تعتمد الشركات في الوقت الحالي على مؤتمرات الفيديو في إجراء عمليات التواصل والتفاعل وجلسات التدريب، وقد برزت هذه الطريقة الجديدة في التواصل بعد الانتقال لنظام العمل عن بعد إبان جائحة "كوفيد- 19" (COVID-19)، فأصبح بإمكان الشركات بعد هذه السنوات تقييم الجوانب الإيجابية والسلبية لهذه المنصات الافتراضية.

تشمل الإجراءات التي يستخدمها خبراء "التعلم والتطوير" (L&D) والموارد البشرية تقييم مدى فاعلية المنصات الافتراضية في جلسات التدريب عن طريق الإجابة عن الأسئلة الآتية "هل تحفز هذه المنصات تفاعل ومشاركة الموظفين؟ وهل تقدِّم تجربة مفيدة للموظفين، ولا سيما بالنسبة إلى الجدد منهم؟".

يجب مناقشة تأثير هذه الاجتماعات الافتراضية في الفئات الأكثر ضعفاً مثل النساء وأصحاب البشرة السمراء وذوي الاحتياجات الخاصة، وإدراك الصعوبة التي يواجهها هؤلاء الأفراد عند المشاركة باجتماعات المؤسسة، ولا سيما عندما تحدث عمليات التواصل عبر منصة افتراضية لا تساعد على تحسين جودة التواصل بين المشاركين.

تعوق المنصات الافتراضية التواصل الفعال، ولا سيما بالنسبة إلى الأقليات عندما لا يراعي تصميمها الاحتياجات والمتطلبات الإنسانية، فيجب أن يتفاعل المشاركون في جلسات التدريب، لكن تكمن المشكلة في افتقار بعض منصات التواصل إلى الأدوات التي تسمح بإبداء التعاطف والتفاعل بين المشاركين.

أثبتت الأبحاث العلمية أنَّ المنصات الافتراضية التقليدية قد تمنع الفئات الأكثر ضعفاً من المشاركة الفاعلة في اجتماعات الشركة، وقد بيَّن أحد استطلاعات منظمة "كاتاليست" (Catalyst) أنَّ نحو 50% من النساء يواجهن صعوبة في المشاركة وطرح أفكارهن بالاجتماعات الافتراضية، كما أعربت 1/5 من النساء عن تعرضهن للتجاهل خلال الاجتماعات المرئية.

تتأثر فئات الفئات الأكثر ضعفاً بالاعتداءات التي برزت في بيئات العمل الافتراضية حديثة العهد، وعلى الرغم من التباعد الجسدي في حالة التواصل الافتراضي، فقد بينت التقارير تزايد حالات الاعتداء والمضايقة والتحرش عن طريق تكرار الأسئلة والتعليقات المرتبطة بالمظهر التي تهدف إلى إهانة وإزعاج وانتقاد الموظفين من جماعات الفئات الأكثر ضعفاً، فقد لا تكون الاعتداءات واضحة ومباشرة في هذه الحالة، ولكنَّها مؤذية للغاية.

إنَّ التحكم في أبسط تفاصيل إجراءات الاجتماع وتلطيف الأجواء بطريقة تجرح مشاعر الآخرين عن غير قصد يظهر بشكل واضح في عدد من البيئات الافتراضية بما فيها بيئات التدريب، وقد يؤدي إلى إحداث تأثير سلبي في المشاركين فيها، فقد يشعر الموظف بالتهديد في الاجتماعات التي تتطلب استخدام الكاميرا؛ لأنَّه سيضطر للكشف عن حالته الاجتماعية والاقتصادية وبيئة منزله.

فضلاً عن أنَّ منصات التدريب الافتراضية لا تراعي الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد يتعرض الموظفون الأجانب وذوو الاحتياجات الخاصة لعدد من التحديات في البيئات الافتراضية، ويُذكَر منها حالات سوء الفهم بسبب الفروقات اللغوية وعدم الشعور بالانتماء، وتظهر هذه الحالات بصورة أشد في جلسات التدريب التي تتطلب تحفيز تفاعل ومشاركة المتدربين.

إجراء جلسات تدريب افتراضي شمولية:

فيما يأتي 3 خطوات لتطبيق برنامج تدريب شمولي يراعي كافة المشاركين:

1. مراعاة الاحتياجات الإنسانية عند تصميم برامج التدريب:

يجب مراعاة الاحتياجات الإنسانية وإعطاؤها الأولوية من أجل تصميم برنامج تدريب افتراضي موجه لجميع المشاركين على اختلافهم؛ إذ يحتاج الخبراء إلى استخدام منصات افتراضية تراعي الاحتياجات الإنسانية وتركز على أساليب التواصل والتفاعل الطبيعية للإنسان كما في حالة الوجود ضمن بيئة فيزيائية مشتركة.

هذا يشمل ميزة نقل إشارات التواصل غير اللفظي التي تفتقر إليها المنصات الافتراضية مثل التواصل البصري في حال استخدام الكاميرا، وهي عوامل ضرورية لنجاح عمليات التواصل، وتشير الأبحاث العلمية إلى أنَّ 55% من عمليات التواصل الإنساني تعتمد على الإشارات غير اللفظية مثل لغة الجسد وتعابير الوجه.

هذه الإشارات ضرورية لتعزيز الفهم المتبادل وزيادة فاعلية عمليات التواصل، وتكمن المشكلة في أنَّ هذه الإشارات لا تكون واضحة في منصات الاجتماعات الافتراضية التقليدية، وهو ما يؤدي إلى زيادة حالات سوء الفهم وشعور بعضهم بأنَّهم مهمَّشون، ولا سيما في جلسات التدريب.

إنَّ التركيز على الاحتياجات الإنسانية في أثناء تصميم برامج التدريب يساهم في توفير بيئة تفاعلية وشمولية تتيح لجميع الأفراد إمكانية المشاركة والاندماج بشكل كامل.

2. التركيز على التصميم الشمولي:

تدل قلة المشاركة، والتغذية الراجعة السلبية أو الحيادية، وغياب معايير تقييم الأداء، وارتفاع معدلات دوران الموظفين، وعدم المساواة بين المشاركين في الاجتماعات أو جلسات التدريب على وجود ممارسات تستبعد فئة معيَّنة من الحاضرين، فيجب أن تشمل المنصات الافتراضية ميزات الوصول إلى زيادة فاعلية برامج التدريب الافتراضي.

يمكن استخدام تقنيات الصوت المكاني ثلاثي الأبعاد لتضخيم الصوت حتى تتمكن من فهم النقاش بوضوح إذا كنت تعاني من ضعف السمع؛ إذ تؤمِّن المنصات متعددة المضيفين إمكانية الاستعانة بمترجم للغة الإشارة في أثناء الاجتماعات وجلسات التدريب.

يساهم الدعم اللغوي المتمثل في نقل وعرض الإشارات غير اللفظية في تعزيز التفاهم المتبادل بين المشاركين والتغلب على التحديات التي يواجهها ذوو الاحتياجات الخاصة.

3. تطبيق الأدوات والتقنيات الحديثة:

يمكن تجنب حالات استبعاد الفئات الأكثر ضعفاً عن طريق تطبيق تقنيات الواقع الهجين على عمليات تأهيل الموظفين الجدد والتدريب، واستخدام البيئات ثلاثية الأبعاد في الاجتماعات الافتراضية، والاستفادة من تحليل البيانات في فهم أنماط المشاركة والاندماج والتفاعل خلال الاجتماعات والتدريبات الافتراضية.

الدعم اللغوي وميزات الوصول مجرد مقومات أساسية توفِّر مجموعة متنوعة من الإمكانات، وتلبي كثيراً من الاحتياجات، لكن تقع على عاتق فِرَق الموارد البشرية مهمة اكتشاف ممارسات استبعاد الفئات الأكثر ضعفاً في الجلسات قبل أن تصبح مشكلة حقيقية؛ إذ تُستخدَم نتائج الدراسات التحليلية للبيانات في تقييم مستوى المشاركة والتفاعل والاندماج بين المشاركين، إلى جانب الوقاية من المشكلات المحتملة.

يجب تجنب الأدوات التي لا تحقق النتائج المطلوبة، فقد تتسبب معدات الواقع المدمج أو الافتراضي في أذية الأفراد المعرضين للصداع النصفي؛ لذا حاول أن تنوع تقنيات وأدوات التدريب حتى تكون شاملة لجميع احتياجات وأنماط التعلم.

في الختام:

يتطلب تحسين جلسات التدريب الافتراضي زيادة مستوى تفاعل واندماج المشاركين مع المحتوى، ويقتضي نجاح إجراءات تدريب وتأهيل الموظفين تأمين بيئة افتراضية تفاعلية تتيح إمكانية مشاركة التجارب والخبرات.

يواجه قادة فِرَق الموارد البشرية و"التعلم والتطوير" صعوبة في تحفيز أعضاء الفريق على التعاون والعمل الجماعي، ولا سيما بالنسبة إلى الفئات التي تميل إلى الشعور بالرفض من قِبل الآخرين، كما تساعد تقنيات الواقع الهجين والبيئات ثلاثية الأبعاد على التغلب على هذه التحديات.

قد تستفيد فِرَق "التعلم والتطوير" من الأدوات التكنولوجية في تأمين بيئة افتراضية عادلة وشاملة لجميع شرائح الموظفين، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة فاعلية التدريب وتحسين أداء الموظفين وتحقيق أهداف المؤسسة وزيادة أرباحها.