلك تقديم تغذية راجعة بنَّاءة وقابلة للتطبيق، والكوتشينغ والاهتمام بطريقة تعامل الآخرين مع المشاريع الصعبة داخل المنظمة.

  1. الانفتاح على التغيير

يجب أن يكون القائد منفتحاً على الأفكار والأساليب الجديدة، وبهذه الطريقة يمكنه تعلُّم أمور جديدة يمكن أن تثبت أنَّها قيِّمة عند إدارة المنظمة، ويمكن أن يساعدك الانفتاح على الفرص الجديدة على الأمد القصير والطويل.

  1. الذكاء العاطفي

يحتاج القائد لينجح إلى إظهار مستوى عالٍ من الذكاء العاطفي، وتشمل العناصر الرئيسة للذكاء العاطفي التنظيم الاجتماعي، والوعي الذاتي، والوعي الاجتماعي، والتحفيز والتنظيم الذاتي؛ وبهذه المهارات يمكن للقائد أن يدير التوتر بفاعلية ويحدد الأهداف ويتخذ القرارات المناسبة.

  1. الصدق والمساءلة

تُختَبر مصداقية القائد لإثبات صدقه وشفافيته وخضوعه للمساءلة، ولكي ينجح برنامج تطوير القيادة، لا بُدَّ من وجود قادة صادقين يمكنهم تحمُّل مسؤولية أفعالهم.

تساعد هذه الصفات على بناء علاقة ثقة بين القائد والإدارة وأعضاء الفريق، ويمكن أن تساعد معرفة قيم الفرد وأسلوب القيادة الصادقة والمسؤولة قائدك على زيادة مرونته، وفي المقابل، يمكنهم بناء المرونة في جميع أنحاء المنظمة من خلال تعزيز هذه الصفة في ثقافتها التنظيمية.

الخلاصة

سيتطلب منك التخطيط لبرنامج تطوير القيادة بصفتك شخصاً متخصصاً في مجال التعلم والتطوير، بناءَ مجموعة فعَّالة من الدورات والخبرات بحسب الثقافة التنظيمية في مؤسستك وأولوياتها في المستقبل، وسيتطلَّب منك الأمر الحصول على موافقة من الأعضاء التنفيذيين والمديرين وغيرهم ممَّن سيكونون جزءاً من تطوير أسلوب التدريب على القيادة.

ستحتاج أيضاً إلى إيجاد طريقة لمساعدة القادة والمساهمين الفرديين المحتملين على الاعتراف بمهاراتهم وقدراتهم القيادية الحالية وفهمها؛ وذلك من أجل تقييمها وتطويرها بوعي في المستقبل.