لاحظنا توجُّهاً ساد مؤخراً في مجال التدريب؛ إذ تريد المزيد والمزيد من الشركات قياس تأثير برامج التدريب. ومع ذلك، قال 61% من قادة التدريب إنَّهم لا يقيسون عائد استثمار التدريب.

إذا أردنا أن نعرف لماذا، وما الذي يمنع قادة التدريب اليوم من تقييم عائد استثمار برامجهم، فيجب علينا أن نطرح بعض الأسئلة.

كشفَ استطلاعٌ شارك فيه أكثر من 80 شخصاً ودرس عائد الاستثمار التدريبي عن الأسباب الحقيقية لعدم احتساب الشركات للنجاح، والطرائق الهامة للتغلب على هذه الحواجز.

غياب الأهداف الواضحة

ذَكَر الأشخاص الذين أجروا الاستطلاع أنَّ عدم وضوح الأهداف التي وضعَتها المنظمات دفعهم إلى وضع أهدافهم الخاصة؛ مما جعل تحديد الأمور التي يقيسونها وطريقة قياس العائد على الاستثمار أصعب.

وكانت الإجابة الأكثر اختياراً في استبياننا هي أنَّ 54% من قادة التعلم يعتقدون أنَّ الافتقار إلى أهداف واضحة للشركة هو السبب الرئيس لعرقلة قياس عائد الاستثمار.

هذه ليست بالمفاجأة الكبيرة، فقد أُبلِغ سابقاً عن أنَّ 40% فقط من الشركات تقول إنَّ استراتيجية التعلم الخاصة بها تتماشى مع أهداف العمل، وهذا ليس أمراً جيداً، فدون مساهمة الأشخاص الآخرين الذين يشغلون مناصب قيادية، أو بوجود نقص في أهداف الشركة، يتعين على فريقك تحديد أهدافهم الخاصة؛ مما يصعِّب تحديد المقاييس الرئيسة، ويجعل فهمك وفهم الفريق للأمور التي تُهِمُّ المؤسسة ناقصاً.

لجعل الجميع على وفاق، اجمع ملاحظات زملائك في الأقسام الأخرى، واكتشِف أهداف الفِرَق الأخرى، وكيف يمكِن لبرامجك التدريبية أن تساعدهم على تحقيقها، وتأكَّد من فهمك الكامل لأهداف الآخرين وإظهار كيف يمكِن لمبادرة التدريب أن توفِّر المهارات المناسبة للوظائف المتاحة.

عدم امتلاك الموارد اللازمة لإجراء عملية القياس

يشكل نقص الموارد داخل أي قسم ضغطاً كبيراً على كل الجوانب الأخرى، بما في ذلك التدريب، وبالنسبة لـ 43% من المشاركين في الاستطلاع، كان هذا عاملاً رئيساً يعيق قدرتهم على قياس عائد الاستثمار. وسواء أكان العائق حجم الفريق أم قيود الميزانية أم الأدوات القديمة أم الجداول الزمنية المزدحمة، يعتقد الكثيرون أنَّهم لا يقيسون عائد الاستثمار لأنَّهم ببساطة لا يستطيعون فعل ذلك.

لا يوجد حل سهل لنقص الموارد داخل قسمك، ولكنَّ اللجوء إلى الأقسام الأخرى للحصول على دعم من قياداتها بدايةٌ رائعةٌ.

ما يهم أن تعرفه هنا هو أنَّك لستَ مضطراً لحساب كل شيء بنفسك؛ لذا استفِد من الموارد خارج فريق التعلم الخاص بك وسوف تندهش من الحجم الهائل للبيانات التي تجمعها الفِرَق الأخرى لتقاريرها الخاصة وقد تجد بالضبط ما تبحث عنه، ولنفترض أنَّك بدأتَ للتو برنامجاً جديداً لتدريب العملاء وتحتاج إلى معرفة مدى فاعليته في تقليل وقت تأهيل العملاء، فلماذا لا تطلب من أقسام المبيعات مقاييس النجاح التي تُظهِر انخفاضاً في وقت بدء العمل للعملاء الجدد؟ وإذا لم تكن متأكداً مما ستسألهم عنه، فاسألهم عن النسبة المئوية لبرامج العملاء النشطة والمتوقفة التي أُطلِقَت؛ إذ تُعَدُّ هذه النسبة من المقاييس الجيدة، فقارِن هذه المقاييس قبل تنفيذ تدريب إعداد العملاء وبعد تنفيذه.

عدم وضع التدريب ضمن أولويات الشركة

مما يثير القلق، أنَّ بعض المشاركين في الاستطلاع شعروا أنَّ شركتهم لم تُعطِ الأولوية لاحتياجاتهم المستقبلية من القدرات بشكل صحيح، ولم تقارن ذلك باستراتيجية التعلم.

أفضل مُدافع عن أهمية التعلم هو قائد التعلم، وصحيح أنَّ القول أسهل من الفعل، ولكن يمكِنك وضع التعلم والتدريب موضع اهتمام مؤسستك من خلال إظهار نتائج حملات التدريب الرئيسة، وانظر إلى مجموعة الدورات التدريبية الخاصة بك واختر منها تدريباً تجريه على مستوى الشركة بأكملها، ويمكِن أن يكون هذا التدريب أي شيء بدءاً من إعداد العملاء والموظفين إلى التدريب في مجال الصحة والسلامة، فلولا قسمك، لما كان هذا التدريب الهام قد تحقَّق.

لا أحد يعلم من أين يجب عليه أن يبدأ

شعر 50% من المشاركين أنَّه من الصعب قياس عائد الاستثمار في التدريب، كما لاحظ بعضهم أنَّ أنواعاً معيَّنة من التدريب كانت أكثر صعوبةً من غيرها في القياس، بينما لاحظ بعضهم الآخر أنَّ التأثير الإجمالي لمجال التعلم والتطوير يمكِن أن يكون واسعاً للغاية. فبعد التعمق في النتائج، اكتشفنا أنَّ 44% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أنَّ نقص البيانات يمثل تحدياً كبيراً في مجال قياس عائد الاستثمار التدريبي بدقة.

بناءً على الأرقام المذكورة أعلاه، نعتقد أنَّ هناك فجوةً معرفيةً للمكلَّفين بقياس التدريب وبتسجيل بياناته، حيث يمكِن أن تأتي هذه الفجوة من قلة الخبرة، مما يؤدي إلى عدم الثقة، فمن المنطقي أنَّك إذا كنتَ لا تعرف من أين تبدأ قياس البيانات أو سحبها، فستجد صعوبةً في إظهار قيمة التدريب الخاص بك من حيث عائد الاستثمار.

لا تدع الخوف من المجهول يمنعك من قياس عائد الاستثمار، فبمجرد أن تبدأ في العثور على الإحصائيات، بغضِّ النظر عن حجمها، ستدرك ما يجب فعله من خلال التجربة وارتكاب الأخطاء والتعلم منها، فهذه مرحلة هامة من الاكتشاف؛ لذا تعرَّف إلى الأرقام التي تناسبك والتي لا تناسبك، وكلما تدربتَ على حساب عائد الاستثمار التدريبي، زادت ثقتك في إظهار تأثير البرامج التدريبية التي تقودها.

اكتشِف المقاييس المناسبة للقياس من خلال مشاهدة البروفيسور والكاتب "جاك جي فيليبس" (Jack J. Phillips)، رئيس معهد "أر-أو-آي" (ROI)، وهو يوضِّح كيفية التنبؤ بدقة بعائد الاستثمار الذي يجنيه لعملك من التدريب وكيفية قياسه. فيمكِنك استخدام الطريقة التي شاركناها في هذه المقالة لمعرفة كيفية توقُّع عائد الاستثمار الخاص بك واستخدام هذه الأرقام لتحديد الأهداف.

ما رأيك في قياس عائد الاستثمار في التدريب؟

سُئِلَت "فرانسيس كليفن" (Frances Kleven)، مديرة فريق نجاح العملاء في شركة "ليرن أبون" (LearnUpon)، عن رأيها في السبب الذي يجعل الشركات تجد صعوبةً في قياس عائد الاستثمار الناتج عن تدريباتها، وهذا ما قالته:

"من المثير إنشاء الأشياء وبناؤها، ولكن من المخيف قياس تأثير ما قمتَ ببنائه، حيث يعود جزء من السبب في هذا إلى أنَّك لا تعرف كيفية القياس، بينما يعود السبب الثاني إلى أنَّك لا تعرف ما ستكشفه هذه النتائج".