حدَّدت الجامعة المفتوحة (The Open University) في بريطانيا التوجهات الأربعة الرئيسة التي رسمت ملامح مستقبل التعلُّم في عام 2020، وهي:  

لكن، كيف أثَّر ذلك في مجال التعلُّم والتطوير (L&D)؟ وكيف جرى التعامل مع هذه البيانات؟

لم يكن بوسع أحد في مجال التعلُّم والتطوير (L&D) أن يتخيل التحديات التي خبأها العام الماضي في جعبته للشركات، ولكن ظهرت في ذلك العام توجُّهات سادت مجال التعلم وأخرى اندثرت؛ ففي ظل الأوقات التي تسودها التقلبات والتغييرات السريعة، تدعو الحاجة إلى فهم ما يجري والتكيف مع الوضع الجديد.

حدَّد تقرير توجهات التعلُّم السائدة لعام 2020 (Trends in Learning 2020 report) الصادر عن الجامعة المفتوحة (The Open University) أربعة توجهات رئيسة رسمت ملامح مستقبل التعلُّم؛ إذ كان الهدف من ذلك هو توجيه الشركات لضمان أن تكون أساليب التعلُّم المتاحة لديهم حديثةً وملائمةً وفعالة، وهو أمرٌ من شأنه أن يُفضي إلى أفضل النتائج الممكنة؛ واستند البحث إلى التقارير التربوية المبتكرة (Innovating Pedagogy) التي تقدِّمها سنويَّاً الجامعة المفتوحة (The Open University)، والتي أُطلِقت في عام 2012؛ وقد أُعِدَّت هذه التقارير بالتعاون بين الباحثين في معهد التكنولوجيا التعليمية (Institute of Educational Technology) في الجامعة المفتوحة (The Open University)، وشركاء خارجيين مختلفين كل عام؛ حيث صُمِّمت هذه التقارير لتبادل المعلومات المتعلقة بابتكارات التعلُّم، والتقنيات الناشئة التي تمتلكها الجامعة، والتي غالباً ما تشكِّل قوةً دافعةً للابتكار.

حتى نفهم كيف أثَّرت هذه التوجهات في مستقبل التعلُّم والتطوير (L&D)، أجرينا مقابلةً مع أستاذة تكنولوجيا التعليم والتواصل في معهد الجامعة المفتوحة (The Open University) للتكنولوجيا التعليمية "أغنيس كوكولسكا هولمي" (Agnes Kukulska-Hulme)، للاستفادة من آرائها وخبرتها؛ وإليك الحديث الذي دار بيننا:

- لقد حدَّد التقرير الذي صدر عام 2020 أربعة اتجاهات رئيسة سائدة في مجال التعلُّم، أحدها هو استخدام الذكاء الاصطناعي - الذي نسمع عنه كثيراً في مجال العمل - في التعليم؛ فهل سيصبح الذكاء الاصطناعي أمراً لا غنى عنه في مجال التعلُّم والتطوير (L&D) كي يحافظ الموظف على ارتباطه مع العمل بمفهومه الأوسع ويبقى ذا قيمةٍ فيه؟

- ينتشر الذكاء الاصطناعي في العديد من جوانب الشركات؛ لذا يحتاج المديرون والموظفون إلى التعرف إليه وفهمه فهماً أفضل، فضلاً عن استخدامه لتعزيز التعلُّم المهني وتحسين العمليات والنتائج؛ وقد يتطلب تبنِّي الذكاء الاصطناعي إجراء تغييرات هيكلية وثقافية، كتشكيل فرق متعددة الوظائف.

لقد أصبح الذكاء الاصطناعي الآن جزءاً من تجارب معظم الناس اليومية عند استخدام المساعدين الأذكياء على هواتفهم، وروبوتات الدردشة في المعاملات التجارية؛ لذا، يوجد يوميَّاً فرص لاستكشاف إمكانات التكنولوجيا وجوانبها السلبية، والتفكير فيها.

- نعلم من استطلاع الرأي العالمي الذي أجراه خبير التعليم والتطوير "دونالد إتش تايلور" (Donald H Taylor) أنَّ البيانات هامة للتعلُّم والتطوير، ولكنَّ تقريرك يتحدث بالتحديد عن التعلُّم من خلال البيانات المفتوحة؛ فما الذي يعنيه ذلك؟ ولماذا يُعدُّ توجُّهاً سائداً في عام 2020؟

- يتضمن التعلُّم باستخدام البيانات المفتوحة إنشاء أنشطة تستخدم الكميات الهائلة من البيانات التي تشاركها الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الأخرى؛ حيث يُهيِّئ ذلك إمكانات قيِّمة للتعلُّم؛ ذلك لأنَّ المسألة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعالم الحقيقي، وتتوافق مع القضايا المحلية والعالمية، كالبيئة أو الاقتصاد أو الصحة.

يمكن أن يكون استخدام البيانات التي يفهمها المتعلمون حافزاً يشجعهم على مزيدٍ من المشاركة والتفاعل؛ كما يؤدي استخدام البيانات الحقيقية إلى توفير فرص لتعزيز فهم البيانات في أثناء أداء الأنشطة الفعلية، كالتعامل مع الأخطاء والتعقيدات، وهو أمرٌ قد تفتقر إليه الأمثلة المذكورة في كُتب الذكاء الاصطناعي.

- مع تزايد الحاجة إلى استخدام البيانات، من الطبيعي أن يُدرِج التقرير "التعامل مع أخلاقيات البيانات" ضمن التوجهات السائدة في التعلُّم؛ فما هي النصائح التي تقدِّمينها للمختصين في مجال التعلُّم والتطوير (L&D) بشأن التعامل الأخلاقي مع البيانات؟

  • استخدِموا البيانات والتحليلات حينما تسهم في نجاح المتعلِّمين، وهو أمرٌ يضمن أن تأخذ التحليلات في الحسبان كل ما هو معروف عن التعلُّم والتعليم في سياق معين.
  • زوِّدوا المعلِّمين المتعلِّمين بمهارات فهم البيانات، بحيث يُلمُّون بها إلماماً كافياً يمكِّنهم من قبول أو رفض استخدام البيانات والتحليلات.
  • اتَّبعوا نهجاً استباقياً إزاء الحماية في مجتمع يتزايد اعتماده على البيانات، وتحديد المخاطر المحتملة، واتخاذ الإجراءات للحد منها.
  • اعملوا على تعزيز المساواة والعدالة، ورفع الوعي بالسبل التي يمكن للتحليلات من خلالها تعزيزها أو تقليلها.
  • عزِّزوا فهم قيمة وملكية البيانات، والتحكم بها.
  • عزِّزوا كفاءة المتعلِّمين والمعلِّمين فيما يتعلق باستخدام وفهم البيانات التعليمية.

- لماذا تعتقدين أنَّ استخدام "الرسوم المتحركة في التعلُّم" هو توجُّه سائد في التعلُّم؟ وكيف ومتى ينبغي استغلال هذه الأداة في مجال التعلُّم والتطوير (L&D)؟

لا تُعدُّ الرسوم المتحركة نهجاً جديداً بحد ذاتها، ولكن ما تغير هو أنَّه أصبح من السهل الآن العثور على الرسوم المتحركة وإنشاؤها، ويمكن إنتاج صور مرئية أكثر جاذبيةً وثراءً ودقة.

تتيح الرسوم المتحركة المجال للاطلاع على خبرات الآخرين؛ حيث يستطيع المتعلِّم مشاهدة الطريقة التي يتعامل من خلالها الخبير مع مشكلة صعبة؛ ومع تزايد توافر البيانات من مصادر متعددة، يمكن أن تكون الرسوم المتحركة فعالةً أيضاً في تصوير الأفكار التجريدية، كالتغيرات السكانية، والتغيرات البيئية؛ كما يمكن أن يساعد دعم المتعلِّمين في تصميم الرسوم المتحركة خاصتهم في الفهم والتعبير الإبداعي عن الذات، ويمكن أن يكون دافعاً إلى ممارسة أنشطة أخرى.

- لقد حفَّزت الأزمة الصحية العالمية التعلُّم المرن؛ فكيف تلعب هذه التوجهات دوراً في هذا التحول نحو تعلُّم شخصي ومرن وذاتي أكثر؟

تدعو الحاجة في ظل هذه الأوقات التي تسودها التقلبات والتغييرات السريعة إلى فهم ما يجري، والتكيف مع الوضع الجديد؛ حيث تضع القدرة على تسخير الذكاء الاصطناعي والبيانات المفتوحة والصور المرئية المتعلِّمين في موقف أقوى للقيام بكِلا الأمرين.

سيبحث المتعلِّمون على نحو متزايد عن المنصات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والتي يمكن أن توصي بدورات تدريبية مناسبة لمساعدتهم في اكتساب مهارات وكفاءات جديدة من شأنها أن تعزز فرص العمل أو تحافظ على وظائفهم؛ كما يمكن أن يستفيد المتعلِّمون أكثر من التعلُّم الذاتي والآلات، كالروبوتات في حالات الطوارئ والأزمات، خصوصاً حينما يكون التواصل مع معلِّمين حقيقيين أمراً صعباً أو مستحيلاً.