يتطلَّب تدريس صفٍّ من الطلاب مهارات مثل التنظيم والصبر والتخطيط؛ إذ يمكن أن يؤثر استخدام هذه المهارات لإدارة السلوك في الصفوف الدراسية تأثيراً إيجابياً في بيئة التدريس والتعلم، فالهدف هو العثور على أسلوب لإدارة السلوك يناسبك أنت وطلابك؛ لذا سنناقش في هذا المقال إدارة السلوك في الصفوف الدراسية، ونقدم نصائح في غاية الأهمية لدعم المعلمين.

ما هي أهمية إدارة السلوك في الصفوف الدراسية؟

تُعَدُّ إدارة السلوك في الصفوف الدراسية أمراً هاماً لإنشاء بيئة تعلُّم منظَّمة في الصف والحفاظ عليها، كما أنَّها تحسِّن التعلم الأكاديمي، وتعزز النمو الاجتماعي العاطفي، وتزيد من مشاركة الطلاب، وتقلِّل السلوكات السلبية في الصف.

4 مكونات لإدارة السلوك في الصفوف:

تتضمن الخطة الفعالة لإدارة السلوك في الصف 4 مكونات:

1. حُسن تصميم الصف:

يستجيب الطلاب لبيئة منظمة وتعاونية؛ لذا قد يعزز الاهتمام بكيفية إعداد المقاعد، ولوحات الإعلانات المدرسية، ومجموعات الصور، والأدوات المعروضة، والجوانب الأخرى للصف الدراسي الانتباه، ويساعد على التخفيف من المشتتات، فقد يساعد تصميم الصف تصميماً مدروساً على إنشاء بيئة تعلُّم هادئة.

2. تحديد قواعد ثابتة:

قد يُحسِن الطلاب التصرف أكثر إذا عرفوا عواقب سلوكاتهم غير اللائقة، كما أنَّ الأخذ برأيهم في وضع قواعد الصف سيعزز من فهمهم لمعايير السلوك في الصف واحترامها.

3. وضع جدول منظَّم:

يفيد الروتين الطلاب كثيراً؛ إذ يساعد الالتزام بالوقت، والتركيز على المهام، والتنظيم، على إعدادهم لتحقيق النجاح.

4. تقنيات التدريس:

قد لا تستطيع اختيار المنهاج الذي تُعلِّمه، لكن لديك حرية اختيار طريقة تدريسه؛ فأداء الطلاب الكبار يكون أفضل إذا قدَّمتَ الدرس كما تقدِّم محاضرة، بينما يستفيد التلاميذ الأصغر سناً من أساليب التعلم القائمة على الألعاب، فلاحظ كيف يتعلم طلابك بصورة أفضل واستخدم استراتيجيات وتقنيات إدارة الصف لشرح الدروس.

5 نصائح لإدارة السلوك العام في الصفوف الدراسية:

استخدم النصائح الآتية لمساعدتك على إنشاء خطة إدارة تفيدك أنت وطلابك:

1. حضِّر الدروس:

لا يقتصر التحضير الفعال للدروس على التخطيط التعليمي فحسب؛ بل يجب عليك التأكد من توفُّر جميع الأدوات التي تخطط لاستخدامها وما إذا كانت تعمل، سواء كنت تقدِّم الدروس شخصياً أم عبر الإنترنت، كما يجب عليك التخطيط لجميع خطواتك وإعداد خطط احتياطية في حالة حدوث مشكلات لتتجنب اضطرابات محتمَلة قد يثيرها الطلاب الذين انتهوا من عملهم.

2. عزِّز علاقتك مع الطلاب:

في بداية كل عام دراسي، رحِّب بالطلاب في الصف، وتفاعل معهم في النشاطات الأولى التي تقدِّمها في اليوم، ودعهم يروا أنَّك تريد تعزيز علاقتك بهم، وتتطلع إلى العمل معهم، فما إن يدركوا أنَّك تهتم بشخصهم، سيزيد احترامهم لك، وسيكونون مسؤولين عن سلوكهم، فكن دائماً القدوة التي يحتذي بها طلابك، وتصرَّف كما تريدهم أن يتصرفوا، وإذا ارتكبتَ خطأ ما، فاعترف بذلك أمامهم، الأمر الذي قد يساعدك على كسب احترامهم.

3. ضع خطة لإدارة السلوك في الصف:

تؤثر الثقافة التي تعتمدها في الصف في سلوك طلابك؛ لذا من الأفضل رعاية الطلاب وإرشادهم، بدلاً من التركيز على تأديبهم، وضع في الحسبان إضافة المكونات الآتية إلى خطة إدارة السلوك في الصف:

1. القواعد:

ضع من أربع إلى خمس قواعد أساسية لطلابك وصغها بطريقة إيجابية؛ فبدلاً من قول: "ممنوع الركض"، قل: "امشوا دائماً في الممرات"، واشرح لطلابك سبب وجود القواعد وناقشها معهم ليشعروا بأنَّهم جزء من المجتمع الصفي.

2. عواقب للسلوكات الخاطئة:

حدد عواقب مخالفة الطلاب للقواعد واشرحها لهم، فقد تعتمد تلك العواقب على المدرسة ومستوى الصف، لكن قد تشمل الاحتجاز بعد المدرسة، أو استخدام "الوقت المستقطع للتأديب" وفيه يُعزَل الطالب ويُحرَم من المشاركة في أيَّة نشاطات مثيرة للاهتمام، أو حرمانه من أيَّة امتيازات، مثل أخذ شيء يحبه، أو منعه من ممارسة نشاط يستمتع به.

3. معاملة جميع الطلاب بالمثل:

طبِّق القواعد بعدل على جميع الطلاب، ومن الممارسات الجيدة أيضاً تصحيح الأخطاء عندما تراها، وإعطاء تعليمات أو إرشادات فورية حول كيفية تصحيح سوء السلوك.

4. اتباع روتين:

إلى جانب فائدة الروتين في تعزيز كفاءة جدولك اليومي، يستمتع الطلاب باتباع روتين يومي ومعرفة ما هو متوقَّع منهم، ويمكنك أيضاً تقديم إرشادات لطلابك بشأن أمور روتينية ثابتة في الصف، مثل تسليم الواجبات أو طلب الإذن للذهاب إلى الحمام.

4. تجنَّب المشاغبات والمقاطعات في الصف:

وزِّع المقاعد على الطلاب لتجنُّب المشاغبات وإحداث جلبة في الصف، واجعل الطلاب يركزون على نشاطاتهم من خلال استخدام إشارات وتذكيرات في حال دخل شخص ما إلى الصف في أثناء الدرس أو أذاعت المدرسة أيَّة إعلانات، واستخدم صوتاً أو حركة معينة، مثل النقر على الطاولة أو إشارة بيدك، لإعلام الطلاب بأنَّه يجب عليهم أن يهدؤوا.

5. أعطِ تعليمات بسيطة:

احرص على أن يفهم الطلاب تعليماتك حول نشاط ما، وتوقَّع مواجهة صعوبات وحاول معالجتها مسبقاً، وحدد نشاطات إضافية للطلاب الذين يعملون أسرع من البقية لتجنُّب شعورهم بالملل أو إحداث جلبة، ومن المفيد أيضاً أن تتجول في الصف لتتفاعل مع الطلاب وتتحقق من التقدم الذي يحرزونه، وتجيب عن أسئلتهم في أثناء المرور بجانب مقاعدهم.

5 نصائح لاستخدام استراتيجيات إدارة السلوك في الصفوف الدراسية:

ضع في الحسبان تجربة الأساليب الآتية لإدارة السلوك الإيجابي في الصف:

1. حدِّد هوية للصف:

عندما يبدأ العام الدراسي، زيِّن الصف زينة تعبِّر عن موضوع معين، أو اختر اسماً له مع الطلاب، فإنشاء هوية للصف طريقة رائعة لبناء مجتمع يجمع الطلاب، ويمكنك تقديم أفكارك، ثم تطلب من الطلاب اقتراح اسم للصف أو موضوع لتزيينه، مثل الأبطال الخارقين أو الديناصورات، فقد يوفر لك هذا الموضوع مجموعة من المحفزات التي تساعدك على إدارة سلوك الطلاب في الصف.

على سبيل المثال: إذا كنتَ قد أطلقتَ على الصف اسم "الأبطال الخارقين"، فيمكنك تذكير الطلاب باستخدام "آذانهم ذات القوة الخارقة" للإصغاء إليك، أو تطلب منهم التجمع في مجموعات لإنشاء "قوة خارقة" لممارسة تدريب ما.

2. امدح السلوك الإيجابي:

تقدير السلوك الإيجابي أكثر فاعلية من تأديب أو معاقبة الطلاب الذين يتصرفون تصرفات سلبية؛ لذا امدح السلوك الذي تريد تعزيزه في الصف، فمثلاً يؤدي قول: "أحسنتم صنعاً في الوصول إلى مقاعدكم بسرعة" إلى إسراع الطلاب في الجلوس على مقاعدهم، كما اعتد على إظهار السلوك الذي تريد رؤيته في الطلاب مثل:

  • التحدث بلباقة.
  • الحفاظ على التواصل البصري.
  • السماح للآخرين بالتحدث دون مقاطعة.

3. استخدم نظام المكافآت:

إذا لم تحدد المدرسة نظام مكافآت للطلاب، فأنشئ طريقة لمكافأة السلوك القويم الذي يُظهِره الأفراد أو المجموعات أو الصف بأكمله، واستخدم نظاماً تستطيع من خلاله ملاحظة السلوكات الفردية، الإيجابية منها والسلبية وتتبُّعها، ويتيح لك وضع أهداف قابلة للتحقيق وتحديد مكافآت تستطيع منحها للطلاب.

اشرح للطلاب كيف يمكنهم تتبُّع تحسُّن سلوكهم وحفزهم على العمل للحصول على المكافآت، فيمكن أن تكون أنواع المكافآت الممتعة، مثل القرطاسية والملصقات أو تقديم استراحة إضافية أو تناول الغداء مع المعلم بسيطة، لكن محفِّزة.

4. استخدم طرائق ممتعة:

خطط لطرائق تجعل التعلم أكثر متعة للطلاب واستخدم هذه الخطط لتحفيز الطلاب، فإذا كنتَ أمام مهمة صعبة، مثل إجراء اختبار أو تحاول حل مشكلة سلوكية صعبة، فاطلب من الطلاب العمل بجد لكسب مكافأة تعلُّم ممتعة، وجرب تحويل خطط التعلم إلى ألعاب، مثل لعبة غرفة الهروب أو استخدام تطبيقاً لإجراء مسابقة، كما يمكن أن يكسب الطلاب قضاء فترة بعد الظهر في قراءة كتاب ممتع أو مشاهدة فيلم يتعلق بالبحث الذي انتهيتَ من شرحه.

5. جرِّب أسلوب التعلم بين الأقران:

لتحسين سلوك الطلاب، فكر في استخدام استراتيجية التعلم بين الأقران؛ إذ يمكن أن يساعد الأقران على مراقبة السلوك الإيجابي وتعزيزه، وقد تساعدك هذه الاستراتيجية أيضاً على حل الخلافات والوساطة بين الطلاب، فيمكن للطلاب تقديم تغذيتهم الراجعة لبعضهم بعضاً حول المشكلات السلوكية للتعلم من هذه المواقف الصعبة.

5 نصائح للتعامل مع الطلاب الذين يُظهِرون سلوكات سلبية:

1. تعامَل مع كل سوء سلوك على حدة:

عندما تواجه موقفاً صعباً، ابحث عن جذر المشكلة وعالج سوء السلوك بعينه مباشرة، فإذا عاقبتَ الصف بأكمله عندما يسيء طالب أو طالبان فقط التصرف، فقد يؤدي ذلك إلى التأثير سلباً بعلاقتك مع الطلاب الآخرين، وبدلاً من ذلك، استدعِ الطالب الذي أساء التصرف بطريقة ودية، كأن تقول له مثلاً:

  • "هل لديك سؤال؟" بدلاً من: "توقف عن الكلام وإزعاج الطلاب".
  • "هل تحتاج إلى مساعدة في هذا الدرس؟" بدلاً من: "انتبه وتوقف عن العبث في أثناء حديثي".

سيتيح لك هذا النهج الحفاظ على جو إيجابي، مع التنبيه فوراً للسلوك غير المناسب.

2. راقِب سلوك الطلاب وتعلَّمه:

في بداية العام الدراسي، ادرس سلوك طلابك للبحث عن إشارات غير لفظية، مثل تعابير الوجه ولغة الجسد لتنبيهك عندما لا ينتبهون إليك أو يشاغبون، وبادر وتعامل مع هؤلاء الطلاب قبل أن يسيئوا التصرف، فإذا لم تنجح إحدى استراتيجيات الإدارة السلوكية، فجرِّب استراتيجية أخرى.

على سبيل المثال: إذا لم ينجح توجيه التنبيهات لفظياً، فقِف بالقرب من الطالب لمنعه من إثارة المتاعب، ومع مرور الوقت ستتمكن من تحديد الطلاب الذين يسيئون التصرف.

3. التزم الهدوء وحافظ على احترام الطلاب لأنفسهم:

في بعض الأحيان، يسعى الطلاب إلى جذب انتباهك من خلال السلوك غير اللائق، ففي حالة حدوث ذلك، حافظ على هدوئك، واستجب لهم دون انفعال أو استخدام التهديدات، واستخدم إشارة صامتة للتعامل مع الطالب الذي يُظهر سوء السلوك، وإن لم يفلح ذلك، فاهمس للطالب سريعاً بما تود أن يفعله والعواقب المترتبة على عدم القيام بذلك، فمن خلال تصحيح السلوك بهدوء، ستتحكم في الموقف، مع المحافظة على احترام الطالب لذاته أمام أقرانه.

4. ابحث عن سبب سوء السلوك:

قد يسيء الطلاب التصرف لأسباب متنوعة، وقد يتطلب الأمر منك التحري لتحديد السبب؛ لذا قبل تصنيف الفعل على أنَّه سلوك سيئ، حاول أولاً الوصول إلى جذر المشكلة، فقد يكون الأمر متعلقاً بمشكلات عائلية في المنزل أو اختلافات في الثقافة؛ إذ لا تشجع بعض الثقافات التواصل البصري أو الإجابة عن الأسئلة في المجموعات.

يسيء الأطفال أيضاً التصرف لإثارة إعجاب زملائهم في الصف، فيمكنك معالجة ذلك عبر استخدام مثال واقعي يوضح كيف أنَّ التنفيس ليس الحل الأفضل، واشرح كيف يمكن أن يكون التحدث أو التصرف بلباقة مفيداً، مع شرح السبب الذي يجعل ما فعلوه خطأ، والعواقب السلبية لهذه الأفعال.

5. ضع خطة لإدارة السلوك الفردي:

من الضروري في بعض الأحيان إنشاء خطة لإدارة سلوك طالب بعينه؛ إذ يُعَدُّ الاجتماع مع الطالب لتقييم الأمر فرصة لاكتشاف أيَّة صعوبات يواجهها، مثل الحاجة إلى نظارات أو أسلوب تعلُّم آخر يفضله، فقد يعزز الأمر أيضاً علاقتك بالطالب عندما تحاول مساعدته؛ إذ تعالج خطة التعامل مع السلوك الفردي المشكلة المحددة، وتوفِّر خيارات لإدارة سلوك الطالب، على سبيل المثال، قد تمنح الطالب مكاناً يهدأ فيه إذا كان يتعرض لأيَّة نوبات غضب.

5 نصائح لدعم إدارة السلوك في الصفوف الدراسية:

1. التمس التشجيع من زملائك:

احضر اجتماعات المعلمين دوماً، واسأل عما إذا كان يمكنك مناقشة حلول لإدارة السلوك في الصفوف الدراسية، وتحدَّث عن تجارب صعبة واجهتَها مع الطلاب، وأساليب مفيدة ربما تكون قد ساهمت في تجاوز تلك الصعوبات، وتواصل مع المعلمين المخضرمين أو المتقاعدين للحصول على المشورة بشأن الخطط والاستراتيجيات والحوافز التي استخدموها بفاعلية في الصفوف الدراسية.

2. اطلب المساعدة:

إذا كنتَ تواجه موقفاً صعباً معيناً في الصف، فاتصل بزملائك للحصول على النصح، فلربما واجهوا موقفاً مشابهاً واكتشفوا حلاً فعالاً للتعامل معه، كما يمكنك طلب المشورة من الموجِّهين في المدرسة وغيرهم من المتخصصين في تقديم الدعم، فقد تكون لديهم خبرة مفيدة.

3. خطط للحصول على الدعم:

اتفق مع مدرس في صف مجاور لوضع خطة دعم للتعامل مع الطلاب الذين يثيرون المتاعب، على سبيل المثال، إذا تجاوز الطالب حدَّه، يمكن أن يراقب المدرس الآخر صفك، في الوقت الذي تقضي فيه وقتاً إضافياً مع الطالب، أو ترافقه إلى خارج الصف، أو تتواصل مع المدير.

4. استفد من العمل الجماعي:

قد يدعم المدرسون بعضهم بعضاً من خلال المشاركة في إدارة السلوك على مستوى المدرسة؛ إذ يتضمن ذلك مراقبة سلوكات جميع الطلاب في المدرسة، وإما اتخاذ إجراءات لتصحيح السلبي منها على الفور أو مدحها إذا كانت إيجابية.

5. تواصَل مع الوالدين:

قد يقدِّم التواصل مع الوالدين من خلال اجتماعات أولياء الأمور، ورسائل البريد الإلكتروني، والمكالمات الهاتفية أفكاراً مفيدة ودعماً للمعلمين في حل مشكلات السلوك في الصفوف الدراسية؛ إذ يمكن أن يقدِّم الوالدان معلومات عن أطفالهم، مثل حساسية يعانون منها وأساليب التعلم التي يفضلونها والمشكلات المحتمَلة في المنزل.

لا يدرك الآباء أحياناً الصعوبات السلوكية التي يواجهها المعلمون في المدرسة، وما إن يعلموا بالمشكلة، يمكنهم في كثير من الأحيان المساعدة من خلال مدح وتعزيز السلوك الإيجابي الذي يُظهِره أطفالهم في المنزل.