كثيراً ما يسأل العديد من المتخصصين في التعليم الإلكتروني، وخاصة أولئك الذين بدأوا للتو ممارسته، عن الحاجة إلى النظريات. لماذا نهتم بنظرية التصميم التعليمي أساساً؟ ألا تكفي الممارسة؟

نظريات تصميم التعليم

النظرية والتطبيق وجهان لعملة واحدة، وهذا لا ينطبق على التصميم التعليمي فحسب، بل على أي مجال أو تخصص آخر. لا تفيد النظرية ممارستك فحسب، بل تساعدك في الواقع على تحسين جودة مواد التعليم الإلكتروني الخاصة بك من خلال الشبكة الافتراضية أو الإنترنت. على الرغم من أنَّ نظرية التعلُّم لا تحل جميع مشكلات التصميم التي تعاني منها، إلا أنَّها توفر الوضوح خلال العملية وتوجهك نحو إيجاد الحلول.

تقنيات التدريس الثلاث الأكثر استخداماً في التصميم التعليمي

من بين نظريات التعليم الإلكتروني العديدة التي تؤثر في التدريب، يستخدم الخبراء باستمرار ثلاث نظريات أساسية، شغلها الشاغل جميعاً كيفية تعلُّم الطلاب. ومن خلال التحقق من كل واحدة منها، يمكنك فهم ما ينجح نجاحاً يثير الإعجاب في بيئة التعلم. من الواضح أنَّه يمكنك استخدام هذه النظريات بالاعتماد على أهدافك كمصمم تعليمي، وأهداف عمل مؤسستك أو مؤسسة العميل ومتطلبات المتدربين وموضوع الدراسة.

1. النظرية السلوكية (Behaviorism):

تركِّز هذه النظرية على السلوك البشري الذي يمكن ملاحظته وقياسه، والذي يتكرر حتى يصبح تلقائياً، ثم إنَّها تدرس كيف تعمل بيئة الشخص الخارجية على تشكيل سلوكه.

نظراً لأنَّ هذه النظرية مهتمة بالمراقبة الكمية للاستجابة للمحفزات وحسب، فإنَّها تتجاهل تماماً احتمالية وجود عمليات التفكير الجارية في عقل الطالب، وتعدُّها مجرد ترتيبات لما يحتاج الطلاب إلى معرفته، ممَّا يوضِّح استخدام السلوكيين لبعض الاستراتيجيات، مثل استراتيجية تمييز الدليل، واستراتيجية الحفظ عن طريق التكرار (الاحتفاظ)، واستراتيجية الانتماء.

نستخدم النهج السلوكي نفسه للحصول على مهارة جديدة، فنعمد إلى ملاحظتها ومراقبتها وممارستها. مهمة الطالب هي تذكُّر القدرة والتفاعل بينما يقدم المعلم النقد (يوضِّح ما إذا كانت الاستجابة المناسبة صحيحة أم خاطئة) ويعطي التدريبات.

يمكن تطبيق السلوكية على خطتك التعليمية عندما تنوي:

  • جعل نتائج التعلم قابلة للقياس والملاحظة بين الطلاب.
  • استخدم المكافآت المادية والملاحظات المفيدة لتحسين إنجاز الطلاب.
  • مساعدة الطلاب في الحصول على مجموعة من القدرات أو الممارسات المُتوقَّعة.

2. النظرية المعرفية (Cognitivism):

مثل النظرية السلوكية، تراقب النظرية المعرفية الأمثلة الجديدة في السلوك، إلا أنَّها تتمحور حول ما تغفله النظرية السلوكية، ألا وهو طريقة التفكير الكامنة وراء السلوك.

من خلال مراقبة التغيرات في السلوك، يستخدم مؤيدو هذه النظرية تلك التغييرات كمؤشرات إلى ما يحدث في أذهان الناس.

بهذه الطريقة، يمكن عدُّ اكتساب المعلومات والمهارات من منظور نفسي تفاعلاً عقلياً داخلياً وديناميكياً إلى حد ما. وبخلاف النظرية السلوكية، تركِّز النظرية المعرفية على كيفية التعلم. وفي حين أنَّ النظرية السلوكية تجعل المرء يلاحظ الظروف الحالية للطالب، فإنَّ النظرية المعرفية تقدم منهجية تركِّز على الطالب نفسه، وتستخدم الأجهزة والابتكارات التي تحاكي وجهة نظر الإنسان وتعالج حتى دورات التفكير الأكثر تعقيداً؛ على سبيل المثال، التفكير والتفكير النقدي وإعداد البيانات وتطوير الأفكار.

هذا لا يعني أنَّ النظرية المعرفية تتفوق على النظرية السلوكية، فالنظرية الصحيحة تعتمد على العوامل المذكورة سابقاً.

إذا قررت تطبيق النهج المعرفي لتطوير المواد الخاصة بك، احرص على:

  • تحديد العوامل التي تميز شخصيات الطلاب، والتي يمكن أن تساهم في تلقِّي المعلومات أو إعاقتها.
  • تحديد الأمور التي تناسب إعداد البيانات بكفاءة وتمنحها الجاذبية، ودراسة هذه الأمور.
  • تطبيق مجموعة متنوعة من تقنيات التعلم التي تسمح للطلاب بربط البيانات الجديدة بالمعلومات السابقة.

3. النظرية البنائية (Constructivism):

تعبِّر هذه الفرضية عن أنَّنا نرى صورة محددة تعتمد على تجاربنا الفردية وتركيباتنا العقلية وقناعاتنا، مثل النظرية المعرفية؛ حيث تجعل هذه النظرية الطالب محور بيئة التعلم. لا يستوعب الطالب المعلومات بلا مقاومةٍ فحسب، بل يشارك بنشاط في البناء الفردي للمعرفة. هذا يعني أنَّ المعرفة لا يمكن أن تنتقل ببساطة من طالب إلى آخر.

من منظور النظرية البنائية، يتحكم الطالب في تعلُّمه، وهذا هو السبب الكامن وراء أهمية إتاحة المعلومات بسهولة بطرائق متعددة؛ ذلك حتى يتمكن الطلاب من إعادة النظر في المحتوى في أي وقت، والتعامل مع المعلومات بناءً على أهدافهم.

ما هي الخطوة التالية؟

بعد أن بتَّ تعرف الفرضيات الأساسية الثلاث التي يمكن استخدامها في أثناء تصميم الخطط التعليمية، كيف ستختار أيَّاً منها ستستخدم؟ على الرغم من عدم وجود صيغة واحدة لاختيار النظرية الأكثر ملاءمة، فإنَّ الخبراء عادة ما يقارنون نظريات التعلم بمحتوى التعلم.

على سبيل المثال، تُعدُّ النظرية السلوكية أكثر فاعلية عند مساعدة الطلاب على إتقان محتوى مهنتهم، وذلك حين تحتاج إلى استخدام قليلٍ من المعرفة المسبقة في التدريس، أو لا تحتاج إليها على الإطلاق. ويمكن للنظرية المعرفية أيضاً أن تساعد الطلاب بنجاح في معالجة القضايا في الظروف الجديدة، حيث يُنظر إلى هذه الفرضية، في معظمها، على أنَّها أكثر ملاءمة لتوضيح الأنواع المعقدة من التفكير النقدي وما إلى ذلك.

وفيما يتعلق بالنظرية البنائية، يستخدمها المتخصصون كثيراً عند معالجة القضايا غير المميزة المتعلقة بالحياة الواقعية.