عند وقوع حادثة ما، غالباً ما يكون الإجراء التصحيحي هو التدريب، والمزيد من التدريب، فنحن ننفق الكثير من المال على التدريب كل عام وفي كل مجال؛ حيث يُقدِّر "مجلس كندا للمؤتمرات" (The Conference Board of Canada) أنَّه أُنفِقَ أكثر من 12 مليار دولار على تدريب الموظفين في عام 2012، ويبقى السؤال: "إذا كان التدريب هو الحل، فما شكل برنامج التدريب الفعَّال؟".

طوَّرت شركة "سي إس إيه غروب" (CSA Group) معيار التدريب على الصحة والسلامة المهنية (Z1001-13)، لإدارة التدريب على الصحة والسلامة المهنية؛ حيث يزوِّد المنظمات بدليل عملي لإدارة برامج تدريب الصحة والسلامة المهنية الفعَّالة، ويتألف من ثلاثة أجزاء رئيسة.

يتحدث الجزء الأول عن تدريب وإدارة وتنظيم برنامج التدريب، أما الجزء الثاني، فيحدد الأدوار والمسؤوليات ويلخص عمليات تحليل احتياجات برنامج التدريب، وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّه يحدد طرائق إنشاء البرنامج، مثل التصميم والتطوير والتنفيذ، وطرائق قياس نجاح البرنامج والتأكد من تحقيقه النتائج المتوقعة.

أمَّا الجزء الثالث والأخير من المعيار، فيتحدث عن ضرورة التطوير المستمر للدورات التدريبية وصيانتها، إذاً، من أين ستبدأ؟ يتضمن وضع برنامج تدريبي فعَّال 8 خطوات:

الخطوة الأولى: إعداد دراسة جدوى

غالباً ما يرتكب الأشخاص خطأً عند محاولة البدء بأيَّة مبادرة جديدة، وهو الفشل في وضع دراسة للجدوى؛ حيث تعمل معظم الشركات لكسب المال فحسب؛ لذلك، يجب النظر في أيِّ برنامج أو نفقات في سياق القيمة الإجمالية للمبادرة بالنسبة إلى الأعمال التجارية، ويُعَدُّ إجراء تحليل للتكلفة والعائد أو تطوير دراسة الجدوى لتحديد الفائدة المالية لإجراء التدريب، أمراً لا بُدَّ منه.

الخطوة الثانية: تطوير الأهداف ونتائج التعلُّم

تصف الأهداف ونتائج التعلُّم كل ما سيتمكن المتعلمون من معرفته والقيام به بعد التدريب، كما يجب أن تحدد نتائج التعلُّم المعايير الموصوفة التي سيُحكَم من خلالها على برنامج التدريب بالنجاح، فيجب أن تتوافق أهداف التدريب ونتائج التعلُّم مع مجموعة الكفاءات المرتبطة بمنصب الموظف، ومع أهداف عمل المؤسسة ورسالتها على مستوى عالٍ.

الخطوة الثالثة: تطوير المحتوى التعليمي

يجب استخدام أساليب التعليم والتدريب الأكثر فاعلية لحالات معيَّنة، وفي عالم الأعمال اليوم، قد يوفِّر مزيج من التعليم غير المتزامن عبر الإنترنت مقترناً بالتدريب العملي في مكان العمل، حلاً أفضل وأكثر فاعلية من حيث التكلفة، ويمكن الوصول إليه أكثر من التعلُّم التقليدي.

أضف إلى ذلك بعض التدريب خلال العمل الذي يستخدم عنصراً من عناصر التعليم والكوتشينغ بحيث يمكن تحقيق التعليم الأمثل، كما تتوفر العديد من طرائق تقديم برامج التعليم الأخرى ويجب التفكير فيها، مثل الفيديوهات وعقد مؤتمرات عن طريق الفيديو والندوات عبر الإنترنت وأدوات التدريب الأخرى التي تعتمد على الحاسوب.

الخطوة الرابعة: الوصول إلى الموارد الداخلية والخارجية

يمكن تقديم التدريب باستخدام موارد داخلية أو خبير استشاري خارجي، فتكلفة المدربين الداخليين أقل؛ ذلك لأنَّ رواتبهم تُحتَسب بالفعل من ميزانية الشركة.

وقد يوفر المدرب الداخلي أيضاً المزيد من المرونة، وفهماً أكبر للقضايا التي تحفز الحاجة إلى التدريب، ومع هذا، يمكن العثور على خبراء استشاريين خارجيين أكثر مهارةً وعلى متحدثين لامعين، وقد يؤدي استخدام مورد خارجي إلى ترك مجال كافٍ بين المشكلة المطروحة والمدرِّب للحفاظ على موضوعية المناقشة.

الخطوة الخامسة: تطوير مواد التعليم والتدريب

يجب أن تكون المواد التعليمية والتدريبية المُطوَّرة للدورة متوافقة مع أهداف ونتائج التعلُّم؛ حيث تحتاج نشاطات التعلُّم إلى إتاحة الفرص للمتعلمين لتطبيق المبادئ التي تعلُّموها مسبقاً.

ولكي يكون المدرِّب فعَّالاً، يجب أن يفهم الجمهور وثقافة الشركة وسبب الحاجة إلى التدريب، ومن المعروف جيداً أنَّ البالغين يتعلمون بطريقة مختلفة عن الطلاب الأصغر سناً، وأنَّ فهم تحديات تعليم الكبار وتدريبهم سيحسِّن من فاعلية التدريب.

الخطوة السادسة: نقل المعرفة والمهارات والقدرات

يجب أن تُتاح للمتعلِّم الفرصة لتطبيق المعرفة والمهارات المكتسبة في مكان العمل مباشرةً، وإظهار قدرات جديدة، كما يجب تحديد العوائق التي قد تمنع التطبيق السريع والفعَّال، ثم العمل على إزالتها إذا كان البرنامج ناجحاً فعلاً.

يُعَدُّ البرنامج الداعم الذي يتضمن التدريب والكوتشينغ من قِبل المديرين والمشرفين أمراً هاماً، وستزداد الفاعلية الإجمالية إذا دُعِمَت المهارات الجديدة من خلال عملية مراقبة الأعمال والمهام وتعزيزها.

الخطوة السابعة: تقييم الفاعلية

كل أمر يُقيَّم يُنجَز، وتقييم فاعلية التعليم والتدريب أمر بالغ الأهمية؛ حيث يدعم التقييم دراسة الجدوى التي أُجرِيَت لدعم التدريب، ومن السهل قياس التكلفة الإجمالية للتدريب، ولكن من الهام أيضاً تقييم استيعاب ورضا المشاركين؛ حيث يمكن تقييم مدى الاستيعاب من خلال جعل المتعلمين يخضعون لاختبارات ما بعد التدريب، ويُظهِرون المهارات والقدرات التي اكتسبوها.

كما يمكن أيضاً استخدام مراقبة العمل لتقييم تطور المهارات، ويمكن للمتعلمين تقديم تغذيتهم الراجعة باستخدام نماذج تقييم الدورة، وقد تتضمن طرائق التقييم الأكثر تعقيداً استخدام مؤشرات لاحقة (تستخدم المؤشرات اللاحقة بيانات سابقة، ولكنَّها تُستَخدم بصورة أساسية لتأكيد الاتجاه الحالي وقوَّته، بدلاً من توقِّع تحركات السوق المستقبلية)، مثل تقليل بيانات الحوادث والأضرار، كمقاييس لتحسين الأداء.

الخطوة الثامنة: البدء بالتحسين المستمر

الخطوة الأخيرة في أيَّة عملية هي البدء بعملية التحسين المستمر، وقد تشمل التحسينات تعديل وتحديث المواد التعليمية والتدريبية، والوقت المحدد للأفكار النظرية والتدريب العملي في موقع العمل، وحتى التغيير في طرائق تقديم المدرِّب للبرنامج.

في معظم الأحيان، يجب تعديل طريقة تقييم المدرِّب لزيادة فاعلية نتائج التقييم، ويجب استخدام نتائج عملية التقييم لإجراء تغييرات ذات مغزى على الأهداف، ونتائج التعلُّم، والمحتوى، والتصميم التعليمي.