يعاني العديد من الأفراد من رهاب التحدث أمام العامة، وترعبهم فكرة مخاطبة جمهور كبير من الناس بالرغم من الفوائد والمكاسب التي تقدمها هذه التجربة. إتقان مهارات التحدث أمام العامة ضروري عند المشاركة في المؤتمرات والندوات العالمية مثل "تيد" (TED)، وعند إلقاء الخطابات والكلمات الافتتاحية خلال الفعاليات. يتميز المتحدث البارع بقدرته على إقناع الناس وإلهامهم، في حين يؤدي الافتقار لمهارات التحدث أمام العامة إلى إلقاء خطاب ممل لا يثير اهتمام الحاضرين.
وهنا يبرز السؤال التالي: ما هي المواصفات التي تميز المتحدث البارع؟ يبحث المقال في مواصفات المتحدث البارع، ويقدم نصائح تفيد في تنمية مهارات التحدث أمام العامة، وإلقاء خطاب مؤثر ومقنع، وهو موجه لكل من المبتدئين والخبراء في هذا المجال.
خطوات أساسية عليك اتباعها لإتقان مهارات التحدث أمام العامة
فيما يلي 10 خطوات لإتقان مهارات التحدث أمام العامة:
1. إدراك أهمية التحدث أمام العامة
الخطابة فن موجود منذ مئات السنين، وهو يزداد أهمية في العصر الحديث الذي يتميز بتغيراته وتطوراته المتسارعة. يحتاج الفرد في هذا الوقت لتنمية مهارات التواصل الفعال مع الجمهور لكي ينجح في إلقاء الخطابات والكلمات في المؤتمرات والفعاليات، ويقدم عروض تقديمية بارزة في العمل.
يساعد التحدث أمام العامة في تعزيز الثقة بالنفس لأنه يتطلب من المتحدث أن يكون محور تركيز حشد كبير من الناس. هذه التجربة مخيفة للبعض ولكنها تسهم في تطوير إمكانيات الفرد وتعزيز ثقته بنفسه في كافة ميادين الحياة كلما نجح في تنمية مهارات التحدث والظهور أمام الآخرين.
يُعتبَر التحدث أمام العامة طريقة فعالة لمشاركة المعلومات والأفكار مع مجموعة كبيرة من الناس عند طرح المنتجات الجديدة والتعريف عنها، ومشاركة نتائج الأبحاث، ومناقشة القضايا الاجتماعية على سبيل المثال. ينقل المتحدث البارع شغفه بالموضوع أثناء الإلقاء، مما يساعده في إثارة اهتمام الحاضرين والحفاظ على انتباههم.
يُعتبَر التحدث أمام العامة مهارة مفيدة لتحقيق النجاح في العديد من المهن التي تتطلب مستوى رفيع من التواصل الفعال مع الآخرين مثل التدريس، والإدارة، والبيع، وريادة الأعمال.
يمكن أن تساعدك مهارات التحدث أمام العامة في إطلاق مشروعك الخاص، أو تأمين التمويل الذي تحتاج إليه، أو الترقي في عملك.
أي باختصار، تفيد مهارات التحدث أمام العامة في تعزيز الثقة بالنفس، ومشاركة الأفكار مع الآخرين، وتحقيق التقدم المهني. يحتاج الفرد لإتقان مهارات التحدث أمام العامة لكي ينجح في تنمية قدرته على التواصل مع جمهوره.
2. التغلب على رهاب التحدث أمام العامة
يُعَد الخوف من التحدث أمام العامة من أكثر أنواع الرهاب شيوعاً بين الناس، ويمكن أن تتسبب هذه الحالة النفسية في عجز الفرد عن التواصل الفعال مع جمهوره. لحسن الحظ ثمة حلول للتغلب على هذا الرهاب.
من الطبيعي أن تشعر بالتوتر قبل أن تعتلي المنصة وهذا شائع بين نخبة المتحدثين البارزين حول العالم، ولكن يعتمد نجاح الخطاب على طريقة تعاملك مع هذا التوتر.
فيما يلي 4 خطوات للتغلب على رهاب التحدث أمام العامة:
1.2. الممارسة
ممارسة التحدث أمام العامة كفيلة بالتغلب على هذا التوتر، ما يعني أنَّ التدريب على إلقاء الخطاب يساعد في حفظ المواد وفهمها وتقليل شعور التوتر أثناء مشاركتها مع الآخرين. يمكنك أن تتدرب أمام المرآة، أو تصور نفسك وتشاهد التسجيل، أو تلقي الخطاب أمام أحد أصدقائك أو أفراد عائلتك.
2.2. فهم موضوع الخطاب
ينبغي من ناحية أخرى أن تكون ضليع في المحتوى الذي تنوي تقديمه لجمهورك، أي يجب أن تكون خبير في كافة تفاصيل الموضوع لكي تتحدث بثقة وأريحية عنه. هذا يتطلب منك أن تبحث في الموضوع وتجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عنه وتجهز الخطاب وتتمرن على إلقائه جيداً قبل حلول موعد الفعالية.
3.2. ممارسة تمارين التنفس العميق
يمكن التغلب على الخوف من التحدث أمام العامة أيضاً عبر التركيز على عملية التنفس، وهذا يتطلب منك التنفس بعمق لعدة مرات قبل أن تعتلي المنصة، وتركز على شهيقك وزفيرك أثناء إلقاء الخطاب. تساعد هذه الطريقة في الحفاظ على الهدوء والتركيز أثناء الإلقاء.
4.2. التقرب من الجمهور
ينبغي أن تضع في حسبانك أنَّ الجمهور موجود للاستفادة من معلوماتك وخبراتك، ومن مصلحته أن تنجح في إلقاء خطابك، لهذا السبب حاول أن تتفاعل مع الحاضرين، وتتبسم في وجوههم، وتحافظ على مستوى جيد من التواصل البصري معهم.
تؤدي هذه التقنيات البسيطة دوراً بارزاً في إلقاء الخطابات بثقة وأريحية وشعور المتحدث بالسكينة على المنصة.
3. صياغة الخطاب
يمكن أن يواجه المتحدث صعوبة في صياغة نص مقنع للجمهور، ولكن تُعتَبر هذه الخطوة ضرورية لتقديم خطاب ناجح. تقتضي الخطوة الأولى تحديد الهدف من إلقاء الخطاب، والخلاصة التي ينبغي أن يستنتجها الحاضرون من المحتوى الذي تنوي تقديمه.
يجري بعد ذلك تحضير أفكار الخطاب، وتحديد العناصر والمواد التي تبرز أهميته وتثير اهتمام الجمهور به. يمكن أن تشمل هذه العناصر التجارب الشخصية، والدراسات الإحصائية، والاقتباسات التي تسهم في دعم وجهات نظرك وإقناع الجمهور بأفكارك ومساعدتهم في ترسيخ المعلومات على الأمد الطويل.
من الضروري أن ترتب خطابك بتسلسل منطقي يتيح للحاضرين إمكانية المتابعة بسهولة، وحاول أن تبدأ بقصة مثيرة للاهتمام لكي تأسر انتباه الجمهور قبل أن تنتقل للمحاور الرئيسية. ينبغي أن تنتقل بين المحاور بطريقة مترابطة منطقياً لكي تحافظ على انتباه الحاضرين وتفاعلهم.
تضم تحضيرات الخطاب أيضاً دراسة الشريحة المستهدفة، وتحديد مواصفاتها، واهتماماتها، واستفساراتها، ومشكلاتها لكي تضمن تجاوب الحاضرين مع المحتوى وتقدم لهم معلومات تفيدهم في حياتهم.
يجب عليك أن تتدرب على إلقاء الخطاب بصوت عالٍ لكي تحدد التعديلات والتحسينات اللازمة وتحفظ المحتوى وتعتاد على طرح أفكارك بأريحية. تساعد هذه الإجراءات في إعداد عرض تقديمي مقنع يأسر انتباه الحاضرين ويترسخ في أذهانهم.
4. استخدام السرد القصصي
يُعتبَر السرد القصصي من أبرز التقنيات المستخدمة في جذب انتباه الحاضرين، ومساعدتهم في فهم فحوى الخطاب والرسائل الكامنة ضمنه.
ثمة عدد كبير من أساليب السرد القصصي، وتقتضي الخطوة الأولى تحديد الأسلوب والهيكلية التي ستعتمد عليها في سرد قصتك. تتألف القصص التي تُستخدَم عادةً في الخطابات من 3 مراحل تبدأ بطرح المشكلة أو النزاع، ثم تتصاعد الأحداث، وتُقدَّم الحلول والتسويات في الختام.
تقتضي الخطوة الأولى تحديد الرسالة التي تنوي نقلها للجمهور المستهدف عبر القصة، ثم عليك أن تختار حادثة أو تجربة شخصية تتعلق بالموضوع وتتحدث فيها عن إحدى الصعوبات التي نجحت في التغلب عليها أو الاستنتاجات القيِّمة التي كوَّنتها في إحدى تجاربك على سبيل المثال.
حاول أن تضيف تفاصيل حيوية للقصة وتستخدم لغة وصفية لكي تساعد جمهورك في تصوُّر المكان الذي جرت فيه أحداث القصة والشخصيات المشاركة فيها. تساعد هذه التفاصيل في إثارة عواطف الجمهور والحفاظ على اهتمامهم بمحتوى القصة والرسائل الكامنة ضمنها.
ينبغي أن تتحقق في النهاية أنَّ القصة تخدم الرسالة والهدف المراد من إلقاء الخطاب، وتترك انطباع حسن يدوم طويلاً في أذهان الحاضرين.
5. الاستفادة من التواصل غير اللفظي ولغة الجسد
يعتمد نجاح تجربة التحدث أمام العامة على كل من المحتوى وطريقة طرحه في آنٍ معاً، وقد ثبت أنَّ التواصل غير اللفظي يساعد في التقرب من الجمهور ونقل المعنى المراد بفعالية. يمكن أن تنقل لغة الجسد مشاعر الثقة بالنفس، والقناعة، والحماس من جهة، وتكشف عن توتر المتحدث، وشكوكه، وعدم اهتمامه بالموضوع من جهة أخرى.
فيما يلي 5 نصائح للاستفادة من إشارات لغة الجسد عند التحدث أمام العامة:
1.5. قف منتصب القامة
حاول أن تقف منتصب القامة، وتُرجِع كتفيك إلى الخلف، وتفتح قدميك بعرض الكتفين لكي تبرز ثقتك بنفسك وبخبراتك. تجنب إرخاء كتفيك، أو حني ظهرك، وكافة الحركات التي تدل على التململ.
2.5. حافظ على مستوى جيد من التواصل البصري مع الجمهور
يُعتبَر التواصل البصري طريقة فعالة للتقرب من الحاضرين وإنشاء صلة إنسانية معهم، وتعزيز مشاعر الثقة بينكما. حاول أن تنظر مباشرةً إلى جمهورك، وتتواصل بصرياً مع أكبر عدد ممكن منهم.
3.5. استخدم إيماءات اليد
تساعد إيماءات اليد في توضيح المعنى المراد وإضفاء عنصر الحيوية على المحتوى، وهي تُستخدَم للتشديد على الأفكار الهامة، مع الحرص على عدم المبالغة في هذه الإشارات حتى لا يتشتت الحاضرون.
4.5. ابتسم في وجه الجمهور
تهدف الابتسامة إلى إبراز مشاعر الراحة، والاسترخاء، والمودة، واللطف، وهي تساعد في رفع سوية التواصل مع الحاضرين وتعزيز شعورهم بالراحة أثناء الإصغاء إلى الخطاب.
5.5. استخدم تعابير وجهك
تساعد تعابير الوجه في نقل طيف واسع من العواطف مما يسهم في توضيح التفاصيل الدقيقة للحاضرين، وهي تتطلب اختيار تعابير تتوافق مع نبرة الصوت ومحتوى الخطاب.
تساعد تقنيات التواصل غير اللفظي في تعزيز مهارات التحدث أمام العامة، وزيادة فعالية ومتعة الخطابات والعروض التقديمية. يجب أن تضع في حسبانك أنَّ إشارات لغة الجسد لا تقل أهميةً عن المحتوى، لهذا السبب يجب أن تنتبه للطريقة التي تقدم بها نفسك للجمهور، وتلتزم بالنصائح أعلاه لكي تحسن أداءك.
في الختام
لقد أصبحت مهارات التحدث أمام العامة بالغة الأهمية في كافة قطاعات العمل في الوقت الحالي، ولكن يشتكي بعض المختصين من صعوبة إلقاء الخطابات. قدم الجزء الأول من المقال 5 خطوات لإتقان مهارات التحدث أمام العامة وتقديم خطابات وعروض تقديمية تسهم في تحقيق الأهداف المرجوة، وسنتابع في الجزء الثاني باقي الخطوات.