تهدف برامج التدريب إلى تنمية مهارات الموظفين واستثمار كامل إمكاناتهم وزيادة مستوى سعادتهم ورضاهم واندماجهم في العمل؛ إذ قدَّم الجزء الأول من المقال 7 طرائق فعالة ومتنوعة لتدريب الموظفين، وشرح الحالات المناسبة لتطبيق كل منها، ويبحث الجزء الثاني في بقية الطرائق، فتابعوا معنا في السطور القادمة.

8. التدريب المتقاطع وتعدُّد المهارات:

تقتضي هاتان الطريقتان تدريب الموظفين على تأدية مهام خارج نطاق المسؤوليات المكلَّفين بها، فقد يجري التدريب ضمن الصف الدراسي، أو في مكان العمل، أو عن طريق تطبيق برامج المنتورينغ، وتقع على عاتق الشركة مهمة اختيار الطريقة المناسبة لإجراء هذا النوع من التدريب.

يتم في المرحلة الأولى تحديد المهارات والوظائف الأساسية في الشركة، وتقتضي المرحلة الثانية إعداد خطة تدريب تساعد الموظفين على اكتساب المهارات والمؤهلات اللازمة للقيام بالمهام والأدوار الأساسية في الشركة.

قد تجري هذه التدريبات عن طريق تكليف الموظفين بمرافقة زملائهم الأكثر خبرة لكي يتعلموا منهم، أو قد يقوم الموظف بتطبيق المهارات تحت إشراف الخبراء في بعض الحالات.

يبدأ الموظف بتطبيق المهارات الجديدة بعد انتهاء برنامج التدريب، وقد تحدث هذه التغييرات بشكل تدريجي حتى يتمكن الجميع من التأقلم معها.

تستخدم بعض الشركات التدريب المتقاطع لمساعدة الموظف على تكوين فكرة شاملة عن سير العمل، أو بوصفه إجراء احترازياً تحسباً لحالات الطوارئ مثل الاستقالات أو الغيابات المفاجئة نتيجة ظرف صحي أو شخصي على سبيل المثال.

يُعَدُّ التدريب المتقاطع طريقة فعالة لزيادة قدرة الشركة على إجراء التغييرات بسلاسة عندما تقتضي الضرورة؛ إذ تساعد هذه الطريقة على زيادة اندماج الموظفين وشعورهم بالرضى؛ وذلك لأنَّها تتيح لهم فرصة تحديث معلوماتهم ومهاراتهم، وتكوين تصور شامل عن بيئة العمل، وتعزيز شعورهم بوجود هدف من عملهم في الشركة.

9. الكوتشينغ والمنتورينغ:

تُستخدَم تقنيات الكوتشينغ والمنتورينغ لمساعدة الموظفين على اكتساب مزيد من المهارات الجديدة واستثمار كامل قدراتهم وإمكاناتهم، وتختلف وظائف ومنهجيات العمل بين الكوتشينغ والمنتورينغ.

يقتضي الكوتشينغ العمل مع كل موظف على حدى من أجل تحديد الاحتياجات التدريبية الفردية وإعداد خطة عمل لتحقيق الأهداف المطلوبة، وتشمل إجراءات الكوتشينغ تحديد الأهداف، وتقديم التغذية الراجعة، والدعم، والتوجيهات اللازمة لمساعدة الموظف على تنمية مهاراته.

يركز المنتورينغ بالمقابل على بناء العلاقات وتقديم التوجيهات والنصائح خلال فترة زمنية أطول من مدة برامج الكوتشينغ، ويستثمر المنتور خبراته ومعارفه في مساعدة الموظف على تحقيق التقدم المهني الذي يسعى إليه.

تقدِّم برامج الكوتشينغ والمنتورينغ عدداً كبيراً من الفوائد لكل من الموظفين وأرباب العمل، فهي تساعد الموظفين على تحديث مهاراتهم ومعارفهم، وتحسين أدائهم، وزيادة مستوى اندماجهم ورضاهم عن العمل، وتساعد هذه البرامج من ناحية أخرى على تحديد المرشحين للمناصب القيادية ضمن الشركة، وبناء ثقافة تشجع على التعاون والدعم ضمن مكان العمل.

يقتضي تطبيق برامج الكوتشينغ والمنتورينغ في مكان العمل تكليف كوتش أو منتور لتدريب الموظفين استناداً إلى مهاراتهم، وخبراتهم، وأهدافهم المهنية، ويمكن تدريب الكوتشز والمنتورز من أجل تزويدهم بالمهارات والمعلومات التي يحتاجون إليها لتقديم الدعم والتوجيه للموظفين.

10. تدريب الأقران:

تقتضي تقنية تدريب الأقران تبادل الخبرات والمهارات بين زملاء العمل، وهي تهدف إلى مساعدة الموظفين على اكتساب المهارات والمعلومات الجديدة.

يمكن تطبيق تدريب الأقران عن طريق إجراء النقاشات غير الرسمية، والمشاريع الجماعية، وبرامج المنتورينغ، والكوتشينغ، والتدريبات في مكان العمل؛ إذ تبرز فاعلية تدريب الأقران بشكل خاص عند تلقين المهارات الناعمة مثل التواصل، والتعاون، والقيادة، وهي مهارات تُكتسَب عن طريق التجربة والتطبيق في غالب الأحيان.

تدريب الأقران أكثر فاعلية من طرائق التدريب التقليدية في تلبية احتياجات المؤسسة، فهو يتيح للموظفين إمكانية التعلم من بعضهم بطريقة تناسب احتياجاتهم واهتماماتهم بدل الاعتماد على مدربين من خارج المؤسسة أو تطبيق برامج تدريب رسمية.

يساهم تدريب الأقران في نشر ثقافة التعاون وتبادل المعارف ضمن المؤسسة، وهو يشجع الموظفين على اتخاذ زمام المبادرة في عمليات التعلم والتدريب وتنمية المهارات، ويساعدهم على إدراك مساهمتهم الفاعلة في نجاح المؤسسة.

تساعد هذه الطريقة على تشجيع الموظفين على التعاون والتعلم من بعضهم، ويتم تطبيقها عن طريق برامج الكوتشينغ والمنتورينغ بين الأقران، أو تشجيع الموظفين على مشاركة معلوماتهم باستخدام المدوَّنات والمنتديات الداخلية، أو استخدام المشاريع الجماعية ونشاطات تعلُّم الفِرق ضمن برامج التدريب.

11. المؤتمرات وورشات العمل:

تُعَدُّ المؤتمرات وورشات العمل طريقتين فاعلتين لتدريب الموظفين، وهما تجريان على أرض الواقع أو عبر الإنترنت، وتتيحان للموظفين إمكانية بناء شبكة علاقات مهنية، والتعلم من الخبراء، والاطلاع على أحدث المعلومات والأفكار في مجال العمل.

تقدِّم المؤتمرات وورشات العمل تجارب تعلُّم وفرص لا تُقدَّر بثمن لتنمية المهارات؛ وذلك لأنَّ حضور المؤتمرات أو ورشات العمل يتيح للموظف إمكانية الاطلاع على مفاهيم ومعلومات جديدة لا يحصل عليها من برامج التدريب التقليدية التي تجري ضمن المؤسسة، وتقدِّم هاتان الطريقتان تطبيقات عملية تساعد الموظف على فهم محتوى التدريب والاحتفاظ بالمعلومات على الأمد الطويل.

يمكن تخصيص المؤتمرات وورشات العمل لموضوعات، أو وظائف، أو قطاعات معيَّنة، وهذا يعني أنَّ الموظف يستطيع حضور فعاليات تتعلق بمجال عمله، ويكسب مهارات ومعلومات جديدة تساعده على تحسين أدائه.

تكمن مشكلة المؤتمرات وورشات العمل في ارتفاع تكاليف استضافة الفعاليات وأجور مواصلات الموظفين، ويتطلب تطبيق هذه الطريقة إجراء الأبحاث اللازمة لاختيار الفعاليات التي تحقق الأهداف المطلوبة من التدريب.

12. دراسات الحالة وتقمُّص الأدوار:

تُعَدُّ دراسات الحالة وتقنية تقمُّص الأدوار من أكثر طرائق التدريب فاعلية ومتعة، وهي تُستخدَم لمساعدة الموظفين على اكتساب المهارات والمعلومات الجديدة.

تقتضي دراسات الحالة تقديم حالات أو مسائل ومشكلات من الحياة العملية، وتكليف الموظفين بتحليلها وإيجاد الحلول اللازمة، وتهدف هذه التقنية إلى تنمية مهارات التفكير النقدي، وحل المشكلات عند الموظفين، ومساعدتهم على تطبيق المهارات المكتسبة في مكان العمل.

تقتضي تقنية تقمص الأدوار تكليف الموظفين بتمثيل مشهد أو تأدية دور شخص معيَّن في تجربة محاكاة، وهذه التقنية فعالة خاصةً في تلقين مهارات التواصل وحل النزاع؛ وذلك لأنَّها تتيح للموظفين إمكانية التفاعل مع بعضهم في بيئة آمنة ومضبوطة دون التسبب بحدوث تداعيات على أرض الواقع.

تُعَدُّ هاتان التقنيتان ممتعتين وتفاعليتين، وهما تتيحان للموظف إمكانية التعلم عن طريق التطبيق، فضلاً عن كونهما مناسبتين لمختلف أنماط التعلم، وتُستخدَم التقنيتان لتلقين مجموعة متنوعة من المهارات من مهارات القيادة والعمل الجماعي إلى خدمة العملاء والمبيعات.

يقتضي تطبيق دراسات الحالة وتقمص الأدوار ضمن برامج التدريب إعداد محتوى مكوَّن من مجموعة من الحالات والمسائل المرتبطة بقطاع العمل والمهام الوظيفية، ويمكن الاستفادة من هاتين التقنيتين في دعم المدربين وتزويدهم بالمؤهلات اللازمة لتطبيق نشاطات التدريب بفاعلية.

13. التعلم المُوجَّه ذاتياً:

التعلم الموجه ذاتياً هو عبارة عن تقنية تدريب تتيح للموظف إمكانية التحكم بعملية التعلم والتدريب، ولا تقتضي هذه الطريقة وجود مدرِّب أو موجِّه، وهذا يعني أنَّ الموظف يختار موضوعات التدريب، وآلية التعلم، والوقت الذي يناسبه لدراسة المحتوى.

هذه الطريقة مناسبة للموظفين الذين يفضلون التعلم وفق سرعة ووتيرة معيَّنة، أو من لا يستطيعون حضور برامج التدريب الرسمية بسبب ضغوطات العمل، وتُستخدَم هذه الطريقة من ناحية أخرى لمساعدة الموظفين على تنمية المهارات التي يحتاجون إليها لإحراز التقدم في حياتهم المهنية دون الحاجة إلى أخذ إجازة من العمل لحضور التدريب.

قد يجري التعلم الموجَّه ذاتياً عن طريق الدورات التدريبية، والمؤتمرات الافتراضية، والكتب، والمحتوى الصوتي، وقد يشمل تقديم برامج منتورينغ، أو التعلم في مكان العمل، أو مراقبة الموظفين الأكثر خبرة في أثناء تأدية عملهم.

يقتضي تطبيق التعلم الموجَّه ذاتياً في برامج التدريب تزويد الموظفين بالدعم ومصادر التدريب اللازمة مثل الدورات التدريبية الإلكترونية، وبرامج الكوتشينغ، والمنتورينغ، وإتاحة إمكانية مشاركة المعارف والخبرات فيما بينهم عن طريق المدوَّنات والمنتديات الداخلية.

14. التعلم المصغَّر والتدريب المجزَّأ:

التعلم المصغَّر هو تقنية تدريب تقتضي تجزئة المحتوى إلى وحدات صغيرة سهلة الاستيعاب وقابلة للحفظ على الأمد الطويل، وتبلغ مدة دراسة هذه الوحدات المجزأة نحو 5-10 دقائق، وقد يشمل المحتوى مقاطع فيديو، واختبارات، وعناصر صوتية ومرئية ورسومية.

لقد ازدادت شعبية التعلم المصغر في الآونة الأخيرة بسبب المزايا المتنوعة التي يقدِّمها، فهو يتيح للموظف إمكانية الوصول إلى المحتوى في الزمان والمكان اللذين يناسبانه، وهذه الطريقة مثالية للموظفين دائمي الانشغال والعاجزين عن حضور جلسات التدريب على أرض الواقع.

التعلم المصغر أكثر متعة وفاعلية من طرائق التدريب التقليدية، كما أنَّ تجزئة المحتوى إلى وحدات صغيرة يساعد الموظفين على الحفاظ على تركيزهم وتذكُّر المعلومات على الأمد الطويل، كما يمكن إعداد محتوى مُصمَّم خصيصاً للاحتياجات والاهتمامات الفردية للموظفين، وهو ما يؤدي إلى زيادة مستوى حماستهم واندماجهم في العمل.

يقتضي تطبيق التعلم المصغر في برامج التدريب إعداد وحدات تدريب قصيرة تستهدف موضوعات أو مهارات معيَّنة، مع تزويد المتدربين بالمصادر التي يحتاجون إليها مثل الدورات التدريبية الإلكترونية، والاختبارات، والمحتوى الصوتي.

15. التعلم المتنقل:

التعلم المتنقل هو عبارة عن تقنية تدريب تعتمد على استخدام الأجهزة النقالة مثل الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية لتقديم محتوى التدريب، ولقد ازدادت شعبية هذه التقنية في الآونة الأخيرة؛ وذلك لأنَّها تتيح للموظف إمكانية الوصول إلى محتوى التدريب في الظروف المكانية والزمانية التي تناسبه.

تتيح هذه الطريقة للموظف إمكانية الوصول إلى المحتوى من أي مكان، وهذا يعني أنَّه قادر على مواصلة التعلم وتنمية مهاراته خارج أوقات الدوام، ويتم تقديم المحتوى عبر الألعاب، ومقاطع الفيديو، والاختبارات التفاعلية.

تكمن فاعلية التعلم المتنقل من ناحية أخرى في إمكانية إعداد محتوى مخصص للاحتياجات والاهتمامات الفردية للموظفين؛ إذ تتيح هذه الميزة للموظف إمكانية اختيار الموضوعات التي يريد أن يتعلمها ودراسة محتوى مرتبط بمسؤولياته ومهامه الوظيفية.

يقتضي تطبيق التعلم المتنقل في برامج التدريب إعداد وحدات تعليمية قابلة للاستخدام عن طريق الأجهزة النقالة، كما يجب تزويد الموظفين بالمصادر التي يحتاجون إليها مثل مقاطع الفيديو، والمؤتمرات الافتراضية، وعناصر المحتوى الصوتي.

في الختام:

يجب عليك أن تجرب طرائق التدريب بعقل منفتح حتى تحدد الطريقة التي تناسب احتياجات الموظفين والشركة، ويمكنك أن تبدأ بعد ذلك بإعداد استراتيجية تدريب تحقِّق الأهداف المطلوبة.