تحتوي بعض برامج التدريب على ثغرات تمنع الموظفين من تحديث مهاراتهم وتعزيز إمكانياتهم واكتساب المؤهلات التي يحتاجون إليها لتحقيق الأهداف التعليمية في المؤسسة. عندها، لا بد من تحديد ثغرات الدورات التدريبية والتعامل معها من أجل رفع سوية الكفاءات والمهارات ضمن المؤسسة والوصول لمستوى الأداء المطلوب.

تبرز ثغرات جديدة في مهارات الموظفين وأدائهم باستمرار مع نمو الشركة وتوسع نطاق عملها، وهذا يستدعي إنشاء نظام ثابت لتحديد الثغرات والاحتياجات التدريبية فور ظهورها قبل أن تتطور وتعيق سير العمل في الشركة.

تعريف الاحتياجات التدريبية

يمكن تعريف الاحتياجات التدريبية على أنها مجموعة من المعلومات أو المهارات التي تنقص الموظفين لتحقيق أهداف معيَّنة في العمل. يجب تحديد هذه الاحتياجات التدريبية ووضع خطة عمل مناسبة لتلبيتها من أجل ضمان تأهيل الموظفين وتزويدهم بالمهارات والإمكانيات اللازمة لتأدية مهامهم بفعالية والمساهمة في نجاح الشركة في تحقيق أهدافها.

يمكن أن تبرز الاحتياجات التدريبية نتيجة استخدام أدوات تكنولوجية متطورة في الشركة، أو تغير متطلبات العمل، أو عدم كفاية برامج التدريب. من الطبيعي أن تبرز بعض الاحتياجات بين أعضاء الفريق، وهذا يقتضي العمل على تحديدها بدقة، وإعداد إستراتيجية تدريب تهدف إلى تطوير مهارات الموظفين وتحديث معلوماتهم وبناء فِرَق عمل ناجحة.

تحديد الاحتياجات التدريبية في مكان العمل

فيما يلي 8 خطوات لتحديد الاحتياجات التدريبية:

1. تحديد أهداف برنامج التدريب والنتائج المطلوبة منه

عليك أن تمعن التفكير بالأهداف والنتائج التي تنوي تحقيقها عبر إجراء برنامج التدريب لكي تضع أسس ومعايير تحليل الاحتياجات التدريبية، وعليك أن تحدد دواعي إجراء تقييم الاحتياجات التدريبية بدقة ولتكن معرفة أسباب تدني مستوى أداء الموظفين، أو التخلص من المشكلات التي تعيق سير العمل في الشركة، أو استخدام برمجيات متطورة جديدة فيها.

2. تحديد المهارات والمعلومات المطلوبة

تقتضي هذه الخطوة تحديد المعلومات، والمهارات، والكفاءات التي يحتاج إليها الفريق أو المؤسسة لتحقيق الأهداف المطلوبة.

يجب وضع نموذج كفاءة يضم جميع المهارات الناعمة والصلبة المطلوبة لتأدية مهام العمل بالفعالية والجودة المطلوبة. ينبغي أن تحدد أيضاً مستويات الكفاءة الخاصة بكل واحدة من المهام وذلك عبر تطبيق الخطوات التالية:

  • تصنيف المهام بناءً على صلتها بالهدف: إذا كنت تسعى لتحسين خدمة العملاء على سبيل المثال، عندئذٍ عليك أن تنظم فئات تضم مهارات التواصل، وحل المشكلات، ومعرفة خصائص المنتج، وتعتمد عليها في إعداد برنامج تدريب خاص بتحسين خدمة العملاء.
  • تحديد المهارات الضرورية للوصول لمستوى الأداء المطلوب وإعطاؤها الأولوية أثناء تصميم برنامج التدريب.
  • تحديد مستويات الكفاءة المطلوبة لكل واحدة من فئات المهارات: عبر استخدام تصنيفات وصفية توضح مستويات الكفاءة (مثل مبتدئ، متوسط، متقدم)، أو باستخدام مقياس عددي من 1 إلى 10 على سبيل المثال.

3. إعلام الموظفين بالهدف من إجراء التقييم

يجب أن توضح للموظفين أسباب إجراء التقييم حتى لا يبالغوا في تقدير مهاراتهم أثناء العملية خوفاً من التسريح أو التعرض للنقد والمساءلة على سبيل المثال. بالتالي، عليك أن تبلغهم أنك بصدد تحديد ثغرات الأداء والمهارات بغية إعداد برامج تدريب ودعم تهدف لتطويرهم. يطمئن الموظف بهذه الطريقة على مستقبله في الشركة وتجري عملية التقييم بموضوعية وشفافية.

4. تصنيف المهارات بحسب الوظائف والفِرَق

يجب أن تستهدف عملية التقييم مهام ومسؤوليات محددة ضمن الفريق. تحتاج عمليات التقييم التي تجري على نطاق المؤسسة إلى تحديد مستويات الكفاءة الخاصة بكافة المهارات المطلوبة لتأدية مختلف الوظائف والمهام في العمل. يجب تحديد المهارات المطلوبة لتأدية المهام ضمن الفِرَق وترتيبها بحسب الأولوية بناءً على أهميتها وعلاقتها بالتزامات ومسؤوليات الوظيفة.

تقتضي المرحلة التالية تحديد معايير كل واحد من مستويات الكفاءة، أي اختيار طريقة تقدير درجة إتقان المهارة ولتكن مبتدئ، أو متوسط، أو متقدم بحسب مجموعة من الاعتبارات والمعايير.

5. إنشاء نظام لتقييم مستويات الكفاءة

تقتضي هذه الخطوة اختيار مقياس لتقييم مهارات الموظفين، وليكن مقياس عددي من 1 إلى 10، أو وصفي: ناشئ، مبتدئ، متوسط، متقدم، ويجب توضيح المعايير المطلوبة لتحقيق كل واحد من مستويات الإتقان.

6. تقييم مهارات الموظفين

تقتضي هذه الخطوة تقييم مستوى مهارات الموظفين في الوقت الحالي وذلك عن طريق جمع البيانات من مختلف أدوات التقييم عبر اتباع الخطوات التالية:

  • جمع التغذية الراجعة من الموظفين: تُستخدَم الاستبيانات واستطلاعات الرأي لجمع بيانات تقييم الموظفين لمستوى مهاراتهم وخبراتهم.
  • إجراء اختبارات تقييم: إعداد اختبارات تهدف إلى تقييم معلومات الموظفين وكفاءاتهم في مجالات محددة.
  • إجراء تقييمات عملية: تصميم مهام أو تمارين محاكاة تسمح للموظفين بتطبيق إمكانياتهم ومهاراتهم في بيئة عمل واقعية أو افتراضية.
  • إجراء تقييمات 360 درجة: جمع التغذية الراجعة من أشخاص يتعامل الموظفون معهم.

تُستخدَم التقييمات الفردية لتحديد إمكانيات الموظفين ونقاط ضعفهم، ثم يجري بعد ذلك تجميع بيانات مهارات الموظفين ومعلوماتهم، وتدوين الملاحظات عن مستويات الكفاءة الحالية، وحساب عدد الموظفين الذين يتقنون مهارات محددة.

7. تجميع البيانات ضمن مصفوفة مهارات

مصفوفة المهارات هي عبارة عن تمثيل بصري لمستويات كفاءة الموظفين في مجموعة مختلفة من المهارات بهدف تحديد الاحتياجات التدريبية وترتيبها بحسب الأولوية. فيما يلي 3 خطوات لإنشاء مصفوفة المهارات:

  • كتابة المهارات المطلوبة في المؤسسة على أحد المحاور، وأسماء الموظفين على المحور الآخر.
  • ملء مصفوفة المهارات ببيانات مستويات الكفاءة الناتجة عن تقييمات الخطوة
  • تحديد الثغرات بين مستويات الكفاءة المطلوبة والفعلية للموظفين في الشركة.

8 خطوات لتحديد الاحتياجات التدريبية

يساعد التمثيل البصري للبيانات في تكوين تصوُّر عن توزع المهارات ضمن الفريق أو المؤسسة، وتحديد مواطن الضعف في إمكانيات الموظفين.

8. ترتيب الاحتياجات التدريبية بحسب الأولوية

من المرجح أن تسفر نتائج تحليل البيانات عن مجموعة من الثغرات والاحتياجات التدريبية، وهذا يتطلب ترتيبها بحسب الأهمية بناءً على تأثيرها على أهداف الشركة وأولوياتها، وأداء الموظفين. فيما يلي منهجية عمل بسيطة لترتيب الاحتياجات التدريبية بحسب الأولوية:

  • تقييم أهمية كل واحدة من ثغرات المهارات بالنسبة لأهداف الشركة: ثمة ثغرات تؤثر على الأداء، والإنتاجية، والقدرة على تحقيق النتائج المرجوة أكثر من غيرها.
  • تجميع المهارات التي تتعلق ببعضها: تحديد ثغرات الكفاءة المشتركة بين مجموعة من الموظفين.
  • تحديد الاحتياجات التدريبية على الأمد القصير والطويل: ثمة ثغرات تتطلب حلول مستعجلة بسبب تأثيرها على المشاريع الجارية أو متطلبات العمليات التجارية الحالية، في حين تسهم بعض المهارات الأخرى في تحقيق الأهداف الإستراتيجية والتنموية على الأمد الطويل.
  • تقدير كمية الموارد المتوفرة: يجب أن تعطي الأولوية للاحتياجات التدريبية التي يمكن تلبيتها بالموارد المتوفرة من الميزانية، والوقت، والخبرة.
  • ترتيب الاحتياجات التدريبية الناجمة عن الخطوات السابقة بحسب الأولوية بناءً على عاملي الأهمية والاستعجال.

تلبية الاحتياجات التدريبية

يمكن إجراء ورشات أو دورات تدريبية، أو برامج منتورينغ، أو تدريبات ضمن مكان العمل لتلبية الاحتياجات ومعالجة ثغرات الأداء والمهارات. فيما يلي 3 خطوات لتلبية الاحتياجات التدريبية:

1. إعداد خطة تدريب

فيما يلي 5 عوامل يجب أن تأخذها بعين الاعتبار في مرحلة إعداد الخطط التدريبية المفصلة:

1.1. طرائق التدريب

يجب أن تختار طرائق تدريب فعالة بناءً على طبيعة ثغرات المهارات وأنماط تعلم الموظفين.

2.1. البرنامج الزمني للتدريب

يجب إعداد برنامج زمني يوضح مواعيد الأنشطة التدريبية ومدتها.

3.1. الميزانية

يجب أن تتضمن حسابات الميزانية تكاليف التدريب المباشرة وغير المباشرة.

4.1. مبادرات التدريب الحالية

يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مبادرات وبرامج التدريب التي تُطبَّق حالياً في المؤسسة، وتقيِّم مدى فعاليتها في تلبية الاحتياجات التدريبية والوصول لمستوى الأداء المطلوب، وتحدد التحسينات والتعديلات اللازمة للاستفادة من هذه البرامج في خطة التدريب الشاملة. يمكن إضافة تدريب لبرامج تأهيل الموظفين الجدد من أجل تعريفهم على عمليات الشركة وتزويدهم بالمهارات التي يحتاجون إليها فور التحاقهم بالعمل.

5.1. طرائق التقييم

يجب تحديد طرائق تقييم فعالية التدريب، ويمكن أن تشمل التقييمات السابقة واللاحقة للتدريب، واستبيانات جمع التغذية الراجعة من المشاركين، وتقييمات الأداء في مكان العمل.

2. استخدام برمجيات تدريب الموظفين

تُستخدَم البرمجيات لتسهيل إجراءات التدريب ومتابعة تقدم الموظفين، وثمة مجموعة متنوعة من هذه البرمجيات التي تعزز من فعالية تجربة التعلم. فيما يلي 4 أمثلة عن برمجيات تدريب الموظفين:

2.1. "نظام إدارة التعلم" (LMS)

 يقدم "نظام إدارة التعلم" أدوات لإنشاء مواد الدورات التدريبية، وتقديمها، ومتابعة إجراءات تطبيقها. يُذكَر من أمثلة "أنظمة إدارة التعلم" "تالنت إل إم إس" (TalentLMS)، و"آي سبرينغ" (iSpring) التي توفر ميزات إدارة الدورات التدريبية، وإعداد المحتوى، ومتابعة التقدم، وإجراء التقييمات، وإنشاء التقارير.

2.2. "منصات الاعتماد الرقمية" (DAP)

تقدم "منصات الاعتماد الرقمية" تجربة تدريب سلسة لتوجيه المستخدمين خلال عمليات التعلم والتدريب داخل التطبيقات البرمجية. تشمل ميزات هذه المنصات قواعد المعرفة، وتوجيهات المستخدمين الجدد، وجولات تفاعلية تقود المستخدم خطوة بخطوة للتعرف على وظائف التطبيق. يُقدَّم المحتوى التدريبي مباشرةً داخل التطبيق مما يسمح للموظف بالحصول على المساعدة أثناء الاستخدام، وهو لا يتطلب معرفة بالمسائل البرمجية.

3.2. "أنظمة إدارة المعلومات" (Knowledge Management System)

تُستخدَم هذه الأنظمة لتخزين جميع المعلومات والوثائق الخاصة بالمؤسسة، ويمكن أن يستفيد منها الموظف في الوصول إلى المعلومات التي يحتاج إليها عند الحاجة. تقدم برمجيات "نوشن" (Notion) و"كليك أب" (ClickUp) حزم مجانية لتنظيم معلومات المؤسسة.

4.2. "برمجيات التعلم المصغر" (Microlearning Software)

 تُستخدَم منصات التعلم المصغر لتقسيم برامج التدريب إلى وحدات قصيرة سهلة الاستيعاب بهدف توفير الوقت والجهد على الموظفين. تقدم منصة "آي سبرينغ" أدوات للتعلم المصغر.

Training needs

3. تقييم فعالية التدريب

يجب أن تتابع إجراءات تطبيق مبادرات التدريب وتتحقق من فعاليتها في حل مشكلة نقص المهارات. يمكنك أن تستفيد في هذه المرحلة من برمجيات تدريب الموظفين في تحليل البيانات، لهذا السبب ينبغي أن تختار نظام يسمح بمتابعة التقدم، وتحليل نتائج التدريب واستخدامها في اتخاذ القرارات المتعلقة بمبادرات التدريب المستقبلية.

يمكن تقييم مقدار التحسن في مهارات الموظفين ومعلوماتهم عبر إجراء تقييمات سابقة ولاحقة لبرنامج التدريب، كما ينبغي أن تتأكد أنَّ الموظف يطبق المعلومات والمهارات المكتسبة في مكان العمل.

اجمع التغذية الراجعة من الموظفين للحصول على معلومات تفسر نتائج تحليل البيانات والمقاييس المستخدمة في تقييم تجربة التدريب.

في الختام

 يساعد تحديد وتلبية الاحتياجات التدريبية على ضمان حصول الموظفين على المهارات اللازمة لأداء وظائفهم بنجاح. ويعد تحديد فجوات التدريب أمراً ضرورياً لنجاح أي مؤسسة، فهو يمكّن الشركات من تقييم أداء الموظفين الحالي وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين، كما أنّه يزيد الإنتاجية، ويحسّن رضا الموظفين، ويعزّز النجاح العام للشركة.

باتباع الخطوات المذكورة أعلاه، يمكن للشركات تحديد الاحتياجات التدريبية وتلبيتها بفعالية، مما يؤدي في النهاية إلى تطوير قوة عاملة أكثر مهارة وكفاءة.

ضع في اعتبارك أن تحديد الاحتياجات التدريبية وتلبيتها هو عملية مستمرة؛ حيث يجب على الشركات أن تراقب وتقيم برامج التدريب باستمرار للتأكد من أنها تلبي الاحتياجات المتطورة لقوتها العاملة.