سرعان ما أصبح إجراء تدريب في الشركات قراراً حاسماً يؤثِّر في نجاح الشركة أو فشلها، ولكنَّهُ يُعَدُّ هاماً بصورة خاصَّة بالنسبة إلى الشركات؛ إذ يُمثِّلُ الاحتفاظ بالموظفين مشكلة كبيرة.

نحنُ نعلم أنَّ سعادة الموظفين تؤدي إلى الاحتفاظ بهم؛ لذلك دعونا نلقي نظرة على إحصائيتين توضحان ذلك: أولاً؛ وجدَ مشروع بحثي كبير أجراه معهد في جامعة ميدلسكس (Middlesex University's Institute) للتعلُّم القائم على العمل أنَّ 74% من العاملين في المملكة المتحدة (UK) شعروا بأنَّهم لم يصلوا إلى إمكاناتهم وكانوا يرغبون في تلقِّي المزيد من التدريب الوظيفي. ثانياً؛ وفقاً لجمعيَّة جو تو أتش آر (Go2HR) المُختصَّة بشؤون الموظفين العاملين في قطاع الضيافة في كندا (Canada)، فإنَّ حوالي 40% من الموظفين الذين لا يتلقون تدريباً مناسباً ينتهي بهم الأمر بمغادرة وظائفهم خلال عام.

يُمثِّلُ هذا الأمرُ مُشكلةً لكلٍّ من الموارد البشريَّة والقيادة؛ وذلك لأنَّه غالباً ما تكون معدلات دوران العمالة العالية دليلاً على عدم توفير تدريب مستمر للموظفين في الأساس، والآن قد نُفكِّرُ في أمرين؛ أولاً: "ماذا لو درَّبنا الموظفين وغادروا؟" وثانياً: "ماذا لو لم ندرِّبهم وبقوا؟"

مهما كان موقفك، يجب أن يكون تدريبك هو الأكثر فائدة لعملك وأنت تطوِّر نفسك للمستقبل.

تدريب الشركات:

بالنظر إلى أنَّ هذه النتائج تُظهِرُ أهمية تدريب الموظفين كوسيلة لرضى الموظفين والاحتفاظ بهم، فكيف يؤثِّرُ ذلك في الشركات ذات المعدل المرتفع في دوران العمالة؟

بالعودة إلى عامِ 2001 فقد ذكرت مجلَّة إنترناشيونال جورنال أوف ترينينغ أند ديفيلوبمنت (International Journal of Training and Development) أنَّ معظم الشركات مُدرِكَة تماماً لأفضل ممارسات التدريب والتطوير التي تطبقها البلدان الأجنبية.

بينما يصعُبُ الحصول على أرقام دقيقة حول بعض جوانب التدريب، تُشيرُ المجلة إلى أنَّ 82% من الشركات لديها إجراءات رسمية لتقييم الاحتياجات التدريبية لموظفيها، وهو رقم يتماشى مع الرقم الخاص بالمملكة المتحدة (UK) أو فرنسا (France) على سبيل المثال.

لكنْ ليس كل تدريب للموظفين متساوياً، وليس كل تدريب يقدِّم النتائج المرجوَّة.

إذاً ما هي المجالات التي يجب تغطيتها؟ تميل معظم المنظمات التي تقدم برامج تدريبية كاملة إلى تضمين نماذج حول علاقات الموظفين وإدارة الوقت وتخطيط المشروع، وهذه البرامج لديها القدرة على تحسين إنتاجية القوى العاملة لديك وتقليل عبء العمل الخاص بك وإدارة عملك بسلاسة قدر الإمكان، وهذا الأمر جيد لربِّ العمل.

لكنْ ماذا يجب أن يتعلم الموظفون؟ ينصبُّ الاهتمام هنا بصورة أساسية على تحسين الأداء، ووجد استطلاع حديث لشركة سكيلسوفت (Skillsoft) في المملكة المتَّحدة أنَّ 70% من العمال يجدون أنَّ التدريب ضروري لتطوير المهارات التي ترتبط مباشرةً بمنصبهم، وفي الوقت نفسه ذكرَ 66% من الموظفين أنَّهم يتوقعون أن يؤدي التدريب إلى تحسين أدائِهم في وظائفهم، وربما كان الاكتشاف الجدير بالذكر من استطلاع سكيلسوفت هو أنَّ الموظفين لا يتوقعون أن يتوقف هذا التدريب ما إن تنتهي مدة كونهم مبتدئين جُدد، في حين شعر حوالي 68% بأنَّ التدريب في مكان العمل كان دائماً هاماً بغضِّ النظر عن الأقدمية أو الوقت في الخدمة؛ لذلك فإنَّ التدريب ليس لمرة واحدة؛ وإنَّما هو اهتمام مستمر.

تدريب الموظفين لتقليل تكاليف عملك:

في حين يُحكَمُ على العديد من برامج التدريب بناءً على المكاسب التي يحققها الموظفون، فإنَّ الشركات ترى أيضاً أنَّ هذه المبادرات تعزِّز شركاتهم، وفي الواقع ذكرَ 92-96 من كبار المديرين التنفيذيين في الشركات المُصنَّفة ضمن قائمة فورتشن 500 (Fortune 500) في عام 2011 أنَّهم لاحظوا التأثير في أعمالهم من البرامج التعليمية والتطويرية المختلفة التي كانوا يديرونها.

إحدى القضايا الهامة لدى معظم الشركات هي الاحتفاظ بالموظفين، وقد أثبتت برامج التدريب الشاملة مراراً وتكراراً أنَّها تساعد على تقليل معدل دوران العمالة، كما وجدَتْ دراسة حديثة أجراها معهد تشارترد للموظفين والتنمية (Chartered Institute of Personnel and Development) أنَّ 95% من مديري التوظيف يَعُدُّون تدريب الموظفين أداة رئيسة للاحتفاظ بالموظفين، ومن غير الصَّعب معرفة السبب، فنحن نعلم أنَّ الموظفين يرغبون في الحصول على تدريب، والقيام بذلك يرفع الروح المعنويَّة ويزيد من سعادة العمال.

عندما ننتقل إلى الأرقام الفعلية تصبحُ القضية أكثر إقناعاً، وفي تقرير صادر عن شركة أكسفورد إيكونوميكس (Oxford Economics) يُحدِّد تكلفة تعيين الموظفين الجدد بحوالي 30 ألفَ دولار، وفي الوقت نفسه يبلغ متوسط ​​الإنفاق على التدريب المستمر لكلِّ موظف 1500 دولار، كما تُوجَدُ نتائج واقعية مثل شركة الاتصالات العملاقة موتورولا (Motorola) التي حسبَت أنَّه مقابل كل دولار يُنفَق على برامج تدريب الموظفين، اكتسبت 30% من الإنتاجية، وكان ذلك في غضون ثلاث سنوات فقط.

بالنسبة إلى الخوف من تدريب الموظف ومن ثم مغادرته، فإنَّ دراسة جامعة ميدلسكس المذكورة أعلاه لديها أخبار جيدة بهذا الصدد؛ إذ ذكرَ 23% فقط من العمال أنَّهم ينظرون إلى التدريب على أنَّه وسيلة لزيادة مهاراتهم قبل مغادرتهم للعمل في وظيفة جديدة.

صنع الموظف المثالي:

كيف تعرف ما إذا كان برنامج التدريب الخاص بك يُحقِّقُ نتائج جيدة؟ أولاً؛ احرَصْ على مراقبة مستويات اندماج موظفيك باستمرار لمعرفة ما ينجح وما لا ينجح، ثانياً؛ حاوِلْ ألَّا تنشغل كثيراً بعائد الاستثمار وحده، وفي الواقع تتمتَّعُ برامج التدريب بالعديد من الفوائد الأخرى بخلاف الفوائد المالية.

أخيراً؛ إذا كنتَ تعمل حالياً في مؤسسة محايدة بشأن تقديم أو تحسين مُخطَّط تدريب الموظفين، فاسأَلْ نفسك: "كم مرة سمعت أشخاصاً داخل نفس المنظمة يشكون من نقص المهارات؟ أو يذكرون حقيقة أنَّه من بين أكثر من 100 طلب للوظيفة الأخيرة التي أعلنَت عنها المؤسسة، كانت خمسة طلبات فقط على وشك التأهُّل؟"

يكمن السبب الأكبر والوحيد وراء التزام الشركات مهما كان حجمها ونوعها بتدريب موظفيها وتطويرهم؛ بأنَّه إذا كان أرباب العمل يريدون موظفين موهوبين ومتعلمين ومهرة للغاية، فإنَّ الإجابة بسيطة للغاية: يجب علينا أن نصنعهم.