كثيراً ما نتساءل عندما يصبح لدينا عدد لا بأس به من العملاء عن ضرورة البدء بتطبيق استراتيجية تدريب للعملاء، وإذا كان الأمر ضرورياً، فقد لا تعرف بالضبط من أين تبدأ.

الفكرة باختصار أنَّك طوَّرت منتجاً أو خدمة رائعة، وترغب بأنَّ يحقق المستخدمون لها أقصى فائدة من كل ميزاتها، أضف إلى ذلك أنَّك تريد تحقيق الولاء لعلامتك التجارية من خلال التفاعل الإيجابي مع العملاء.

يؤدي الافتقار إلى استراتيجية تدريب العملاء أو وجود استراتيجية غير فعالة إلى خسارة العملاء وجعلهم يشعرون بالارتباك، أو عدم القدرة على فهم طريقة استخدام المُنتج أو الخدمة بشكل صحيح.

أحد المبادئ الأساسية في ولاء العملاء هو أنَّ خسارة عميل واحد تعني مستقبلاً خسارة كثير من المبيعات التي يمكن تحقيقها من خلال هذا العميل، إضافةً إلى خسارة فرص بيعه منتجات أخرى، وخسارة الإيرادات التي ستعود على الشركة من خلال التزكيات التي يقدِّمها هذا العميل.

لا داعي للقلق، فمن المُثبَت أنَّه يمكن لاستراتيجية تدريب فعالة للعملاء أن تساعدهم على تحقيق أقصى فائدة من المُنتج دون أي ارتباك أو شعور بالإحباط قد يؤدي إلى توقُّف العميل عن شراء منتجاتك أو خدماتك.

إذاً، ما هي النصائح التي تساعدك على صياغة استراتيجية تدريب فعالة للعملاء؟ يمكن القول بداية إنَّ استراتيجية تدريب العملاء تنقسم إلى 3 مراحل أساسية؛ وهي المرحلة التقليدية قبل بدء التدريب، والمرحلة التي تتزامن مع التدريب، والمرحلة اللاحقة للتدريب.

إذا لم يكن لديك حالياً برنامج لتدريب العملاء، فستساعدك مرحلة التأسيس (المرحلة التي تسبق التدريب) على الوصول إلى هذا الجزء من العملية الضرورية لتطوير مشروعك التجاري، وتصبح بعدها جاهزاً للدخول في مرحلة تصميم التدريب، وتأتي بعدها المرحلة اللاحقة لانتهاء التدريب، وسنشرح هذه المراحل الثلاث بالتفصيل.

مرحلة ما قبل تصميم الدورة التدريبية:

1. ألقِ نظرة على مواد وموارد التدريب المُتاحة لك حالياً:

حتى لو لم يكن لديك برنامج تدريب عملاء رسمي، إلا أنَّه من المرجَّح أنَّك تمتلك بعض مواد إعداد العملاء لاستخدام المنتج، وكتيبات دليل المُستخدِم، وأجوبة أو موارد موحدة يستخدمها موظفو خدمة العملاء يومياً؛ لذا قم - في أثناء تقييمك للموارد التي ستعتمد عليها في البداية - بوضع مخطط عام لرؤيتك حول استراتيجية التدريب الخاصة بعملائك.

قد ترغب على سبيل المثال بالتحكم في مجمل استراتيجية تدريب العملاء من خلال نظام إدارة التعلُّم (LMS)، أو قد ترغب بابتكار طرائق جديدة لتدريب العملاء من خلال الندوات عبر الإنترنت أو الفيديوهات أو الدورات التدريبية المسجلة.

2. حلِّل دورة حياة العميل:

بمعنى أن تسأل نفسك: "ما هي المرحلة التي تخسر فيها العملاء في أثناء تعاملك مع العميل؟"، فهل:

- تواجه صعوبة في كسب العملاء وإبرام الصفقات؟

إذا كان الأمر كذلك، فأعد تقييم تواصلك والتدريب الذي تقدِّمه للعملاء المحتملين لمساعدتهم على إدراك القيمة التي تضيفها لهم في أثناء اتخاذهم لقرار الشراء.

- تلاحظ تراجعاً في معدلات الاندماج مع مواد التدريب الحالية؟

عندها يجب أن تستخدم نماذج متنوعة للتدريب وتجعل المحتوى محدداً وهادفاً أكثر.

- تلاحظ ارتفاعاً واضحاً في معدلات خسارة العملاء وإلغاء الصفقات؟

هذا يتطلب منك تحديد السبب الرئيس الذي يمنع العملاء من شراء خدماتك مجدداً، فمن المُحتمل أن توجد ميزات أو مشكلات في الاستخدام يجب أن توضِّحها لهم حتى تغيِّر رأيهم وتتجنب خسارة العملاء مستقبلاً.

3. فكِّر في أهدافك النهائية وحددها:

اسأل نفسك "ما الذي أريد أن أساعد عملائي على تحقيقه من خلال شراء منتجي أو خدماتي؟"، فقدِّم إجابة مفصَّلة حول ما ترغب بأن يكسبه العملاء من خلال تدريبك، وربما تكون قد كشفت عن ميزة جديدة وتحاول إعلام عملائك بذلك، وقد يكون هدفك هو جعل 65% من المستخدمين النشطين يكملون التدريب على استخدام الميزة الجديدة خلال مدة 3 أشهر.

المرحلة التي تتزامن مع التدريب:

لننتقل الآن إلى النصائح المتعلقة بصياغة استراتيجية تدريب العملاء:

بمجرد أن تنتهي من النصائح السابقة لعملية بناء استراتيجية التدريب، يصبح من الضروري أن تبدأ بعملية تصميم برنامج التدريب؛ لذا ضع أهدافك النهائية في الحسبان دائماً، وابحث عن وسائل تدريب بسيطة قد يكون لها تأثير بالغ في الإجابة عن تساؤلات العملاء.

1. حدِّد احتياجات العميل:

طبِّق هذه النصيحة تطبيقاً شاملاً بحيث تشمل موظفي خدمة العملاء، ومديري الحسابات، والمبيعات، والتسويق لتحديد أكبر الصعوبات التي قد يعاني منها العميل، كما يمكنك أن تستطلع آراء شريحة من العملاء لتكتشف استفساراتهم ومشكلاتهم، والنقص في المعلومات الذي يعانون منه عند استخدام منتجك أو خدماتك؛ لذا استخدم هذه المعلومات المفصلة لتحديد أولوياتك عند إنشاء أو تحديث محتوى التدريب المخصص للعملاء.

2. حدِّد نقاط الضعف في موارد التدريب الخاصة بك:

استخدم المعلومات التي حصلت عليها من فريق العمل وشريحة العملاء التي استطلعت آراءها، وقارن بين نقاط الضعف وأي بيانات تمتلكها في حركة مرور الويب، ومعدلات استخدام المنتج، ومعدلات الاحتفاظ بالعملاء (إعادة شراء العميل نفسه للمنتج أو الخدمة)؛ إذ سيساعدك ذلك على تحديد ما يجب أن تُنشئه أولاً في محتوى التدريب الخاص بك.

3. حدِّد مسار التدريب الملائم للعملاء:

حدد المسار الذي سينتهجه عميلك المستهدَف للانتقال من مرحلة استخدام المُنتج إلى إتقانه، وحاول أن تقدِّر المدة التي ستستغرقها هذه العملية، والمعلومات التي يجب منحها الأولوية، والأشياء التي يمكن تعلُّمها خلال التدريب، واحرص على تحديد أهداف واضحة من عملية التعليم لكل مجموعة من مواد التدريب.

4. ابحث عن المنصة المناسبة:

تختار كثير من الشركات أنظمة إدارة التعلُّم لتقديم برنامج التدريب الخاص بهم للعملاء؛ إذ تُعَدُّ هذه المنصات مرنة للغاية، وهذا يعني أنَّه يمكن استخدامها لتدريب الموظفين والعملاء والشركاء والباعة، فقد تؤدي سمة التقسيم التي تتميز بها هذه الأنظمة إلى عثور كل متدرب على المحتوى ذي الصلة بوظيفته، والملائم لاحتياجاته، لذلك يُفضَّل أن تبحث عن منصة إدارة تعلُّم تتمتع بميزة إعداد التقارير حتى تتمكن بسهولة من تتبُّع كيفية استخدام العملاء لمحتوى التدريب الخاص بك.

5. صمِّم محتوى موجزاً وهادفاً:

بعد أن أصبحت مستعداً لإنشاء وحدات التدريب التي يتألف منها برنامجك التدريبي، وهي ميزة تدعمها أنظمة إدارة التعلُّم، فإنَّه من الممكن بسهولة إنشاء المحتوى وتحميله.

لكن يجب أن تجعل المحتوى هادفاً ومحدداً، وتشرح من خلاله الأشياء بطريقة غير تقنية (بطريقة بسيطة)، فأظهِر النتائج والفوائد وحالات الاستخدام المختلفة بعد أن توضِّح للعميل كيفية عمل المُنتج أو استخدام الخدمة.

6. أشرك جميع أقسام الشركة في تأليف المحتوى:

تؤدي تجربة العميل المتماسكة إلى شعوره بالرضى، لذلك ليس غريباً أن نعرف بأنَّ 46% من العملاء يتوقفون عن التعامل مع العلامة التجارية إذا شعروا بأنَّ الموظفين يفتقرون إلى المعرفة.

لذلك يجب أن تحرص على أن يعمل جميع موظفيك، سواء كانوا موظفي خدمة العملاء أم مديري الحسابات والمبيعات وقادة التسويق باستخدام نفس موارد التدريب التي تُقدَّم للعملاء، وتذكَّر أنَّ إرشاد العميل للعثور على الحلول بكفاءة واقتراح أساليب أخرى للاستخدام من قِبل موظفيك سينشئ لدى العملاء انطباعاً مذهلاً.

المرحلة اللاحقة للتدريب:

سننتقل الآن للحديث عن النصائح التي تعقب إنشاء دورة التدريب:

بعد أن أصبح برنامج التدريب جاهزاً، حان الوقت لإجراء التقييم والتعديل، وذلك من خلال النصائح الآتية:

1. اكتشف مزيداً من مزايا أنظمة إدارة التعلُّم:

إذا كنت تستخدم نظام إدارة تعلُّم لتقديم محتوى التدريب لعملائك، فمن الأفضل أن تكتشف مزيداً من المزايا مع مرور الوقت لتعزيز تجربة العميل، فقد قامت كثير من الشركات بتأسيس مجتمعات لها من خلال برامج تدريب العملاء التي تقدِّمها؛ إذ تساعد بذلك عملاءها على التواصل مع بعضهم بعضاً من خلال إعجابهم بالعلامة التجارية.

تستخدم كثير من أنظمة إدارة التعلُّم لوحات الصدارة (لائحة تتضمن أسماء المتصدرين في برنامج التدريب)، والأوسمة، وغير ذلك من الوسائل لإظهار التقدير للعملاء ذوي الأداء المميز، أو الذين أنجزوا أكبر عدد من الدورات التدريبية، وتُعَدُّ هذه طريقة رائعة لتعزيز الولاء للعلامة التجارية، وإنشاء مجتمع يتضمن العملاء الذين يلتحقون ببرنامج التدريب الخاص بك.

2. حلِّل بيانات التدريب الخاصة بك:

تتيح لك أنظمة إدارة التعلُّم الاطلاع على طريقة استخدام العملاء لمحتوى برنامج التدريب الخاص بك، كما تتيح لك ميزة إعداد التقارير معرفة الجوانب التي تسير على ما يرام، والجوانب التي تحتاج إلى إعادة النظر فيها والابتكار، وتساعدك أنظمة إدارة التعلُّم أيضاً على حساب عائد الاستثمار في تدريب العملاء بسهولة (ويتم ذلك من خلال مقارنة معدلات استخدام محتوى التدريب بمعدلات رضى العملاء، والاشتراك بالخدمات، والشراء مجدداً، والاحتفاظ بالعملاء).

3. واظب على الإصغاء إلى عملائك:

أصغِ باستمرار إلى احتياجات وأسئلة عملائك عن المُنتج، ولا تكتفِ بإنشاء عملية إعداد العميل لاستخدام المنتج؛ بل استمر في توقُّع احتياجات عملائك طيلة فترة تعاملهم مع الشركة، فقد تُظهِر من خلال التفاني في إرضاء العملاء والاحتفاظ بهم مدى الأهمية التي توليها شركتك لمساعدة عملائها والتعامل معهم.

5 أسباب تدفعك لإنشاء برنامج لتدريب العملاء:

1. تخفيف العبء عن موظفي خدمة العملاء:

يكفي لتحقيق ذلك أن تصمم كتيبات إرشادية أو مقاطع فيديو تحتوي على إجابات للأسئلة الشائعة، وتسهيل الوصول إلى هذه المواد التعليمية، وهذا سيوفِّر كثيراً من الوقت لموظفي خدمة العملاء في أثناء عملية إعداد العميل لاستخدام المنتج.

2. تعليم عملائك وتحسين قدراتهم في استخدام المُنتج:

سيثق بك عملاؤك بمجرد أن يروا إجابات شاملة وشافية لاستفساراتهم، وسيكتسب عملاؤك - من خلال مسارات التعلم متقنة التصميم وذات وتيرة التعلُّم المرنة - ثقةً أكبر بقدرتهم على استخدام المُنتج بكفاءة، وشعوراً بأريحية في التواصل مع الشركة.

3. تعزيز الولاء لعلامتك التجارية:

سيصبح العميل المتعلم والمتمكن في نهاية المطاف متحمساً لطلب خدمات شركتك، وستدفعه قناعته بالقيمة التي تضيفها له إلى طلب خدماتك مراراً وتكراراً، وتزكيتك لدى الآخرين.

4. تحسين منتجاتك وخدماتك:

يتيح تدريب العملاء الفرصة للحصول على تغذية راجعة ومستمرة تساعدك على تحسين منتجاتك وخدماتك، وهذا يعني وضوح الجوانب التي تؤدي إلى ارتباك العميل، أو التي يمتلك حولها مفاهيم خاطئة، وهو ما يمكنك استثماره لتطوير المنتج وتحسين الخدمة.

5. زيادة فرص البيع المتبادل والبيع الإضافي:

البيع المتبادل هو بيع منتج ذي صلة بمنتج آخر قيد البيع، أما البيع الإضافي فهو بيع منتج آخر بدلاً من المُنتج الحالي؛ إذ يمنحك التدريب الفعال للعملاء كثيراً من الفرص لشراء العميل مرةً أخرى لنفس المنتج، أو شراء مُنتج مختلف، أو شراء منتجات أخرى ذات صلة بمنتج آخر، ويعود السبب في ذلك إلى تمكين فريق المبيعات لديك من العمل بثقة لإبرام مزيد من الصفقات مع العملاء.

أسئلة شائعة:

1. ما هي استراتيجية تدريب العملاء؟

هي عملية تحديد كيفية تدريب العملاء على استخدام المُنتج أو الخدمة، ويمكن باستخدام أنماط تدريب متنوعة مثل الدورات التدريبية التي تُشرِك المتدرب في إنشاء برنامج التدريب، وفيديوهات، وكتيبات التدريب الإرشادية عند الطلب، والتدريب بقيادة مدرِّب، والدورات التي تمنح المتدربين الشهادات، أن تزوِّد عملاءك بالمعرفة الضرورية التي يحتاجونها للاستفادة القصوى من خدماتك ومنتجاتك، ويجب أن تتضمن استراتيجية تدريب العملاء عناصر من ضمنها:

  • تحديد هدف من برنامج تدريب العملاء.
  • مسار واضح للدورة التدريبية.
  • استراتيجية لإشراك جميع أقسام الشركة في إنشاء برنامج التدريب.
  • وسائل مختارة لتقديم أنماط التدريب المختلفة.
  • خطة تتبُّع الأداء من خلال البيانات.

يمكن البدء بتدريب العملاء حتى قبل أن يبدأ العميل فعلياً باستخدام المُنتج، وبمجرد أن يبدأ بالاستفسار عن منتجاتك وخدماتك، وتتعلق عملية إعداد استراتيجية لتدريب العملاء بتوقُّع الاستفسارات، وتقديم أكثر الإجابات والموارد فاعلية حتى يشعر العميل بالثقة في أثناء استخدام منتجاتك.

2. لماذا تحتاج إلى وضع استراتيجية لتدريب العملاء؟

لأنَّها عنصر أساسي لنجاح أيَّة شركة ترغب بتعزيز تجربة عملائها، وتحسين معدل الاحتفاظ بهم، وتقديم خدماتها بأفضل طريقة ممكنة، وغالباً ما ستحتاج إلى استراتيجية لتدريب العمل في الحالات الآتية:

  • العمل في مجال البرمجيات أو البرمجيات الخدمية أو غير ذلك من المجالات التي تأمل فيها بالاحتفاظ بعملائك، ودفعهم لشراء خدماتك مراراً وتكراراً.
  • إذا أردت تحسين إيرادات الشركة سواء بمقياس معدل الاحتفاظ بالإيرادات (NRR) أم بمقياس الإيرادات السنوية المتكررة (ARR).
  • إذا كنت ترغب بمساعدة عملائك أو شركائك أو المقاولين الذين يتعاملون معك على إتقان استخدام منتجاتك أو خدماتك.
  • إذا كنت ترغب في تخفيف العبء عن موظفي المبيعات وتوضيح الإجابة عن الاستفسارات الأساسية حول المُنتج أو الخدمة.

في الختام:

لا بد من تدريب العملاء إذا أردتَ تحسين إيرادات شركتك، ولا بد من وضع استراتيجية تدريب إذا أردت البدء بتطبيق هذه العملية، وستساعدك النصائح المذكورة آنفاً على وضع استراتيجية تدريب فعالة لعملائك تساعدك على الاحتفاظ بهم والارتقاء بمشروعك إلى مستويات أعلى من النجاح.