هل شعرتَ يوماً أنَّ شركتك أو فريقك يفتقدان شيئاً ما؟ قد لا تدرك ما هو هذا الشيء في البداية، ولكنَّ تقييم الاحتياجات التدريبية يمكن أن يساعدك؛ إذ يُعَدُّ تقييم احتياجات التدريب خطوةً هامةً لتقييم المهارات التي تحتاجها منظمتك، وتحديد الثغرات بين تلك المهارات وما هو التدريب المطلوب.

تقييم الاحتياجات التدريبية هو عملية تحديد ما تحتاجه المنظمة أو الفرد في التدريب، ويمكن أن يكون ذلك أيَّ شيء من المهارات التقنية إلى المهارات الناعمة، فتحليل احتياجات التدريب هو عبارة عن عملية وليس منتج، وتوجد ثلاثة مستويات لتقييم الاحتياجات التدريبية، وهي:

1. المستوى التنظيمي

يركز هذا المستوى بصورة أساسية على تحديد مدى استعداد المنظمة لتقبل فكرة التعلم والتطوير كجزء من نشاطات المنظمة، ويتضمن هذا التقييم تحليلاً للأهداف والغايات التنظيمية للشركة، وطريقة تدريب ومكافأة الموظفين، وطريقة بناء عملية التعلُّم لمساعدة الموظفين على تطوير المهارات والسلوكات اللازمة لمساعدة المنظمة على تحقيق النجاح، وغالباً ما تُستخدَم أفضل الممارسات كمقاييس اعتماداً على نوع المنظمة أو عمق التعلم والتطوير، لتكون جزءاً لا يتجزأ من المنظمة ككل.

يركز المستوى التالي من تقييم الاحتياجات التدريبية على المحتوى وتلبية متطلبات التعلم بدءاً من تأهيل الموظفين المعينين حديثاً مروراً بتطوير الأداء وانتهاءً بالابتكار أو اكتساب مهارات جديدة.

2. مستوى الدور الوظيفي

يبحث هذا التقييم في المعرفة والمهارات والسلوكات اللازمة لنجاح شخص ما في دور ما، ويركز على التدريب اللازم لمساعدة الموظف على تحقيق النجاح في ثلاثة مجالات رئيسة للأداء، وهي المهارات الصلبة مثل تشغيل النظام أو المبيعات، ومهارات الذكاء التجاري مثل التفكير النقدي وتحليل البيانات أو إعداد التقارير المالية، ومهارات السلوك البشري (يشار إليها غالباً بالمهارات الشخصية) بما في ذلك إدارة العلاقات أو القيادة أو الذكاء العاطفي.

يتناول تقييم احتياجات التدريب موضوع الدورات والمحتوى المتاح بالفعل للموظف في الوظيفة، ويشير إلى الثغرات التي ستساعد على تعلُّم المهارات المطلوبة، واستراتيجيات التقييم لتشجيع الاستيعاب وتعزيز التطوير من خلال إدارة الأداء.

3. دورة فردية أو مستوى موضوع التدريب

يبحث هذا التقييم في الدورات أو الموضوعات الفردية (مثل المبيعات والإعداد الجيد والتدريب على نظام المبيعات)، والتحليلات الخاصة بالنجاحات والثغرات والأخطاء في المحتوى أو النشر أو تقييم التدريب نفسه، ويأخذ في الحسبان شخصية الأفراد الذين يتلقون التدريب وطرائق التعلم وأساليب التواصل المفضلة لديهم.

في تقييم الدورة أو الموضوع، سيضمن المصمم التعليمي المحترف أن تكون أهداف التعلم واضحة ويمكن اختبارها وذات محتوى يتوافق مع الأهداف وعناصر الاختبار، وقد يقترح أيضاً أو يوصي بطرائق بديلة لتقديم المحتوى لتسهيل الأمر على الموظف أو المدرب أو المنظمة.

على سبيل المثال: إذا احتاجت الدورة التدريبية إلى التأكد من تدريب جميع موظفيها على برنامج معين، فسينظر المصمم في البرنامج وأهداف التعلم التي تحدد نجاح الأداء والمحتوى الموجود في التدريب الحالي وتحديد المسار الأسهل للتعلم الناجح وإثبات إتقان البرمجيات، كما يوصي بطرائق عدة لتقديم هذا التدريب والاختبار أيضاً.

الفوائد

1. الفوائد التي تعود على المنظمة

ستفيد معرفة احتياجاتك التدريبية قبل التدريب مؤسستك بطرائق عدَّة.

أولاً، يجبرك تقييم الاحتياجات التدريبية على إلقاء نظرة فاحصة على ثقافة مكان العمل، وما إذا كانت مؤسستك جاهزة لوضع التعلم والتطوير في المبادرات الرئيسية لديها؛ إذ سيساعد تحليل أولويات المنظمة على تحديد متطلبات الميزانية لجعل التعلم والتطوير أولويةً.

ثانياً، عندما تدرك أين تكمن أكبر الثغرات والفرص، فإنَّ تحديد أولويات العمليات التدريبية الأسهل والأكثر فاعليةً من حيث التكلفة، يمكن أن يحقق الكثير من النجاح في اعتماد منظور التعلم والتطوير.

ومن خلال التحليل التنظيمي الكامل، ستكون المنظمة قادرة على رؤية أوجه التشابه بين مجالات العمل، كما يمكنك الاستفادة من بناء العمليات التدريبية مرةً واحدةً ثم نشرها ضمن مجالات متعددة، وتُعَدُّ الميزانية والتخطيط الجيدين جانبين هامين لتحقيق فوائد تحليل التدريب التنظيمي.

أخيراً، سيساعد تقييم احتياجات التدريب التنظيمي على الحفاظ على خطط التطوير في المنظمة بأكملها باستعمال المهارات متعددة الوظائف للحصول على قوى عاملة مرنة وأكثر قابليةً للتكيُّف، وسيسمح ذلك للمنظمة بتحديد الأولويات وكل ما هو هام في الوظائف الرئيسة لتشجيع النمو وإدارة التكاليف وبناء المرونة في المنظمة.

2. الفوائد التي تعود على القسم أو المجال أو وحدة الأعمال التجارية الوظيفية

عند تحليل السلوكات والمهارات والمعارف الأساسية اللازمة لتشغيل عمل تجاري أو دور ما بنجاح، تمتلك وحدات العمل طريقةً لقياس نجاح جميع الموظفين في هذا المجال على نحو متسق بحيث تشجِّع الأداء الناجح، وإنَّ الاتساق مفيد لتجربة العملاء وإدارة الأداء وتوثيق العمل، كما يسمح لوحدات الأعمال بالتنبؤ بصورة أفضل عندما ينجح شيء ما، وعندما يحين وقت التغيير أو التكيف.

بالنسبة إلى المديرين، يمكن أن تساعد هذه المهارات المتسقة وتطوير المعرفة على تخفيف عبء إدارة الأداء والتعويضات والكوتشينغ؛ لأنَّ لديهم معياراً لمساعدتهم على تحديد الاستراتيجية الناجحة طوال الوقت، كما يمكن إدارة الاستثناءات حسب الضرورة وليس كالمعتاد.

بالنسبة إلى الموظفين، سيساعدهم هذا الاتساق على الأداء وفق المستويات المثلى وإدارة وقتهم ومعارفهم لتحقيق راحة البال، وفهم الأمور التي تحتاج إلى المزيد من المساعدة أو التدريب، وتوقع مسارات تطوير واضحة لبقاء الموظفين مهتمين وناجحين في وظائفهم.

3. الفوائد التي تعود على الموظف

يمكن عَدُّ فوائد تقييم الاحتياجات التدريبية بمنزلة انتصار للموظف؛ إذ يربح الجميع عندما يجري تدريب الموظفين، ويكونون قادرين على تحقيق أهدافهم، كما يجب أن يكون نجاح الموظف والشركة ككل هو هدف للجميع.

متى يجب إجراء تحليل الاحتياجات التدريبية؟

الإعداد للنمو والتطور

سيساعدك التقييم الجيد للاحتياجات التدريبية على الاستعداد للنمو والتطور في مؤسستك، وإذا لم تكن على علم بالمهارات الحالية، وما الذي يفتقر إليه الموظفون حالياً، وما هي الأمور التي تحتاج إلى نمو وتطوير في المستقبل بحسب رأيك، فقد يكون تحقيق أهدافك تحدياً.

يوفر تقييم الاحتياجات التدريبية نقطة انطلاق لفهم الأمور التي تحتاج إلى صقل المهارات، وما الذي يجب عليك القيام به لتنمية المعرفة والمهارة على المستوى التنظيمي أو وحدة العمل أو مستوى الدور الفردي.

مساعدة الموظفين على تحقيق الأهداف

إحدى الأسباب الرئيسة التي تجعل المنظمات تُجري تقييماً للاحتياجات التدريبية، هي أنَّها تريد من الموظفين تحقيق أهدافهم، ولكن لا يمكنهم معرفة طريقة تحقيق ذلك، وترغب المنظمة من الموظفين في الشعور بالنجاح والتقدير في وظائفهم، ومن المحتمل أن يستمر الموظفون الذين يشعرون بالنجاح في العمل مع المنظمة وغالباً ما يتصرفون كمدافعين عنها.

سيساعد التدريب الشامل أو زيادة السرعة التنظيمية على النمو

سيساعدك تقييم الاحتياجات التدريبية الجيد على تحديد المهارات والمعرفة التي يحتاجها الموظفون لتحقيق أهدافهم، وبمجرد تحديدها يمكن العمل عليها من خلال مجموعة من أساليب وخبرات التدريب المختلفة، مثل ورش العمل أو التدريب والتأهيل أو الندوات.

مع التدريب، يمكن أيضاً تعليم الموظفين مهارات أخرى لمساعدة الموظفين الآخرين عند وجود ثغرة في مجال وظيفي ما، وسيساعد هذا الأمر المنظمة على أن تبقى سريعةً ومرنةً في أوقات النمو أو التغيير، كما يُعَدُّ تقييم الاحتياجات التدريبية أمراً هاماً للحفاظ على بيئة عمل صحية، ومساعدة الموظفين على النمو، سواءً داخل المنظمة أم على المستوى الشخصي.

الخلاصة

يمكن أن يوفر تقييم الاحتياجات التدريبية - سواءً أُجريَ على مستوى المحتوى التنظيمي أم مستوى القسم أم المستوى الفردي - رؤيةً ثاقبةً للثغرات والفرص المحددة لمواصلة تطوير وتعزيز المهارات والمعارف والسلوكات.

يمكن لمستشاري التعلم المحترفين ومصممي التعليم المساعدة على توفير البيانات اللازمة لتحقيق مكاسب سريعة من حيث المحتوى أو تقديم التدريب.

يمكن للتحليل أن يمنح المنظمة معلومات حقيقيةً عن الميزانية تساعد على اتخاذ قرارات حول تحسين المهارات أو التدريب الشامل، ويمكن أن يوفر للمساهمين والمديرين على حدٍّ سواء مهارات يمكن قياسها باستمرار للمساعدة في الحفاظ على الموظفين، ومنحهم شيئاً يهدفون إليه، وتطوير المنظمة لتكون أكثر مرونةً واتساقاً.