في مجال التعلم والتقدم المهني الذي يتطور باستمرار، ازدادت أهمية دور ميسري التدريب، فهم أفراد مهرة يجمعون ما بين المحتوى التعليمي وتجارب التعلم الفعالة، وهذا يضمن فهم المادة وتطبيقها في سيناريوهات عملية، فإنَّهم قادرون على تحويل درس عادي إلى رحلة ممتعة من الاستكشاف.

سنتطرق في هذا المقال إلى المبادئ والاستراتيجيات والسمات الأساسية التي تميز ميسري التدريب الاستثنائيين، ونسلط الضوء على مساهمتهم الهامة في نشر المعرفة وتعزيز المهارات.

مَن هو ميسر التدريب؟

ميسر التدريب مسؤول عن تطوير برامج التدريب وإنشائها في المنظمة؛ إذ يقدِّم الدورات التدريبية، ويعمل أيضاً على تطوير خطط الدروس وتقديم الدعم للمتدربين والإشراف على شؤون الاجتماعات وقياس نجاح البرنامج.

يعمل ميسرو التدريب بشكل وثيق مع قادة المنظمات المسؤولين عن التعلم والتطوير لضمان توافق نتائج التدريب مع أهداف العمل الشاملة وتلبية احتياجات الموظفين.

أنواع ميسري التدريب:

تتطلب برامج التدريب الفعالة أن يؤدي الميسرون أدواراً عدة، والعمل مع فريق التيسير أحياناً؛ إذ يوجد عدد من الأدوار الرئيسة التي يؤديها الميسرون لإنشاء بيئة تعلُّم مثالية، فقد يتولى كل فرد من أفراد الفريق دوراً من هذه الأدوار، أو قد يتولى ميسر أساسي جميع الأدوار، ومنها:

1. المنسِّقون:

يتعامل المنسقون مع بعض الجوانب الإدارية البسيطة للتدريب، فيحجزون غرف الاجتماعات، ويتحققون مسبقاً من وجود المعدات والمواد الضرورية وما إذا كانت مرتبة، ويلبون طلبات تقديم الطعام أو المشروبات، ويتواصلون مع المتدربين قبل بدء التدريب للتأكد من استعدادهم.

2. الموثِّقون:

يسجل الموثق الملاحظات طوال فترة برنامج التدريب، ويشرف على إدارة التوثيق وتدوين الملاحظات والأرشفة، فلا ينبغي أن تكون الملاحظات هي ذاتها محضر الاجتماع؛ بل يجب أن تكون ملاحظات محايدة عن نتائج الجلسة ومخرجاتها ونقاط التحول في مسار الجلسة، وتضمن هذه المراقبة الدقيقة إمكانية مراجعة الملاحظات فيما بعد لتعديل برامج تدريب الموظفين وتحسينها.

تشمل واجبات الموثق الأخرى إعداد البرامج والأدوات المستخدمة للتوثيق، وتوزيع الملاحظات بعد انتهاء التدريب، وإدارة المستندات من خلال المراجعة والأرشفة.

3. الخبراء المنهجيون:

يطور الخبير المنهجي أو مصمم الاجتماع شكل برنامج التدريب، فهو يوجه برنامج التدريب من خلال تحديد جدول الأعمال، وطرح الأسئلة عندما يسود الاجتماع الصمت، وإعادة هيكلة البرنامج بعد تحليل نتائجه.

4. الميسرون:

الميسر هو القائد الرئيس في الجلسة، فقد يكون لعضو الفريق هذا دور في إنجاز المهام التي يتولاها ميسرون آخرون، وهذا يتطلب منه أن يكون خبيراً في إدارة الوقت وخبيراً في المادة ويتقن التواصل، وتشمل بعض المسؤوليات الرئيسة لقائد الجلسة توفير فرص مشاركة لجميع المتدربين وتسهيل المناقشات في الصفوف الدراسية وإبقاء المتدربين على المسار الصحيح وإدارة أي ميسرين آخرين.

المهارات والسمات الأساسية لميسري التدريب:

1. الخبرة في المادة:

التعلم هو جوهر تجارب التعلم في الشركات، ولهذا السبب يجب أن يمتلك الميسرون الذين يقودون برامج التدريب معرفة متنوعة حول الموضوعات التي يدرسونها، وعلى الرغم من أنَّ لديهم مسؤوليات أكبر من مسؤوليات المدربين العاديين، إلا أنَّ الخبرة في المادة يجب أن تكون من أولى مهاراتهم.

2. مهارات فعالة في التواصل والتقديم:

لن تنفع أيَّة معرفة يمتلكها قائد الجلسة إذا كان يفتقر إلى المهارات اللازمة للتواصل تواصلاً سليماً؛ إذ يجب أن يكون ميسرو التدريب قادرين على نقل المعلومات بطريقة يمكن للموظفين ذوي الاحتياجات وأنماط التعلم المختلفة فهمها، إلى جانب أهمية التمتع بالمهارات القيادية لتوجيه مجموعة المتدربين بأكملها في البرنامج.

تسمح هذه المهارات للميسرين بالعمل بكفاءة ونجاح مع فريق التعلم والتطوير، وذلك لتطوير البرنامج بأفضل طريقة ممكنة، ومساعدة المتدربين على فهم المعلومات.

3. الإصغاء الفعال والتعاطف:

يجب أن يكون ميسرو التدريب بارعين في الإصغاء الفعال وإنشاء بيئة تعلُّم آمنة ويمكن الوصول إليها، فإنَّ القدرة على فهم مواقف المتدربين ومشاعرهم، ستجعلهم مرتاحين ومتفاعلين ومتلهفين للتعلم.

4. المرونة والقدرة على التكيف:

تتولى فِرق التيسير مهمة هيكلة برنامج التدريب وتقدُّمه، لكن ما إن تبدأ الجلسة، نادراً ما تسير الأمور كما هو مخطط لها تماماً؛ إذ يجب على ميسري التدريب الاستعداد لتنشيط المتدربين المرهَقين، وتغيير مسار التدريب عند ظهور أي عوائق، والتعامل مع الاضطرابات التي يُحدِثها المتدربون أو أي أحد ليس له علاقة بالدورة.

5. الإلمام بتقنيات التيسير وإدارة الصفوف الدراسية:

يوجد عدد من التقنيات المجرَّبة والفعالة التي يمكن للميسرين استخدامها لتشكيل نهجهم في تصميم المقرر الدراسي وإدارة الصف الدراسي، وغالباً ما تدعم الأبحاث الأكاديمية والممارسات والتحليل هذه التقنيات؛ لذا لا داعي لأن يبدأ الميسرون من الصفر في كل مرة ينشئون فيها برنامج تدريب جديد.

6. القدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات:

يقتضي عمل ميسري التدريب التأكد من سلوكات المتدربين ومستويات راحتهم، ويجب عليهم أيضاً الاستفادة من تلك الاستنتاجات لحل المشكلات واتخاذ القرارات خلال جلسة التدريب، فعندما تخرج الأمور عن المسار الصحيح، يستخدم ميسرو التدريب الماهرون هذه المهارات لإعادة توجيه الدورة وتجديد بيئة التدريب.

مسؤوليات ميسري التدريب:

إذاً، ميسرو التدريب ليسوا مجرد مدربين أو محاضِرين؛ بل يتولون كثيراً من المهام، ومسؤولون عن عمليات التعلم وإنشاء برامج التدريب في الشركات، كما أنَّهم مسؤولون عن إنشاء بيئة التعلم بكل جوانبها، فقد تختلف مسؤوليات الميسرين وفقاً لاحتياجات مختلف المنظمات، لكن يوجد عدد من المهام الرئيسة التي يتحمل جميع ميسري التدريب المسؤولية عنها، مثل:

1. تطوير المواد والدورات التدريبية:

يطور ميسرو التدريب برامج التدريب في الشركات من الألف إلى الياء، ويستلزم ذلك تحديد أهداف التدريب وصياغة المواد التدريبية والإشراف على تطويرها وهيكلة الدورة بأكملها.

2. تقديم الدورات التدريبية:

بعد تطوير برامج التدريب في الشركات، يجب على ميسري التدريب بعدها تطبيق عملهم على أرض الواقع من خلال تقديم دورات تدريبية، ففي أثناء التدريب، يوجه الميسرون التدريب من خلال نشر المعرفة وتقديم اقتراحات مناسبة والتشجيع على المشاركة وحل الخلافات ومساعدة الموظفين على التعلم.

3. تقييم فاعلية برامج التدريب:

مع كل جلسة تدريب، يجمع الميسرون البيانات والتغذية الراجعة التي يستخدمونها لتقييم وتحسين فاعلية برنامج التدريب في الشركات باستمرار، ويستخدمون أدوات مثل تقييمات التعلم لتحديد المتدربين الذين يحتاجون إلى كوتشينغ إضافي، أو حتى للبحث عن توجهات تبرز الحاجة إلى تحسين المنهج الدراسي.

4. تقديم الدعم المستمر والتشجيع والتغذية الراجعة البنَّاءة:

يجب على ميسري التدريب تقديم الدعم للمتدربين قبل جلسة التدريب وفي أثنائها وبعد انتهائها، فقبل التدريب، يجب عليهم توضيح نطاق البرنامج والتأكد من أنَّ المتدربين يعرفون ما هو متوقع منهم، وفي أثناء انعقاد الجلسة، يطرحون الأسئلة ويقدِّمون المساعدة التي يحتاجها المتدربون لتحقيق النجاح، أما بعد انتهاء التدريب، فيقدِّمون الدعم أو موارد إضافية حسب الحاجة.

ما هي أهمية ميسري التدريب للمؤسسات؟

1. تحقيق ميزة تنافسية:

بعد أن يكتسب الموظفون المعرفة والمهارات اللازمة، يصبحون أكثر استعداداً لأداء عملهم؛ لذا الاستثمار في ميسري التدريب في المؤسسات يضمن أن يكتسب الموظفون المعرفة والمعلومات اللازمة والقدرة والدعم الضروريين للتميز في مناصبهم ودفع المنظمة إلى الأمام.

2. تقليل معدل دوران العمالة:

تساعد تجربة التدريب الشاملة التي يقدِّمها ميسرو التدريب في الشركات على تعزيز اندماج الموظفين، وإقناعهم أنَّ المنظمة ملتزمة بنجاحهم المستمر، فمن خلال توفير تجارب التعلم الإيجابية والدعم المستمر وفرص النمو، تنشئ المؤسسات بيئة يزيد فيها احتمال أن يستمر الموظفون في العمل في الشركة وينمون معها.

3. الحفاظ على نزاهة التدريب:

ينظم الميسرون برامج التدريب من كل جوانبها لتطوير موظفين أكفاء ومندمجين بالعمل ويتمتعون بالمهارات اللازمة لتحقيق النجاح، وهذا يعزز نزاهة مبادرات التعلم في الشركات، ويضمن حصول المؤسسات على عائد أعلى على الاستثمار في برامج التعلم والتطوير مقارنةً بالتدريب التقليدي.

4. توفير بيئات تعلم شاملة:

من خلال مراعاة تجارب المتدربين عند تصميم البرامج وتطبيقها، يضمن ميسرو التدريب إنشاء بيئة تعلُّم شاملة ويسهل الوصول إليها، وهذا يعزز التعاون والاندماج، ويساهم في تحسين الثقافة التنظيمية.