عندما بدأ استخدام التعليم الإلكتروني في الأعمال التجارية العادية منذ حوالي 30 عاماً، كانت الشركات الوحيدة القادرة على إنشاء هذا الشكل الجديد للتعلم والحفاظ عليه هي الشركات الكبيرة؛ ومن وقتها استمر الجدل مدة 20 عاماً تقريباً حول ما إذا كان التعليم الإلكتروني فعَّالاً في تدريب الموظفين مثل التدريب المباشر.

ومع ذلك، واجهَت معظم المؤسسات وقتاً عصيباً في تبرير نفقات الوقت والجهد والمال التي احتاجَتها لإنشاء دورات كان لا بُدَّ من تحديثها أو تغييرها بالكامل بسبب التغييرات في المنظمة أو المحتوى.

في الآونة الأخيرة، بدأ مصمِّمو تلك الدورات بوضع أدوات وأنظمة تتيح استخداماً أكثر كفاءة للمحتوى والبرمجة وقنوات التوزيع؛ ممَّا يجعل التعليم الإلكتروني أكثر انتشاراً في كل مكان، وقد حُسِّنَ استخدام التعليم الإلكتروني كثيراً عندما تحسَّنَت سرعة الإنترنت والتوزيع أيضاً.

وبات اليوم من السهل استخدام هذه الأدوات لإنشاء التعليم الإلكتروني والوسائط وأدوات توزيع المعلومات الأخرى، وتقديمها إلى المستخدمين النهائيين، وأصبح التعليم عبر الإنترنت محطَّ اهتمام الجميع على مستوى العالم بسبب الوباء العالمي؛ حيث نكافح جميعاً لتلبية احتياجات التعليم لأطفالنا وموظفينا وعملائنا والعالم عموماً.

إذاً كيف يبدو التعليم الإلكتروني اليوم؟ يبدو التعليم الإلكتروني اليوم مختصراً وأكثر تخصيصاً وغنياً بالوسائط، مقارنةً بما كان عليه قبل 5 سنوات، كما أنَّه أقل تأثيراً من بعض النواحي؛ من ناحية التشويش مثلاً، وقد لا يبدو كتعليمٍ في بعض الحالات.

لا يزال التعليم الإلكتروني أداةً مفيدةً ضمن مجموعة أدوات التعليم والتطوير في المؤسسة، ومن غير المحتمل أن يتغير مع استمرارنا في العمل في عالم يزداد اختلافاً وتوسُّعاً.

التعليم الإلكتروني صغير ومختصر

لقد عرف علماء النفس التربويين والمسوقون لسنوات أنَّ البشر لديهم نطاق اهتمام معين، ومع ذلك، فإنَّ اكتشاف أنَّ التعليم يجب أن يكون مختصراً ويحتوي على حقيقة أو فكرة أو مهارة في وقت واحد، هو تطوُّر حديث في عالم التعليم المؤسسي.

لقد أدَّى هذا الأمر إلى تحسين تطوير التعليم الإلكتروني؛ حيث اختفت منذ فترة طويلة أيام الجلسات والدورات التعليمية التي تستغرق ساعتين، وتتحدث عن كل شيء دفعةً واحدة، كما ولَّت أيام الحاجة إلى إجراء اختبارات لا نهاية لها في نهاية الدورة لإثبات أنَّك كنت تصغي إلى التسجيلات أو تحضر جميع الجلسات حتى تصل إلى مرحلة التقييم.

يركز التعليم الإلكتروني اليوم على تقديم القليل من المعلومات التي يسهل فهمها وتطبيقها، والتي تُقدَّم وقت الحاجة على أمل استخدامها في أماكن لا تعتمد على نظام إدارة التعليم الرسمي للمؤسسة فحسب، مع تطوير أدوات تسمح بنشر محتوى يتناسب جيداً مع نظام إدارة التعليم.

تطوير الأدوات

يؤدي تطوير أدوات تصميم التعليم الإلكتروني السريع إلى جعله متاحاً للجميع، بالإضافة إلى إنشاء محتوى غني بالوسائط التي تناسب الجميع، ولم يعد إنشاء المحتوى مقتصراً على المبرمجين والمطورين أو محترفي التعليم، وتتمثل فائدة ذلك في إمكان إنشاء محتوى وتوزيعه بسرعة على الشبكات الداخلية والخارجية دون الحاجة إلى الحصول على الميزانيات والموارد والمحترفين والموافقة عليهم.

ولكن توجد مشكلة لأدوات تصميم التعليم الإلكتروني السريع، وهي أنَّ ما أُنشِئ ليس بالضرورة أن يكون الغرض منه التعليم بقدر ما قد يكون الغرض منه التواصل، وبالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون من السهل استخدامه دون المساهمات المهنية التي يقدمها مصممو التعليم أو خبراء تعليم البالغين.

إنَّ تصميم التعليم هو مهارة يجب توظيفها عند تطوير التعليم، فهو علم متجذر في علم نفس البالغين ونظرية التعليم والسلوك البشري بقدر ما هو فن، مع تقديمه باستخدام الرسومات والفيديوهات والكتابة والتصميم المرئي.

وقد وصلت التطورات في الأدوات أيضاً إلى توفير التعليم الإلكتروني، فقد كان الجيل السابق من أنظمة إدارة التعليم يركِّز كثيراً على توفير التعليم الرسمي المُنظم، وكانت قواعد البيانات مدفوعة ومُطوَّرة من قِبل فِرق تكنولوجيا المعلومات.

لا تزال "أنظمة إدارة التعليم" (LMS) الأحدث التي انتهى بها الأمر إلى نماذج موزعة المعروفة باسم السحابة، مماثلة من الناحية الهيكلية لأنظمة إدارة التعليم القديمة، ولكنَّها تتمتع أيضاً بميزة أنَّها متاحة على أيِّ جهاز طالما يوجد اتصال ثابت بالإنترنت.

بالإضافة إلى ذلك، تسمح الأنظمة الحديثة بأن يكون التدريب إلزامياً ويتم عن طريق التسجيل الذاتي؛ ممَّا يعزز تنمية المواهب وفرص التعليم الشخصية، بالتأكيد، لا يزال النظام التقليدي يقدم فقط ما تحدِّده المنظمة، ألا وهو التعليم.

تساعد أحدث أنظمة التعليم، مثل "منصات تجربة التعليم" (LXPs)، على ربط المتعلمين بالمحتوى الذي توفره المنظمة، والتعليم من المنصات الأساسية الأخرى التي أضافتها المنظمة، وخبرات التعليم الشخصية أو خبرات التعليم الفعَّال، ووسائل الإعلام الأخرى؛ إذ سيساعد هذا الإصدار الحديث من نظام التقديم المتعلمين على النمو والتطور بطرائق عدة، وليس فقط المحتوى المُطوَّر تقليدياً الذي يُقدَّم بطريقة واحدة.

التغيُّر في التوقعات المتعلقة بأداء الأدوات التي تدعم دورات التعليم الإلكتروني

بينما غيَّرت الأدوات من طريقة بناء التعليم الإلكتروني وتقديمه، فقد تغيرت توقعات المتعلمين أيضاً مع ما يُقدَّم؛ حيث يتوقع مستخدمو التعليم الإلكتروني اليوم أن تكون خبراتهم التعليمية متشابهة جداً، أو أفضل من تجاربهم مع المحتوى الذي يتحكم به المستخدم في أماكن أخرى مثل الفيديوهات أو منصات التواصل الاجتماعي، أو يتوقعون أن تكون مُصمَّمة وفقاً لاحتياجاتهم.

وهذا الأمر له تأثيران؛ الأول يقلِّل من مستوى المحتوى القائم على الفيديوهات، والثاني يرفع من مستوى خبرات التعليم المُصمَّمة؛ لذلك قد يكون وجود نائب رئيس للمبيعات يُنتج مقطع فيديو حول أصعب عَقد تفاوضَت عليه المنظمة، وكيف نجحت في إظهاره كمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أمر مقبول تماماً.

ولكن قد لا يكون حصولك على مساهم محترف لتقديم دورات تنشيطية مُصمَّمة للإدارة بأكملها أمر مقبول؛ ونتيجةً لذلك، يصبح التعليم أصغر بحيث يمكن تخطي بعض المحتويات أو تجريبها.

وقد ظهرت مجموعة جديدة من المعارضين لذلك، وهم الأشخاص الذين يبحثون عن تجربة تفاعلية وتشاركية جداً، والذين يرغبون في الرجوع إلى المواد واستخدام التعليم بطريقتهم الخاصة، من خلال استخدام مواد مرجعية، أو إنشاء مقاطع فيديو، أو بعض الأمثلة.

لقد أدى ارتفاع مستوى الذكاء الآلي والاستدلال - الذي يُطلَق عليه اسم الذكاء الاصطناعي - إلى توفر فرص للمؤسَّسات التعليمية لتحليل وتقديم تجربة مُخصَّصة أكثر؛ وذلك من خلال استخدام قواعد تُظهر للمتعلم المزيد ممَّا كان يتعلمه بالفعل، فمن المرجح أن تقلل من نطاق التعليم الذي قد يكون أكثر فائدةً لدور المتعلم أو النتائج العامة للمنظمة.

الاستعانة بخبراء استشاريين في التعليم

يتوفر خبراء استشاريون في التعليم، تماماً مثل التخطيط التنظيمي، أو تخطيط الأعمال أو وضع الميزانية، وهم أكثر انتشاراً في عالم الشركات اليوم ممَّا كان عليه الحال قبل خمس سنوات.

ويمكن لمحترف التعليم أن يساعد على تحقيق التوازن بين احتياجات المنظمة واحتياجات الفرد، بالإضافة إلى توفير التوجيه بشأن التقنيات الجديدة في تصميم التعليم ونشره، كما أنَّهم يفهمون سيكولوجية التعليم ويمكنهم المساعدة على تصميم بيئات التعليم غير الرسمية التي تجسد ثقافة ومتطلبات المنظمة للمضي قُدماً.

لقد تطورت خبرات التعليم الإلكتروني والتعليم عبر الإنترنت بسرعة في العام الماضي، ولكن ليس في عدد وسهولة استخدام الأدوات فحسب؛ وإنَّما في الطريقة التي يرى بها الناس التعليم الإلكتروني وفي استخدامه لمصلحتهم الشخصية.